اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الخميس، جميع أطراف النزاع في اليمن، بإرتكاب انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليَّيْن خلال العام 2023، في ظل غياب سبل العدالة للضحايا ومحاسبة الجناة والمتورطين في أعمال الإنتهاكات.

 

جاء ذلك خلال إطلاق منظمة هيومن رايتس ووتش "التقرير العالمي 2024" بنسخته الـ 34، الصادر في 740 صفحة، مشيرة إلى أن الانتهاكات شملت هجماتٍ غير قانونية قتلت مدنيين ومارست حجزا تعسفيا على آخرين بالإضافة إلى مواصلة جماعة الحوثي حصارها لمدينة تعز ثالث كبريات المدن اليمنية.

 

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش: "لم ينفذ المجتمع الدولي التزاماته للشعب اليمني، بينما تستمر أطراف النزاع بانتهاكاتها. وفي ظل عدم المحاسبة عن الانتهاكات التي حصلت خلال السنوات التسع الأخيرة، لن تكون هناك أرضية لسلام دائم".

 

وأوضحت المديرة التنفيذية تيرانا حسن أن الناس في اليمن يعيشون إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يحتاج 21 مليون مقيم إلى المعونة، بينما يعانون من نقص الغذاء، والرعاية الصحية، والبنى التحتية. مع ذلك، عمقت أفعال جميع أطراف النزاع معاناة اليمنيين.

 

وأكدت المنظمة أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات قصف البنى التحتية للغذاء، والمياه، والصحة. بينما فرض الحوثيون على تعز حصارا ينطوي على انتهاكات، ومنعوا دخول المياه إلى شبكة المياه العامة.

 

وأشار التقرير إلى أن الحكومة اليمنية والحوثيين يفرضون قيودا وقواعد غير ضرورية على المنظمات الإنسانية ومشاريع الإغاثة، ما يؤدي إلى تأخيرات طويلة.

 

وتحدث التقرير عن جرائم قتل المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين، متهمة حرس الحدود في القوات السعودية بقتل المئات على الأقل من المهاجرين الإثيوبيين لدى محاولتهم عبور الحدود اليمنية السعودية بين مارس/آذار 2022 ويناير/كانون الثاني 2023.

 

وقال التقرير إن عمليات القتل في الحدود اليمنية السعودية، التي يبدو أنها مستمرة، جزءا من سياسة الحكومة السعودية بقتل المهاجرين، مؤكدا أنها "تشكل جريمة ضد الإنسانية".

 

وأضاف: "توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن حرس الحدود السعوديين استخدموا أسلحة متفجرة لقتل العديد من المهاجرين، وأطلقوا الرصاص من مسافة قريبة على مهاجرين آخرين، بينهم نساء وأطفال، ضمن نمط من الهجمات الواسعة والمنهجية. في بعض الحالات، سأل حرس الحدود المهاجرين في أي طرف يودون تلقي الرصاص، ثم أطلقوا عليهم النار من مسافة قريبة".

 

وبين التقرير أن جميع أطراف النزاع، بمن فيهم جماعة الحوثي، والحكومة اليمنية، والإمارات، والسعودية، ومختلف المجموعات المسلحة المدعومة من السعودية والإمارات قد اعتقلت محتجزين تعسفا، وأخفتهم قسرا، وعذبتهم، وأساءت معاملتهم في جميع أنحاء اليمن.

 

وتطرق التقرير إلى مداهمة جماعة الحوثي منزل في صنعاء حيث كان يجتمع بهائيون يمنيون، واعتقلت 17 شخصا ثم أخفتهم.

 

وأكدت أن النساء اليمنيات "يتعرضن لقيود على حرية التنقل في المناطق تحت سيطرة الحوثيين، والحكومة، والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء.

 

وأشار التقرير إلى أنه "لم تحصل أي محاسبة للانتهاكات التي ارتكبها أطراف النزاع". مؤكدة أنه منذ صوّت "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" بفارق ضئيل على إنهاء ولاية "فريق الخبراء البارزين المعني باليمن" في أكتوبر/تشرين الأول 2021، لا توجد أي هيئة دولية مستقلة لرصد حالة حقوق الإنسان في اليمن ووضع أسس للمحاسبة على الانتهاكات المنتشرة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية مليشيا الحوثي الحكومة هيومن رايتس هیومن رایتس ووتش أطراف النزاع فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

استدعاء الأدوات في حرب النفوذ السعودية الإماراتية في اليمن

لم يحدث أن انتهت حرب تدخَّلَ فيها حلفٌ عسكري كبيرٌ كتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية؛ إلى النتيجة التي انتهت إليها حربُ هذا التحالف في اليمن، حيث تراكمت المكاسب السياسية والاستراتيجية لمن استهدفته تلك الحرب، وهي جماعة الحوثي الحليفة لإيران، بما لا يتفق مع الوقائع العسكرية التي قلَّصتْ من نفوذ الجماعة الجغرافي إلى حد كبير.

قبل أيام جمعت الإمارات، وهي الدولة الرئيسية الثانية في تحالف دعم الشرعية، طرفين سياسيين وعسكريين تابعين لها في أبو ظبي، وحددت لهذا الاجتماع هدفين مشتركين وهو محاربة الحوثي، ومكافحة الجماعات الإرهابية، لكن الأمر لا يعدو كونه جزءا من مخطط استدعاء الأدوات وتحريكها على خطوط التماس في حرب النفوذ الإقليمية التي تدور تحديدا بين السعودية والإمارات، وكلتا الدولتين تحرصان على إضافة المزيد من المزايا التي تعزز فرصهما في بناء تحالف أوثق مع واشنطن.

أقول ذلك لأنه لا شيء من هذين الهدفين حقيقي من الناحية الواقعية. فالحوثيون لم يعودوا هدفا عسكريا للمملكة العربية السعودية وهي قائدة التحالف، ولها دور أساسي في إقرار الأجندة السياسية والعسكرية للتحالف أو للتدخل المنفرد لكلتا الدولتين على الساحة اليمنية، ولا يمكن لحلفاء الإمارات أن يخوضوا حربا خارج الأجندة السعودية.

بقي البعضُ حريصا على حشر "الإرهاب" في خط الحرب لكي يغطي على أدواره التي أقل ما يقال فيها إنها تؤسس لمرحلة مستدامة من "إرهاب" جماعات ما دون الدولة المرتبطة بالأجندات الإقليمية
وفي الوقت نفسه لم يعد هناك من مبرر للاستمرار في الحديث عن الجماعات الإرهابية التي غاب أثرها وتلاشى، في خضم الحرب التي دارت على مدار السنوات التسع الماضية بأهداف سياسية وجيوسياسية لا تخفى على ذي بصيرة، في وقت بقي البعضُ حريصا على حشر "الإرهاب" في خط الحرب لكي يغطي على أدواره التي أقل ما يقال فيها إنها تؤسس لمرحلة مستدامة من "إرهاب" جماعات ما دون الدولة المرتبطة بالأجندات الإقليمية.

ولكن لماذا التقى عضوا مجلس القيادة الرئاسي؛ العميد طارق صالح واللواء عيدروس الزُّبَيدي، وهما زعيمان لفصيلين سياسيين وعسكريين تدعمها الإمارات (المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، والمجلس الانتقالي الجنوبي)؟ وما هي الرسائل التي يمكن فهمها من هذا الاجتماع؟ علما بأن الغموض يسود التحركات الإماراتية كما هي السعودية في الساحة اليمنية، وما يُكشف عن هذه التحركات ليس سوى اليسير مما يتسرب عبر المقربين اليمنيين من هاتين الدولتين، ومرد ذلك في تقديري إلى الاستهانة المتعمدة التي توجهها هاتان الدولتان للشعب اليمني.

لفهم مغزى اجتماع أبو ظبي علينا أن نُمعن النظر في التطورات التي تجري في محافظة حضرموت، ففي هذه المحافظة يجري استدعاء الدور القبلي إلى الساحة السياسية، عبر ممارسات خشنة تتوسل التصعيد وقطع الطرقات وفرض الشروط المجحفة على السلطة الشرعية؛ ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي وشخص رئيسه على وجه التحديد.

هذه التحركات تتوسل من الناحية الظاهرية حججا من قبيل سوء الخدمات الأساسية التي تعاني منها حضرموت، لكنها وهذا هو الأهم، ترفع شعارات سياسية لها علاقة بفرض "حلف قبائل حضرموت" وواجهته السياسية "مؤتمر حضرموت الجامع" ممثلا شرعيا للمحافظة، وهو أمر يخصم من الحصة السياسية للمجلس الانتقالي، تواجه الإمارات صعوبة حقيقية في التحكم بأدواتها وإعادة توجيهها وفق أولوياتها، الجيوسياسية بسبب العوائق التي تضعها السعودية. ويُعزى ذلك إلى أن بناء هذه الأدوات لم يكن ليحدث ابتداء بدون الإسهامات السعودية السخية، وبدون الضغوط التي مارستها الرياض ويوجه ضربة قاصمة للمجلس الذي مُنح في العام 2019 فرصة من قبل الإمارات للظهور الاستعراضي كقوة عسكرية وسياسية قادرة بالفعل على ملء الفراغ في هذه المحافظة المترامية الأطراف والمنتجة للنفط.

لطالما شكَّل حلفُ قبائل حضرموت ومؤتمره الجامع استثمارا سياسيا سعوديا إماراتيا مشتركا، لكن السعودية تعمل وعبر خيارات عديدة ومنها "مجلس حضرموت الوطني"؛ على تضييق الخيارات على المشروع الانفصالي الجنوبي الذي يعتبر المجلس الانتقالي رافعته الرئيسة ومن خلفه الإمارات.

تواجه الإمارات صعوبة حقيقية في التحكم بأدواتها وإعادة توجيهها وفق أولوياتها، الجيوسياسية بسبب العوائق التي تضعها السعودية. ويُعزى ذلك إلى أن بناء هذه الأدوات لم يكن ليحدث ابتداء بدون الإسهامات السعودية السخية، وبدون الضغوط التي مارستها الرياض على الرئيس هادي ومن بعده مجلس القيادة الرئاسي من أجل التمكين السياسي الكبير للمجلس الانتقالي الجنوبي وللمقاومة الوطنية، وهما مكونان يعملان باتجاه معاكس بالنسبة للوحدة اليمنية.

وكان واضحا أن دور هذين المجلسين ينحصر في تقاسم النفوذ في الفراغ الجغرافي الذي خلفه الانقلابيون، في الجزء الكبير من جنوب البلاد وشرقها وغربها، وتقاسم السلطة التي من الواضح أن مجلس القيادة الرئاسي على وشك أن يفقدها.

السعودية والإمارات اللتين تراهنان على ثروة صندوقيهما السياديين، في تمويل فوضى طويلة الأمد في اليمن، ليستا جاهزتين للتعامل مع ساحة تتهيأ لمزيد من تشابك الإرادات الدولية، ولا أدل على ذلك من الصاروخ الروسي الفرط صوتي الذي أُطلق على فلسطين المحتلة ونُسب للحوثيين
وحينما يتعلق الأمر بالنتيجة التي آلت إليها حربُ التحالف في اليمن، فإن الأمر لا يتعلق بانتفاء القدرة لدى التحالف على الحسم، أو الوصول إلى أهدافه العسكرية، بقدر ما تتعلق بالفهم الخاص لهذه الأهداف من قبل التحالف، وهو فهمٌ لطالما استغفل الشعبَ اليمني وخدعه واستهان به وتعامل مع اليمن باعتبارها جغرافية مستباحة ومفتوحة عمليا على خيار "الملشنة" والتفكيك.

التحالف رغم هشاشة بنيانه وتفككه تقريبا إلا أن دولتيه الرئيستين تدفعان باتجاه تسوية تعوِّمُ الشرعيةَ الوطنية والدستورية على كل أطراف الحرب الوطنية وغير الوطنية، وتُبقي الجميع على خطوط التماس، وتحيل اليمن إلى ساحة حرب مفتوحة ومجال للنفوذ الخارجي.

وهنا بوسعنا اليقين بأن السعودية والإمارات اللتين تراهنان على ثروة صندوقيهما السياديين، في تمويل فوضى طويلة الأمد في اليمن، ليستا جاهزتين للتعامل مع ساحة تتهيأ لمزيد من تشابك الإرادات الدولية، ولا أدل على ذلك من الصاروخ الروسي الفرط صوتي الذي أُطلق على فلسطين المحتلة ونُسب للحوثيين، دون يقين بأنه أطلق بالفعل من الأراضي اليمنية.

كما لن يحتمل البلدان علاقة متوترة مع اليمن الذي يضم أكبر كتلة سكانية في شبه الجزيرة العربية، وإن أثقلته الصراعات والحروب في هذه المرحلة.

x.com/yaseentamimi68

مقالات مشابهة

  • استدعاء الأدوات في حرب النفوذ السعودية الإماراتية في اليمن
  • إسرائيل تخيّر حزب الله.. إقرأوا هذا التقرير!
  • الأولويّة منع تهريب المهاجرين أو حماية الحدود البحريّة؟
  • ترامب: تدفق المهاجرين عبر الحدود يقضي على فرص الوظائف للأمريكيين
  • طائرة مسيرة تجوب بادية المثنى قرب الحدود مع السعودية
  • الأمم المتحدة: الاحتلال يرتكب انتهاكات جسيمة في غزة.. وزعماء العالم يجتمعون الأسبوع المقبل
  • هيومن رايتس: القانون الدولي يحظر استخدام الفخاخ المتفجرة التي ضربت لبنان
  • اندلاع اشتباكات وسط اليمن وسقوط قتلى وجرحى
  • نيوزويك: لهذا يغالي ترامب في أعداد المهاجرين غير الشرعيين
  • منسقية النازحين ترحب بخطاب بايدن وتطالب بوقف الحرب