هل يكون جو بايدن «جيمي كارتر الجديد» حقا؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
بات من الرائج المألوف في الآونة الأخيرة مقارنة الرئيس الأمريكي جو بايدن في عام 2023 بجيمي كارتر في عام 1979. فكما قضت أحداث 1979 على آمال كارتر في إعادة انتخابه في العام التالي، يُـقال إن التطورات في 2023 أحبطت فعليا محاولة بايدن الفوز بولاية رئاسية ثانية في نوفمبر.
الأمر الأشد وضوحا هو أن كلا من كارتر وبايدن واجه مشكلة تضخم مثبطة للعزيمة.
ثانياً، أطلق بايدن، مثل كارتر من قبله، يد الاحتياطي الفيدرالي في التصدي للمشكلة. اختار كارتر بول فولكر لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكان اختياره قائما إلى حد كبير على مؤهلات فولكر في مكافحة التضخم، مع علمه الكامل بأن رئيس المجلس الجديد سيرفع أسعار الفائدة. وعلى الرغم من تحذيرات مستشاره السياسي، بيرت لانس، من أن تعيين فولكر من شأنه أن يقضي على فرص إعادة انتخاب الرئيس، سمح كارتر لفولكر آنذاك بمواصلة أعماله. كان نهج عدم التدخل الذي تبناه كارتر خلال الفترة التي سبقت الانتخابات مختلفا تماما عن النهج الذي اتبعه بعض سابقيه، وخاصة ريتشارد نيكسون قبل انتخابات 1972.
بالمثل، سمح بايدن للاحتياطي الفيدرالي بقيادة جيروم باول بتعديل أسعار الفائدة حسب ما يراه مناسبا، متجاهلا صرخات الألم من مشتري المنازل وغيرهم. ومرة أخرى، كان امتناع بايدن عن انتقاد الاحتياطي الفيدرالي متعارضا تماما مع الموقف الذي اتخذه سلفه دونالد ترمب. ثم هناك المشكلات التي واجهت الرئيسين على جبهة السياسة الخارجية في عموم الأمر، وفيما يتعلق بإيران بشكل خاص. في نوفمبر 1979، اقتحم متظاهرون من الـطُـلّاب السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا 66 أمريكيا رهائن. بعد ذلك بفترة وجيزة، عاد آية الله روح الله الخميني من منفاه في باريس، وكان وصفه للولايات المتحدة بأنها «الشيطان الأكبر» مصدر إلهام لخطاب الحكومة الإيرانية وسياساتها منذ ذلك الحين. أُطـلِق سراح الرهائن بعد دقائق من تنصيب رونالد ريجان في يناير من عام 1981. وتحول فشل المحاولة التي أقرها كارتر لإنقاذهم في أبريل من العام السابق إلى جرح سياسي مفتوح في الفترة التي سبقت الانتخابات ورمز لسياسة خارجية فاشلة.
اليوم، يتعين على إدارة بايدن على نحو مماثل أن تتعامل مع استفزازات إيران في سوريا ولبنان، ربما يكون معظم الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة إسرائيليين، إلى جانب عدد أقل من الأمريكيين من مزدوجي الجنسية. لكن عجز إدارة بايدن عن تدبير وقف إطلاق نار ممتد أو المساعدة في تحرير الأسرى يخلق شعورا مماثلا بالعجز.
من ناحية أخرى، يعمل فشل القوات الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة في اكتساب أي مساحة تُـذكَـر من الأرض ضد خصومها الروس في هجومها الصيفي عام 2023، وفشل العقوبات الأمريكية في ردع العدوان من قِـبَـل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، على تعظيم الشعور بأن السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت في حالة من الفوضى. تُرجِم كل هذا إلى معدلات تأييد بائسة لبايدن، أسوأ حتى من تلك التي نالها كارتر في عام 1979.
وعلى هذا فإن المقارنة ستكون موحية حتى لو لم نُـذَكَّـر للتو بأن لا أحد غير بايدن الشاب، الذي كان آنذاك عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي، أعرب عن شكوكه أثناء الفترة التي سبقت انتخابات 1980 في أن يعود سعي كارتر للحصول على ولاية ثانية بالفائدة على شاغل المنصب أو الحزب الديمقراطي. ولكن بالإضافة إلى أوجه التشابه، لا يخلو الأمر من اختلاف مهم أيضا بين بايدن وكارتر، وتحديدا في موقفهما السياسي. فقد ساور كارتر القلق إزاء حالة الأمريكيين العقلية الـجَـزِعة وآفاق البلاد في المستقبل. في يوليو 1979، ألقى ما أصبح يعرف بمسمى «خطاب الضائقة». استنكر كارتر أزمة الثقة بين الأمريكيين وأعرب عن أسفه إزاء «الشكوك المتنامية حول معنى حياتنا» و«خسارة وحدة الغرض في أمتنا».
وتابع قائلا إن الأمريكيين بدأوا يفقدون الثقة «ليس فقط في الحكومة ذاتها، بل في قدرتهم كمواطنين على العمل كحكام نهائيين على ديمقراطيتنا وصناع لها». هل يبدو هذا مألوفا؟ في الواقع، لم يكن الخطاب سلبيا بالكامل. ولكن جرى تصويره على ذلك النحو، وخاصة من قِبَل ريجان، الذي قَـدَّمَ نفسه على أنه «محارب سعيد»، مؤكدا في ختام خطابه عشية الانتخابات: «لا أجد أي ضائقة وطنية». كان رهانا رابحا على رسالة متفائلة.
في الأيام القاتمة خلال الفترة 1979-1980، فَـضَّـل الناخبون الأمريكيون ثقة ريجان المتفائلة على تأملات كارتر الكالحة. الآن، بالطبع، نجد أن شاغل المنصب، بايدن، هو المتفائل، الذي يصر على أن أمريكا تسلك المسار الصحيح، في حين يَـدَّعي المنافس المحتمل، ترامب، أن أمريكا تعاني من ضائقة عميقة الجذور، ويرغب بشدة في الانتقام، ويرى التهديدات عند كل منعطف. الواقع أن التاريخ يشير إلى أن الناخبين الأمريكيين يفضلون التفاؤل. لكنه يشير أيضا إلى أنهم ذاخرون بالمفاجآت.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی نوفمبر فی عام
إقرأ أيضاً:
ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب -أمس الجمعة- إنه من الجيد أن حركة حماس قالت إنها ردت "بروح إيجابية" على مقترح وقف إطلاق النار في غزة.
وكان ترامب يتحدث للصحفيين على متن طائرة الرئاسة بعد مغادرة قاعدة أندروز المشتركة في ميريلاند في طريقه إلى بيدمينستر في نيوجيرسي.
وأشار إلى أنه قد يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع، لكنه لم يطلع على الوضع الحالي للمفاوضات ولم يتلق إفادة بشأنه بعد.
وأضاف ترامب "يتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة ونحن نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات" دون أن يوضح المقصود بكلامه هذا.
وكانت حماس قالت -في وقت سابق من مساء أمس- إنها سلمت ردها "للإخوة الوسطاء الذي اتسم بالإيجابية، وجاهزون بجدية للدخول فورا في مفاوضات آلية التنفيذ".
وأوضحت أنها أكملت مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية "لوقف العدوان على شعبنا، وسلمنا الرد بناء على ذلك".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس أن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) من المقرر أن يناقش اليوم ملف الأسرى والوضع في غزة، مشيرة إلى أن اجتماعه مساء الخميس شهد توترا وصل حد الصراخ بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– ورئيس الأركان إيال زامير.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر إسرائيلي أمس أن التوجه بشأن اتفاق محتمل في غزة هو أن يعلن نتنياهو والرئيس الأميركي معا عن الصفقة خلال لقائهما في واشنطن الاثنين المقبل.
وفي وقت لاحق أمس، نقلت القناة 12 الإسرائيلية -عن أحد المصادر- أن إسرائيل تلقت رد حركة حماس من الوسطاء وتدرس تفاصيله.
وقالت القناة الإسرائيلية -نقلا عن هذا المصدر- إنه في ضوء رد حماس يتوقع أن يغادر وفد إسرائيلي إلى الدوحة لإجراء مفاوضات حول شروط الاتفاق، حيث من المتوقع أن تبدأ محادثات غير مباشرة بين الطرفين.
إعلانوأضاف المصدر ذاته -بحسب القناة الإسرائيلية- أن المفاوضات قد لا تستغرق أكثر من يوم ونصف اليوم.