بوابة الوفد:
2025-06-09@07:42:21 GMT

نحو دراما أكثر مسئولية

تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT

تعد الدراما من أهم القوالب الفنية التى يمكنها تناول الظواهر الاجتماعية المختلفة فى المجتمع المصري، والدراما باعتبارها عملًا أو حركة أو حدثًا فهى محاكاة؛ لأن المحاكاة تشمل العمل والحركة والحدث. والحقيقة، إن الدراما تتضمن الفعل والمشاهدة، فهى تتألف من شقين اثنين؛ هما: عمل المؤلف، وعملية التجسيد للشخصيات والأحداث والأفعال، والأهم من ذلك كله تجسيد العلاقات.

 

ومن هذه العلاقات التى قد تعبر عنها الدراما، بوجه عام، ومسلسلات التليفزيون، بوجه خاص، العلاقة بين الطبقات الاجتماعية؛ إذ يتباين أعضاء كل مجتمع بناء على عدد من المتميزات الاجتماعية؛ كالمهنة والملكية والمال، إلى جانب العادات والاهتمامات والمنجزات الثقافية، كما يتباين هؤلاء أيضًا فى الأذواق والقيم والمعتقدات، وسمات أخرى تُكتسب أثناء ممارسة الحياة الاجتماعية.

وتقيم المجتمعات وزنًا لهذه الاختلافات، لتصبح فيما بعد أساسًا مهمًا تعتمد عليه الأوضاع الاجتماعية من خلال تحديد الواجبات المختلفة فى تنظيم وجوه النشاط الاجتماعى وأنماط الحياة اليومية؛ فيما يسمى بالطبقات الاجتماعية. وتتعدد التنصيفات الاجتماعية لهذه الطبقات وتتنوع، بل وتختلف باختلاف أبعاد القياس التى يقوم عليها كل تصنيف؛ إذ يتم تصنيفها من حيث البعد الاقتصادي، ومن حيث بعد القوة، ومن حيث البعد المهني، لكن حجم التداخل بين هذه الأبعاد قد تزايد بشكل ملحوظ ليأخذ منحى جديدًا يقوم على المزج بين الأبعاد الثلاثة، وبما يتفق وطبيعة الأوضاع الاجتماعية.

ومع وجود الطبقات الاجتماعية وتباينها، ظهرت نظرية الصراع الطبقي؛ والتى تنظر إلى المجتمع وتحلله فى ضوء الصراع بين المصالح المختلفة والمتعارضة أحيانًا، حيث ترى هذه النظرية الصراع بين الطبقات الاجتماعية ضروريًا ولازمًا للتطور الاجتماعي، وقد يكون هذا الصراع داخل الطبقة الواحدة، أى أنه صراع من نوع معين يظهر داخل وحدة اجتماعية معينة، وليس صراعًا على المستوى الأفقى الذى يمتد فى شرائح المجتمع المختلفة، وقد يكون هذا الصراع بين الطبقات الاجتماعية فى ضوء الغايات والأهداف التى يحددها النسق الكلى للمجتمع.

وفى إطار ما تحظى به الدراما لدى الجمهور من كثافة مشاهدة مرتفعة، فإن التوظيف الثقافى للدلالات السيميولوجية التى تقدمها دراما التليفزيون للعلاقات بين هذه الطبقات الاجتماعية بما يُشكل أبنية سيميولوجية مليئة بالمعانى والدلالات الرمزية، قد يعكس صورة متحيزة تسهم، بشكل كبير، فى تعميق الصراع بين هذه الطبقات بما يخالف الواقع؛ ومن ثم فإن البناء المحكم والتصميم الدقيق لتلك العلاقات قد يكون من أهم مقومات نجاح ما تقدمه هذه الدراما.

وفى هذا الإطار فإن استخدام الرموز فى تشكيل البناء الدلالى الذى تعكسه الدراما لا بد أن يتم فى إطار من المسئولية الاجتماعية؛ فاتساع مجال الحرية الذى تتيحه الوسيلة فى نشر  المضامين المتنوعة وتداولها لا يجب إساءة توظيفه فى استخدام الرموز التى تقدم دلالات تتعارض وثقافة المجتمع، وهذا ما يوجه الأنظار إلى ضرورة الاهتمام بالتربية من أجل استخدام أفضل لوسائل الإعلام.

أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د أحمد عثمان لدراما الصراع بین

إقرأ أيضاً:

إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية

علاقة الصراع بين أميركا والصين بدأت مبكرًا، وإن كانت وصلت إلى الحرب الاقتصادية العلنية مع مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى 2017-2020، ويمكن رصد مسيرة الصراع منذ مطلع الألفية الثالثة حتى الآن في 5 محاور رئيسة.

فقد شملت دائرة الصراع الاقتصادي الأميركي الصيني المحاور الآتية:

اتهام الصين بإصرارها على إبقاء قيمة عملتها منخفضة من أجل زيادة الصادرات. اتهام الصندوق السيادي الصيني بممارسة دور سياسي. اتهام شركات التكنولوجيا الصينية بالقيام بأعمال تجسس. قيام أميركا باستخدام آلية الرسوم الجمركية بشكل مبالغ فيه ضد الواردات من الصين. الإعلان عن العزم على البدء بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين، وبخاصة أولئك الذين يرتبطون بعلاقة بالحزب الشيوعي، أو يدرسون في تخصصات حساسة.

وهنا يأتي التوظيف السياسي للقرار المزمع اتخاذه من قبل أميركا تجاه الطلاب الصينيين، إذ سيصنف الطلاب حسب انتمائهم السياسي داخل بلدهم، وكذلك نوعية الدراسات التي يلتحقون بها.

ووصفت الخارجية الصينية إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنه غير منطقي، وأنه يضر بمصالح الطلاب الصينيين. ويذكر أن الطلاب الصينيين يعدّون من أحد أهم مصادر التمويل للجامعات الأميركية، لكونهم يدفعون رسوما دراسية كاملة.

إعلان

وتذهب بعض التقديرات إلى أن عدد الطلاب الصينيين بأميركا يصل إلى 277 ألف طالب بمراحل التعليم الجامعي والدراسات العليا، وترصد بعض التقارير أن العدد في تناقص منذ عام 2021، إذ كانت الأعداد تزيد على 300 ألف طالب.

وذكرت وكالة بلومبيرغ أن نواب من الحزب الديمقراطي قد نبهوا في تقرير لهم إلى خطورة اطلاع طلاب صينيين على أبحاث موّلت من قبل وزارة الدفاع، وهو ما يعني نقل أسرار هذه الدراسات لدولة معادية.

وهنا الملاحظة المهمة، والتي يمكن من خلالها قراءة خلفيات ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي، أن الأمور تأتي من خلال مخاوف أمنية تتعلق بنقل للتكنولوجيا، وبخاصة في ظل الحرب الاقتصادية المعلنة بين أميركا والصين.

الجدير بالذكر أن بعثات الصين التعليمية إلى أميركا بدأت في سبعينيات القرن العشرين بمبادرة من الرئيس الأميركي جيمي كارتر، إذ بدأت بابتعاث نحو 10 آلاف طالب صيني، إلا أنها في السنوات الأخيرة في أقل تقديراتها، وكانت في بعض السنوات قد تجاوزت 900 ألف طالب.

المصالح لا المبادئ

على الرغم من تبنّي مشروع العولمة الأميركي منظومة من المبادئ، من حرية التجارة والاستثمار الأجنبي، والمنافسة الاقتصادية والتجارية، وتوزيع المنافع بين الشركاء في الاقتصاد العالمي، فإن الواقع يعكس صورة أخرى عمادها أن المصالح مقدمة على المبادئ، والأخطر أن العلاقة بين القوى الاقتصادية تأتي في إطار الصراع وليس المنافسة، وعكست صحة هذا الادعاء ممارسات ترامب في مواقف عدة تتعلق بالرسوم الجمركية وحجب التكنولوجيا.

ولذلك كثُر المتضررون من ممارسة أميركا الاقتصادية، سواء من خلال تصديرها لمشكلاتها الاقتصادية الداخلية، عبر سياساتها المالية والنقدية، أو الخروج على منظومة المنظمات الدولية المعتمدة على مبدأ "تعدد الأطراف".

فالعجز التجاري المزمن في أميركا، وإشكالية دينها العام المتزايد، يضغطان على الوضع المالي هناك، مما دعا لإعادة التصنيف الائتماني لأميركا من قبل وكلات التصنيف الدولية، حيث تراجع تصنيف أميركا على مؤشر وكالة موديز في مايو/أيار 2025 من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه1".

إعلان تجاهل التاريخ

محاور الصراع والحرب الاقتصادية بين أميركا والصين تم تناولها ومناقشتها من قبل بشكل واسع عبر وسائل الإعلام أو الحلقات العلمية، إلا أن الخطوة الأخيرة التي تخص إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين هي الأكثر حداثة في مسيرة الصراع.

وإن كانت أميركا تقوم اليوم باتخاذ مثل هذه الخطوة ضد طلاب الصين فمن الوارد أن تتخذها ضد دول أخرى كلما شعرت بأن هؤلاء الطلاب يسعون لنقل التكنولوجيا لبلدانهم، أو أن هذه الدول تمثل نوعًا من المنافسة غير المرغوبة للاقتصاد الأميركي.

ولكن على أميركا أن تعي أن سجلات التاريخ محفوظة، وأنها إبان بناء نهضتها اتجهت لإرسال طلابها إلى دول أخرى في بعثات تعليمية أسهمت في تقدمها تكنولوجيًّا، فالكاتب البريطاني جون تشانج يذكر في كتابه "ركل السلم بعيدًا.. إستراتيجيات التنمية والتطور قديمًا وحديثًا" أنه مما يدلل على تقدم نوعية التعليم في ألمانيا أنه "قدم إليها 9 آلاف أميركي للدراسة بين عامي 1820-1920".

وإن كانت الفترة تمتد إلى 100 عام، إلا أن المبدأ نفسه استفادت منه أميركا، ولنا أن نتخيل هذا العدد في ذلك الزمن، فهو عدد معتبر بمعايير عدد السكان آنذاك، كما أن الأيام دول وأميركا لم تكن بلا هدف من وراء بعثاتها التعليمية لألمانيا، فقد رأينا كيف لعبت أميركا أدوارا متعددة في الحربين الأولى والثانية، مكنتها في ما بعد من قيادة العالم، وكان للعلم والبحث العلمي دور كبير في هذا الأمر.

ويقدر عدد الطلاب الوافدين إلى أميركا في عام 2024 بنحو 1.1 مليون طالب، يمثل الطلاب الهنود والصينيين منهم نصيب الأسد بنحو 50%، وإن كانت الهند تتقدم الصين من حيث عدد الطلاب الوافدين لأميركا.

التأثير الاقتصادي

حسب بيانات البنك الدولي، تبلغ صادرات الخدمات الأميركية في 2023 نحو تريليون دولار. تستحوذ الصين منها على قرابة 50 مليار دولار، حسب أرقام العام نفسه، بينما الأرقام الخاصة بصادرات الخدمات التعليمية الأميركية للصين بلغت 14.3 مليار دولار.

إعلان

وإن كان الرقم كبيرا إلى حد ما، عندما ننظر إليه في ضوء إنفاق الدول الأخرى على الخدمات التعليمية بأميركا، إلا أنه لا يمثل شيئا يذكر عند مقارنته بالناتج المحلي الإجمالي الأميركي البالغ 27.7 تريليون دولار في عام 2023.

ثقل إنتاج التكنولوجيا

التأثير الاقتصادي قد يُنظر إليه في الأجل القصير أو في الجانب المباشر بحجم إنفاق هؤلاء الطلاب وما يحدثونه من زيادة في الطلب على السلع والخدمات، ولكن التأثير غير المباشر هو ما استرعى انتباه إدارة ترامب، ومن قبلها مسؤولين أميركيين، إذ يتمثل هذا الأثر غير المباشر في تغيير ثقل إنتاج التكنولوجيا، فقد لاحظ النواب الأميركيون أن طلاب الصين يمثلون الكتلة الأكبر من الطلاب الأجانب بالجامعات الأميركية في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

ولكنّ ثمة أمرا مهمًّا يتعلق بإسهام الأجانب في تطوير البحث العلمي بأميركا، حيث تعتبر إسهامات الأجانب ملموسة ولا يمكن تجاهلها، وقد تؤدي الخطوة الأميركية إلى تأثير سلبي على مسار البحث العلمي في ضوء منع تأشيرات الدخول للبلاد للطلاب الصينيين.

ويتوقع أن يتزايد الصراع بشكل عام، وفي مجال البحث العلمي بشكل خاص، وكلا الطرفين بلا شك سوف يبحث عن بديل، فقد تذهب الصين بطلابها للأبواب الخلفية للتكنولوجيا الأميركية في الهند أو كوريا الجنوبية.

بينما قد تفتح أميركا الباب لجنسيات أخرى من أميركا اللاتينية أو تزيد حصة الطلاب من شرق آسيا لتعويض الحضور الصيني في التعليم الجامعي والدراسات العليا.

ونحسب أن حسابات كلا الطرفان إستراتيجية ولا تخضع للتكتيك، فالصراع في طريقه للتزايد، وحتى لو هدأت ملفات أخرى تتعلق بالرسوم الجمركية، إلا أن ملف نقل التكنولوجيا من أميركا للصين ستكون له حسابات أكثر تشددًا، وهو أمر يمثل اتفاقا بين الحزبين الأميركيين، الديمقراطي والجمهوري، فإبان ولاية بايدن زادت القيود التكنولوجية على الصين.

إعلان

مقالات مشابهة

  • دراسة ميدانية لـ «الإمارات للتنمية الاجتماعية برأس الخيمة»: الوعي المجتمعي ركيزة وقائية لمواجهة التضليل الإعلامي
  • كم ستخسر أميركا نتيجة الصراع بين ماسك وترامب؟
  • المسؤولية الاجتماعية في الحج..
  • مسلسل Mercy for None .. الدراما الكورية التي فجّرت الجدل على نتفليكس!
  • إعلام أمريكي: الصراع مع اليمنيون في البحر الأحمر استنزف الذخائر وأرهق الطواقم
  • الجمهور المتغير والثابت.. سر الصراع الانتخابي
  • دراما الإصلاح على الطريقة اللبنانية
  • نيوتوبيا.. دراما كورية تطرح أسئلة لا تجيب عنها التكنولوجيا
  • الكرملين يعلّق على تصريحات ترامب بشأن "معركة الأطفال"
  • إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية