في مشهد لا يمكن أن تعبر عنه المشاعر بتر الطبيب الفلسطيني هاني بسيسو ساق ابنة أخيه عهد البالغة من العمر 16 عاما، والمصابة بقصف إسرائيلي في مدينة غزة، داخل منزل العائلة دون تخدير أو أدوات طبية، في ظل توقف عمل المستشفيات بالمدينة ومنع القوات الإسرائيلية وصول أي إمكانيات طبية إليها.

وأظهر مقطع فيديو مصور تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي الفتاة عهد بسيسو وهي ملقاة على طاولة الطعام في المطبخ، وعمها طبيب جراحة العظام بمجمع الشفاء الطبي هاني بسيسو يقف بجانبها ويجري لها عملية بتر للساق.

وبأدوات الطبخ البسيطة ودلو فيه القليل من الماء وكيس بلاستيكي، أطلق الطبيب بسيسو، صرخة استغاثة مدوية والدموع تملأ عينيه من هول اللحظة.

ويقول بسيسو وعيناه مغرورقة بالدموع: انظروا.. ها أنا أبتر رجل ابنتي اليافعة (في إشارة لابنة شقيقه) على طاولة مطبخنا في بيتنا المحاصر!.. أين إنسانيتكم؟! انظروا إلى الظلم الذي نعيشه!.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الجمعة 24 ألفا و762 شهيدا، و62 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء. وخلفت الحرب الإسرائيلية دمارا هائلا في المباني السكنية والمنشآت المدنية والبنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

وتعيش مدينة غزة وشمال القطاع حصارًا مشددًا منذ بداية التوغل العسكري الإسرائيلي البري في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وخرجت جميع المشافي والمراكز الطبية عن الخدمة وأخليت قسرًا الرئيسية منها كمجمع الشفاء ومستشفى القدس والمعمداني.

وتمنع إسرائيل دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية والمواد الغذائية من دخول غزة والشمال، إلا بكميات محدودة جدًا لا تكفي باحتياجات السكان هناك، مما فاقم الأوضاع المعيشية.

واقعة الاستهداف

وقبل أيام، صعد بعض أفراد العائلة إلى الطابق الرابع في منزل العائلة الموجود في شارع النصر بمدينة غزة، في محاولة لالتقاط إرسال شبكة الاتصالات للاتصال بوالدهم المقيم خارج قطاع غزة.

وبعد لحظات بسيطة استهدف الجيش الإسرائيلي الغرفة التي كانوا يتواجدون بداخلها بقذيفة دبابة كانت تتمركز بالقرب من المنزل، مما أدى إلى إصابة عهد بتهتك في عظام القدم اليمنى، إلى جانب إصابة والدتها وأختها الصغرى البالغة 12 عاما بجروح متفرقة.

حاولت العائلة التواصل مع فرق الإنقاذ وطواقم الإسعاف للحضور إلى المنزل وإسعاف المصابين، لكن دون جدوى، فالاتصالات كانت مقطوعة حينها، والجيش الإسرائيلي يمنع وصول الطواقم الطبية وفرق الدفاع المدني إلى الأماكن المستهدفة.

لم يكن أمام عمها الطبيب هاني بسيسو، خيار آخر إلا إجراء عملية جراحية لبتر ساق ابنة أخيه ووقف النزيف، رغم عدم امتلاكه أي معدات طبية.

وباستخدام مقص صغير وبعض الشاش الذي كان في حقيبته الطبية، أزال الطبيب الجزء السفلي من الساق.

وأظهرت لقطات فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الطبيب بسيسو وهو يمسح الدم من الجزء المتبقي من الساق اليمنى لابنة أخيه وهي مستلقية على طاولة ويمسك بها أحد أشقائها بثبات، بينما كان الآخر يحمل هاتفين محمولين لتوفير إضاءة أفضل.

خيار صعب

ويقول الطبيب بسيسو: للأسف لم يكن لدي خيار آخر، إما أن أتركها تستشهد أو أحاول بما لدي من إمكانيات، اتخذت قرارًا بأن أبتر الرجل وكان هناك نزيف وكان لا بد من رفع الرجل وربط الشريان.

ويضيف: كان عندي حقيبة معدات طبية لأنني طبيب لم يكن بداخلها إلا مقص وبعض الشاش، وكنت أريد خيطًا لربط الشريان، المهم امسكت بالشريان وقمت بربطه بخيط عادي كالذي نحيك به ملابسنا.

ويتابع: لم يتوفر البنج أو أي مخدر، فكان البنج لها القرآن الكريم، فقد قرأ ابن اخي لها فوق رأسها وأنا قرأت لها أثناء إجراء العملية، أنا متعجب جدا، لأن عهد تحملت ما لا يحتمله العقل البشري!! نحن بحاجة لأطباء نفسيين الآن بعد هذا الموقف.

وانسحب الجيش الإسرائيلي في اليوم التالي من إجراء العملية، وتم نقل عهد إلى مقر جمعية أصدقاء المريض في مدينة غزة، وأُجريت لها إسعافات أولية، وتم تضميد الجرح، وإخراج الشظايا المنتشرة في أنحاء جسدها.

وتخضع عهد منذ ذلك الحين لمزيد من العمليات في المستشفى لعلاج الإصابات التي لحقت بها.

وخلال هذه الحرب المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول بتر أطباء أطراف الكثير من المصابين دون استخدام أي مخدر وبإمكانيات طبية بسيطة بسبب خطورة جراحهم.
وحسب تقرير سابق لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فإن سيقان أكثر من ألف طفل في غزة بترت بسبب القصف الإسرائيلي حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بعد شهرين تأجيل.. نقابة الأطباء تحتفل بيوم الطبيب المصري

تحتفل النقابة العامة للأطباء، برئاسة الدكتور أسامة عبد الحي، غدا السبت، بـ يوم الطبيب المصري السابع والأربعون، الذي يوافق 18 مارس من كل عام، حيث إنشاء أول مدرسة للطب في مصر 1827.

وكان نقيب الأطباء، قد أشار في تصريحات سابقة إلى أن نقابة الأطباء قررت تأجيل احتفالها السنوي بيوم الطبيب إلى 10 مايو الجاري، وذلك عقب عيد الفطر المبارك وعيد القيامة المجيد، حتى يتسنى مشاركة أكبر عدد من الأطباء في هذا الحدث الهام.

احتفالية يوم الطبيب المصري 

وشدّد عبد الحي على أن النقابة مستمرة في دعم الأطباء وحماية حقوقهم، مؤكّدًا أنها لن تدّخر جهدًا في المطالبة بتحسين أوضاعهم.

ووجه نقيب الأطباء، كل التحية والتقدير إلى جموع أطباء مصر، بمناسبة الاحتفال بيوم الطبيب السابع والأربعون، تقديرا لتفانيهم في العمل ودورهم الرئيسي في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين.

وقال عبد الحي، إن النقابة تحتفل بيوم الطبيب، والقلب يتألم، لما يشهده قطاع غزة من عدوان إسرائيلي غاشم، موجها كل التحية والتقدير للكوارد الصحية في غزة، لدورهم البطولي في علاج المصابين والجرحى.

وأكد نقيب الأطباء موقف مصر الثابت رئيسا وحكومة وشعبا من دعم الأشقاء ورفضهم التام لمخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه، مثمنا تصدي مصر لهذه المحاولات والمخططات ودفاعها عن الفلسطينيين في كل المحافل الدولية.

وقال نقيب الأطباء، إن أول مدرسة للطب في العالم العربي والشرق الأوسط كانت مدرسة الطب في أبي زعبل والتي أنشئت في العام 1827، وبعدها بعشر سنوات نقلت إلى قصر العيني، موجها التحية والشكر إلى السيد رئيس الجمهورية، لرعايتة حفل يوم الطبيب السابع والأربعون.

يحضر الاحتفالية التي تقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان د. خالد عبد الغفار، ومستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة د. محمد عوض تاج الدين، ووزير الصحة الأسبق د. عادل العدوي، ورئيس لجنة الصحة بمجلس النواب د. أشرف حاتم، وعدد من رواد مهنة الطب.

طباعة شارك يوم الطبيب المصري يوم الطبيب المصري السابع والأربعون النقابة العامة للأطباء أول مدرسة للطب نقيب الأطباء قطاع غزة التهجير القسري رئيس الجمهورية وزير الصحة

مقالات مشابهة

  • بعد شهرين تأجيل.. نقابة الأطباء تحتفل بيوم الطبيب المصري
  • فطور الجمعة.. طقس يجمع العائلة على الألفة والبهجة
  • قواعد إتيكيت الرحلات مع العائلة
  • بينها مركز جلدية بدون طبيب.. إغلاق مراكز طبية مخالفة بنجع حمادي
  • القبض على رجل قام بالاعتداء على ابنه أخيه
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 43 فلسطينيًا من الضفة الغربية ويقتحم عدة بلدات
  • في يوم الطبيب المصري.. تكريم رموز طبية بارزة على رأسهم أسامة حمدي ومحمود المتيني
  • إعلام فلسطيني: الطيران الإسرائيلي يطلق النار بكثافة في وسط رفح
  • استشهاد 15 فلسطينيًا في غارتين للاحتلال الإسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين شرق مدينة غزة
  • فقدان الطفل محمد عمر في عمّان.. وعائلته تناشد الأردنيين المساعدة