الجزيرة:
2025-11-23@13:49:25 GMT

لماذا حرق العمال الكردستاني أسلحته أمام أردوغان؟

تاريخ النشر: 13th, July 2025 GMT

لماذا حرق العمال الكردستاني أسلحته أمام أردوغان؟

في الحادي عشر من يوليو/ تموز الجاري، وأمام كهف كاسينا في مدينة السليمانية العراقية، أقدم 30 عنصرًا من تنظيم PKK الإرهابي- 15 رجلًا و15 امرأة- على إحراق أسلحتهم، في خطوة رمزية كان من شأنها أن تُحدث تغييرات مهمة ليس في تركيا فحسب، بل في عموم الشرق الأوسط.

لقد جاءت هذه الخطوة ثمرة لمسار بادرت إليه الدولة التركية وأطلق عليه اسم "تركيا خالية من الإرهاب".

وهكذا، صار حلم الانفصال الذي طارد تنظيم PKK الإرهابي طوال خمسين عامًا رمادًا في قِدرٍ احترقت فيه الأسلحة.

في عام 1973، اجتمع الانفصاليون الإرهابيون حول عبدالله أوجلان تحت مسمى "الأبوجيين"، وفي اجتماع عُقد في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1978 في سهل فِس- ليجه، ديار بكر- تم تأسيس تنظيم "حزب العمال الكردستاني" أو PKK.

وبعد تنفيذ عملية اغتيال في 29 يوليو/ تموز 1979 استهدفت النائب عن أورفا، محمد علي بوجاق، ترك منفذو العملية منشورًا حمل اسم "قرار المؤتمر الأول"، أعلنوا فيه انطلاقة نشاطهم الإرهابي الجماعي من خلال المطالبة بـ"تأسيس دكتاتورية شعبية في كردستان موحدة ومستقلة".

وفي 15 أغسطس/ آب 1984، شنّوا هجمات على إروه وشمدينلي، وأطلقوا النار لأول مرة على موظفين رسميين، ما أسفر عن استشهاد جنديين وتسعة مدنيين، لتبدأ منذ ذلك الحين موجة الإرهاب التي أودت بحياة ما يقرب من 15 ألف مواطن رسمي ومدني، من بينهم رجال شرطة، جنود، حراس، معلمون، أطباء، وممرضون، فضلًا عن تسببها في خسائر اقتصادية قُدّرت بتريليونَي دولار.

ومنذ عام 1984، تم القضاء على 46 ألفًا و276 عنصرًا من عناصر التنظيم الإرهابي خلال أربعين عامًا من المواجهة. وكان الهدف الأسمى لـPKK هو تقويض الأخوة التاريخية بين الأتراك والأكراد الممتدة منذ ألف عام، غير أنه فشل في ذلك، إذ عجز عن زعزعة أواصر هذه الأخوّة.

إعلان

لقد أجبرت قوة الدولة التركية، رغم كل الدعم الذي تلقّاه التنظيم من القوى الإمبريالية، هذا التنظيم الإرهابي الممتد منذ خمسين عامًا على الرضوخ.

وفي 27 فبراير/ شباط 2025، أعلن عبدالله أوجلان- الذي تم القبض عليه في عام 1999 وحُكم عليه بالسجن المؤبد- عن حلّ التنظيم من الناحية الأيديولوجية. وكان أوجلان، مؤسس تنظيم PKK الذي انطلق عام 1979 بحجة تأسيس "دكتاتورية شعبية في كردستان موحدة ومستقلة"، قد أعلن بعد 52 عامًا من تأسيس التنظيم أن هذا المشروع الانفصالي لم يعد ممكنًا، وقال:

"إن فكرة الدولة القومية المنفصلة، والفدرالية، والحكم الذاتي الإداري، والحلول الثقافية- التي هي نتيجة الانجراف القومي المتطرف- لم تعد تجيب عن أسئلة السوسيولوجيا التاريخية.

فمع انهيار الاشتراكية الواقعية في التسعينيات بسبب عوامل داخلية، ومع تفكك سياسة إنكار الهوية في البلاد، والتطورات التي طرأت على حرية التعبير، وقع تنظيم PKK في فراغ فكري وتكرار مفرط.

وبناءً على ذلك، فقد استنفد التنظيم عمره كما حدث مع نظرائه، وصار حلّه أمرًا لا مفر منه. يجب على جميع الفصائل أن تلقي سلاحها، ويجب على تنظيم PKK أن يحلّ نفسه".

وهكذا، لم تعد هناك مطالب بإنشاء دولة منفصلة، أو نظام فدرالي، أو حتى مطالبات بثقافة رسمية أو لغة رسمية. وبما أن الانفصال لم يعد مطروحًا، فإن تنظيم PKK- الذي وصفه أوجلان بأنه "خاوٍ من المعنى"- لم يعد له أي ضرورة.

لقد أظهرت التغييرات التي طرأت في أسلوب مكافحة الإرهاب بعد محاولة الانقلاب التي قادتها منظمة غولن الإرهابية في 15 يوليو/ تموز 2016، وما بلغته الصناعات الدفاعية التركية من تطور، ونجاحات الاستخبارات التركية في تنفيذ عمليات دقيقة، أن المشكلة الإرهابية التي سعت الحكومات السابقة لحلها بالمفاوضات، يمكن حسمها بالمواجهة الفعلية.

فلم تقتصر العمليات على الداخل التركي فقط، بل أسفرت عمليات درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام- التي نُفّذت في سوريا رغم معارضة الولايات المتحدة وروسيا- عن إنشاء مناطق آمنة، كما كانت عمليات "المخلب" التي جرت في العراق محطات حاسمة في مكافحة الإرهاب.

ومن خلال عمليات دقيقة نفّذها جهاز الاستخبارات الوطنية، تم القضاء على نحو 200 من قيادات تنظيم PKK، الأمر الذي شلّ قيادته. وبات التنظيم الذي لم يعد له وجود فعلي داخل تركيا، عاجزًا عن التحرك في سوريا والعراق، وقد هُزم دون أن يتمكن من تحقيق أي من أهدافه.

أما التطورات العالمية، لا سيما نتائج الانتخابات الأميركية، فقد أظهرت أن الدعم الأوروبي والأميركي لـPKK في طريقه إلى الزوال. وما بقي له من دعم- من قبل إسرائيل، وبعض الجهات في إيران- لم يعد كافيًا لإبقائه على قيد الحياة.

كما أن الثورة السورية التي انتصرت في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 دفعت الكيان القائم في سوريا المتمثل بـPKK/PYD-YPG نحو الاندماج مع النظام الجديد.

وقد أعلن قادة تنظيم PKK- في مؤتمرهم الثاني عشر الذي عُقد بين 5 و7 مايو/ أيار 2025- عن حل التنظيم من الناحية التنظيمية، بعد أن سبق لأوجلان أن أعلنه من الناحية الأيديولوجية، وذلك على النحو التالي:

إعلان

"اتخذ مؤتمر PKK الثاني عشر قرارًا بحلّ البنية التنظيمية للتنظيم وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح، منهيًا بذلك جميع الأنشطة التي كانت تُدار باسم PKK".

ورغم وجود تصريحات داخل تنظيم PKK تُعارض إلقاء السلاح، فإن رسائل أوجلان، لا سيما الفيديو الأخير المصوَّر بالصوت والصورة الذي كرر فيه الدعوة، لم تترك لأعضاء التنظيم أي خيار سوى إحراق الأسلحة ولو رمزيًا.

ومن المعروف أن تنظيم PKK هو كيان له أذرع في العراق، وإيران، وسوريا، إضافة إلى تركيا. وبعد أن أُحرقت الأسلحة في العراق، يُنتظر أن يتم تسليم الآلاف من الأسلحة الأخرى التي لا تزال في حوزتهم.

ومن ناحية أخرى، فإن تصفية جناحه في إيران المعروف بـPJAK، وجناحه السوري PYD/YPG، ودمج العناصر غير المتورطة في جرائم في بنية النظام السوري، يعدّان أهدافًا قائمة.

وقد أكّد عمر تشيليك، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والمتحدث باسم الحزب الحاكم، على موقف تركيا الحازم بقوله:

"إن عملية نزع السلاح لا تقتصر على تنظيم PKK، بل يجب أن تشمل أيضًا امتداداته كـPYD/SDG وPJAK، إضافة إلى البنى الأيديولوجية والمالية غير الشرعية مثل KCK.

تدير تركيا هذا المسار دون أي طرف ثالث، من خلال آلية تحقق ذاتية. جهاز الاستخبارات الوطنية والقوات المسلحة التركية يراقبان التطورات على الأرض بكل حزم.

هذه العملية التي انطلقت بدعوة من السيد دولت بهتشلي باتت الآن مشروع دولة بإرادة الرئيس أردوغان. هدفنا هو تركيا خالية من الإرهاب. هذه العملية تمثل أملًا في السلام والأمن لجميع شعوب المنطقة من تركمان، عرب، أكراد، إيزيديين، علويين، سنّة وشيعة. لن يُسمح بعد الآن بأن تتسبب التنظيمات الإرهابية بمجازر بحق الشعوب من خلال الحروب بالوكالة".

لقد لعبت التطورات الإقليمية دورًا حاسمًا في إيصال PKK إلى هذه المرحلة. لا سيما أن العلاقة التي طوّرها الرئيس السوري أحمد الشرع، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت مؤثرة جدًا.

وقد أطلق السفير الأميركي في تركيا، والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، تصريحات تشير إلى تغير السياسة الأميركية تجاه تنظيم YPG:

"قوات سوريا الديمقراطية (SDG) هي YPG، وYPG هي فرع من PKK. وPKK قد بدأ اليوم في إلقاء سلاحه، وهذه خطوة كبيرة بالنسبة لتركيا.

نحن لا ندين للدولة التركية تجاه YPG بشيء. لقد حاربنا معهم ضد تنظيم الدولة، وهذا ما يفرض علينا دينًا أخلاقيًا، لكن لا يمكن أن نقبل بدولة داخل الدولة.

هذا لا يعني أننا في طريقنا لإنشاء كردستان حرة في سوريا، ولا دولة SDG منفصلة، ولا دولة علوية أو يهودية. هناك سوريا واحدة، تُعاد هيكلتها. سيكون لها دستورها وبرلمانها.

يجب أن يكون هناك علم واحد ودولة واحدة في سوريا. لا يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دور الوسيط إلى الأبد في سوريا. إذا لم يتفقوا مع الحكومة السورية، فلن يتفقوا. وإذا أرادوا خارطة طريق جديدة، فهذا شأنهم".

إن تصريحه بأن YPG فرع من PKK، وأنهم ضد إقامة كيان فدرالي في سوريا، يكشف عن تحوّل جذري في السياسة الأميركية تجاه المنطقة.

فالولايات المتحدة التي زوّدت PYD/YPG- منذ عام 2013- بـ60 ألف شاحنة من الأسلحة والذخيرة تحت ذريعة مكافحة تنظيم الدولة، وقدّمت لهم مئات الملايين من الدولارات سنويًا، تُظهر اليوم من خلال تغيير سياستها أنها من سيأخذ السلاح كما كانت هي من قدّمه.

لأن الولايات المتحدة، وقد فضّلت مصالحها الكبرى التي تتوقعها من علاقتها الجديدة مع النظام السوري، لم تعد مستعدة لتحمّل عدم الاستقرار الذي قد ينشأ من أي كيان انفصالي يديره فرع PKK في سوريا.

ومن ثم، فإنها اختارت التعاون مع تركيا- الدولة الأقوى في المنطقة، والتي لديها قرار واضح بتصفية هذا التنظيم- بدلًا من الاستمرار في علاقة غير منتهية مع تنظيم إرهابي يُشكل تهديدًا مستمرًا لها.

إعلان

وبذلك، فإن تنظيم PKK الذي استمدّ وجوده طوال خمسين عامًا من الدعم الروسي، ثم الأوروبي، وبعده الإيراني، وأخيرًا الأميركي، بات اليوم فاقدًا لكل هذا الدعم الدولي.

ولم يتبقَّ أمام هذا التنظيم الإرهابي، الذي قام كيانه بالكامل على الدعم الخارجي، إلا خيار واحد: إلقاء السلاح.

وربما يكون هناك استثناء ضعيف يتمثل في دعم إسرائيل الصهيونية ذات النزعة الإباديّة، لكن حتى هذا الدعم لن يكون كافيًا لإبقاء تنظيم مثل PKK على قيد الحياة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات فی سوریا تنظیم PKK من خلال لم یعد

إقرأ أيضاً:

عقبات أمام تنفيذ الخطة الأميركية التي أقرها مجلس الأمن بشأن غزة

أخذت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة طريقها إلى التنفيذ بعد إقرار مجلس الأمن الدولي مشروع قرار أميركي يحوي هذه الخطة بموافقة ثلاثة عشر عضوا وامتناع الصين، وروسيا عن التصويت، لتضع المقاومة الفلسطينية وإسرائيل أمام واقع مختلف في شكله، لكن مضمونه بقي على حاله، إذ إن الخطة مؤقتة، ولا تضمن تسوية شاملة تناسب نتائج الحرب، وترهن إعادة الإعمار وانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من القطاع، بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية.

ورغم أن الخطة التي صدرت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، وتحوي عشرين نقطة، من شأنها تخفيف الأعباء على الشعب الفلسطيني بما يساعده على البقاء في قطاع غزة، منهيا مسعى التهجير الكامل الذي قصدته الحكومة الإسرائيلية، ومع أنها فتحت الطريق من الناحية النظرية لإقامة "دولة فلسطينية"، فهي بمنزلة فرض وصاية على غزة، باستبعاد أهلها من الإدارة، وفصل القطاع عن الضفة الغربية، ومحاولة تجريد المقاومة من سلاحها دون ضمان ألا تعود إسرائيل إلى العدوان تحت أي ذرائع.

الخطة ستجد في إسرائيل من يعمل على تقويضها، حتى بيد نتنياهو نفسه، خاصة حين يحل موعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، أو حسب أي نتائج لها تجعل للمتطرفين يدا ضاغطة عليه في سبيل الاستمرار في تشكيل الحكومة،

وفي عمومها تسيطر النزعة الأمنية على الخطة، وليست النزعة السياسية والقانونية التي تربطها بتاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من بدايته وحتى حرب "طوفان الأقصى"، وهي مسألة عبّر عنها سفير الولايات المتحدة بالأمم المتحدة مايك والتز، حين قال: "الأمن هو الأكسجين الذي تحتاجه الحوكمة والتنمية للعيش والازدهار".

وإذا كانت الولايات المتحدة تسوق هذه النزعة تحت دعاوى أنها في صالح استقرار المدنيين الفلسطينيين في غزة، فهي في حقيقتها تعمل أمنيا لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، وهي مسألة لم تخفِها واشنطن في حديثها عن "بيئة تسمح لإسرائيل بالعيش في أمان".

وهذا في نظرها يتطلب أن تعمل "قوة الاستقرار الدولية" التي سيتم تشكيلها على توفير "منطقة خالية من قبضة حماس"، تحت لافتة تنص على "تفكيك البنية التحتية للإرهاب، ونزع الأسلحة". يعمل على تنفيذها ما يسمى "مجلس السلام"، الذي يخضع من الناحية الواقعية لإشراف الرئيس الأميركي نفسه، دون رقابة دولية حقيقية، من الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن.

إعلان

ورغم إقرار مجلس الأمن هذه الخطة وفق الفصل السادس، فمن المتوقع أن تواجه صعوبات حقيقية حين يبدأ تطبيقها، نظرا لثلاثة أسباب رئيسية، هي:

1- رفض أطراف متطرفة في إسرائيل الخطة، فداخل حكومة بنيامين نتنياهو نفسها من يعتبر الخطة تنطوي على "تهديد إستراتيجي" لإسرائيل، حين تبدو خطوة محتملة لشق مسار نحو إقامة دولة فلسطينية، أو محاولة لإدخال فكرة الدولة الفلسطينية عبر "باب خلفي"، أو تحت غطاء ما يُسمى "حل لغزة بعد الحرب"، لا سيما أنها المرة الأولى التي تتحدث فيها الولايات المتحدة عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير واستقلاله.

ويقف على رأس المعترضين على هذه الخطة، وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي سبق له المطالبة برد حازم على إعلان عدة دول اعترافها أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يذهب في اعتراضه بعيدا، وبطريقة عنصرية، حين يقول: "لا وجود لما يسمى الشعب الفلسطيني". ثم يهدد بأن حزبه "عوتسما يهوديت" لن يكون جزءا من أي حكومة توافق على إقامة دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال.

كما اعترض بعض أعضاء الكنيست على الخطة، في مقدمتهم سيمشا روثمان، الذي يصفها بـ "الخطأ الإستراتيجي"، ويراها مكافأة لحماس وتشجيعا لها.

هذا معناه أن الخطة ستجد في إسرائيل من يعمل على تقويضها، حتى بيد نتنياهو نفسه، خاصة حين يحل موعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، أو حسب أي نتائج لها تجعل للمتطرفين يدا ضاغطة عليه في سبيل الاستمرار في تشكيل الحكومة، وهي مسألة متوقعة إلى حد بعيد، في ظل تعزز شعبية الأحزاب اليمينية الدينية المتطرفة.

2- رفض الفصائل الفلسطينية هذه الخطةَ، حيث تراها منحازة لإسرائيل؛ لأنها تنص على التنسيق مع تل أبيب، وتفرض وصاية خارجية على قطاع غزة، وتجرد الفلسطينيين من حقهم في تدبير شؤونهم، بإسناد مهمة الإدارة وملف إعادة الإعمار إلى جهة دولية، تطغى صلاحياتها الواسعة على دور المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وتجعل القرار الفلسطيني تابعا، وتفتح بابا لتوظيف المساعدات المستحقة، كأداة ضغط وابتزاز، في هندسة واقع جديد في القطاع، يفصله عمليا عن الضفة الغربية، بما يجعل الحديث عن "دولة فلسطينية" أمرا بعيد المنال.

كما رفضت الفصائل المساس بحق المقاومة المسلحة للفلسطينيين طالما أن الاحتلال قائم، ورفضت كذلك أي وجود عسكري أجنبي أو إقامة قواعد دولية داخل القطاع.

3- قبلت الأطراف التي عليها المشاركة في تأمين حدود غزة، وحماية المدنيين، وتسهيل المساعدات الإنسانية، ودعم تدريب ونشر قوة شرطة فلسطينية مُعاد تشكيلها، والإشراف على التفكيك الدائم للأسلحة التي في حوزة حماس والجماعات المسلحة الأخرى في القطاع، خطة ترامب على مضض، لا سيما أنها سبق لها طرح خطة بديلة تطلق عليها الفصائل الفلسطينية نفسها "النموذج العربي ـ الإسلامي المقترح لإدارة قطاع غزة" وتراه الخيار الأكثر قبولا لديها.

فهذه الأطراف قد تجد بمرور الوقت تهميشا لدورها ضمن "مجلس السلام" بوصفه هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تتولى وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة، وقد لا يروق لها الاستمرار في إبعاد السلطة الفلسطينية عن إدارة القطاع تحت دعاوى أنها لم تستكمل ما يسمى "البرنامج الإصلاحي"، لا سيما أن الخطة الأميركية تفتح نافذة واسعة للتهرب من إسناد الأمر للفلسطينيين، حتى لو أتموا عملية الإصلاح تلك.

إعلان

كما أن حل الدولتين، وفق ما هو مطروح، لا يوجد ما ينص على القطع به، حيث تقول خطة ترامب: "قد تتوافر الظروف أخيرا لتهيئة مسار موثوق يتيح للفلسطينيين تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية". ثم تحيل هذا إلى "إقامة حوار بين إسرائيل والفلسطينيين" من المتوقع إن أقيم ألا يسفر عن شيء شأنه شأن الاتفاقيات السابقة منذ أوسلو 1993 وإلى الآن.

لكن المعضلة الكبرى لدى هذه الأطراف تتعلق بمدى استعدادها لتنفيذ أي قرار لـ"مجلس السلام" حين يشرع في نزع سلاح المقاومة بطريقة غير التفاوض، تشمل اعتقال من يحمل سلاحا، ومدى مساهمتها في الرقابة على تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام الترتيبات التي قد تكون ضرورية لتحقيق أهداف الخطة، أو إمكانية الأخذ باعتراضها مستقبلا على تمديد عمل "مجلس السلام "هذا بعد نهاية مدته في 31 ديسمبر/كانون الأول 2027، في ظل مخاوف من الرقابة الخارجية والوضوح بشأن الحالة النهائية للقوة التي يشكلها المجلس.

وقد تجد هذه الأطراف نفسها في حرج بالغ إن استمرت إسرائيل في ممارسة اعتداءاتها الممنهجة على فلسطينيي الضفة الغربية.

لكل هذا ترى بعض الأطراف الدولية أننا أمام خطة مؤقتة وغامضة ومتحيزة، قد لا تؤدي إلى تسوية حقيقية بعد انقضاء السنتين، أو حتى في حال تمديدها، إنما تمعن في وضع مزيد من الأعباء القاسية، سواء على كاهل السلطة الفلسطينية أو المقاومة، بجعلها، هذه المرة، وكأنها تواجه "الشرعية الدولية"، وليس الاحتلال الإسرائيلي، الذي بوسعه مستقبلا أن يتنصل من أي التزام تحت دعاوى عدم قيام "مجلس السلام" بدوره في نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويواصل عدوانه بأشكال متعددة، مثلما يفعل مع وجود قوة اليونيفيل في جنوب لبنان، التي تشكلت وفق قرار من مجلس الأمن الدولي أيضا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أردوغان: تركيا تدرس مشاركة قواتها في قوة الاستقرار الدولية بغزة
  • المعارضة الرئيسية في تركيا تتعرض لانتقادات لرفضها اجتماع أوجلان مع البرلمان
  • فتاوى تشغل الأذهان| هل شد الوجه لإزالة التجاعيد فيه تغيير لخلق الله؟.. لماذا سمي شهر جمادى الآخرة بهذا الاسم ؟.. هل تجبر النوافل الصلوات التي لم يؤدها العبد؟
  • تركيا وأستراليا تتوصلان لاتفاق بشأن تنظيم كوب 31
  • سوريا التي أربكت إسرائيل
  • قبل الاستماع لأقواله أمام المحكمة.. لماذا يحاكم رمضان صبحي؟
  • البرلمان التركي يوفد لجنة للقاء زعيم العمال الكردستاني أوجلان
  • إعلام عبري: ترامب لا يتوقع انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها جنوب سوريا
  • الأشياء التي تقتلها.. كندا تختار فيلما تركيا للسباق نحو الأوسكار
  • عقبات أمام تنفيذ الخطة الأميركية التي أقرها مجلس الأمن بشأن غزة