غزة- في مقابل الوجه القبيح للحرب الإسرائيلية في شهرها الرابع على قطاع غزة، وتداعياتها السلبية على مناحي الحياة كافة، يُظهر فلسطينيون وجها حسنا عبر مبادرات خيرية مجانية تسهم في تخفيف وقع الحرب على الفئات الهشة، خاصة النازحين الذين تركوا منازلهم وممتلكاتهم ويفتقرون لمقومات الحياة الأساسية في الخيام ومراكز الإيواء.

وجد أحمد الشيخ عيد في "التكية" -وهي مبادرة إعداد طعام وتوزيعه بالمجان- وسيلة مناسبة للتعبير عن تضامنه مع مئات آلاف النازحين الذين تكتظ بهم مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر.

ويتخذ الشيخ عيد من مخيم الشابورة للاجئين، المكتظ بسكانه وبالنازحين، مكانا للتكية التي تؤمها يوميا حشود غفيرة من فقراء المخيم والنازحين إليه، للحصول على وجبة تصبرهم على الجوع الشديد الذي يضرب أطنابه على نطاق واسع، بفعل تداعيات العدوان والحصار الإسرائيلي المطبق.

وتشير تقديرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى أن المساعدات الإنسانية التي ترد القطاع لا تسد سوى 5% فقط من احتياجات السكان.

قرابة نصف سكان قطاع غزة أجبرهم العدوان الإسرائيلي على النزوح واللجوء إلى مدينة رفح (الجزيرة) حزن وجوع وعطش

بكلمات تقطر حزنا بسبب الجوع والعطش، عبرت آمنة حمود النازحة من شمال القطاع إلى رفح، عن الحياة البائسة التي تعيشها أسرتها الكبيرة وقد اتخذت لها مكانا في طابور طويل أمام التكية للحصول على كمية قليلة من الطعام تسد بها جوعهم.

وفي خيام النازحين المترامية على امتداد البصر في غرب المدينة، كانت لوحة شمسية لتوليد الطاقة ملاذ النازحين لشحن هواتفهم النقالة وبطاريات صغيرة لتوفير الإضاءة ليلا داخل الخيام.

يقول صاحب هذه المبادرة أسامة يونس -وهو نازح من شمال القطاع- إنه أحضر معه هذه اللوحة الشمسية وكان يدرك قيمتها في ظل أزمتي الكهرباء والوقود، وإنه يشعر بسعادة كبيرة لمساهمته البسيطة في التخفيف عن النازحين من أمثاله.

ومن هؤلاء النازحين حسين بكر -الذي نزح بأسرته من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة- يشيد بمبادرة يونس ويقول إنها وفرت له وللنازحين شحن الهواتف التي تمكنهم -رغم صعوبة الاتصالات- من التواصل والاطمئنان على العائلة والأصدقاء الذين فرقتهم الحرب وأجبرتهم على النزوح في مناطق متفرقة من جنوب القطاع.

وتشير التقديرات المحلية والدولية إلى أنه من بين 2.2 مليون فلسطيني من غزة، أجبرت الحرب الإسرائيلية زهاء 85% منهم على إخلاء منازلهم ومناطق سكنهم، وأن نحو نصف السكان لجؤوا إلى مدينة رفح التي تعاني من انفجار سكاني وانهيار في المرافق والخدمات الحيوية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

شتاء قاس وخيام بالية.. عربي21 ترصد معاناة النازحين في غزة (شاهد)

تفاجأ سعيد الهجين بسيل من المياه يتدفق صوب خيمته التي تأوي عائلته الصغيرة في غرب دير البلح وسط قطاع غزة، ليل الأربعاء/ الخميس، لينتفض مفزوعا من نومه محاولا إنقاذ أطفاله الثلاثة وزوجته، مع بدء تسلل الماء إلى عمق الخيمة التي لم تقو على مواجهة الظروف المناخية الصعبة التي يعيشها القطاع في هذه الساعات.

لم يكن الهجين يغُط في نوم عميق حين داهمت خيمته السيول، فلقد نام وعائلته نوما متقطعا فاتحا عينا ومغمضا الأخرى، على وقع موجة البرد والأمطار الغزيرة، وتوقعاته بغرق خيمته المهترئة، والتي لا تقى بردا ولا تحجب أمطارا. وفق ما قاله في شهادة لـ"عربي21" متحدثا عن ليلة قاسية مليئة بالمعاناة والحزن.


يشعر الهجين بأنه محظوظ، بعد أن تمكن من إنقاذ الفراش والأغطية المتواضعة من أن تداهمها مياه الأمطار الغزية التي هطلت، لكنه يشعر بالحزن أيضا على غرق خيام جيرانه في المخيم بما فيها من أغطيه وفراش وطعام، وسط صعوبة بالغة في جهود الإنقاذ والإغاثة من قبل الطواقم المحلية التي تغطي إمكانياتها المتواضعة، حجم الكارثة الهائل.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
أما حسن إسماعيل فلقد كانت الأوضاع أكثر سوءا عنده، إذ إن الأمطار التي تجمعت من الأودية الصغيرة والمسارب التي صنعتها في الأرض الطينية الزراعية غرب النصيرات، وسط القطاع، حيث يضع رحاله في رحلة نزوحه الطويلة، أحالت خيمته القماشية إلى أثر بعد عين، حيث جرفتها المياه بما كان يسندها من أخشاب ودعامات، ليترك وحيدا في العراء، بلا خيمة أو مأوى.

يقول إسماعيل في شهادة لـ"عربي21" إن لم ينم طوال ليل أمس على وقع هطول الأمطار الغزيرة وتوقعه غرق خيمته، التي تأويه مع زوجته وأمه وأخيه الصغير، والتي تقع في منطقة منخفضة نسيبا بمنطقة السوارحة، ضمن مخيم يضم عددا متواضعا من الخيام.

يضيف: "مع اشتداد هطول الأمطار بدأت المياه تتسرب إلى الخيمة من عدة دروب وأماكن، وتتجمع في الخيمة والمناطق المحيطة، ما دفع بي إلى إلى إخراج العائلة نحو منطقة مرتفعة خشية أن تجرفهم السيول، وما هي إلا دقائق حتى جرف السيل الخيمة، فيما تجمعت بركة مياه كبيرة في أرضية المخيم الصغير الذي يحتوي على 8 خيام غرقت جميعها وتشرد من فيها من نازحين".

وقضت عشرات آلاف العائلات في مخيمات النزوح، المتناثرة في قطاع غزة، ليلتها في العراء تحت المطر بسبب السيول والأمطار الغزيرة التي تضرب المنطقة.


ويعاني النازحون من اهتراء الخيام بعد مرور عامين من استخدامها أو قلة عددها بسبب قيود الاحتلال على دخولها، وتعج محافظة وسط قطاع غزة (مدينة دير البلح ومخيمات النصيرات والبريج والنصيرات والمغازي وقريتي المصدر والزوايدة)، بآلاف الأسر النازحة التي تقطن خياما مهترئة.

كما يتمركز سكان مدينة رفح، المدمرة بشكل كامل، وسكان مدينة خانيونس، المدمر غالبيتها، في منطقة المواصي الزراعية التي جرفت السيول أجزاء منها.

وجرفت السيول مخيمين للنزوح في منطقة "البصة" و"البركة" في مدينة دير البلح ومخيم آخر في النصيرات وتجمعات لخيام النازحين في منطقة المواصي غرب خانيونس . وفق تقرير لـ"وفا". 



وخلال العدوان المستمر على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 نزح حوالي 2 مليون مواطن في قطاع غزة ليقطنوا في خيام أو أماكن مستأجرة سواء بيوت أو مزارع دجاج أو دفيئات زراعية. وتقول مصادر محلية إن زهاء 300 ألف عائلة تقطن في خيام.

وتمنع قوات الاحتلال عشرات آلاف العائلات من العودة إلى بيوتها وراء ما يعرف بـ"الخط الأصفر" بل وتواصل تدميرها رغم اتفاق وقف إطلاق النار.

ولا يشكل المنخفض الجوي خطرا على النازحين في الخيام فقط، بل أيضا على عشرات آلاف الأسر التي تقطن في بيوت متضررة وآيلة للانهيار بسبب القصف الإسرائيلي خلال العدوان.


ففي حي النصر غرب مدينة غزة بدأ بيت، يعود لعائلة البغدادي، في التصدع بفعل تبلل الأرض وغمارة السيول ففر منه قاطنوه قبل أن ينهار، وفقا لمصادر في الدفاع المدني.

وبرغم التوصل لوقف إطلاق نار يعيش سكان القطاع (2,3 مليون نسمة) أوضاعا إنسانية قاسية سواء على صعيد الأمن أو السكن أو الغذاء.

وتقول الأمم المتحدة في تقرير لها الشهر الماضي إن أكثر من مليوني فلسطيني "مكتظون الآن في أقل من نصف مساحة القطاع، بينما يفتقر معظم النازحين إلى مواد الإيواء الكافية لحمايتهم من الأمطار والرياح".

مقالات مشابهة

  • «الهجرة الدولية»: الأمطار تعرض النازحين للخطر
  • «أونروا»: 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة على أبواب غزة والشتاء يفاقم معاناة النازحين
  • منظمة أممية تحذر من غرق خيام مئات آلاف النازحين بغزة
  • فيديو - مآسي القطاع تتواصل.. أمطار غزيرة تجتاح شوارع غزة وتقتلع خيام النازحين
  • المنخفض الجوي يعمِّق مأساة النازحين في غزة.. وآلاف العائلات بلا مأوى
  • تفاقم معاناة النازحين في غزة جراء اشتداد المنخفض الجوي
  • شتاء قاس وخيام بالية.. عربي21 ترصد معاناة النازحين في غزة (شاهد)
  • بين القصف والمنخفضات الجوية.. نازحو غزة يواجهون الموت داخل الخيام
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • الأمطار تغمر مخيمات النزوح في غزة وتزيد معاناة النازحين