تواصل الصحافة العالمية تسليط الضوء على تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإمكانية تحولها إلى حرب إقليمية في ظل ضربات يُعتقد أنها إسرائيلية وأميركية حدثت في المنطقة خلال الأيام الأخيرة.

وفي هذا الإطار تناولت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، السياق الزمني للضربة الأميركية التي استهدفت قياديا في الحشد الشعبي بالعراق، وقالت إنها تأتي في ظل الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما يزيد من خطر نشوب صراع إقليمي أوسع.

كما تأتي الضربة -وفق الصحيفة- بعد يومين من استهداف القيادي البارز في حماس صالح العاروري في لبنان.

أما صحيفة "لوموند" الفرنسية فتحدثت عن معادلة صعبة يواجهها حزب الله اللبناني بعد اغتيال العاروري؛ إذ لا يمكنه إلا أن يرد على ما يعتبره استفزازا من طرف إسرائيل في معقله.

وتضيف الصحيفة "ومن جهة أخرى فإن أي رد قوي يخاطر بجر حزب الله إلى حرب شاملة مع إسرائيل ظل يتحاشاها منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول".

بدورها نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا يُجمل عدة دروس يقول إن إسرائيل يجب أن تستخلصها من هجوم حماس، مشيرا إلى أن الهجوم أثبت أن سياسة الردع غير مجدية.

وأوضح المقال أنه لا يمكن الاعتماد فقط على الأجهزة الاستخباراتية من أجل إنذار مبكر، ولا على الدفاعات متفوقة التكنولوجيا، لافتا إلى أن أكبر خطر على إسرائيل وفق المقال "داخلي"، كما أن قتل المزيد من الفلسطينيين يقوض سمعتها عبر العالم.

من جانبها تطرقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقرير إلى أن المجتمع الإسرائيلي صُدم بمؤسسة الجيش التي تحظى لديه بتقدير كبير باعتبارها قائمة على مجموعة من المبادئ الإنسانية يروج لها باستمرار.

ويذكّر التقرير بحادثة مقتل الأسرى الثلاثة في غزة بنيران الجيش الإسرائيلي، ثم يقول إن الشكوك تتزايد بين الإسرائيليين بشأن قواعد الاشتباك التي يفرضها الجيش بينما تتعزز قناعة جماعات حقوق الإنسان بأن إخفاقات الجيش في هذا الجانب تتركز في أغلب الحالات في تعامله مع الفلسطينيين.

ونصحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في مقال، الإسرائيليين "بتأييد وقف الحرب إذا كانوا يبحثون عن مصلحتهم، إذا لم يكن ذلك من أجل غزة وسكانها".

ويستعرض المقال العديد من تداعيات الحرب على حياة الإسرائيليين اليومية منذ بداية الحرب، منها تعطل الدراسة وزيادة الأعباء الاقتصادية وتراجع الاستثمار وارتفاع معدل الجريمة وحوادث استخدام الأسلحة داخل المجتمع بوتيرة مقلقة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية

في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة. 

ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.

خلافات تُجهض التقدم

كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.

غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.

مطالب جديدة تثير الجدل

المقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.

هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".

غضب إسرائيلي داخلي

ردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.

مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيك

في خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.

لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.

وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات. 

أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلال

وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.

وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي. 

وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.

 وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.

وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.

وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين. 

ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.

طباعة شارك غزة قطاع غزة حماس إسرائيل

مقالات مشابهة

  • هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو فشل في إعادة محتجزينا رغم مرور 600 يوم على الحرب
  • صحيفة: مفاوضات غزة مستمرة وإسرائيل تحافظ على الغموض
  • ضابط سابق بجيش الاحتلال: حماس تساهم إعلاميا بتعميق انقسام الإسرائيليين
  • بالصور: الجيش الإسرائيلي يُعلن بدء تشغيل آلية توزيع المساعدات في رفح
  • إعلام عبري: مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين في أحداث أمنية صعبة بغزة
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي تقتحم مدينة رام الله وتداهم بعض محلات الصرافه فيها
  • عاجل | الجيش الإسرائيلي: اعترضنا قبل قليل صاروخا آخر أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر بالإخلاء لسكان محافظة خان يونس و"بني سهيلا" و"عبسان" و"القرارة" في قطاع غزة
  • صحيفة: إسرائيل ترفض المقترح الجديد لتبادل الأسرى