كما بدأ بفراغ رئاسيّ يهيمن على الاهتمامات السياسية، ينتهي العام 2023 على المشهد نفسه، بعدما عجزت كلّ المبادرات والوساطات المحلّية، كما الإقليمية والدولية، عن وضع حدّ له على امتداد 12 شهرًا، وإن تراجع "زخمها" في الأشهر الثلاثة الأخيرة على وقع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي أعادت "خلط" كلّ الأوراق، وهمّشت بصورة أو بأخرى، أو بالحدّ الأدنى "جمّدت" الاستحقاق الرئاسي، حتى إشعار آخر.


 
لكن، على الرغم من هذه المشهديّة التي لم تتغيّر خلال 12 شهرًا، ولو أنّها شهدت الكثير من "الصعود والهبوط" إن جاز التعبير، سُحِبت معها أسماء من "البازار"، وطُرِحت أخرى في سياقه، فإنّ شيئًا ما تغيّر في الأيام الأخيرة من العام، ويتمثّل بموجات "التفاؤل" العابرة للمعسكرين الأساسيّين، والأحزاب السياسيّة، في ظلّ "رهانات" متصاعدة على انفراجٍ في أفق العام الجديد، بل في شهره الأول، وربما أيامه الأولى.
 
يتجلّى ذلك بوضوح من خلال تصريحات ومواقف المسؤولين السياسيين في الأيام الأخيرة، والحديث عن حراك جديد سينطلق مطلع العام، وربما مبادرة حوارية جديدة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري، معطوفة على وساطة دوليّة ستتجدّد، لكن، هل تستند موجات التفاؤل المذكورة إلى حقائق ومعطيات دقيقة فعلاً، أم أنّها مجرّد "وهم" يُضعها في الخانة نفسها للموجات المشابهة التي خبرها اللبنانيون أكثر من مرّة على مدى العام المنصرم؟
 
دوافع "التفاؤل"
 
يقول العارفون إنّ عدّة مؤشّرات شكّلت في مكانٍ ما "دوافع مشروعة" لموجات التفاؤل التي طبعت نهاية العام على مستوى الاستحقاق الرئاسي، والتي جاءت للمفارقة بعد الجلسة التشريعية الأخيرة التي أفضت إلى التمديد لقائد الجيش بتوافقٍ قلّ نظيره، وإن بقي "التيار الوطني الحر" خارج فلكه، حيث تولّد انطباع لدى كثيرين، بإمكانية "استنساخ" التجربة على المستوى الرئاسي، والتوصّل إلى تفاهم وطني يضع حدًا للفراغ القاتل.
 
تزامنت موجات التفاؤل أيضًا مع الحراك الإقليمي والدولي الذي سُجّل حول الملف اللبناني، وإن جاء هذه المرّة من البوابة الأمنية، على خلفية الأحداث المتصاعدة في جنوب لبنان، ومحاولات ضمان عدم "انزلاق" الجبهة اللبنانية إلى حربٍ تشبه في طيّاته تلك التي يشنّها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، وربما توازي بأهميتها وحجمها تلك التي خبرها اللبنانيون في صيف العام 2006، ولا تزال ماثلة في أذهانهم.
 
وفي هذا السياق، يرى العارفون أنّ دوافع "التفاؤل" تمتدّ أيضًا لتشمل الزيارات المرتقبة للموفدين الإقليميين والدوليين مطلع العام المقبل، ومنها زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والتي يُعتقَد أنّها ستكون مفصليّة وحاسمة، خلافًا لسابقاتها، وإن لم يحدّد موعدها بعد، في ظلّ حديث أيضًا عن زيارة مفترضة للموفد القطري، الذي يواصل جهوده من خلف الكواليس، باسم مجموعة الدول الخمس المعنيّة بلبنان.
 
المطلوب أكثر!
 
في ظلّ هذه الأجواء، برزت بعض المواقف الداخلية أيضًا التي عزّزت مناخات "التفاؤل"، ومن بينها قول رئيس مجلس النواب نبيه بري إنّ الاستحقاق الرئاسي يشكّل "شغله الشاغل"، وحديث رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن أهمية الركون إلى "مشاورات جانبية"، وتشجيع رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل منطق "التوافق والتفاهم"، مع دعوته الفريق الآخر إلى "ملاقاة" قوى المعارضة في منتصف الطريق.
 
لكنّ كلّ ما سبق لا يعني أنّ الأرضية باتت جاهزة فعلاً لتغيير "نوعيّ" على مستوى المقاربات للملف الرئاسي، بما يسمح بجعل التفاؤل "المشروع" بانفراج مطلع العام المقبل جديًا وحقيقيًا، فالأطراف لا تزال ثابتة بصورة أو بأخرى على مواقفها المُعلَنة، سواء من المرشحين المعروفين، وفي مقدّمهم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وكذلك قائد الجيش العماد جوزيف عون، أو من الخيار "الثالث" الذي لم تنضج معطياته بعد.
 
ولعلّ اللقاء "الودّي" الذي جمع فرنجية وعون قبل فترة عزّز "التفاؤل" بإمكانية الوصول إلى "خط وسط"، إلا أنّ ذلك لا يزال بعيد المدى وفق العارفين، الذين يشيرون إلى أنّ بين الأفرقاء من لا يزال يراهن على نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة من أجل تعزيز حظوظ هذا المرشح أو ذاك، وهو منطق من شأنه "ترحيل" الاستحقاق الرئاسي، حتى انتهاء هذه الحرب، التي تبدو "مفتوحة" وفقًا لكل المعطيات، ولو انتقلت إلى مرحلة مختلفة.
 
ليست المرّة الأولى التي يشهد فيها الملف الرئاسي "زخمًا"، تدخل على خطّه موجات "تفاؤل" بفرج قريب، في سيناريو بات يصطلح عليه بـ"Déjà vu" (شوهد من قبل)، لتأتي نتيجته مرّة بعد مرّة، "مخيّبة" للآمال. مع ذلك، ثمّة من يريد تحويل "الوهم" إلى "حقيقة"، والمعادلة لذلك قد لا تكون "معقّدة"، فهي لا تتطلّب أكثر من إرادة صادقة بالمضيّ إلى الأمام، لكن هل تتوافر مثل هذه الإرادة فعلاً، أم أنّ الأنانيات والنكايات ستطيح بكل موجات التفاؤل؟!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

غداً الجمعة.. تحذير من موجات ضباب كثيف في مدن العراق

غداً الجمعة.. تحذير من موجات ضباب كثيف في مدن العراق

مقالات مشابهة

  • رئيس المجلس الرئاسي ينعي وفاة العميد «رضوان المهدي الأمين»
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • الديباني: حكم استئناف بنغازي يُسقط قانونيًا هيئة الانتخابات الموازية التي أنشأها الرئاسي
  • نهاية الكمسري في القاهرة.. بدء التشغيل التجريبي لمنظومة الدفع الإلكتروني في الحافلات العامة
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • غداً الجمعة.. تحذير من موجات ضباب كثيف في مدن العراق
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • خبراء: قسد لم تنفذ أي بند من اتفاق دمشق ومواجهة عسكرية محتملة نهاية العام
  • رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد ختام فعاليات البرنامج الرئاسي «مودة».. صور