حقوقية أمريكية لـعربي21: سمعة إسرائيل باتت مُلطخة بالعار

قالت الحقوقية الأمريكية ومديرة الاتصالات في منظمة "شركاء من أجل فلسطين" (غير حكومية)، أليسيا كوتسوليري، إن "سمعة حكومة الاحتلال الإسرائيلية باتت مُلطخة بالعار، وتشوّهت إلى حد بعيد، ليس فقط بسبب الوضع الحالي فقط، وإنما بسبب عقود من التنكيل والقمع الذي تعرض له الشعب الفلسطيني".

وأشارت كوتسوليري، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، إلى أن "قطاع غزة خضع لحصار مُشدّد للغاية منذ أكثر من 16 عاما، وهذه القيود المفروضة حاليا على الدخول والخروج من غزة ليست جديدة، بل إنها مُعتادة".

وأضافت: "علاوة على حرمان أهل غزة من المياه النظيفة والطعام والكهرباء لـ 24 ساعة في اليوم يتعرضون الآن أيضا للقصف المتواصل من قِبل الجيش الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، احتلال الضفة الغربية مُستمر منذ أكثر من 56 عاما، وبشكل مُقيد للغاية"، متسائلة: "كيف يمكن الصمت على ذلك إلى الأبد؟".

وأوضحت كوتسوليري أن "سكان العالم بشكل عام يرون ما يحدث في غزة ويتابعونه عن كثب، ومعظم هؤلاء يساندون الفلسطينيين الذين يتعرضون منذ عقود لسوء المعاملة والقمع، وذلك يتكشف الآن بشكل يومي وجلي".

ضغوط على المسؤولين

وتابعت: "إن ما نحتاجه اليوم هو مواصلة القيام بالضغط على مسؤولينا المُنتخبين الذين يمكنهم حقا أن يحدثوا فرقا واضحا للقيام بما هو صحيح للفلسطينيين وقضيتهم العادلة، وخاصة من أجل المطالبة بوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود أو شرط، وإذا لم يرغب هؤلاء المسؤولون المنتخبون في التعاون والقيام بالأمر الصائب فسنصوّت لغيرهم في تلك الحالة".

وأردفت: "منذ بدء القتال قبل نحو 3 أشهر، تحوّل الوضع في غزة إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، ونحن بحاجة ماسة إلى مواصلة الضغط على المسؤولين المُنتخبين للمطالبة بوقف إطلاق النار ثم المطالبة بإيصال المساعدات الإنسانية -وخاصة الأدوات الطبية والطعام والمياه والكهرباء- دون أيّة عقبات".

كما شدّدت على ضرورة إيقاف إرسال الأموال والمساعدات الأمريكية والدولية إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلية؛ لأن تلك الأموال تُستغل في قتل الأبرياء والمدنيين الفلسطينيين، وتُستغل في فرض الفصل العنصري، ولا يجب إنفاق ضرائبنا وأموال على الاحتلال الإسرائيلي".  

ولفتت كوتسوليري إلى أن "هناك أكثر من 2.3 مليون من سكان غزة يعيشون في ظل أوضاع بائسة للغاية، والقتال الحالي جعل الوضع أسوأ بكثير وزاد الطين بلّة، والأوضاع تتفاقم يوما بعد الآخر".

وقف فوري لإطلاق النار

في حين رأت أنه "يمكن إنهاء أو تحجيم الكارثة الإنسانية في غزة من خلال تنفيذ وقف إطلاق النار على الفور، والسماح العاجل بدخول الكميات المناسبة من المساعدات الإنسانية"، مستدركة: "لكننا بالطبع بحاجة إلى ممارسة الضغط الحقيقي على الحكومات مثل حكومتنا الأمريكية للسماح بحدوث ذلك".

واستدرت قائلة: "تجادل حكومة الولايات المتحدة، وممثلهم في الأمم المتحدة، حول اللغة بينما يموت الناس يوميا، وهذا أمر مثير للسخرية تماما. لذلك نحن بحاجة للتأكد من أننا نمارس الضغط المطلوب على حكومتنا، وإذا لم تكن مستعدة لأن تكون على الجانب الصحيح من التاريخ فسنصوّت حتما لحكومة أخرى في تلك الحالة".

وأشارت إلى أن "الحكومة الإسرائيلية لا تحترم القانون الإنساني الدولي على الإطلاق، بل إنها تضرب به عرض الحائط، وهذا حتى قبل أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. إنهم يتصرفون دون عقاب ولا أحد يحاسبهم على الساحة الدولية، لذا فقد ظلوا لعقود من الزمن يفعلون ما يريدون، ومتى يريدون، وكيفما يريدون".

واستشهدت الحقوقية الأمريكية، بما يحدث في "الضفة الغربية المحتلة، وفي قطاع غزة، وجميع المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية، وكلها مستوطنات غير قانونية بالمرة، لكن في ظل هذه الحرب الحالية فإنهم لا يحترمون القانون الإنساني الدولي بأي صورة من الصور".

عقاب جماعي

وأوضحت أن "إسرائيل تستخدم سلاح التجويع كشكل من أشكال العقاب الجماعي، وكذلك في كل مرة يضربون فيها مستشفى أو مخيما للاجئين أو كنيسة أو  مدرسة، وكل هذه الأماكن ملاجئ للمدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة، ويبدو كما لو أن حكومة الاحتلال تستهدفهم عمدا، في حين لا أحد يحاسبها مطلقا، وهو ما يشجعها على الإفلات من العقاب".

وقالت: "تتحمل الحكومة الإسرائيلية، باعتبارها قوة محتلة، المسؤولية الكاملة عن حماية وتوفير الخدمات للسكان الذين تحتلهم، ولكنها بدلا من ذلك تجعل أسلوب حياتهم بائسا للغاية، وبالتالي لقد تشوهت سمعتهم القبيحة كما ينبغي أن يحدث، وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي أصبحنا نرى الأشياء كما هي في الوقت الفعلي".

وأكملت: "قبل 20 عاما، لم نكن قادرين على الوصول إلى هذه المعلومات والتفاصيل، ولكن الآن، مع وجود كاميرا في أيدي الجميع، يمكننا أن نرى ما يحدث كما هو على أرض الواقع، ولا يتعين علينا بالضرورة الاعتماد على وسائل الإعلام الغربية التي في كثير من الأحيان لا تنقل القصة الحقيقية".

ولفتت الحقوقية الأمريكية، إلى أن "معظم وسائل الإعلام الغربية تُقدّم معلومات كاذبة أو تحذف جزءا من القصة، بينما ذلك لم يعد ينطلي على أحد؛ لأنه يمكننا الآن أن نرى ما يحدث للناس كما هو، وعندما يحدث، وفي الوقت الحقيقي".

فشل مخطط التهجير

وذكرت أن "الحكومة الإسرائيلية لم ولن تنجح في مخططها لتهجير جميع السكان الفلسطينيين من غزة"، قائلة إن "70% من السكان الذين يعيشون حاليا في غزة هم لاجئون من النكبة، ويدركون جيدا أنه بمجرد تهجيرهم مُجددا لن تُتاح لهم الفرصة للعودة إلى ديارهم مرة أخرى. لذلك، ليس هناك ما يضمن لهم العودة إذا غادروا الآن، على الرغم من تعرضهم للقصف العنيف والمستمر".

واستطردت مديرة الاتصالات في منظمة "شركاء من أجل فلسطين" (مقرها ولاية فلوريدا الأمريكية)، قائلة: "لقد سمعنا أن العديد من الفلسطينيين يفضلون البقاء والمخاطرة بحياتهم وأرواحهم بدلا من التهجير مرة أخرى وعدم التمكن من العودة إلى ديارهم".

وذكرت أنهم في منظمتهم "يعملون على رفع الوعي بشأن ما يجري في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ولدينا الكثير من المناصرين الذين يعملون معنا من أجل المناصرة والتثقيف في المجتمع"، متابعة: "لو حدثت تلك الانتهاكات والفظائع قبل سنوات ماضية ما كان يمكننا توثيقها ورصدها".

ونوّهت كوتسوليري إلى أن "سمعة الحكومة الإسرائيلية تتعرض للتشويه الكبير بسبب أفعالها الإجرامية، وبصراحة الكثير مما كانوا يفعلونه منذ عقود في الماضي كان قمعيا جدا للفلسطينيين، لكننا فقط لم نكن نراه اليوم موثقا بالصوت والصورة".

فيما رفضت وصف ما جرى يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بأنه كان فعل أو بداية للأحداث المشتعلة، لأنه "في حقيقة الأمر كان رد فعل على الانتهاكات الإسرائيلية التي لم تتوقف طوال العقود الماضي. ما حدث كان محاولة للهروب من السجن والحصار الخانق والجرائم غير المسبوقة".

المصدر: عربي21