«غضب الطبيعة».. أوله زلازل وأوسطه حرائق وآخره أعاصير
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
«عام الأرقام القياسية فى الكوارث»، هكذا أطلق على عام 2023، الذى شارف على الانتهاء تاركاً خلفه الكثير والكثير من الأحداث الدموية والدمار، بدءاً بالفيضانات المدمّرة فى الهند واليابان وليبيا، مروراً بحرائق الغابات الواسعة فى أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وانتهاءً بالعواصف المدارية غير المسبوقة فى شرق أفريقيا ونيوزيلندا والبرازيل.
إذ بدأ العام بموت 160 شخصاً من البرد فى أفغانستان جراء موجة البرد التى أصابتها فى 10 يناير، حيث وصلت الحرارة إلى 33 درجة تحت الصفر، فيما سجلت موجة الحر فى اليونان وفاة ما يقرب من 170 شخصاً، لكن كانت الكارثة الأكبر حينما استيقظ العالم على سلسلة الزلازل التى ضربت تركيا وسوريا والمغرب، ففى المغرب أوقع زلزال قوته 7 ريختر فى منطقة جبال الأطلس الكبير، نحو 3 آلاف قتيل وأكثر من 5500 مصاب، وفقاً لأحدث الأرقام الرسمية.
وفى فبراير شهدت تركيا وسوريا واحداً من أسوأ الزلازل الذى خلّف أكثر من 50 ألف ضحية ودماراً واسعاً وأكثر من 25 مليون متضرّر. أما ليبيا، فشهدت وصول العاصفة «دانيال» وانهيار السدين الرئيسيين على نهر وادى درنة الصغير مما تسبّب فى انزلاقات طينية ضخمة دمّرت جسوراً وجرفت الكثير من المبانى مع سكانها، مما أدى إلى آلاف الضحايا و10 آلاف شخص مفقود وتشرد نحو 30 ألف شخص على الأقل، وفقاً لمسئول فى الاتحاد الدولى لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
وضرب العالم الكثير من الأعاصير التى سجّلت أرقاماً قياسية فى القوة والقدرة على الدمار، فى الفترة بين 4 فبراير و15 مارس اجتاح الإعصار فريدى جنوب المحيط الهندى بفاعلية هى الأعلى واستمرارية هى الأطول لإعصار مدارى ليُصنّف كثالث أخطر إعصار مدارى فى نصف الكرة الأرضية الجنوبى، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1434 شخصاً، فيما تسبّب الإعصار المدارى «غابرييل» فى تدمير أجزاء من جزيرة نورث آيلاند فى نيوزيلندا، وقُدّرت أضرار هذا الإعصار بنحو 8.4 مليار دولار على الأقل، مما يجعله الإعصار الأعلى كلفة فى نصف الكرة الجنوبى.
وفى مايو، ضرب إعصار موكا ميانمار وتسبّب فى وفاة نحو 500 شخص وأضرار تقارب 1.5 مليار دولار، كما أسفر إعصار «بيبارجوى» عن مقتل أكثر من 12 شخصاً فى الهند خلال شهر يونيو، وفى البرازيل شهدت ولاية ريو جراندى إعصاراً فى 6 سبتمبر أودت بحياة 27 شخصاً على الأقل.
كما أدّت حرائق الغابات فى الكرة الأرضية إلى كوارث طبيعية وخسائر فى الأرواح، ففى جنوب وسط تشيلى أدى حريق إلى مقتل 24 شخصاً وإصابة نحو ألفى شخص، وإحراق أكثر من 800 ألف فدان من الأراضى، فيما تعرّضت اليونان فى الأسبوعين الأخيرين من يوليو إلى مضاعفة أعداد حرائق الغابات، وتسجيل البلاد أكبر عملية إجلاء بسبب المناخ شملت 30 ألف شخص فى جزيرة رودس، وفى جزيرتى إيفيا وكورفو.
وأفادت المفوضية الأوروبية بأن حرائق الغابات فى شمال شرقى اليونان أكبر ما تم تسجيله على الإطلاق فى الاتحاد الأوروبى. ووصلت حرائق الغابات إلى الوطن العربى، فاندلعت الحرائق فى لبنان وسوريا والجزائر، وشهد المغرب خلال الصيف ما بين 5 و6 حرائق يومياً، وما إن خمدت الحرائق، حتى أغرقت الفيضانات مناطق واسعة فى وسط وجنوب أوروبا خلال شهر أغسطس، فغطت السيول إسبانيا والبرتغال وسلوفينيا واليونان وتركيا، وشهدت فرنسا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورج والمملكة المتحدة، ضغطاً مرتفعاً تسبّب فى موجة حارّة فى أواخر الصيف.
وفى 7 أغسطس ضربت السيول الصين، مما تسبّب فى مقتل نحو 33 شخصاً وانهيار وتضرّر أكثر من 200 ألف منزل، وسجّلت درجة الحرارة رقماً قياسياً. وفى 18 مايو انتهت قصة الغواصة السياحية «تيتان»، التى كانت فى رحلة استكشافية لحطام السفينة الغارقة «تيتانيك» بمأساة. فقد انتهت الرحلة بانفجار الغواصة ومقتل ركابها الخمسة.
بدوره، قال الدكتور أيمن زهرى، خبير السكان ودراسات الهجرة، لـ«الوطن»، إن العالم شهد خلال 2023 كوارث إنسانية ضخمة جعلته العام الأكثر دموية فى القرن الحالى، إذ بدأ العام بأحداث طبيعية أدت إلى حراك بشرى كبير جداً، مثل زلزال تركيا وسوريا والمغرب، أو ضرب العاصفة «دانيال» لليبيا، وأحداث أخرى من صُنع البشر، وهى الحروب والنزاعات التى أدت إلى نزوح وهجرة مئات الآلاف من البشر، مشيراً إلى أن تحرك الناس مدفوعين بعوامل قهرية أو قسرية، يخلق حالات من التشرّد أو عدم التموضع.
وتحدث «زهرى» عن التغييرات الشخصية، التى تطرأ على الأشخاص بعد الهجرة، إذ يترك الشخص المكان الذى عاش وتربى فيه فجأة ليصبح فى مكان جديد فيعامل كمشرد أو لاجئ، وهو ما يجعل الأمر مدفوعاً بالخوف، وبالتالى تكون لديه صعوبات فى ما يخص الانتماء والشعور بالغضب والحنين إلى وطنه الذى حوّله لمشرد، إضافة إلى تنامى الشوفينية الوطنية فى البلاد التى يقيم فيها اللاجئون وتنامى التيارات اليمينية التى تدعو إلى لفظ المهاجرين واللاجئين، وهو ما ظهر بشدة فى أوروبا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الصراعات المسلحة الأمم المتحدة الحرب العالمية الثانية حرائق الغابات أکثر من
إقرأ أيضاً:
تدمير الغابات الاستوائية يصل إلى مستويات قياسية بسبب الحرائق
وصل تدمير الغابات الاستوائية الأولية العام الماضي إلى أعلى مستوى منذ 20 عاما على الأقل، بسبب الحرائق التي يؤججها تغير المناخ وتدهور الوضع مجددا في البرازيل.خسائر فادحة بسبب الحرائقفقدت المناطق الاستوائية 6,7 ملايين هكتار من الغابات الأولية العام الماضي، وهي مساحة تعادل تقريبا مساحة بنما، في أعلى مستوى منذ بدأ جمع البيانات في عام 2002 بواسطة المرصد المرجعي "غلوبال فورست ووتش" Global Forest Watch الذي يديره معهد الموارد العالمية (WRI)، وهي مؤسسة بحثية أميركية، بالتعاون مع جامعة ميريلاند.
وقالت المديرة المشاركة للمرصد إليزابيث غولدمان إن هذا الرقم الذي يعكس زيادة بنسبة 80% عن عام 2023، "يوازي خسارة مساحة 18 ملعب كرة قدم في الدقيقة".
أخبار متعلقة زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب مقاطعة "أوشوايا" بالأرجنتينكيف ردت بكين؟ قيود أمريكية جديدة على الرقائق الإلكترونية الصينيةوتتسبب الحرائق في ما يقرب من نصف هذه الخسائر، متقدمة لأول مرة على الزراعة.
وتمثل هذه المساحات المدمرة ما يعادل 3,1 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي، ما يزيد قليلا عن انبعاثات الهند في مجال الطاقة.
وقالت غولدمان "هذا المستوى من تدمير الغابات غير مسبوق على الإطلاق منذ أكثر من 20 عاما من البيانات"، مضيفة "هذا إنذار عالمي".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تدمير الغابات الاستوائية يصل إلى مستويات قياسية بسبب الحرائق - مشاع إبداعيتأثير الحرائق على التنوع البيولوجييركز التقرير على الغابات الاستوائية الأكثر عرضة للخطر والتي لها أهمية كبيرة بالنسبة للتنوع البيولوجي خصوصا لقدرتها على امتصاص الكربون من الهواء. ويشمل ذلك الخسائر الناجمة عن الأسباب كافة، من إزالة الغابات طوعا، ولكن أيضا بفعل التدمير العرضي والحرائق.
- "ظروف قصوى" -وأشار معدو التقرير إلى أن الحرائق كانت بسبب "ظروف قصوى" جعلتها "أكثر كثافة" و"فاقمت صعوبة السيطرة عليها". وكان 2024 العام الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم، بسبب تغير المناخ الناجم عن حرق الوقود الأحفوري على نطاق واسع وظاهرة "ال نينيو" الطبيعية.
رغم أن الحرائق قد تكون ناجمة عن أسباب طبيعية، إلا أنها في أغلب الأحيان تحدث بسبب أنشطة البشر في الغابات الاستوائية من أجل تطهير الأراضي.
وتأتي إزالة الغابات لتطهير الأراضي من أجل الزراعة، والتي كانت تاريخيا السبب الرئيسي للتدمير، في المرتبة الثانية ولكنها تظل سببا رئيسيا.
سجلت البرازيل تدمير 2,8 مليون هكتار من الغابات الأولية العام الماضي، نُسب ثلثاها إلى الحرائق التي بدأت في كثير من الأحيان لإفساح المجال لزراعة فول الصويا أو لرعاية المواشي.
لكن البلاد سجلت نتائج جيدة في عام 2023، إذ استفادت الغابات من تدابير الحماية التي قررها الرئيس لولا خلال العام الأول من ولايته الجديدة.
وتقول الباحثة في المعهد العالمي للموارد سارة كارتر إن "هذا التقدم مهدد بسبب التوسع الزراعي".منطقة الأمازون البرازيليةكانت منطقة الأمازون البرازيلية الأكثر تضررًا، إذ وصل تدمير الغابات فيها إلى أعلى مستوى له منذ عام 2016.
وتتناقض أرقام معهد الموارد العالمية مع تلك التي نشرتها شبكة الرصد البرازيلية "ماببيوماس" MapBiomas في 16مايو، والتي أفادت بانخفاض حاد في إزالة الغابات، لكن بياناتها لا تشمل الحرائق.
وتحتل حماية الغابات مرتبة عالية على قائمة أولويات الرئاسة البرازيلية لمؤتمر الأطراف الثلاثين ("كوب30")، المؤتمر السنوي الرئيسي للمناخ الذي تنظمه الأمم المتحدة، والمقرر عقده في بيليم بين العاشر من نوفمبر والحادي والعشرين منه.
- "ظاهرة جديدة" -تحتل بوليفيا المجاورة المركز الثاني في قائمة أكثر البلدان تضررا، إذ تضاعفت ثلاث مرات المناطق المدمرة العام الماضي، أيضا بسبب الحرائق الضخمة.
ويشير معدو التقرير إلى أن معظم هذه الحرائق "تهدف إلى إزالة الأراضي لإقامة مزارع على نطاق صناعي".
وأتت النتائج متضاربة في أماكن أخرى، مع تحسن في إندونيسيا وماليزيا، لكن مع تدهور واضح في الكونغو وجمهورية الكونغو الديموقراطية.
وتأتي الضغوط على الغابات تاريخيا من استغلال أربعة منتجات يُطلق عليها اسم "الأربعة الكبار": زيت النخيل وفول الصويا ولحوم الأبقار والأخشاب.
لكن التحسن في بعض القطاعات ــ مثل زيت النخيل ــ تزامن مع ظهور مشكلات جديدة، ترتبط على سبيل المثال بالأفوكادو في المكسيك، أو بالقهوة والكاكاو.
وبالتالي، فإن أسباب إزالة الغابات لن تظل بالضرورة "على حالها دائما"، وفق مدير برنامج الغابات في المعهد العالمي للموارد رود تايلور الذي يدعو إلى اتباع مقاربة شاملة للموضوع. ويحذر قائلا "إننا نشهد أيضا ظاهرة جديدة مرتبطة بصناعة التعدين والمعادن الأساسية".