دور الدبلوماسية الثقافية في التمكين السياسي
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
من المهام السياسية في المنظومة الدبلوماسية تمكين الثقافة بكل محاورها في إطار ترسيخ القوانين المساعدة والتشريعات السياسية الداعمة للتمكين الثقافي.
الدبلوماسية المتزنة هي تلك الدبلوماسية المثقفة القادرة على تحقيق المعادلة الصعبة
فالدبلوماسية بشكل عامٍّ تُشير إلى إدارة العلاقات الدولية بالتفاوض، وبالأساليب التي تسير على وتيرتها هذه العلاقات على يد السفراء والمبعوثين، وتتسم الدبلوماسية بالدقة والمرونة، والأخذ والعطاء؛ في سبيل تحقيق الهدف، والتأكد من استمرار العلاقات وعدم انقطاعها حتى لو كانت ضعيفة جدّاً.
كما تعتبر الدبلوماسية الأداة التنفيذية للسياسة الخارجية للدولة، فهي تتمحور حول ثلاثة أبعاد: (السياسي، الاقتصادي، الثقافي)؛ إذ إن البعد السياسي يتضمن كافة الأمور المرتبطة بديمومة الكيان السياسي للدولة، ونموه ضمن إطار علاقات الصراع والتعاون بين أطراف المجتمع الدولي، في حين أن البعد الاقتصادي يعنى بتطوير علاقات الأمم فيما بينها، لتصبح الاعتمادية المتبادلة لتلبية المتطلبات المعيشية شكلًا من أشكال النظام الدولي.
أما البعد الثقافي فيعبر عن شعور الشعوب والحكام بأن ثقافته ومبتكراتهم تعتبر من المنجزات الإنسانية الحضارية، وعاملًا من عوامل قوة الدولة المضافة، والتي تساعد في تقوية سياستها الخارجية، وتهدف من خلالها إلى الوصول إلى المكانة والمنزلة الدولية، وبالتالي فإن هذا الوصف يختلف عن مفهوم العلاقات الثقافية التي سبقت الدبلوماسية تاريخيًّا من حيث التطبيق، باعتبارها عملية تبادل ثقافي.
وتُصوَّر الدبلوماسية من وجهة نظر تقليدية على أنها لعبة يتم فيها تحديد أدوار ومسؤوليات الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية بوضوح، وإن التناقضات السياسية تحدث عندما يكون هناك غبش في الرؤية الثقافية.
كما أن الدبلوماسية المتزنة هي تلك الدبلوماسية المثقفة القادرة على تحقيق المعادلة الصعبة، وانتشال الأوطان من ثقافة الفوضى والغوغاء، ومن أهم أدوار الثقافة أنها تقاوم التوترات والمعضلات السياسية؛ ولهذا لا ينبغي الاستهانة بقوة الثقافة والفكر، فالثقافة لها مؤشِّر يقيس مدى تحقُّق التمكين السياسي؛ من أجل النضوج السياسي وجعله أكثر حضورًا.
لذا فإنه لا بدَّ من إشراك المثقَّفين في صنع القرار السياسي، ولا بدَّ من تفعيل الثقافة في شعوبنا العربيَّة التي ترزح تحت وطأة الأميَّة، والصراعات السياسيَّة، والمتغيرات الدمويَّة، وجميعها أزمات مستفحلة من واقع ثقافي متردٍّ، فضلًا عن الإرهاب والتطرُّف والتعصُّب، وما يشابهها من الظواهر السلبيَّة للثقافة الهشة، كما أنه لا بدَّ من الاعتراف بالثقافة العربية من خلال صقل تجارب النخب المثقفة والاستفادة من قدرتها على التواصل السلمي مع العالم.
كما تمثل الدبلوماسية الثقافية وتفعيلها عاملًا مشجعاً لصفوة المجتمع من المتميزين، لخلق جيل واع من القيادة الإبداعية الثقافية والأدبية، التي تنهل من العلوم التاريخية والثقافية والسياسية الدبلوماسية، ولذا فالحاجة ماسة إلى تبنِّي هذه القدرات والمواهب، ومنحها متنفَّساً لطاقاتها الفذَّة، وترتيبها عبر قنوات سليمة لخلق بنية فكريَّة صحيحة.
وإن الكاتب الوطني المخلص لقضايا أمته هو مواطن استثنائي، وتقديره واحترامه هو جزء أصيل من قيم الوطن والمواطنة.
تحية لقادتنا المخلصين الذين جعلوا الفكر الواعي المستنير وسيلتهم في الارتقاء بأمتهم، وجعلها العلم والثقافة ذراع الوطن الطولى، ودرعها الواقي الذي يحمي الوطن من كيد الكائدين، ومن تشويه المغرضين لأدواره في محيطه الإقليمي كله.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات
إقرأ أيضاً:
طابع بريدي مشترك بين عُمان وإيران يعكس عمق الروابط الثقافية والتاريخية
مسقط- العُمانية
دشن معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية ومعالي سيد عباس عراقجي وزير الشؤون الخارجية الإيراني، الطابع التذكاري المشترك بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي يعكس عمق الروابط الثقافية والتاريخية بينهما والتزامهما المشترك بسياسة حسن الجوار والتعاون والبناء والتواصل الحضاري بين الشعوب؛ وذلك بقصر العلم العامر بمسقط تزامنًا مع زيارة فخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سلطنة عُمان.
وقال السيد نصر بن بدر البوسعيدي رئيس بريد عُمان، إن هذا الطابع البريدي يُجسّد عمق الروابط الثقافية والتاريخية بين سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويعكس الاهتمام المشترك بتعزيز الدبلوماسية الثقافية، وقيم حسن الجوار، والتواصل بين الشعوب.
ويجسد التصميم الفني للطابع تناغمًا بصريًّا بين الرموز المعمارية والثقافية للبلدين، يتوسطه جامع السلطان قابوس الأكبر في مسقط، وهو رمز بارز للعمارة الإسلامية العُمانية، مؤطرًا بأشجار النخيل التي ترمز إلى الصمود والإرث الزراعي العُماني المتجذر، ويُشكّل جزءًا أصيلًا من الهوية البيئية والاجتماعية لسلطنة عُمان.
وفي الجهة المقابلة، يظهر مسجد جامع بستك التاريخي في جنوب إيران مؤطرًا بأشجار السرو التي تعد رمزًا للخلود والثقافة البصرية الفارسية، ودليلًا على الثبات والاستمرارية الحضارية. وفي قلب التصميم تظهر سجادة فارسية منسوجة يدويًّا، مستوحاة من السجادة الموجودة بجامع السلطان قابوس الأكبر، والتي نُسجت يدويًّا في محافظة خراسان الإيرانية وتزيّنها نقوش زهرية دقيقة، ما يجعلها نموذجًا رفيعًا من التعاون الحرفي، ورمزًا للصلات الثقافية المتنوعة بين البلدين والمجتمعين الصديقين.
ويؤكد الجانبان من خلال هذا العمل الفني المشترك عزمَهما على تعزيز التعاون في مجالات الخدمات البريدية، ما يسهم في توسيع مجالات الشراكة الواعدة بمزيد من المنافع المتبادلة.