تناول مقال لكاتب حقوقي فرنسي في موقع ميديا بارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الحرب في غزة ستكون طويلة، ودعوته لتكثيف جديد للقصف على القطاع.

وأشار إلى أن نتنياهو يجب أن يتحمل بعد الحرب مسؤوليته عن الاختيارات التي عرّضت إسرائيل لصدمة تاريخية، والشعب الفلسطيني لمذبحة همجية قتل فيها أكثر من 21 ألف شخص حتى الآن، مما يعني بداية النهاية لمسيرته السياسية.

وقال الكاتب والحقوقي الفرنسي رينيه باكمان، في مقال طويل في موقع ميديا بارت، إن نتنياهو يدرك أن نهاية القتال تعني استئنافا محتملا لتعبئة واسعة النطاق للمجتمع المدني ضد مشاريعه السياسية، وأيضا ضد إدارته الكارثية لمسألة "الرهائن"، خاصة إذا لم يخرج من بقي منهم من غزة أحياء، وأنها تعني كذلك عودة محتملة إلى المحكمة للرد على اتهامات الفساد والاحتيال وخيانة الأمانة التي أثقلت كاهله لأكثر من 5 سنوات.

وفي هذه اللحظة -يقول الكاتب- يتعين على رئيس الوزراء أن يشرح موقفه أمام لجنة التحقيق التي سيتم تشكيلها بلا شك لفحص الظروف التي تمكنت فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من تنفيذ عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول، تحت أنظار أجهزة المخابرات الإسرائيلية، مما أدخل البلاد في واحدة من أسوأ الصدمات في تاريخها.

ونظرا لانعدام الثقة القائم منذ سنوات بين نتنياهو والقضاة، ولا سيما قضاة المحكمة العليا، والتقليد المتمثل في تكليف رئيس المحكمة برئاسة لجان التحقيق، كما كان الحال مع شمعون أغرانات عام 1973 في "حرب أكتوبر"، ثم مع إسحاق كاهانا عام 1982، في مجزرة صبرا وشاتيلا ببيروت، يعتقد أن نتنياهو غير متحمس لفكرة الرد على أسئلة إستر هايوت أو من يخلفها في رئاسة المحكمة.

توتر مع واشنطن؟

وبحسب الموقع الفرنسي فمن المعروف أن نتنياهو، في مواجهة هذه المحن وفي مواجهة النتائج الفظيعة بالنسبة للفلسطينيين والمخيبة للآمال بالنسبة للجيش الإسرائيلي، خلال الشهرين الأولين من الحرب على غزة، أدار أذنه الصماء لمطالب وقف إطلاق النار.

ولم يكن نتنياهو متقبلا لاقتراحات الأميركيين، فقد أجاب مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، عندما دعاه لإشراك السلطة الفلسطينية لتصور "ما بعد حماس"، دون أي اعتبار بالقول "سأكون واضحا. لا أريد أن تكرر إسرائيل خطأ أوسلو، لن أسمح بإدخال أشخاص يعلّمون الإرهاب ويدعمون الإرهاب ويمولون الإرهاب إلى غزة، غزة لن تكون حماستان ولا فتحستان".

ومن علامات الانزعاج الأميركي -كما يرى الكاتب- قرار إدارة بايدن "تأخير نقل" 20 ألف بندقية هجومية من طراز "إم-16" (M-16) إلى إسرائيل، لأنها تخشى أن يوزعها وزير الأمن القومي العنصري بن غفير، على مليشيات المستوطنين التي يدعم هجماتها ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

الاحتجاجات بمختلف مناطق العالم نددت بتورط القيادات الغربية في دعم استمرار حرب الإبادة بغزة (رويترز) نتنياهو والرؤساء الديمقراطيون

ويتابع ميديا بارت أن علاقات نتنياهو مع باراك أوباما كانت كارثية منذ البداية ولمدة 8 سنوات، حيث وقف ضد رغبة الرئيس الـ44 في إعادة إطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين، وبذل كل ما في وسعه دون جدوى، لمنعه من إبرام الاتفاق الدولي بشأن الطاقة النووية الإيرانية، مخالفا بذلك نصيحة العديد من مسؤولي الجيش والمخابرات.

ومع الرئيس الديمقراطي الحالي يحتفظ بعلاقات ودية إلى حد ما مع زعيم الليكود، حيث يقول "أنا أحب بيبي لكنني لا أحب ما يقوله على الإطلاق".

وكما تبين دراسة أجراها عالم الاجتماع ياجيل ليفي، المتخصص في القضايا العسكرية في جامعة إسرائيل المفتوحة، قرر الجيش الإسرائيلي، لزيادة قوته التدميرية ضد حماس، التخلي عن التمييز بين المدنيين والمقاتلين أثناء ضرباته.

حلفاء أخيرون

ولا يخفى على أحد أن "المظلة الإستراتيجية" الأميركية توفر -مع السلاح النووي الذي لا يذكر ولكنه حقيقي وتمتلكه إسرائيل- نظام الردع الذي يحمي تل أبيب، فهل يستطيع نتنياهو ألا يقبل، من أجل الحفاظ على هذا "التأمين على الحياة"، طلبات واشنطن، ليبدو في شخصية "البطل القومي" القادر على مقاومة حتى واشنطن لمنع ولادة الدولة الفلسطينية؟

ويشير الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس، إلى أن "أهداف الحرب تم عكسها"، إذ كان الهدف في الأصل يتلخص في تدمير حماس عسكريا، مع الاعتراف بقدرتها على الاحتفاظ بما تبقى من السلطة السياسية، أما اليوم فلا تزال الحركة نشطة عسكريا.

ويتفق إيهود باراك، الذي خلفه كرئيس للحكومة عام 1999، بعد ولايته الأولى في السلطة مع رأي بينكاس وآخرين غيرهما، وقد كتب في صحيفة هآرتس أن "نتنياهو غير قادر على قيادة هذه الحرب وأن عليه أن يترك منصبه قبل أن تصبح عواقب نقاط ضعفه غير قابلة للإصلاح".

وفي هذا السياق، يظل العنصريان اليهوديان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش آخر حلفائه في الوقت الراهن، إلا أنهما أعربا أيضا عن بعض التحفظات الأسبوع الماضي، ونددا بقرار نتنياهو بالسماح لشاحنتي وقود بالدخول إلى القطاع كل يوم باعتبار ذلك تنازلا متساهلا.

المهندس السيئ

وأشار ريني باكمان إلى أن نتنياهو أقام "جدارا عازلا" على حدود قطاع غزة، على عمق 65 مترا تحت الأرض، يتكون من الخرسانة والصلب، وتتخلل هذه المنظومة أبراج مراقبة مزودة بكاميرات ورادارات مضادة للتسلل، وتضمنت أيضا رشاشات آلية يتم إطلاقها بمجرد اكتشاف "صدى" في "المنطقة المحرمة" على مسافة 300 متر، لمنع أي تسلل إلى الأراضي الإسرائيلية.

غير أن عملية "7 أكتوبر" أظهرت مدى ضعف هذه "الحافة الواقية" التي اخترقها المهاجمون بالجرافات، بعد أن "عموا" الكاميرات والرادارات ودمروا المدافع الرشاشة.

ومن خلال شهادات الجنود، اتضح أن رسائل التنبيه تم نقلها إلى هيئة الأركان العامة قبل عملية 7 أكتوبر دون أن تؤخذ في الاعتبار على "المستوى السياسي"، كما أن بالونات المراقبة المستخدمة لمراقبة القطاع كانت معطلة منذ أسابيع وأن طلبات الإصلاح لم يتم الرد عليها.

وخلص الكاتب إلى أن مهندس هذا النظام الأمني هو نتنياهو، الذي لم يعتد على الاعتراف بأخطائه، وتساءل إلى متى سيقبل المجتمع الإسرائيلي أن يقوده سياسي أسهمت خطاباته، قبل 30 عاما في إثارة اغتيال رئيس وزراء، وأدت خياراته السياسية والإستراتيجية غير المسؤولة إلى تفاقم هذه المشكلة؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: میدیا بارت أن نتنیاهو إلى أن

إقرأ أيضاً:

قائد أنصار الله: كل شركات النقل البحري التي تتحرك لصالح العدو الإسرائيلي ستعامل بالحزم

الجديد برس| أكد قائد أنصار الله في اليمن، عبد الملك الحوثي، استمرار عملياتهم العسكرية المساندة لغزة. وقال الحوثي في خطاب متلفز، إن موقفهم في إسناد غزة موقف ديني ومبدئي وإنساني وأخلاقي”، وأنهم كشعب يمني على بصيرة وبينة وجاهزون للتضحيات وللثبات مهما كان حجم التحديات ومهما كان مستوى المواجهة. كما أكد أن ” هذا الأسبوع نُفّذت بفضل الله سبحانه وتعالى ، 45 عملية ما بين صواريخ فرط صوتية وباليستية وطائرات مسيرة وزوارق حربية”. وأوضح أن هذا الأسبوع استجد محاولات لإعادة تشغيل ميناء أم الرشراش، مبيناً أن “بعض شركات النقل البحري بدأت بالمخالفة لقرار الحظر والشحن إلى ميناء أم الرشراش متجاهلةً للحظر ومتوهمة أنه يمكن التغاضي عن ذلك”. وأضاف أن ” العمليات البحرية بإغراق سفينتين من سفن الشركات المخالفة، تؤكد ثبات الموقف الحازم في حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي طالما استمر العدوان والحصار على غزة”. وتابع ” ننوه على أن قرار الحظر على العدو الإسرائيلي في الملاحة عبر البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب هو قرار مستمر في كل المراحل”. وأشار الحوثي إلى أن “قرار الحظر لم يتوقف أبداً ولم يلغ وهو قرار ساري المفعول وكانت عملية الرصد مستمرة وما استجد هو المخالفة من بعض الشركات”، مؤكداً أنه “لا يمكن السماح بإعادة تشغيل ميناء أم الرشراش وموقفنا اليمني موقف حازم”. كما أوضح أن ” قرارنا في منع الملاحة على العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي هو قرار حازم ثابت مستمر طالما استمر العدو الإسرائيلي في العدوان والحصار على قطاع غزة”. وأضاف ” ما حصل في البحر الأحمر فيه درس واضح لكل شركات النقل البحري التي تتحرك للنقل لصالح العدو الإسرائيلي ستعامل بالحزم، ولا يمكن السماح لأي شركة تقوم بالنقل لبضائع العدو الإسرائيلي عبر مسرح العمليات المعلن عنه”. كما أشار قائد أنصار الله إلى أن عمليات التصدي نجحت بمنع طيران العدو الإسرائيلي من التوغل في أجواء البلاد ومن استكمال تنفيذ أهدافه العدوانية، مؤكداً أن “غارات العدو الإسرائيلي على الموانئ في الحديدة من خارج الأجواء اليمنية”. وتابع ” عدوان العدو الإسرائيلي وما يحظى به من دعم أمريكي وغربي وحملات دعائية لا يؤثر على موقفنا الثابت في إسناد غزة ونصرة الشعب الفلسطيني”.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تُعيد إنتاج تجربتها في جنوب لبنان: حرب غزة بلا نهاية ولا أفق
  • ستالينغراد المعركة التي سقط فيها أكثر من مليوني قتيل
  • أوجلان والكلمة التي أنهت حربا
  • كيف أطال نتنياهو بقاءه السياسي عبر المماطلة في إنهاء العدوان على غزة؟
  • عاجل| مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي في المفاوضات تبقي كل مدينة رفح تحت الاحتلال
  • المرأة التي زلزلت إسرائيل وأميركا
  • نتنياهو يعود إلى إسرائيل دون إعلان اتفاق لوقف النار.. وغزة على صفيح المفاوضات الساخن
  • نتنياهو: إسرائيل ستدخل في مفاوضات وقف إطلاق نار دائم خلال هدنة الـ60 يومًا
  • قائد أنصار الله: كل شركات النقل البحري التي تتحرك لصالح العدو الإسرائيلي ستعامل بالحزم
  • نائب ليبي يحذر من تداعيات الانقسام السياسي وطبول الحرب في طرابلس على الهجرة غير النظامية