ثقافة «الأنا» تهيمن: «نتنياهو» يبحث عن انتصار زائف والمجتمع الإسرائيلي يتحرك بعيدا عن السياسيين الحاليين
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
تسير الحياة السياسية فى إسرائيل، بعد أكثر من 100 يوم على الحرب فى قطاع غزة، نحو تحولات فى الأفكار والشخصيات السياسية والانتماءات، وفُرضت أزمة قيادة للبحث عن شخص يسعى لإنهاء فصل الحرب والتفكير فى كيفية الخروج من أهوالها، ما دفع المجتمع الإسرائيلى لتسمية آخرين فى منصب رئاسة الوزراء، بدلاً من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالى، المتشبث بمنصبه لإنقاذ حكومته، بالبحث عن انتصار زائف يبرر به الفشل الأمنى لإسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر الماضى.
الصحفى الإسرائيلى يوآف ليمور، قال إن ثقافة «الأنا» تهيمن على النظام السياسى الإسرائيلى برمته، فالجميع يهتمون بأنفسهم فقط دون تقديم أى إجابة للصعوبات الهائلة التى نشأت فى إسرائيل فى الصحة والتعليم والزراعة بعد هجوم 7 أكتوبر، والحرب التى تلته فى قطاع غزة، مشيراً إلى أن الأمور يجرى إضعافها بدلاً من تقويتها، ونتيجة لذلك، فإن المجتمع الإسرائيلى الذى يعانى من وطأة الضرر سيتحرك بعيداً عن السياسيين الحاليين، فور انتهاء الحرب وإسقاط الحكومة.
وأكد «ليمور»، فى تحليل نشرته صحيفة «يسرائيل هايوم»، الاثنين الماضى، أن ثقافة «الأنا» تحكم كل شىء فى الحياة السياسية فى إسرائيل، وقال: «قليلون، إن وجدوا، يضعون الحاجة المجتمعية أولاً أمام أعينهم»، مضيفاً أن هناك من القادة، سياسيين وعسكريين، من سيسلم ويرحل، وهناك من سيتمسك بالكرسى بعد الحرب». وأوضح أن رئيس الأركان سيعود إلى منزله فى نهاية الحرب، وكذلك سيعود كبار قادة الجيش و«الشاباك»، سيحيون العلم ويغادرون، فيما سيستمر السياسيون فى التمسك بالكرسى، حتى لو احترقت إسرائيل، مؤكداً أنه منذ أحداث 7 أكتوبر، لا شىء مما يفعلونه يشير إلى أنهم تعلموا الدرس.
وقال الكاتب الإسرائيلى، يوسى كلاين، إن «نتنياهو» يبحث عن انتصار يقدمه للمجتمع الإسرائيلى يغطى ويستر فشله هو وحكومته مما حدث فى 7 أكتوبر، الأمر نفسه أكده الكاتب يوسى فيرتر، الذى قال إن نتنياهو يخوض «حربه الخاصة لإنقاذ سمعته والبقاء فى السلطة»، وأضاف فى تحليل نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الجمعة الماضى، أن «نتنياهو» لم يعد رجل الدفاع أو الدبلوماسية أو الاقتصاد، بل مجرد «رجل الفشل متعدد التخصصات».
«يديعوت أحرونوت»: «واشنطن» قد تجبر «تل أبيب» على وقف العملية العسكرية والعودة إلى المفاوضاتوقال د. محمد اليمنى، أستاذ العلاقات الدولية، إن دولة الاحتلال لم تحقق انتصارات عسكرية تذكر سوى تدمير البنية التحتية وقتل المدنيين والأطفال، وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن الانضباط لا يزال سائداً عند مقاتلى الفصائل الفلسطينية، فعلى الرغم من مقتل ثلثهم لا يزال معظم قادتهم على قيد الحياة ولم ينكسروا.
وأضاف: الصراع بين وزراء حكومة الحرب أصبح فى أوج شدته، حتى إن الأخبار والتقارير تؤكد أنهم يتبادلون الإهانات، لا سيما «نتنياهو»، ووزير دفاعه يوآف جالانت، وهو ما ظهر بوضوح فى المؤتمرات الصحفية الأخيرة، إذ انسحب الأخير من المؤتمر بسبب رفض حضور مساعده، كما أن التصريحات المتطرفة لبعض الوزراء، منهم وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير، والتى تتعلق بتسليح المستوطنين وتهجير الفلسطينيين، جعل «تل أبيب» فى موقف محرج عالمياً، حتى إنه تم استدعاء السفير الإسرائيلى فى الولايات المتحدة لاستجوابه فى الكونجرس بسبب تصريحات بن غفير.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت أنه فضلاً عن الأضرار الاقتصادية، فإن هناك أزمة جديدة خلفتها الفصائل الفلسطينية فى تل أبيب وهى انقلاب الرأى العام العالمى على إسرائيل، فعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكى جو بايدن يدعم إسرائيل منذ اليوم الأول فى حربها، فإنها أصبحت تواجه تحديات جديدة، لاسيما مع تصاعد غضب الشعوب العربية، ما يجعل الولايات المتحدة قد تحتاج إلى إحراز تقدم مع الفلسطينيين من أجل إرضاء الدول العربية.
وقد تجبر «تل أبيب» على وقف العملية العسكرية والعودة إلى السياسة، والترويج لحل الدولتين، فضلاً عن تضاؤل الدعم العالمى لإسرائيل حيث ترتفع معدلات معاداة السامية بشكل كبير، على حد وصف الصحيفة العبرية، حيث تسببت المنظمات التى وصفتها الصحيفة أيضاً بأنها متطرفة وأنصار القضية الفلسطينية، فى نشر خطاب الكراهية تجاه إسرائيل واليهود فى العديد من المدن حول العالم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة فلسطين إسرائيل تل أبیب
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يفشل في تبرير حربه على غزة أمام العالم.. رواية تل أبيب تنهار
في قلب الحرب على غزة، لا تزال هشاشة جهاز الدعاية الرسمي للاحتلال الإسرائيلي، المعروف بـ"الهاسبارا"، تتكشف بشكل متزايد، إذ يتعرّض اليوم لانتقادات حادة داخلية وخارجية، بعد أن فشل في بناء سرد واضح ومتماسك، رغم ميزانيات ضخمة واحتراف مواقع وعلاقات عامة.
ونشر مؤخرًا تقرير عبر موقع "واللا" العبري، وصف الواقع الإعلامي بأنه فشل متكرر ومقصود، لأن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تسعى لتبرير موقفها أخلاقيا، بل صار يقال فقط إنها "لم تقصد السيء"، وفي اللحظة التي يلتزم فيها مسؤولون بالإجابات الواقعية، يقف آخرون صامتين، تاركين الجمهور يملأ الفراغ بروايات بديلة.
وأضاف التقرير أنه خلال الأسبوع الماضي، أعاد الإعلام العبري بث مقابلة قيادية مع وزير الثقافة، عميحاي إلياهو، عبر قناة بريطانية شهيرة، بدا فيها الوزير مرتبكا ومترددا في الإجابة عن أسئلة بسيطة مثل: "ما الذي تفعلونه في غزة؟" و"لماذا يبدو كل شيء بهذا السوء؟"، في مشهد قيل إنه: "يشبه طالبا كاذبا أمام معلم عربي".
واعتبرت تصريحات إلياهو تصعيدا تحريضيا مثل قوله إنّ "كل غزة ستكون يهودية"، وإنه "لا يجب أن يهتم أحد بجوع سكان غزة"، حيث باتت تُترجم أثناء دقائق، فتنتشر في الإنترنت وتُستخدم كأدلة رسمية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي لدى المنظمات الدولية.
إلى ذلك، طالت الانتقادات وزيرة الإعلام السابقة، غاليت ديستيل، التي استقالت بعد أيام من اندلاع الحرب، تقول إنها كانت دون سلطة كافية ولا ميزانية، ولم تستطع مواجهة خطاب التصعيد، ثم في مقابلة اعتذرت عن التحريض لكنها صوّتت لاحقًا لصالح الحكومة نفسها.
وكشف الموقع أن هناك محاولة مضنية لرد المعارك الرقمية، حيث قال خبراء مثل مايكل أورين وأستاذات العلاقات، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعتمد رسائل معقدة لا تؤثر في العالم المنشغل بالمشاعر، وأدركت أن المعركة الإعلامية الجديدة هي في الأساس "حرب غير تقليدية للرأي العام"، لكن بدون قيادة واضحة أو أدوات فعالة.
كما كشفت خروقات بالغة في ممارسة الهاسبارا الرقمية، مثل روبوتات دعائية تعمل آليًا ثم تصدر محتوى مناهضًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، وهو ما أبرز فشل الأدوات في السيطرة على السرد الإعلامي.
واختتم التقرير بالقول إنّ: "الإعلام الرسمي الإسرائيلي لم يعد قادرا على احتواء المشهد، خاصة عندما يتصادم إفراط التصريحات مع غياب استراتيجية متماسكة، ومع تضخيم الميديا الغربية لقضايا إنسانية".
في ظل هذا التآكل المستمر للثقة، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، فقد بات فشل الهاسبارا ليس مجرد تهديد سياسي، بل جزءًا من أزمة شرعية كبيرة تواجهها دولة الاحتلال الإسرائيلي في ساحات العدالة الدولية والرأي العام العالمي.