استدانة ومصانع وشركات مغلقة وأخرى تعمل بنصف طاقتها وسياحة تواجه أزمة صعبة ومطارات خالية من المسافرين وعمالة تركت ما لديها للمشاركة في الحرب، ضغوط اقتصادية كبيرة تواجه الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الخالية وتزداد وتيرتها يوما بعد يوم في ظل استمرار الحرب، فهل تؤثر الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل على حرب غزة؟.

الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية، قال إن حكومة الإحتلال الإسرائيلي وجدت نفسها في ورطة الحرب التي لم تكن مستعدة لها حاليا، فإسرائيل لا تحبذ خوض حروب طويلة الأمد لأنها تؤدي إلى استنزاف كل مقومات وعناصر القوة.

وأضاف "شعث" في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن قوة جيش الاحتلال قوامها 480 ألف جندي بينهم 360 ألفا من جنود وضباط الاحتياط يؤدون الخدمة بشكل سنوي بمعدل شهر ونصف فقط ولهم موازنة محدودة، لكن في ظل الحرب الحالية التي استمرت 3 أشهر حتى الآن تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة كبيرة بسبب توقف العمل في شتى مناحي الحياة الاقتصادية للاحتلال.

وتابع أستاذ العلوم السياسية أن هناك إشكالية أخرى تتعلق بالاحتياج للإنفاق على هؤلاء الجنود بشكل سنوي مما يشكل عبئا إضافيا على الجيش الإسرائيلي، بخلاف تكلفة المعدات والآليات العسكرية والقذائف والصواريخ والقنابل المستخدمة في قصف قطاع غزة.

وأشار إلى أن الموازنة العامة لإسرائيل تعاني من خسائر كبيرة جدا إلى جانب توقف حركة السياحة وهروب الكثير من المستثمرين ورجال الأعمال، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خسارة 66 مليار شيكل في الجيش فقط باستثناء الخسائر الاقتصادية الأخرى.

وأوضح أن المعونة التي أقرتها الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل تبلغ 14 مليار دولار لكنها عبارة عن 5 مليارات دولار معدات عسكرية ومتفجرات و4 مليارات دولار لأمور لوجستية أخرى.

ولفت الدكتور أسامة شعث إلى أن الخسائر الاقتصادية لإسرائيل كبيرة جدا ما دفعها إلى تسريح نحو 200 ألف من جنود الاحتياط مؤخرا، وبذلك قد يتأثر مسار الحرب على قطاع غزة جراء هذه الخسائر والضغوط.

الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، قال إن أوضاع إسرائيل الاقتصادية ستؤثر على مسار الحرب في قطاع غزة بسبب جملة من الاعتبارات المتعلقة بتأثر الاقتصاد التنموي والقطاعات التنموية الحيوية مثل السياحة وحركة رؤوس الأموال وشركات التكنولوجيا والشركات متناهية الصغر.

وأضاف "فهمي" في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن تكلفة الحرب الإسرائيلية كبيرة ومرتفعة من الناحية المادية وتحاول إسرائيل تعويض هذه الخسائر من المنظمات التطوعية العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع أستاذ العلوم السياسية أن معظم المساعدات الأمريكية تتم من خلال برنامج حماية إسرائيل في إطار عضويتها في القيادة المركزية الأمريكية العاملة في الشرق الأوسط.

وأوضح الدكتور طارق فهمي، أن الخسائر الاقتصادية مهمة جدا في تغيير مسار الحرب ولكن ليست وحدها بسبب الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل.

الدكتور جمال زحالقة، رئيس حزب التجمع الوطني في أراضي 48 وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أوضح أن المعادلة العامة للاقتصاد الإسرائيلي في ظل الحرب هي أن الصرف الحكومي يرتفع بشكل حاد، في مقابل انخفاض الدخل بسبب انحسار النشاط الاقتصادي.

وقال "زحالقة" في تصريحات خاصة لـ "الفجر" إن ذلك سيؤدي إلى عجز كبير جدا في الميزانية يقدره بنك إسرائيل بنحو 60 مليار دولار عام 2024 بعدما انتهى عام 2022 بفائض في الميزانية.

وأضاف أن منتدى كوهيليت، العقل المدبر لليمين الإسرائيلي، نشر تقريرا حذر فيه من رفع الضرائب، وتغطية نفقات الحرب من خلال تقليص الصرف الحكومي في مجالات أخرى.

وأشار إلى أنه في كل الأحوال ستدخل إسرائيل في عجز كبير في الميزانية، ليس المؤكد أنها ستكون قادرة على الخروج منه بالوسائل التقليدية.

وتابع أنه يوجد 760 ألف عامل تعطلوا عن شغلهم بسبب الحرب إلى جانب عشرات الآلاف من المصالح الصغيرة المغلقة والمتضررة، وكل هذه تعويضات مطلوبة تشكل حملا ثقيلا على الميزانية الإسرائيلية.

وأكد جمال زحالقة أنه تم تجنيد ما يزيد على 300 ألف جندي احتياط، تم سحبهم من سوق العمل وعطّل مصالح تجارية وصناعية كثيرة، وهذا يشكّل ضغطا كبيرا على الاقتصاد الإسرائيلي، وكلما طال زمن وجودهم في الخدمة العسكرية، زاد العبء عليه أكثر فأكثر، خاصة أن المجندين سيتلقون أجرا، والأهم من ذلك هو التعويضات التي ستعطى لهم عن خساراتهم، والتي قد تفوق أجورهم بمجملها، كما حدث بعد حرب أكتوبر 73، حيث وصلت التعويضات إلى ثلاثة أضعاف الأجور.

كما يشكل الحصار البحري اليمني على السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، عبئا إضافيا على الاقتصاد الإسرائيلي، يُضاف إلى إضرار حركة المقاطعة المتسعة باستمرار.

وأشار إلى أن ذلك أجبر القيادة الإسرائيلية على اتخاذ قرارات تسريح جزء كبير من جنود الاحتياط، لإنقاذ سوق العمل والمصالح الاقتصادية، ومن كل ذلك يمكن القول إن العامل الاقتصادي بدأ يضغط وأصبح له تأثير مهم، وإن لم يكن حاسما، في قرار تقليص الحرب.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الإقتصاد الإسرائيلى اسرائيل الجيش الإسرائيلى نتنياهو قطاع غزة حرب غزة الولايات المتحدة الامريكية أستاذ العلوم السیاسیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الحرب والأزمات المعيشية تعيد النقاش حول مصير الحكومة اليمنية

تعيد التطورات العسكرية في اليمن، وتدهور الأوضاع الإنسانية وخروج احتجاجات شعبية في عدن، إلى الواجهة ملف الحكومة اليمنية برئاسة أحمد عوض بن مبارك، المعترف بها دولياً، فيما تقول مصادر يمنية عدة لـ"العربي الجديد"، بينها وزراء، إنه لم تصل إلى نتيجة كل نقاشات قيادة الشرعية والأطراف السياسية المنضوية في إطارها حول مصير أو مستقبل الحكومة تحت أي صيغة كانت، سواء إجراء تعديل جزئي لها، أو تغيير واسع، أو إقالة كاملة للحكومة، مع استمرار التباينات والخلافات حول ذلك.

 

نقاشات حول مستقبل الحكومة اليمنية

 

ووفق المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" من داخل الحكومة اليمنية فإن مستقبلها يمثل أحد الملفات التي يجري النقاش حولها اليوم في الرياض بين مجلس القيادة الرئاسي والأطراف السياسية المشاركة في الحكومة، لكن ثمة خلافات وتباينات حول حجم التعديل داخلها ومصير رئيسها أحمد عوض بن مبارك، بسبب ما تقول إنه التوتر بينه وبين رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.

 

وقالت المصادر، ومن بينها مشاركة في النقاشات الجارية، لـ"العربي الجديد"، إن بن مبارك، وفي إطار ما يقول إنها مساعٍ لحل المشاكل وتفعيل دور الحكومة في تقديم خدمات وتحسين الأوضاع ومحاربة الفساد، أوقف عدداً من الصناديق الإيرادية في مؤسسات ووزارات عدة، ورفع إلى مجلس القيادة الرئاسي أسماء عدد من الوزراء، بما يصل إلى 12 وزيراً، لتغييرهم، لكن طلبه قوبل بالرفض من أغلبية أعضاء مجلس القيادة. كما أن توقيفه عدداً من الصناديق، وإحالة بعض ملفات الفساد فيها لأول مرة إلى النائب العام، تسبّبا في تصاعد التوتر بينه وبين العليمي.

 

وكشفت المصادر أن العليمي وعلى ضوء خطوات بن مبارك، استدعى وزراء الحكومة اليمنية ونال توقيع 18 وزيراً على إقالة بن مبارك، لكنه اصطدم، بحسب المصادر نفسها، بطلب من "البريطانيين والأميركيين" بإعطاء بن مبارك فرصة أخرى ولو لبضعة أشهر، بعد إجراءات الأخير الإصلاحية داخل الحكومة، فضلاً عن التجاوب مع طلبه إجراء تعديلات وزارية، لكن كل ذلك لم يتم حتى اللحظة، سواء إقالة رئيس الحكومة، أو إعطاؤه فرصة أخرى، أو تلبية طلبه في التغييرات.

 

وفي حين بدا أن مصير الحكومة اليمنية مؤجل، فإن التطورات المتسارعة على الساحة اليمنية، من تصاعد العمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين، وعودة الحديث عن الدفع نحو عملية عسكرية برية، والانهيار غير المسبوق للعملة الوطنية، وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والخدمات، وخروج احتجاجات شعبية، كلها عوامل أعادت النقاشات حول مستقبل الحكومة إلى داخل قيادة الشرعية والأطراف المنضوية فيها.

 

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن العليمي مصرّ على إقالة بن مبارك مع إجراء بعض التغييرات، لكنه أيضاً لم يحصل على تجاوب من الأطراف السياسية، باستثناء حديث المجلس الانتقالي الجنوبي عن أنه طالما هناك نيّة لإقالة بن مبارك فيفضّل إقالة الحكومة كاملة وتشكيل أخرى جديدة، ليس دعماً لرئيس الحكومة، وإنما لنزع التوتر والخلافات وتداعياتها على تدهور الأوضاع، الذي تسببت به خلال الأشهر الأخيرة.

 

وكان القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، رئيس الجمعية الوطنية علي عبد الله الكثيري، قد قال تعليقاً على تصاعد الاحتجاجات في عدن، إن من يقف وراء تفاقم الأزمة وتدهور الأوضاع، يأتي في طليعتهم رشاد العليمي وبن مبارك، باعتبارهما المسؤولين الرئيسيين عمّا آلت إليه الأوضاع الخدمية والمعيشية في عدن والمناطق المحررة.

 

جاء ذلك خلال لقاء جمعه، يوم الثلاثاء الماضي، بقادة السلطة المحلية والقادة العسكريين والأمنيين، للوقوف على تطورات الأوضاع العامة في عدن.

 

وأضاف الكثيري أن نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، أعطى توجيهات بعودة جميع وزراء المجلس الموجودين في الخارج إلى عدن بشكل فوري، في إطار تحمّل المسؤولية والاقتراب من معاناة المواطنين.

 

لا ثقة بالتغيير المرتقب

 

وعن ذلك، قال رئيس موقع "مراقبون بلا حدود"، الصحافي ماجد الداعري، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يتوقع أن استبدال بن مبارك برئيس وزراء جديد "سيغيّر الواقع المرير، باستثناء إنهاء حالة تعطيل اجتماعات الحكومة منذ أشهر، وإعادة المستويات الأدنى من الخدمات الأساسية المعطلة، في إطار محاولة خطيرة لإشعال غضب شعبي لاقتلاع المجلس الرئاسي وكل منظومة الحكومة المتعثرة لبن مبارك الذي يواجه عدم قبول من أغلبية مجلس القيادة ووزراء حكومته".

 

ورأى الداعري أن "الحكومة الحالية لا تستطيع حل المشاكل، فهي حكومة محاصصة سياسية غير مؤهلة"، لافتاً إلى أن "تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية مرتبط بغياب موارد الدولة، وتعطل تصدير النفط الذي كان يشكّل ما نسبته 80% من مصادر تمويل موازنة الدولة اليمنية، إضافة إلى آثار وويلات الحرب والصراع واستشراء الفساد وغياب دور البرلمان وأجهزة الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، وعجز حكومات الشرعية المتعاقبة عن تبني برنامج إصلاح اقتصادي حقيقي ومحاربة الفساد وانتهاج سياسة تقشف وإيقاف مرتبات كبار مسؤوليها بالدولار".

 

واعتبر أن سبب ذلك هو  أن الحكومة هي "حكومة محاصصة سياسية غير مؤهلة أساساً من كل النواحي لإدارة البلاد وأزماتها المختلفة، وبالتالي فهي لا تمتلك رؤية ولا أي استراتيجية وطنية لإخراج اليمن من أزماته المختلفة، وإنقاذ ما تبقّى من الشعب من خطر المجاعة التي تفتك اليوم بغالبيته العظمى".

 

وبحسب الداعري، فإن "أي حلول اقتصادية حقيقية لأزمات اليمن المختلفة، ليست مرتبطة بتغيير رئيس الوزراء أو مجموعة من وزراء حكومته غير المتجانسة، بسبب رفض أغلبية الوزراء استمرار العمل تحت رئاسة بن مبارك"، معتبراً أن "كل الحلول والمعالجات تبدأ بتغيير شامل للحكومة واستبدالها بحكومة كفاءات وطنية تكنوقراط من كوادر نزيهة ومجربة، ومنحها الدعم والصلاحيات الكاملة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".


مقالات مشابهة

  • جامعة الدول العربية تدين الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق
  • الحرب والأزمات المعيشية تعيد النقاش حول مصير الحكومة اليمنية
  • احتجاجات وقطع للطرقات في شوارع لحج بسبب تردي الخدمات
  • عبد المحسن سلامة: الأوضاع الاقتصادية للصحفيين غير مرضية وصعبة جدا وهناك تحدٍ كبير
  • حرائق إسرائيل تلتهم 24 ألف دونم وتفجر خلافات داخلية
  • تحول في موقف ترامب تجاه روسيا.. ضغوط داخلية وخطط لعقوبات جديدة
  • الحرب على اليمن تستنزف الترسانة الأمريكية.. الخسائر كبيرة
  • إسرائيل تحصي خسائرها منذ 7 أكتوبر وأكبرها بصفوف النخبة والضباط
  • معهد الأمن القومي الإسرائيلي: لواء جولاني تكبد أكبر الخسائر في حرب غزة
  • “سلامة” يلتقي كوجك لبحث الأوضاع الاقتصادية للصحفيين