الكتاب: حرب المئة عام على فلسطين ـ قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة 1917 ـ 2017
الكاتب: رشيد الخالدي
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون ـ بيروت ـ الطبعة الأولى 2017، (358 صفحة من القطع الكبير).


بالنسبة إلى القوة الصاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كان الزعماء العرب الذين تم اختيار أغلبهم من قِبل أسيادهم الأوروبيين بسبب مرونَتهم وليونتهم فقد أظهروا ضَعفاً ممزوجاً بانخفاض مذهل في مستوى الخبرة وعدم الوعي للتغيرات الدولية، وقّع الملك عبد العزيز في العربية السعودية اتفاقية مستقبلية مهمة مع شركات بترول أمريكية سنة 1933 على حساب المصالح البترولية البريطانية، واجتمع مع الرئيس المريض فرانكلين روزفلت في سفينة حربية أمريكية في ربيع 1945 قبل أسابيع من وفاة الرئيس الأمريكي، وحصل على وعود مؤكدة مباشرة من الرئيس بأن الولايات المتحدة لن تفعل شيئاً يضر بالعرب في فلسطين وأنها ستتشاور مع العرب قبل القيام بأي تصرف هناك، تجاوز هاري ترومان الذي جاء بعد روزفلت جميع هذه الوعود دون اكتراث ولم يعترض الملك على ذلك ولم يقدم أي محاولة مؤثرة لصالح الفلسطينيين بسبب اعتماد النظام السعودي اقتصادياً وعسكرياً على الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يفعل ذلك أيضاً أي واحد من أولاده الستة الذين جاؤوا من بعده، الاعتماد على أمريكا بالإضافة إلى جهل أجيال بعد أجيال من الحكام العرب بأسلوب عمل النظام السياسي الأمريكي والسياسة الدولية حرم العالم العربي من أية فرصة لمقاومة التأثير الأمريكي أو لتغيير السياسة الأمريكية.



يقول الأستاذ الخالدي ك"إن ديفيد بن غوريون وإسحاق بن زفي، الذي أصبح فيما بعد الرئيس الثاني لإسرائيل، قد قضيا سنوات عدة في نهاية الحرب العالمية الأولى في العمق من أجل القضية الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية حيث عاشت غولدا مائير منذ طفولتها، (بينما كان والدي هو أول من فعل ذلك من أفراد العائلة)، فهِمت القيادة الصهيونية المجتمع الأوروبي وغيره من المجتمعات الغربية بشكل عميق متطور، وكان أغلب أفراد هذه القيادة مواطنين أو مُقيمين فيها، بينما لم يتمتع قادة العرب سوى بفهم محدود لسياسات وثقافات ومجتمعات الدول الأوروبية، فكيف العرب سوى بفهم القوى العظمى الناشئة! تحدّث والدي عن تفرق الفلسطينيين والعرب، وكذلك الدكتور حسين ويوسف صايغ ووليد الخالدي، كما وصَفوا الدسائس والخلافات الداخلية التي كانت كارثية في النهاية بالنسبة لخطة المكتب العربي في تمثيل الفلسطينيين دولياً، وكذلك بالنسبة لفرصهم في قمة صراع 1947 – 1948، لقد دخلوا هذا الصراع المصيري باستعدادات هزيلة سياسياً وعسكرياً، وبقيادة ممزقة ومتفرقة، كما لم يكن لديهم أي دعم خارجي سوى من دول عربية منقسمة بعمق وغير مستقرة وخاضعة لتأثير القوى الاستعمارية القديمة، وكان سكانها فقراء وغير متعلّمين إلى حد كبير، كان هذا بالمقاربة الصارخة مع الدعم الدولي الكبير وبناء أسس الدولة القوية الحديثة التي تمتعت به الحركة الصهيونية على مدى عقود"(ص106).

رمَت حكومة كليمنت البريطانية سنة 1947 مشكلة فلسطين في أحضان منظمة الأمم المتحدة الوليدة، أنشأت الأمم المتحدة لجنةً خاصة بفلسطين (UNSCOP) لتقديم اقتراحات بشأن مستقبل البلد، وكانت القوى المسيطرة على الأمم المتحدة هي الولايات الأمريكية والاتحاد السوفييتي، قد توقّعت الحركة الصهيونية هذه التطورات بدَهاء بفضل جهودها الدبلوماسية نحو هاتَين الدولتين، إلا أن ذلك فاجأ الفلسطينيين والعرب تماماً، ظهر توازن القوى العظمى بعد الحرب في أعمال هذه اللجنة وفي تقريرها الذي صدر مؤيداً تقسيم فلسطين بطريقة كانت في صالح الأقلية اليهودية فمَنحتْهم 56% من فلسطين مقارنةً بالدولة اليهودية الأصغَر بكثير (17%) التي اقتَرحَتها خطة تقسيم لجنة بيل (Peel) سنة 1937، كما ظهر تأثير توازن القوى العظمى الجديد كذلك في الضغط الذي أدّى لإصدار قرار الجمعية العامة رقم 181 الذي استَند إلى تقرير الأغلبية في اللجنة الخاصة بفلسطين (UNSCOP).

قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 181 الذي صدر في 29 نوفمبر 1947 أقرّ تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية كبيرة ودولة عربية أصغر ووضع مدينة القدس كمنطقةٍ منفصلةٍ دولية وعكس توازن القوى الدولية الجديد، أصبح واضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي اللذان أيدا القرار  قد لعبا الدور الحاسم في التضحية بالفلسطينيين لصالح دولة يهودية تحلّ محلَّهم وتسيطر على أغلب مناطق بلادهم، كان قرارُ التقسيم إعلان حرب آخر منح وثيقة ميلاد لدولة يهودية في أرض كانت عربية في معظم أرجائها في مخالفةٍ صريحة لمبدأ تقرير المصير الذي أعلنه ميثاق تأسيس الأمم المتحدة، وقد تبع ذلك بالضرورة طرد عدد من العرب يكفي لصنع دولة أغلبية يهودية، ومثلما لم يعتقد بلفور بأن الصهيونية ستؤذي العرب، يبدو أن ترومان وستالين عندما ضغطا لتمرير قرار التقسيم رقم 181 في الجمعية العمومية لم ينتبها أو أن مستشاريهِما لم يَمنَحوا أية أهمية لما يمكن أن يحدّث للفلسطينيين نتيجة لتصويتهما.

في حرب 1967الخاطفة حققت "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية نصراً كبيراً على الزعيم الراحل عبد الناصر والحركة القومية العربية. كانت "إسرائيل" هي التي اتخذت المبادرة بتدمير الطائرات المصرية وهي جاثمة في المطارات.في تلك الأثناء لم يعد خلق دولة يهودية هدف بريطانيا فقد استشاطت غضباً بسبب الحملة الصهيونية العتيقة التي أخرجَتها من فلسطين، كما أنها لم تعد ترغب بإثارة استياء رعاياها العرب فيما تبقى لها من إمبراطوريتها في الشرق الأوسط، ولذلك فقد امتَنعتْ بريطانيا عن التصويت على قرار التقسيم، أدرك السياسيون البريطانيون منذ الورقة البيضاء سنة 1939 أن مصالح بلادهم الرئيسية في الشرق الأوسط هي مع الدول العربية المستقلة وليست مع المشروع الصهيوني الذي رَعَتْه بريطانيا على مدى عَقدين من الزمن.

أدّى قرار التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة إلى دعم القوتين الدوليتين الناشئتين في فترة ما بعد الحرب للمؤسسات الصهيونية العسكرية والمدنية، فاستعدّت للاستيلاء على أكبر جزء ممكن من الأرض، كانت المأساة الفلسطينية التي تَبِعت ذلك نتيجة ضعفهم وضعف العرب وكذلك نتيجة قوة الصهاينة وتأثير أحداثٍ كانت تجري في أماكن بعيدة في لندن وواشنطن وموسكو ونيويورك وعمّان.

يقول الأستاذ الخالدي: "عندما احتلّت الهاغانا وغيرها من الميليشيات الصهيونية الأحياء العربية للقدس الغربية في أبريل 1948 استولَتْ على المركز الرئيسي للصندوق العربي في حي القطمون وأسر مديره يوسف الصايغ، قبل ذلك بأسابيع قليلة سافر الصايغ إلى عمّان ليطلب المساعدة من الملك عبد الله ليمنع السقوط المحتّم للأحياء العربية من القدس الغربية، إلا أن القنصل الأردني العام في القدس أخبَر الملك هاتفياً أثناء وجود صايغ بعدم وجود أي خطر وصرّح: "مولاي، مَن الذي يخبركَ بهذه القصص وأن القدس ستسقط بيد الصهاينة؟ هذا غير صحيح!" رفض الملك عبد الله طلب الصايغ نتيجة لذلك، وسقطت الأحياء العربية الثرية في القدس الغربية، قضى الصايغ بقية فترة الحرب في معسكرٍ لسُجناء الحرب على الرغم من أنه لم يكن عسكرياً"(ص110)..

هزيمة 1967

في حرب 1967الخاطفة حققت "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية نصراً كبيراً على الزعيم الراحل عبد الناصر والحركة القومية العربية. كانت "إسرائيل" هي التي اتخذت المبادرة بتدمير الطائرات المصرية وهي جاثمة في المطارات. هكذا بدأت "حرب استباقية" احتلّت "إسرائيل" في نهايتها أربعة أضعاف مساحة أراضيها، في الضفة الغربية والقدس الشرقية وسيناء والجولان. وتم تشريد 400 ألف لاجئ فلسطيني جديد . ورفضت "إسرائيل"إعادة الأراضي المحتلة ،وأبقت تحت سلطتها شعباً فلسطينياً مقاوماً معتبرة أن اللجوء إلى القوة وحده يحلّ المشاكل؛ وهذا ما أغرقها في أزمة سياسية وأخلاقية عميقة، ليست فضائح الفساد المتكررسوى واحدة من ظواهرها.

يقول الأستاذ الخالدي:"عرف الرئيس ليندن جونسون أنَّ الأمر يختلف عن ذلك، فقد أخبره آبا إيبان الذي كان وزير خارجية إسرائيل خلال اجتماع عُقد في واشنطن بتاريخ 26 مايو1967 أن مصر على وشك القيام بهجوم، طلب الرئيس من وزير دفاعه روبرت ماكنمارا أن يضع الأمور في نِصابها، بحثَتْ ثلاثة مجموعات استخباراتية منفصلة جيداص في هذه القضية، وقال ماكنمارا: "حسب أفضل تقديراتنا لا يوجد احتمال للهجوم" أضاف جونسون: "وقد أجمع رجال استخباراتنا على ذلك" وعلى أنه "إذا هاجمت مصر فسنوجِّهُ لها ضربة ساحقة"، كانت واشنطن تعلم أن القوة العسكرية الإسرائيلية في حرب 1967 كانت أقوى بكثير من كافة جيوش الدول العربية مجتمعة مثلما كانت الحال في جميع الصراعات بينهم.

شنّت حركة فتح في الأول من يناير 1965 هجوماً لتعطيل محطة ضخ للمياه في وسط إسرائيل، كانت هجمة رمزية هدفها الأساسي مثل كثير غيرها هو إظهار أن الفلسطينيين يستطيعون التصرف بكفاءة حينما لا تستطيع الحكومات العربية ذلك، وكذلك لإحراج تلك الحكومات وإجبارها على التصرف..أكّدت الوثائق الحكومية التي نُشرت منذ ذلك الوقت على هذه الحقائق توقّعت مصادر عسكرية واستخباراتية أمريكية نصراً ساحقاً لإسرائيل في جميع الأحوال بالنظر إلى تفوق قواتها المسلحة، بعد خمس سنوات من حرب 1967 دولة صغيرة ضعيفة تهديداً مستمراً بالفَناء وما زالت تواجه هذا الخطر، ساعدته هذه الأسطورة على تبرير الدعم الكامل لسياسة إسرائيل مهما كانت متطرفة وعلى الرغم من دحضها مِراراً حتى من جهة آراء إسرائيلية مسؤولة"(ص 142).

تطوَّر مسار الحرب تماماً مثلما توقعت وكالة المخابرات الأمريكية ووزارة الدفاع، دمَّرت ضربة سريعة قام بها سلاح الجو الإسرائيلي غالبية الطائرات المصرية والسورية والأردنية على الأرض، منح ذلك إسرائيل تفوقاً جوياً تاماً وامتيازاً لقواتها البرية في تلك المنطقة الصحراوية في ذلك الفصل من السنة، وتمكنت أرتال المدرعات الإسرائيلية في ستة أيام من احتلال سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية العربية ومرتفعات الجولان.

كانت أسباب انتصار إسرائيل الحاسم في يونيو 1967 واضِحة، إلا أن العوامل التي أدت إلى الحرب كانت أقل وضوحاً، كان السبب الرئيسي في ذلك هو تصاعد جماعات الفدائيين الفلسطينيين المسلَّحين، كانت الحكومة الإسرائيلية قد بدأت بتحويل مياه نهر الأردن إلى وسط البلاد على الرغم من رفض الجماهير العربية وضعف الأنظمة العربية، شنّت حركة فتح في الأول من يناير 1965 هجوماً لتعطيل محطة ضخ للمياه في وسط إسرائيل، كانت هجمة رمزية هدفها الأساسي مثل كثير غيرها هو إظهار أن الفلسطينيين يستطيعون التصرف بكفاءة حينما لا تستطيع الحكومات العربية ذلك، وكذلك لإحراج تلك الحكومات وإجبارها على التصرف، كان المسؤولون المصريون ينظرون بعين الشك إلى حركة فتح ويعتبرونها مدفعاً منفلتاً يحرض إسرائيل بتهور في وقت كانت فيه مصر مشغولة بتدخل عسكري في حرب أهلية في اليمن وفي بناء اقتصادها.

حدث ذلك في ذروة ما أطلق عليه الباحث مالكوم كير "الحرب العربية الباردة" حينما قادت مصر تحالفاً من الأنظمة القومية العربية المتشددة ضد التحالف المحافظ بقيادة السعودية، كانت نقطة الصراع بينهم في اليمن حيث قامت ثورة ضد الملكية سنة 1962 وأدّت إلى حرب أهلية انخرطت فيها قوات عسكرية مصرية كبيرة.

إقرأ أيضا: تاريخ المقاومة الفلسطينية للاستعمار الصهيوني الاستيطاني.. قراءة في كتاب

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب فلسطين احتلال احتلال فلسطين كتاب تاريخ كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمریکیة الأمم المتحدة دولة یهودیة فی حرب حرب 1967

إقرأ أيضاً:

لماذا تراجع سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة هذا العام؟

ألبرتا- في مثل هذه الأيام من كل عام، كانت الأجواء بين كندا والولايات المتحدة تعج بالرحلات الجوية للسياح، لقضاء إجازة فصل الصيف، لكن ولأول مرة منذ عقود عدة، تشهد هذه المسارات تراجعًا غير مسبوق، بعدما شكلت هذه الرحلات شريان حياة اقتصادي وسياحي بين الجارتين.

بدأت التوترات السياسية بين كندا والولايات المتحدة في فبراير/شباط من هذا العام، عندما صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضم كندا إلى الولايات الأميركية، ثم عندما فرضت إدارته رسومًا جمركية على السلع الكندية مدعيةً مخاوف أمنية على الحدود.

وردّت كندا بإجراءات مماثلة بفرض رسوم على المنتجات الأميركية، ما أثار حالة من الغضب والاستياء الشعبي، وأطلقت حملات مقاطعة واسعة ضد السلع الأميركية والسفر إلى الولايات المتحدة.

حجوزات متراجعة نحو أميركا

ووفقًا لتقرير صادر هذا الشهر عن منظمة بيانات وتحليلات الطيران، فإن شركات الطيران، مثل "طيران كندا"، و"ويست جيت"، و"يونايتد إيرلاينز" قلصت رحلاتها إلى وجهات أميركية رئيسية مثل لوس أنجلوس وشيكاغو وأورلاندو، مع إعادة توجيه تركيزها نحو وجهات محلية ودولية تعتبر أكثر ربحية.

شركات الطيران الكندية تعيد جدولة رحلاتها وفقًا للطلب الجديد وتوجهات المسافرين (الجزيرة)

وأشار التقرير إلى بيانات وإحصاءات لافتة، أبرزها:

إلغاء أكثر من 320 ألف مقعد على الرحلات بين البلدين حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، وذلك استنادًا إلى مقارنة البيانات بين الفترة من 3 إلى 24 مارس/آذار 2025. شهرا يوليو/تموز وأغسطس/آب 2025، وهما ذروة موسم السفر الصيفي، شهدا أكبر انخفاض في السعة بنسبة 3.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. رغم الاستقرار العام في سعة الرحلات خلال الصيف، إلا أن التحديثات الأسبوعية الأخيرة أظهرت اتجاهًا تنازليًا واضحًا في عدد المقاعد المتاحة. كما انخفضت حجوزات الركاب على الخطوط الجوية بين كندا والولايات المتحدة بنسبة 70% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، في مؤشر واضح على التراجع الكبير في الطلب على السفر عبر الحدود. إعلان

وقالت إيمي بوتشر، نائبة رئيس الشؤون العامة في جمعية صناعة السياحة الكندية، إن الكنديين اختاروا تجنب زيارة الولايات المتحدة هذا الصيف.

وأضافت أن السفر جوًا تراجع بنسبة 22.1% في يونيو/حزيران الماضي مقارنة بالعام السابق، بحسب بيانات هيئة الإحصاء الكندية، كما انخفضت رحلات العودة الكندية بالسيارة بنسبة 33.1%.

وأشارت بوتشر، في بيان نقلته شبكة "سي بي سي" الكندية، إلى أن السياحة تُعد واحدة من أقوى المحركات الاقتصادية في كندا، حيث بلغت عائداتها 130 مليار دولار كندي ( نحو 95 مليا دولار) في عام 2024، منها 75% من السفر المحلي.

كما أكدت هيئة الإحصاء، أن الإنفاق السياحي في كندا من المقيمين ارتفع بنسبة 0.8% في الربع الأول من عام 2025، مدفوعًا بشكل أساسي بالإنفاق على الإقامة.

حملات مقاطعة الكنديين السفر نحو أميركا

ويعزو الخبراء الانخفاض الحاد في الطلب إلى مزيج من العوامل السياسية والاقتصادية.

ويقول الدكتور زياد الغزالي، الخبير الاقتصادي من مقاطعة أونتاريو، إن تصريحات ضم كندا كولاية أميركية، أثارت موجة من السخط الوطني، وقد انعكست هذه الموجة في حملات مقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب، ولغة التهديد والوعيد التي استخدمها في تصريحاته تجاه أوتاوا.

السياحة الداخلية في كندا تشهد انتعاشًا ملحوظًا على حساب الوجهات الأميركية التقليدية (الجزيرة)

ويضيف الغزالي، في حديث للجزيرة نت، أن تراجع قيمة الدولار الكندي بنسبة 6% هذا العام، إلى جانب زيادة أسعار تذاكر السفر، وارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، جعل السفر إلى الولايات المتحدة أكثر تكلفة على المواطن الكندي.

ويستطرد: "إلى جانب تباطؤ سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة إلى 7% في مايو/أيار الماضي، وهي الأعلى منذ عام 2016 باستثناء فترة جائحة كورونا، فقد ساهم هذا التدهور في تقليص ثقة المستهلك الكندي وقدرته على الإنفاق على السفر".

إعادة جدولة الرحلات وتغيير الوجهات بعيدا عن أميركا

وانعكس هذا التراجع الكبير في سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة مباشرة على شركات الطيران الكندية، ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بتعديل جداول رحلاتها الصيفية، وتقليص سعة الرحلات المتجهة جنوبًا، وإضافة المزيد من المقاعد والوجهات الجديدة، مع التركيز على "أسواق القوة" في أوروبا والوجهات السياحية المشمسة.

فشركة "ويست جيت" الكندية، ثاني أكبر ناقل بعد "الخطوط الكندية"، أعلنت أنها قلّصت عددًا من رحلاتها بين كندا والولايات المتحدة، كما ألغت تسعة مسارات جوية في مايو/أيار الماضي، استجابة للانخفاض الكبير في الطلب.

وعللت هذه التعديلات بالتوترات الجيوسياسية القائمة بين البلدين، وتزايد الإقبال على تجارب السياحة الداخلية.

أما شركة "الخطوط الكندية"، فقد أعلنت في وقت سابق عن انخفاض بنسبة 10% في الحجوزات المتجهة نحو الولايات المتحدة، ابتداء من منتصف مارس/آذار الماضي وحتى الأشهر الستة المقبلة.

وإثر ذلك، بدأت الشركة بخفض الطاقة الاستيعابية، وإعادة تركيز عملياتها نحو وجهات في أميركا اللاتينية وأوروبا، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

زياد الغزالي: تراجع ثقة المستهلك الكندي وقدرته على الإنفاق على السفر (الجزيرة)

ويقول مشغل السياحة في مقاطعة أونتاريو، فؤاد علي، إن الرحلات الجوية والبرية والبحرية نحو الولايات المتحدة انخفضت عموما بنسبة 38%، مرجعًا هذا التراجع إلى التوترات السياسية والتجارية، والرسوم الجمركية المفروضة على كندا.

إعلان

وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المواطنين الكنديين، سواء كانوا عربًا أم أجانب، يتوجهون بشكل كبير في رحلاتهم الداخلية إلى غرب كندا، خاصة إلى مدينة فانكوفر.

وفي السياق ذاته، قررت المواطنة شيرل راتزلاف من مقاطعة ألبرتا تغيير وِجهة سفرها هذا العام إلى تركيا بدلًا من الولايات المتحدة.

وقالت لـ"الجزيرة نت": "إن تغيير وِجهة السفر يعود للتوترات السياسية والرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي على بلادنا، والتصريحات التي تدعو إلى ضم كندا كولاية أميركية، لذلك قررت قضاء إجازتي أنا وزوجي في مدينة إسطنبول التركية".

وتجولت "الجزيرة نت" منتصف الأسبوع في صالات المغادرة والوصول في مطار كالغاري الدولي، بمقاطعة ألبرتا، حيث لوحظ نشاط لافت في صالات وصول الرحلات الداخلية القادمة من المقاطعات الأخرى، في المقابل، بدت صالات المغادرة المخصصة للرحلات الدولية، لا سيما المتجهة إلى الولايات المتحدة، في حالة من الركود والانخفاض الواضح في الحركة، مما يعكس صورة ميدانية لما يعيشه قطاع السفر الكندي من تغيرات جذرية هذا الصيف.

مقالات مشابهة

  • قراءة في كتاب "القواسم في عُمان" للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • إسرائيل تستنزف احتياطي الولايات المتحدة من صواريخ ثاد
  • سي إن إن:الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل مع إيران
  • ارتفاع أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
  • عاجل. خليل الحية ينتقد انسحاب إسرائيل من مفاوضات الدوحة رغم التقدم الذي تحقق ويدعو العرب للزحف نحو فلسطين
  • عطاف يستقبل المستشار الرفيع لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا
  • لماذا تراجع سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة هذا العام؟
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • إصابة 14 شخصاً في حادث طعن في الولايات المتحدة