الجزيرة:
2025-12-12@12:22:39 GMT

الردع الأميركي لا يكفي وحده للحدّ من توسع الحرب

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

الردع الأميركي لا يكفي وحده للحدّ من توسع الحرب

هناك خلاصتان واضحتان يُمكن الخروج بهما بعد الهجمات الأميركية والبريطانية على جماعة الحوثي في اليمن، وهما أن انتشار الحرب الإسرائيلية على غزة في أرجاء الشرق الأوسط يتسع بشكل متزايد، ويعمل على خلق وضع إقليمي مضطرب يصعب معالجته بمُجرد انتهاء الحرب، وأن الولايات المتحدة- التي أرسلت بعد السابع من أكتوبر تعزيزات عسكرية إلى المنطقة لأهداف من بينها منع اتساع الحرب- تعمل الآن على توسعتها وتُعمق انخراطها فيها.

إن التصور بأن استخدام القوة سيؤدي إلى ردع الحوثيين عن مواصلة هجماتهم في البحر الأحمر، أو تقويض قدرة حلفاء إيران الآخرين على تهديد المصالح الأميركية في المِنطقة لا يقلّ سذاجة عن التصور الإسرائيلي بأن الحرب على غزة ستؤدي إلى القضاء على حركة حماس.

لقد وضعت الولايات المتحدة نفسها مُجددًا في حالة عداء مع الحوثيين بعد سنوات من سعي إدارة الرئيس جو بايدن لمغازلة الجماعة عبر رفعها من قائمة الإرهاب الأميركية؛ لتشجيعها على الدخول في عملية سلام لإنهاء الحرب اليمنية.

من المفارقات المثيرة للاهتمام أن الولايات المتحدة، التي تضغط على إسرائيل لوضع تصور لليوم التالي لنهاية الحرب في غزة، لا تملك نفسها تصورًا واضحًا للتعامل مع اليوم التالي الذي يُمكن أن ينزلق فيه الاضطراب الإقليمي الراهن إلى صراع أكثر خطورة وأوسع نطاقًا

يُمكن الافتراض بعد الآن أن الحوثيين سيتخلون عن حذرهم السابق في تصميم هجماتهم في البحر الأحمر، كعامل ضغط فقط لإنهاء الحرب على غزّة، ما يعني أن فترة من الاضطراب ستستمر في أكثر الممرات البحرية حيوية للاقتصادَين: الإقليمي والعالمي.

تُمثل جبهة البحر الأحمر الآن صورة مُصغرة عن الشرق الأوسط الجديد الذي دخل حالة من عدم اليقين، بعد الحرب الإسرائيلية على غزة. بينما تُصعد الجماعات المدعومة من إيران هجماتها على القوات الأميركية في سوريا والعراق، بشكل متزايد، وتُقابل برد أميركي متصاعد، فإنّ الوضع على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية لا يقل خطورة، ويلوح في الأفق شبح حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله.

وقد أصبح مسار التوتر-مع مرور الوقت- مستقلًا بحد ذاته عن مسار الحرب على غزة، إنْ من حيث الفعل ورد الفعل، أو من حيث الظروف العميقة التي أدَّت لظهوره اليوم. إن العامل الوحيد الذي حال حتى الآن دون تطور التصعيد على الجبهة اللبنانية -الإسرائيلية إلى حرب هو أن الطرفين لا يُريدانها لاعتبارات مُختلفة.

لكنّ هذا العامل يصبح أقل تأثيرًا في ديناميكية المواجهة الحالية بين إسرائيل وحزب الله مع تفوق العوامل الأخرى التي تجعل الحرب خيارًا لا مفرّ منه. وحتى لو بدت مسألة اليوم التالي لنهاية الحرب في غزة الأكثر تعقيدًا، فإن أحدًا لا يملك تصورًا واضحًا للكيفية التي يُمكن أن يكون عليها الشرق الأوسط في اللحظة التي تندلع فيها حرب كبيرة بين إسرائيل وحزب الله، وكيف ستكون الاستجابة الأميركية لها.

حتى لو كانت إدارة الرئيس جو بايدن لا تمتلك خيارات أقل تكلفة للتعامل مع الارتدادات الإقليمية لحرب غزة سوى استخدام القوة العسكرية كعامل ردع، فإن الردع لن يكون كافيًا وحده للحد من المخاطر الإقليمية.

ومن المفارقات المثيرة للاهتمام أن الولايات المتحدة، التي تضغط على إسرائيل لوضع تصور لليوم التالي لنهاية الحرب في غزة، لا تملك نفسها تصورًا واضحًا للتعامل مع اليوم التالي الذي يُمكن أن ينزلق فيه الاضطراب الإقليمي الراهن إلى صراع أكثر خطورة وأوسع نطاقًا، باستثناء أنها تأمل تجنّب هذا السيناريو.

تكمن نقطة الضعف الأساسية في الإستراتيجية الأميركية في التعامل مع هذا الاضطراب الإقليمي، في أن واشنطن تعتقد أن عامل الردع يُمكن أن يُثني إيران وحلفاءها عن تعميق انخراطهم في الحرب، وفي أن الدفع باتجاه تقليص الحرب الإسرائيلية على غزة، ودفع دول المنطقة إلى الانخراط في الرؤية الأميركية لإدارة غزة بعد الحرب، سيؤديان تلقائيًا إلى الحد من المخاطر الإقليمية الناجمة عن الحرب.

قد يبدو جزء من هذا الاعتقاد صحيحًا، خصوصًا لجهة أن إيران وحلفاءها لا يزالون يُظهرون انضباطًا أكبر في نشاطهم العسكري. لكنّ مُحفزات مواصلة هذا الانضباط تتضاءل شيئًا فشيئًا. كما أن إيران تجد في الارتدادات الإقليمية لحرب غزة فرصة لاستعراض قوتها الإقليمية، وزيادة الضغط العسكري -عبر وكلائها- على الوجود العسكري الأميركي في سوريا والعراق، وتعظيم تأثير الحوثي في المعادلة الأمنية في البحر الأحمر.

كما تتعامل الولايات المتحدة مع حرب غزة على أنها فرصة لتجديد حضورها العسكري في الشرق الأوسط، فإن طهران تنظر إليها أيضًا على أنها فرصة لرفع التكاليف العسكرية على الحضور الأميركي في المنطقة. حتى مع الأخذ بعين الاعتبار دور الحرب على غزة في تأجيج الاضطراب الإقليمي الراهن، فإنه يتغذى الآن من هذه الحرب بقدر أكبر من كونه نتيجة لها.

أدى انهيار فرص إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني في عهد بايدن، وعودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة، والشكوك المتزايدة بشأن مستقبل الدور الأميركي في الشرق الأوسط، فضلًا عن المنافسة الجيوسياسية الجديدة بين القوى العظمى وانعكاساتها على الشرق الأوسط، وأخيرًا الحرب على غزة، أدّت جميعها إلى خلق آفاق جديدة أمام إيران لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية الإقليمية.

أحدثت حرب السابع من أكتوبر تحوّلات كبيرة في الشرق الأوسط، إن من حيث إعادة إحياء القضية الفلسطينية ودورها في تشكيل ديناميكيات السياسات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، أو من حيث إعادة تسخين حرب الوكالة بين الولايات المتحدة وإيران، فضلًا عن تحريك خطوط الصدع في الصراع بين إسرائيل وحزب الله.

وبمعزل عن مآلات حرب غزة وسيناريوهات الاضطراب الإقليمي الراهن، فإن التنبؤ بشرق أوسط جديد أكثر استقرارًا أضحى مُجرد وهْم. والحقيقة، التي سيتعين على بايدن ومساعديه أخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار بشنّ ضربات عسكرية في المنطقة، أن القوة وحدها لن تُنظف الفوضى التي خلّفتها حرب إسرائيل على غزة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بین إسرائیل وحزب الله الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط الحرب على غزة البحر الأحمر ی مکن أن ی حرب غزة تصور ا من حیث

إقرأ أيضاً:

العاصفة”بايرون” تضرب عدة دول في الشرق الأوسط بينها الاردن

صراحة نيوز- وكالات

حذرت هيئات الأرصاد الجوية من اقتراب العاصفة العنيفة “بايرون” من الشرق الأوسط، بعد أن خلفت أضرارا كبيرة في اليونان وقبرص.

وأكدت هيئات الأرصاد أن تأثيرات العاصقة قد تستمر لعدة أيام وسط مخاوف من كارثة جوية في بعض المناطق.

من المتوقع أن تصل بقايا العاصفة “بايرون” إلى منطقة شرق البحر المتوسط، بما في ذلك الأردن ودول أخرى، اعتباراً من اليوم الأربعاء حاملةً معها أمطاراً غزيرة ورياحاً قوية واحتمال حدوث سيول.

مسار العاصفة.. التأثير المتوقع في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان

ضربت العاصفة “بايرون” اليونان وقبرص في البداية، متسببة في فيضانات مدمرة وأضرار في البنية التحتية، وهي الآن تتحرك شرقا نحو منطقة المشرق العربي.

الأردن: تتأثر المملكة تدريجيا بامتداد منخفض جوي اعتبارا من يوم الأربعاء، مما يؤدي إلى أجواء باردة وغائمة جزئيا إلى غائمة أحيانا. من المحتمل أن تكون الأمطار غزيرة على فترات ومصحوبة بالرعد وتساقط حبات البرد، مما قد يؤدي إلى جريان السيول في الأودية والمناطق المنخفضة، بما في ذلك الأغوار والبحر الميت.

فلسطين: تستعد سلطات الطوارئ والإنقاذ لموجة الأمطار المتوقعة يوم الأربعاء، مع تحذيرات من فيضانات مفاجئة ورياح قوية في عدة مناطق

سوريا ولبنان: من المتوقع أن تؤثر العاصفة على مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك أجزاء من سوريا ولبنان.

وأصدرت الجهات المعنية تحذيرات مشددة بشأن مخاطر السيول المفاجئة، خاصة في مناطق الأودية والمناطق الصحراوية.

وبحسب التوقعات، تبدأ تأثيرات العاصفة اعتبارا من يوم الأربعاء، على أن تبلغ ذروتها يوم الخميس، مع استمرار أجواء عاصفة وماطرة حتى نهاية الأسبوع. وتشمل التحذيرات أمطارا غزيرة، رياحا قوية، انخفاضا حادا في درجات الحرارة، واحتمال تشكل فيضانات وسيول في مناطق واسعة.

وتستند التحذيرات في الشرق الأوسط إلى ما خلفته “بايرون” من دمار واضح في اليونان وقبرص خلال الأيام الماضية. ففي اليونان، تسببت الأمطار الغزيرة بفيضانات أغرقت قاعدة الجناح القتالي 112 الجوية في إليفسينا، حيث غمرت المياه حظائر طائرات حساسة تستخدم لصيانة طائرات رسمية، بينها طائرات رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ما استدعى إجراءات طارئة لحماية المعدات.

كما أعادت العاصفة إلى الأذهان سيناريو عام 2023، حين تسببت عاصفة “دانيال” بإغراق قاعدة ستيفانوفيكيو الجوية قرب فولوس، وظهرت آنذاك مروحيات عسكرية غارقة في المياه، بعد أن ارتفع منسوبها داخل بعض الحظائر إلى نحو خمسة أمتار، ما فتح تحقيقات حول قصور الإجراءات الوقائية.

وفي ضوء هذه السوابق، يتوقع رفع مستوى الجاهزية في دول الشرق الأوسط، وتنظيف مجاري السيول، وتأمين البنية التحتية الحيوية، تحسبا لفيضانات مفاجئة وانقطاع محتمل في الكهرباء والطرقات.

وأكد خبراء طقس أن ما شهدته اليونان وقبرص قد يتكرر بنسب متفاوتة في المنطقة، مشددين على أن الاستعداد المبكر هو العامل الحاسم لتقليل الخسائر البشرية والمادية

مقالات مشابهة

  • «الليجا» تُطلق مشروعاً استراتيجياً في المنطقة
  • الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهام
  • هند الضاوي: ترامب يعتبر جماعة الإخوان أحد أدوات الحزب الديمقراطي في الشرق الأوسط
  • سلام استقبل مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان بحضور السفير الأميركي
  • نائب مهدّد ويتجوّل فرحا بالأعياد؟!
  • اتصال هاتفي بين رجي ووزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني: التعاون لمنع أي تصعيد إسرائيلي
  • عاجل | الشرق الأوسط للتأمين يوقف تأمين المركبات لهذا السبب
  • الكويت… دبلوماسية الحكمة في زمن الأزمات
  • العاصفة”بايرون” تضرب عدة دول في الشرق الأوسط بينها الاردن
  • هند الضاوي: واشنطن دعمت تدمير غزة وتبحث إعادة إعمارها الآن .. إسرائيل صناعة أمريكية