الحرة:
2025-07-03@08:36:57 GMT

هل ينفجر التوتر الأميركي الإيراني في البحر الأحمر؟

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

هل ينفجر التوتر الأميركي الإيراني في البحر الأحمر؟

بعد إرسال إيران سفينة حربية ومدمرة إلى المنطقة لدعم الحوثيين، هل يتحوّل التوتر في البحر الأحمر إلى مواجهة أميركية إيرانية مباشرة؟.

وهل تؤدي الردود الأميركية المنضبطة إلى استعادة الردع في البحر الأحمر؟

برنامج "عاصمة القرار" على قناة الحرة بحث احتمالات حدوث صدام بين الولايات المتحدة وإيران في البحر الأحمر، مع ضيوفه: بول بيلار، مساعد مدير"وكالة الاستخبارات المركزية" الأميركية سابقا، وأستاذ في "جامعة جورج تاون" في واشنطن.

وديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، وكبير باحثين في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى". كما شارك في جزء من الحوار من الرياض الباحث السعودي فواز كاسب العنزي.

"نحذر الحوثيين من استمرار هذه هجمات المقصودة وغير المقبولة"

بعد إدانة مجلس الأمن الدولي ، والعديد من الدول لهجمات الحوثيين ضد السفن التجارية التي تتجول في البحر الأحمر.  صدر تحذير مشترك من حكومات الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وبلجيكا وكندا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا وسنغافورة والمملكة المتحدة. يقول البيان:" نحذر الحوثيين من استمرار هذه هجمات المقصودة والغير مقبولة وغير القانونية والمزعجة للغاية. إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية تشكل تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة التي هي أساس التجارة العالمية.  بوضوح تام: ندعو إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات غير القانونية، وإطلاق سراح السفن والطواقم المحتجزة بشكل غير قانوني. سيتحمل الحوثيون مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي، وتدفق التجارة الحرة في المجاري المائية الأساسية في المنطقة. ما زلنا ملتزمين بالنظام الدولي القائم على القواعد ونحن مصممون على محاسبة الجهات الفاعلة الخبيثة على الهجمات غير القانونية".

إلى ذلك، يضيف جون كيربي، منسق التواصل الاستراتيجي في مجلس الأمن القومي الأميركي:" لم تتسبب الولايات المتحدة في التصعيد في البحر الأحمر. ليست الولايات المتحدة هي من هاجم السفن التجارية. الحوثيون قاموا بذلك. من يدعم الحوثيين؟ إنها إيران. إيران وفرت الصواريخ التي يستعملها الحوثيون. نحن فقط في وضعية دفاع لمحاولة حماية السفن التجارية". 

وفي الكونغرس إدانة واسعة لهجمات الحوثيين على القوات الأميركية وعلى سفن الشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر. لكن إدانة الحوثيين ترافقت مع انتقاد حمهوري لسياسة الرئيس بايدن تجاه إيران. تقول النائبة الجمهورية كلوديا تيني:" لقد سمحت إدارة بايدن بحصول ما يقع. أحد أول قرارات الرئيس بايدن كان إلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية. لم يساهم ذلك سوى في تقوية إيران. لا وجود للحوثيين لولا إيران التي تقدم لهم المال والأسلحة لترهيب السعوديين، والسفن في البحر الأحمر، حيث الكثير من النفط وموارد الطاقة التي تمر من هناك. لا أعتقد أن رد إدارة بايدن سيردع الحوثيين،  ما دام هناك تخفيف للعقوبات يسمح لإيران بالحصول على أموال لمواصلة تمويل وكلائها في الشرق الأوسط ".

يعتقد بول بيلار أنه ينبغي على إدارة بايدن "تجنب تصعيد الصراع، خاصة مع إرتفاع نسبة التوتر في البحر الأحمر، ووجود قوات متعددة في المنطقة، مما يجعل الخطر أشد، وامكانيات إندلاع صراع وتوسعه أكبر، لا سيما أن الحوثيين محفزين بما يجري في غزّة".

يوافق ديفيد شنكر على مسألة تجنب تصعيد الصراع. ويقول إن "الحوثيين يتحججون بما يجري في غزة لكن استفزازاتهم تعود لما قبل أحداث غزة، ومنها استهداف السعودية وسواها قبل حرب غزة؛ الحوثيون جماعة إيديولوجية مسلحة ومدعومة من إيران". 

الحوثيون يهددون الاقتصاد العالمي!

تجبر التوترات المستمرة في البحر الأحمر العديد من سفن الشحن على تجنب الممر الرئيسي الذي يقلل أوقات النقل بين آسيا وأوروبا، وهذا يعني قطع مئات الأميال الإضافية، وتكاليف أعلى، في البحث عن مياه أكثر أمانًا، بعيدًا عن الضربات الصاروخية التي يشنها المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن. 

منذ أواخر ديسمبر المنصرم، ارتفعت حركة المرور حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، وفي الوقت نفسه، انخفضت أحجام عبور قناة السويس بنسبة 28٪ عن العام السابق.

إن تجنب المرور في البحر الأحمر يعني التخلي عن أحد طرق الشحن العالمية الأكثر شيوعًا من آسيا إلى أوروبا.والواقع أن 40% من التجارة بين آسيا وأوروبا تمر عادة عبر البحرالأحمر. لقد اختارت أكثر من مائة وخمسين سفينة تجارية المسار الأطول حول القرن الأفريقي منذ نوفمبر المنصرم. وهو ما قد يكلف مليون دولار إضافية ذهابًا وإيابًا كتكاليف وقود إضافية على كل سفينة. ومن ناحية أخرى، ارتفعت أقساط التأمين على السفن التي تستخدم البحر الأحمر إلى ما يقرب من عشرة أضعاف منذ بدء الهجمات الحوثية. 

إعادة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية 

وفي واشنطن نقاش واسع حول إعادة إدراج الحوثيين على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. بعدما رفع الرئيس بايدن أسم هذه الجماعة عن القائمة في الأيام الأولى لرئاسته. 

تدعو شامة مشتالي وإيتان شارنوف في مقالهما المشترك في موقع ذي هيّل بأنه ينبغي على أميركا أن تضع الحوثيين مجددا على قائمة الجماعات الإرهابية. يعرض الكاتبان للأسباب التي يجب أن تدفع واشنطن لإعادة وضع الحوثيين على قائمة الإرهاب، ومن بينها اختطاف أميركيين واغتصاب نساء، واضطهاد الأقليات ، وتجويع المدنيين، وعرقلة مرور المساعدات الإنسانية.

ويضيف الكاتبان أنه يمكن للحوثيين المدعومين من إيران تهديد مصالح أميركا في المنطقة لأن الجماعة، بعد ثمان سنوات من خوض حرب ناجحة ضد السعودية، صارت ترى في نفسها لاعبا إقليميا مهما، محاولةً استغلال مشاعر التعاطف مع الفلسطينيين لتوسيع دائرة نفوذها داخل اليمن وخارجه. ويختمان بأنه بعد اطلاق عملية حارس الرخاء، يجب على الولايات المتحدة إعادة تصنيف الحوثيين كمجموعة إرهابية. وأن عدم القيام بذلك يعني أن واشنطن أن لا تزال لا تعرف التداعيات العالمية أو حتى الإقليمية للتهديد الحوثي.

يعتقد ديفيد شنكر أن "الحوثيين إستوفوا شروط التصنيف كمنظمة إرهابية حين أضفناهم إلى تلك القائمة، وعلينا الآن أن لا نتعامل معهم كحكومة شرعية، لانهم ليسوا كذلك". بالمقابل، يعتقد بول بيلار أن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية "قد يعقد الأمور، لأنهم حكومة أمر واقع تسيطر على مناطق في اليمن". ويقول الباحث السعودي فواز كاسب العنزي إن "التعامل مع الحوثيين كحكومة شرعية هو خطأ كبير، لأن الحوثيين هم جماعة إرهابية مدعومة من إيران، وكل تصرفات هذه الجماعة تؤكد هويتها، وكان يجب على الولايات المتحدة التعامل مع استفزازات الحوثيين بحزم منذ البداية".

لكن، ما فائدة إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية؟ لا سيما أن إدارة الرئيس بايدن تقول إن اليمنيين استفادوا من قرار إزالة اسم الحوثيين عن قائمة المنظمات الإرهابية. 

ضرب الحوثيين وإيران لاستعادة الردع؟ 

هل تحصل مواجهة أميركية إيرانية مباشرة في البحر الأحمر بعد إرسال إيران لسفينة حربية ومدمرة إلى المنطقة لدعم الحوثيين؟. وماذا يعني ذلك لاستقرار المنطقة والعالم؟

الأدميرال الأميركي المتقاعد، جيمس ستافريديس يقول إنه: "يجب ضرب الحوثيين وإيران في مكان موجع". ويتابع  في مقاله على موقع بلومبرغ: إن الحوثيين، على عكس القراصنة الصوماليين، يستفيدون من التمويل والتدريب الإيراني، فضلا عن امتلاك مروحيات وصواريخ ودعم استخباراتي لتحديد الأهداف التي تتم مهاجمتها. ويرى الكاتب أن إرسال إيران لسفينة حربية يعني أن طهران والحوثيين لم يتعظا من رسائل الردع التي تحاول واشنطن إرسالها.

ويدعو الكاتب إدارة بايدن إلى توجيه ضربات لمواقع الحوثيين في اليمن مثل مخازن الأسلحة والتدريب والقيادة. وإن لم يرتدع الحوثيون ومعلميهم في إيران. فما على الولايات المتحدة إلا ضرب مواقع البحرية الإيرانية. ثم استهداف السفن الحربية الإيرانية كخطوة أخيرة - بما يتناسب مع الهجمات التي يشنها الحوثيون على سفننا البحرية. لقد فعلنا ذلك أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وفهمت إيران الرسالة، وعلينا تكرار الرسالة اليوم.

لكن بعض الباحثين في واشنطن يرفضون لغة الحرب نهائيا.  وأي تورط الولايات المتحدة في إي مواجهة مباشرة مع إيران أو ميليشياتها. غرّد  ماتيو داس، نائب رئيس مركز السياسة الدولية في واشنطن قائلاً: "من أكثر الأفكار رواجاً في واشنطن هي أن تفتح الولايات المتحدة جبهة جديدة ضد الحوثيين، كرد على هجماتهم التي شنها ضد السفن احتجاجا على المجزرة في غزة، بدل توقف واشنطن عن دعم المجزرة في غزة".

يقول السناتور الجمهوري البارز جيم ريش "إن مجرد فرض العقوبات وإسقاط الطائرات بدون طيار لا يشكل ردعاً. يجب على إدارة بايدن فرض تكلفة فعلية على الحوثيين بسبب هجماتهم ضد إسرائيل والشحن البحري".

ويرفض بعض الخبراء في واشنطن ما يسمّونه استرضاء إدارة بايدن لإيران. كتب جون بولتون ، مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق: "إن استراتيجية بايدن لاحتواء إيران تفشل. حتى الآن لم يفعل بايدن ما يكفي لردع الحوثيين وإيران وإنهاء هجومهم في البحر الأحمر. تقوم إيران بتنسيق أحداث مثل هذه كجزء من استراتيجية أكبر. لقد حان الوقت لبايدن للمواجهة إيران".

ويعتقد الباحث الأميركي، ستيفن كوك ، أن الحكمة تقتضي ان نحارب الحوثيين الآن. ويتساءل الكاتب كيف يفلت الحوثيون من تحمل عواقب قرارهم بجعل البحر الأحمر منطقة محظورة على جميع خطوط الشحن باستثناء عدد قليل منها؟. ويُضيف ستيفن كوك أن "الحوثيين – بتشجيع من إيران- يشكلون تهديداً للشحن التجاري العالمي. ومن المذهل أن تسمح إدارة بايدن بحدوث ذلك، لا سيما أن حرية الملاحة هي مصلحة عالمية أساسية للولايات المتحدة. والتصعيد التدريجي الذي يقوم به الحوثيون قد يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد العالمي .

ويختم بأن المعارك الحزبية في واشنطن تمنع اتخاذ سياسة قوية تجاه الحوثيين الذين دمروا اليمن. وبأنه على إدارة بايدن نقل المعركة مباشرة إلى الحوثيين لردعهم كما فعل الرئيس ريغن عام 1987 لحماية الناقلات الكويتية من مضايقات القوات الإيرانية. بالتوازي مع ذلك، أمر الرئيس رونالد ريغان بعدة عمليات عسكرية لتدمير قدرة إيران على تعطيل حرية الملاحة في الخليج. واليوم فإن الامتناع عن القيام بشيء مهم لردع الحوثيين يعني اننا ندمر أنفسنا، برأي ستيفن كوك.

بخصوص الرد الأميركي القوي على إيران وميليشياتها، يقول بول بيلار، إنه على واشنطن "أن لا تُعزز من فرص وقوع حرب شاملة تكون أميركا طرفاً مباشراً فيها. وأنه يتعيين على من يطالبون إدارة بايدن باتخاذ موقف أقوى تحديد ماذا يقصدون بدعوتهم هذه، لان الشعارات شيء والحرب شيء آخر".

ويعتقد ديفيد شنكر أن "الرد الأميركي القوي لا يعني الحرب بالضرورة، فللحوثيين أصول صاروخية وبحرية وغيرها، يمكن استهدافها من دون الوقوع في حرب شاملة لأ أحد يريدها؛ لقد استعملت إدارة ترامب القوة ولم تتابع، فيما إدارة بايدن مترددة في استعمال القوة لإيقاف استفزازات الحوثيين، وغيرهم من الميليشيات التابعة إيران. ولا يمكن لواشنطن السماح باستمرار الوضع القائم، وعلينا تقليص قدرة الحوثيين على الاستمرار في تهديد الاستقرار في باب المندب".

فيما يواصل الحوثيون هجماتهم على السفن في ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر، يبقى السؤال مفتوحاً: كيف سينتهي التوتر في البحر الأحمر؟ بالحرب أم بالاتفاق بين واشنطن وطهران؟.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر السفن التجاریة الحوثیین على الرئیس بایدن إدارة بایدن فی واشنطن من إیران تهدید ا

إقرأ أيضاً:

ما مستقبل الدبلوماسية الأوروبية في الملف النووي الإيراني؟

بروكسل- لم تُحقق الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على منشآت نووية إيرانية، منتصف يونيو/حزيران الماضي، هدفها المعلن بتدمير البرنامج النووي لطهران، رغم شدّتها وتواصلها لأكثر من 10 أيام.

ووفق وثائق استخباراتية أوروبية اطّلعت عليها صحيفة فايننشال تايمز، فإن نحو 408 كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب، المخزَّن في المنشآت الإيرانية، لم تتعرض لأي ضرر يُذكر.

وبينما أعلنت طهران نيتها تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتصاعدت حدة التوترات الإقليمية، يبقى السؤال: هل تملك أوروبا مقاربة خاصة لاحتواء التصعيد؟ وهل ما يزال لها دور يُنظر له أنه مستقل في ملفٍ باتت واشنطن وتل أبيب تديران مفاتيحه؟

صمت أوروبي

من اللحظة الأولى، بدت أوروبا مشلولة أمام التصعيد. فباستثناء وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضربات بأنها "غير قانونية"، التزمت معظم العواصم الأوروبية الصمت بدون موقف موحد أو مسار دبلوماسي جماعي.

يفسر كورت ديبوف، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل، ذلك، قائلا إن "الصمت الأوروبي بعد الضربات يُظهر أولا حالة من الارتباك في معظم العواصم الأوروبية. فهم لا يعرفون ماذا عليهم أن يفكروا: هل إسرائيل على حق؟ هل هي مخطئة؟ ماذا نعرف؟ وماذا لا نعرف؟ هل يجب ألا نكون إلى جانب إيران؟ وماذا ستقول الولايات المتحدة؟ وكل هذا حدث قبل أيام فقط من قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)".

وتابع "أعتقد أن هناك أيضا رغبة في تجنب مواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهذه المسألة". ورغم الانتقادات، لا يرى ديبوف أن هذا الصمت يُغلق الباب بالكامل أمام دبلوماسية أوروبية مستقبلية مع إيران لأنها -برأيه- تدرك أن الاتحاد الأوروبي يلعب، في نهاية المطاف، دورا أكثر ليونة مقارنة بالولايات المتحدة.

وبسؤال إيمانويل دوبوي، رئيس معهد الدراسات المستقبلية والأمن في أوروبا، عمّا إذا كانت واشنطن تتوقع من حلفائها الأوروبيين أن يكونوا أكثر نشاطا دبلوماسيا، أجاب بشكل قاطع "في الواقع، الولايات المتحدة لا تريد من أوروبا أن تكون نشطة بأي شكل من الأشكال من الناحية الدبلوماسية، لأن دبلوماسيتهما لا تسير على نفس المسار. لذلك، لستُ متأكدا من أن موقف الاتحاد في الوقت الراهن واضح أو فعال، لأنه لا يوجد إجماع أوروبي".

إعلان

وحسب دوبوي، تنظر الولايات المتحدة إلى أي تحرك أوروبي كنوع من "محاولة إنقاذ للنظام الإيراني".

وأشار إلى الانقسام الذي ظهر خلال اجتماع المجلس الأوروبي: "كان الأمر أكثر وضوحا في هذا الاجتماع في بروكسل في 26 يونيو/حزيران، خاصة في الخلاف بين المستشار الألماني فريدريش ميرتس وماكرون. ميرتس كان أقرب إلى موقف رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، وموقفهما كان أكثر توافقا مع الخط الأميركي أو موقف إسرائيل، بينما باريس كانت متمسكة بالتزامات واضحة".

فقدان التأثير

حول إمكانية استئناف التفاوض، يرى دوبوي أن الصيغة الوحيدة المتاحة هي العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، ويشرح: "الاتحاد الأوروبي مستعد لدفع هذه المفاوضات ولكن لها صيغة معروفة، وهي "إيه 3″ (مجموعة الدول الأوروبية الثلاث). ومع ذلك، لستُ متأكدا من أن الإيرانيين يرغبون فعلا في استئنافها مع أي طرف، ولا أظن أن إسرائيل ستسمح بذلك، ولستُ متأكدا أن الولايات المتحدة لديها مصلحة حقيقية في استئناف محادثات فيينا أو جنيف".

ويضيف أن واشنطن تفضل التفاوض المباشر مع الإيرانيين عبر قناة سلطنة عُمان، أو حتى من خلال المقترح الذي قدمته ميلوني لعقد لقاء في روما، أو حتى مع الفاتيكان.

أما عن نظرة طهران إلى أوروبا كوسيط، فيرى برتران بادي، أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس، أن أوروبا فقدت كثيرا من تأثيرها بسبب انحيازها لإسرائيل وتماهيها مع الولايات المتحدة. ويقول إن واشنطن تسعى -على العكس- إلى تهميش أوروبا، وقد تلقّت طهران الاصطفاف الأوروبي مع تل أبيب بشكل سلبي مفضلة التعامل مع الصين أو تركيا، و"ربما حتى مع السعودية".

ولا تزال أوروبا -وفقا له- غير قادرة على الانفصال عن إسرائيل، التي تراها إستراتيجيا كنقطة ارتكاز متقدمة لها في الشرق الأوسط رغم تراجع تأييد الرأي العام الأوروبي لها. ويرى أن المأزق الأوروبي ليس تقنيا بل سياسيا، ويتجلى في عجز الاتحاد عن اتخاذ مواقف حازمة وفرض عقوبات على تل أبيب، مثل تعليق اتفاقية الشراكة معها.

عاجل | مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قرارا بعدم امتثال #إيران لالتزاماتها بالضمانات النووية pic.twitter.com/jO3hbBt7rg

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 12, 2025

في موازاة ذلك، تصاعدت الأزمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدما صوت البرلمان الإيراني لصالح قانون يعلّق التعاون معها، مطالبا بضمانات أمنية قبل السماح بأي زيارات للمفتشين. ويحذر الخبراء من أن تعليق التعاون قد يُضعف القدرة الدولية على مراقبة البرنامج النووي الإيراني، ويفتح الباب أمام تصعيد أوسع.

لكن الخبير ديبوف يعتقد أن قدرة أوروبا على التحرك باتت محدودة للغاية وأن أكبر مشكلة واجهها الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي هي أنه وافق بشكل عام على تخصيص نسبة 5% من الإنفاق للدفاع، بناءً على طلب أو تحت ضغط من الولايات المتحدة. وهذا يُظهر -برأيه- أكثر من أي وقت مضى اعتماد أوروبا على واشنطن، وموقعا أضعف لها مقارنة بها، وخوفا واضحا من ترامب وردود فعله.

إعلان

ويختم بالقول "الاتحاد الأوروبي يُنظر إليه بشكل متزايد كناطق باسم الولايات المتحدة، وهو أمر لم يكن بهذه الدرجة في السنوات العشر الأخيرة".

???? وزير الخارجية الإيراني : أي استغلال لآلية "سناب باك" ستكون له عواقب وخيمة

حذر وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي من أن تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات سيؤدي إلى عواقب وخيمة، منها إنهاء دور أوروبا في الاتفاق النووي وتصعيد خطير في التوترات. pic.twitter.com/sTXdIeI401

— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) May 12, 2025

دور الوسيط

ورغم ذلك، لا يُغلق الخبراء الباب تماما. فوفق الأستاذ ديبوف، لم يعد الاتحاد الأوروبي مستقلا، لكنه لا يزال قادرا على لعب دور الوسيط.

بينما يرى دوبوي أن أوروبا قد تستأنف المفاوضات فقط إذا توفرت الإرادة السياسية واستُبعد الخيار العسكري. أما بادي فيعتقد أنها بحاجة إلى مراجعة شاملة لسياستها في الشرق الأوسط، تبدأ من فك الارتباط الرمزي مع إسرائيل، قبل أن تطلب من إيران الاستماع لها.

وفي رده على سؤال للجزيرة نت حول ما إذا كانت واشنطن تتوقع من أوروبا أن تلعب دورا دبلوماسيا أكثر نشاطا، خاصة مع تهديد إيران بوقف التعاون مع الوكالة، قال جيمس روبنز، كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية، والمستشار السابق لوزير الدفاع الأميركي، "نعم، من المحتمل".

وأوضح: "قالت كايا كالاس، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، مؤخرا إن الجميع متفق -على الأقل في أوروبا- على أن إيران لا يجب أن تطوّر سلاحا نوويا. كما ناقشت مسألة تقييد برنامجها الصاروخي و"دعمها للإرهاب". هذه المواقف تتفق مع سياسة واشنطن، وقد يكون من المرحب به أن تلعب أوروبا دورا أكثر حزما في هذا الإطار".

وعن مستقبل الإطار الدبلوماسي الغربي في التعامل مع طهران، قال روبنز إن الأمر متروك لطهران. وترامب استخدم القوة المحدودة لإيقاف تقدم البرنامج النووي الإيراني وإعادة ضبط الشروط الدبلوماسية، على أمل استئناف المفاوضات. لكن إيران ردّت بفتوى تصفه بأنه "عدو لله".

ويرى أنه من مصلحة طهران أن تتفاوض لأنه السبيل الوحيد لتجنب المزيد من الضربات العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية، "وإذا لم تُستأنف المفاوضات في الأسابيع المقبلة، فمن المرجّح أن نشهد ضربات عسكرية متجددة" على حد تقدير روبنز.

مقالات مشابهة

  • البنتاغون تنتقد إدارة بايدن بشأن تزويد أوكرانيا بالأسلحة
  • مجلس الأمن يشدد على حماية الملاحة ويتهم الحوثيين بعرقلة السلام في اليمن
  • تراجع واردات الوقود والغذاء إلى موانئ الحوثيين على البحر الأحمر بأكثر من 15%
  • عاجل. واشنطن تعلّق شحنات أسلحة إلى كييف.. وأوكرانيا تستدعي القائم بالأعمال الأميركي
  • عاجل. أوكرانيا تستدعي القائم بالأعمال الأميركي بعد تعليق واشنطن إرسال أسلحة
  • تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق
  • ما مستقبل الدبلوماسية الأوروبية في الملف النووي الإيراني؟
  • مآلات التفاوض الأميركي الإيراني.. اليد ممدودة و”الأصبع على الزناد”؟
  • هل غرقت في الأعماق؟.. قصة الطفلة مريم التي اختفت وسط البحر في تونس
  • هل يسهم التوجه الأميركي الجديد في تحقيق السلام بالسودان؟