لجريدة عمان:
2025-05-18@10:41:56 GMT

هل يكون جو بايدن «جيمي كارتر الجديد» حقا؟

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

بات من الرائج المألوف في الآونة الأخيرة مقارنة الرئيس الأمريكي جو بايدن في عام 2023 بجيمي كارتر في عام 1979. فكما قضت أحداث 1979 على آمال كارتر في إعادة انتخابه في العام التالي، يُـقال إن التطورات في 2023 أحبطت فعليا محاولة بايدن الفوز بولاية رئاسية ثانية في نوفمبر.

الأمر الأشد وضوحا هو أن كلا من كارتر وبايدن واجه مشكلة تضخم مثبطة للعزيمة.

لكن التضخم في عهد كارتر كان أسوأ كثيرا: ففي نوفمبر 1979، قبل عام من الانتخابات، كان معدل تضخم أسعار المستهلك في الولايات المتحدة عند مستوى 12.6%. في المقابل، في الأشهر الاثني عشر المنتهية في نوفمبر 2023، كان تضخم أسعار المستهلك متواضعا عند مستوى 3.1%. لكن التضخم يظل يشكل لبايدن عائقا سياسيا، حتى وإن كنا تجاوزنا هذه الظاهرة إلى حد كبير الآن.

ثانياً، أطلق بايدن، مثل كارتر من قبله، يد الاحتياطي الفيدرالي في التصدي للمشكلة. اختار كارتر بول فولكر لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكان اختياره قائما إلى حد كبير على مؤهلات فولكر في مكافحة التضخم، مع علمه الكامل بأن رئيس المجلس الجديد سيرفع أسعار الفائدة. وعلى الرغم من تحذيرات مستشاره السياسي، بيرت لانس، من أن تعيين فولكر من شأنه أن يقضي على فرص إعادة انتخاب الرئيس، سمح كارتر لفولكر آنذاك بمواصلة أعماله. كان نهج عدم التدخل الذي تبناه كارتر خلال الفترة التي سبقت الانتخابات مختلفا تماما عن النهج الذي اتبعه بعض سابقيه، وخاصة ريتشارد نيكسون قبل انتخابات 1972.

بالمثل، سمح بايدن للاحتياطي الفيدرالي بقيادة جيروم باول بتعديل أسعار الفائدة حسب ما يراه مناسبا، متجاهلا صرخات الألم من مشتري المنازل وغيرهم. ومرة أخرى، كان امتناع بايدن عن انتقاد الاحتياطي الفيدرالي متعارضا تماما مع الموقف الذي اتخذه سلفه دونالد ترمب. ثم هناك المشكلات التي واجهت الرئيسين على جبهة السياسة الخارجية في عموم الأمر، وفيما يتعلق بإيران بشكل خاص. في نوفمبر 1979، اقتحم متظاهرون من الـطُـلّاب السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا 66 أمريكيا رهائن. بعد ذلك بفترة وجيزة، عاد آية الله روح الله الخميني من منفاه في باريس، وكان وصفه للولايات المتحدة بأنها «الشيطان الأكبر» مصدر إلهام لخطاب الحكومة الإيرانية وسياساتها منذ ذلك الحين. أُطـلِق سراح الرهائن بعد دقائق من تنصيب رونالد ريجان في يناير من عام 1981. وتحول فشل المحاولة التي أقرها كارتر لإنقاذهم في أبريل من العام السابق إلى جرح سياسي مفتوح في الفترة التي سبقت الانتخابات ورمز لسياسة خارجية فاشلة.

اليوم، يتعين على إدارة بايدن على نحو مماثل أن تتعامل مع استفزازات إيران في سوريا ولبنان، ربما يكون معظم الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة إسرائيليين، إلى جانب عدد أقل من الأمريكيين من مزدوجي الجنسية. لكن عجز إدارة بايدن عن تدبير وقف إطلاق نار ممتد أو المساعدة في تحرير الأسرى يخلق شعورا مماثلا بالعجز.

من ناحية أخرى، يعمل فشل القوات الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة في اكتساب أي مساحة تُـذكَـر من الأرض ضد خصومها الروس في هجومها الصيفي عام 2023، وفشل العقوبات الأمريكية في ردع العدوان من قِـبَـل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، على تعظيم الشعور بأن السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت في حالة من الفوضى. تُرجِم كل هذا إلى معدلات تأييد بائسة لبايدن، أسوأ حتى من تلك التي نالها كارتر في عام 1979.

وعلى هذا فإن المقارنة ستكون موحية حتى لو لم نُـذَكَّـر للتو بأن لا أحد غير بايدن الشاب، الذي كان آنذاك عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي، أعرب عن شكوكه أثناء الفترة التي سبقت انتخابات 1980 في أن يعود سعي كارتر للحصول على ولاية ثانية بالفائدة على شاغل المنصب أو الحزب الديمقراطي. ولكن بالإضافة إلى أوجه التشابه، لا يخلو الأمر من اختلاف مهم أيضا بين بايدن وكارتر، وتحديدا في موقفهما السياسي. فقد ساور كارتر القلق إزاء حالة الأمريكيين العقلية الـجَـزِعة وآفاق البلاد في المستقبل. في يوليو 1979، ألقى ما أصبح يعرف بمسمى «خطاب الضائقة». استنكر كارتر أزمة الثقة بين الأمريكيين وأعرب عن أسفه إزاء «الشكوك المتنامية حول معنى حياتنا» و«خسارة وحدة الغرض في أمتنا».

وتابع قائلا إن الأمريكيين بدأوا يفقدون الثقة «ليس فقط في الحكومة ذاتها، بل في قدرتهم كمواطنين على العمل كحكام نهائيين على ديمقراطيتنا وصناع لها». هل يبدو هذا مألوفا؟ في الواقع، لم يكن الخطاب سلبيا بالكامل. ولكن جرى تصويره على ذلك النحو، وخاصة من قِبَل ريجان، الذي قَـدَّمَ نفسه على أنه «محارب سعيد»، مؤكدا في ختام خطابه عشية الانتخابات: «لا أجد أي ضائقة وطنية». كان رهانا رابحا على رسالة متفائلة.

في الأيام القاتمة خلال الفترة 1979-1980، فَـضَّـل الناخبون الأمريكيون ثقة ريجان المتفائلة على تأملات كارتر الكالحة. الآن، بالطبع، نجد أن شاغل المنصب، بايدن، هو المتفائل، الذي يصر على أن أمريكا تسلك المسار الصحيح، في حين يَـدَّعي المنافس المحتمل، ترامب، أن أمريكا تعاني من ضائقة عميقة الجذور، ويرغب بشدة في الانتقام، ويرى التهديدات عند كل منعطف. الواقع أن التاريخ يشير إلى أن الناخبين الأمريكيين يفضلون التفاؤل. لكنه يشير أيضا إلى أنهم ذاخرون بالمفاجآت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی نوفمبر فی عام

إقرأ أيضاً:

لقاء الرياض لن يكون بديلا” عن قمة بغداد

مايو 15, 2025آخر تحديث: مايو 15, 2025

محمد حنون

في ظل تصاعد التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه المنطقة، عُقد “مؤتمر الرياض للتكامل الإقليمي” بمشاركة عدد من الدول العربية والغربية، لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي. ورغم أهمية المؤتمر وما أثاره من تفاعل واسع، ظهرت بعض التساؤلات حول ما إذا كان مؤتمر الرياض محاولة لاستبدال “قمة بغداد” التي نُظّمت سابقًا لتعزيز الحوار والشراكة بين دول الجوار، خصوصًا في ظل غياب بعض الأطراف عن مؤتمر الرياض وحضور أطراف دولية مختلفة.

لكن من الضروري التأكيد أن مؤتمر الرياض لا يمثل بديلاً لقمة بغداد، بل يُفهم في سياق إقليمي مكمّل يعكس تنوّع المبادرات والمسارات السياسية في المنطقة. فالمنظور الواقعي يشير إلى أن القمم والمؤتمرات ليست منافسة بقدر ما هي أدوات متعددة تستهدف بناء الاستقرار وتحقيق مصالح مشتركة، سواء على مستوى الأمن أو الاقتصاد أو العلاقات الدبلوماسية.

قمة بغداد، التي عقدت في دورتها الأولى عام 2021، جاءت كمبادرة عراقية لإعادة تأكيد دور العراق كلاعب محوري في محيطه الإقليمي، ولعبت دورًا مهمًا في جمع الفرقاء على طاولة واحدة، بمن فيهم دول تختلف مواقفها في ملفات إقليمية حساسة. وقد حظيت هذه القمة بدعم أوروبي، خاصة من فرنسا، واعتُبرت علامة فارقة في الدبلوماسية العراقية الجديدة.

أما مؤتمر الرياض، فتركّز أكثر على الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، مع حضور خليجي لافت ومشاركة دولية مثل الولايات المتحدة والصين. لذا، يختلف في أهدافه وتركيبته عن قمة بغداد، ما يجعله أقرب إلى مؤتمر تنسيقي اقتصادي – سياسي، بدلاً من كونه منصة حوار سياسي أمني بحت.

في الختام، فإن تعدد المؤتمرات يعكس تنامي الوعي الإقليمي بأهمية التعاون والتكامل، ولا يُفترض النظر إلى مؤتمر الرياض كبديل عن قمة بغداد، بل كجزء من مشهد سياسي متعدد الأبعاد، يحتاج إلى تكامل المبادرات لا تناقضها، خدمةً لاستقرار المنطقة ومصالح شعوبها.

نجاح العراق في اقامة هذه القمة يأتي متناغما” مع جهود الحكومة في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة ليكون الوسيط المقبول في احتواء الازمات العربية وتوحيد جهود دولها  في بناء تكتل اقتصادي كبير ينسجم مع الموارد التي تمتلكها وحسنا” فعل السيد السوداني عندما ادار ظهره لكل الضغوط المحلية التي تنطلق من الاطار الضيق متجها” الى صوب المشاريع الكبرى التي تضع العراق في مقدمة الدول التي تقود المشاريع السياسية ولايبقى ذيلا” للخاسرين.

مقالات مشابهة

  • ترامب ينشر فيديو يوضح الفرق بين استقباله واستقبال بايدن في المملكة.. فيديو
  • خليجيون وأوروبيون.. هل يكون صيف لبنان 2025 شبيها بصيف 2010؟
  • أمريكا توشك على نشر تسجيل يظهر صعوبات بايدن في تذكر الأحداث المهمة
  • هاتف iPhone 17 Pro قد يكون الخيار الأفضل مع تغييرات مرتقبة في التصميم والأداء
  • المشهداني:لن يكون هناك سلاح منفلت بعد الآن
  • صوت خافت وذاكرة تائهة.. ترامب يلاحق بايدن بـ"تسجيل صوتي"
  • تسجيلات ووثائق صادمة.. بايدن فاقد للذاكرة (فيديو)
  • متى يكون تساقط الشعر دليلا على الإصابة بعدوى جنسية خطيرة؟
  • ترامب ينتقد مصافحة بايدن بقبضة يد في السعودية: هم يريدون المصافحة الحقيقية'
  • لقاء الرياض لن يكون بديلا” عن قمة بغداد