قرار الانسحاب تلاه الوزير الناطق باسم حكومة بوركينا فاسو خلال نشرة الواحدة ظهراً في التلفزيون الحكومي، وبرّر القرار بما قال إنه «ابتعاد المنظمة عن القيم التي تركها الآباء المؤسسون»، مشيراً إلى أن المنظمة «أصبحت تحت تأثير القوى الأجنبية»، في إشارة إلى الغرب، وفرنسا على وجه التحديد.

وكانت فرنسا بوصفها القوة الاستعمارية السابقة للمنطقة قد عارضت بشدة انقلابات عسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، ودفعت منظمة «إيكواس» إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ضد الدول الثلاث، وهي العقوبات التي وصفتها الدول الثلاث بأنها «غير قانونية وغير مشروعة ولا إنسانية».

بل إن الدول الثلاث ذهبت إلى أن المنظمة الإقليمية لم تساعدها في حربها على الإرهاب، وذلك ما دفعها إلى أن «تأخذ مصيرها بأيديها»، في إشارة إلى التوجه نحو مقاربة جديدة لمحاربة الإرهاب، تقوم على التوجه نحو المعسكر الشرقي، خاصة روسيا التي كانت جاهزة لدعم هذه الدول بالسلاح والجنود.

وبالتزامن مع قرار الانسحاب، نشرت وكالة الأنباء الرسمية في بوركينا فاسو برقية تعلن فيها وصول مجموعة من الجنود الروس إلى البلاد، وصفتهم بأنهم «مدربون يأتون في إطار تعزيز التعاون العسكري والاستراتيجي».

بل إن الوكالة الرسمية أكدت أنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها جنود روس بوركينا فاسو، وقالت إنها «زيارة طبيعية تدخل في السياق العادي للعلاقات المتميزة التي تربط البلدين والأمتين»، مشيرة في هذا السياق إلى وجود عدد من ضباط جيش بوركينا فاسو في روسيا حيث يتلقون تدريباً.

وأوضحت الوكالة أنه منذ وصول النقيب إبراهيم تراوري إلى حكم بوركينا فاسو، في سبتمبر (أيلول) 2022، تطورت العلاقات مع روسيا، ومنذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي عينت بوركينا فاسو سفيراً لها في موسكو، كما افتتحت روسيا سفارتها في واغادوغو نهاية نفس الشهر، بعد 3 عقود من الإغلاق. البعثة العسكرية الروسية خلال لقاء مع سلطات بوركينا فاسو (وكالة بوركينا فاسو الرسمية للأنباء) لكن نشر خبر وصول الجنود الروس إلى بوركينا فاسو من طرف جهة رسمية يأتي ليؤكد معلومات نشرتها قناة مقربة من روسيا على تطبيق «تلغرام» الأسبوع الماضي، تقول فيها إن «المفرزة العسكرية الروسية من الفيلق الأفريقي، التابع لوزارة الدفاع الروسية، وصلت إلى بوركينا فاسو».

القناة التي تحملُ اسم «المبادرة الأفريقية»، وتقوم بالدعاية للسياسات الروسية في أفريقيا، قالت إن «100 خبير عسكري روسي وصلوا إلى عاصمة بوركينا فاسو مع معداتهم وأسلحتهم»، قبل أن تشير إلى أنه «سيلتحق بهم 200 جندي روسي آخر، لتشكيل قوة قوامها 300 جندي روسي» يتمركزون في بوركينا فاسو.

وحين قاد إبراهيم تراوري انقلابه العسكري وتوجه نحو التحالف مع روسيا، كانت فرنسا تنشر 400 من قواتها الخاصة في بوركينا فاسو بحجة محاربة الإرهاب، لكن تراوري قرر من جانب واحد إنهاء اتفاق التعاون العسكري مع فرنسا وأرغمهم على المغادرة.

ومع فتحه الباب أمام الوجود العسكري الروسي في بلاده، يسعى تراوري للحصول على الدعم في مواجهة تنظيمي «داعش» و«القاعدة» اللذين يسيطران على مناطق واسعة من شمال وشرق بوركينا فاسو، لكنه يبحث أيضاً عن قوة تحافظ على استقرار حكمه.

جهات مقربة من موسكو قالت إن القوة العسكرية الروسية «ستنضم إلى الحرس الخاص للرئيس إبراهيم تراوري»، وذلك بعد عدة محاولات لقلب نظام الحكم، بعضها كان يتضمن مخططاً لاغتياله، حسب ما أعلنت الحكومة أكثر من مرة

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: فی بورکینا فاسو إلى أن

إقرأ أيضاً:

واغادوغو تخلد ذكرى توماس سانكارا بنصب يروي حكاية الثورة والاستقلال

في خطوة تحمل في ظاهرها تكريما لبطل وفي داخلها صراعا مع الاستعمار وتاريخه، وضمن حملة جديدة تهدف لتعزيز السيادة والاستقلال، شهدت مدينة واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو الأحد الماضي افتتاح نصب تذكاري (تمثال) لتوماس سانكارا، القائد الثوري الذي حكم البلاد بين عامي 1983 و1989، ولا يزال الغموض يلفّ ظروف اغتياله الذي أنهى تجربة تحرّرية كانت ملهمة في أفريقيا وخارجها.

النّصب، الذي جاء تصميمه على شكل عين مع درجات تنازليّة تُمثّل توماس سانكارا (1949-1987) ومساعديه الـ12 الذين اغتيلوا معه، تمّ افتتاحه بحضور ممثّلي عدد من الدول الأفريقية.

وخلال وقائع حفل الافتتاح، قال جان إيمانويل ويدراوغو رئيس وزراء بوركينا فاسو إن هذا النصب هو "أكثر من مجرد مبنى، بل موقع يُجسّد الوعي الجماعي لأهل بوركينا فاسو وللمناضلين من أجل الحرية، ولكل من يُقدّر السلام والعدالة الاجتماعية، وللتضحيات التي بذلها الرئيس توماس سانكارا ومعاونوه".

وحملت اللوحة التذكارية للنصب جملة لرئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم النقيب إبراهيم تراوري، وهي "الثورة التي تركها لنا توماس سانكارا هي الروح والفعل.. نحن مصمّمون على إبقاء الشعلة متقدة لإضاءة المسيرة المشرقة لشعبنا نحو أفق السعادة.. لن ننحني. الوطن أو الموت، سننتصر".

إعلان

ويُعتبر هذا النصب جزءا من منتزه كبير يضمّ مطعما ومكتبة إعلامية وورشا أخرى، وذلك ضمن مشروع  يكرّم إرث توماس سانكارا عبر التثقيف والتوعية، وتوفير بيئة مناسبة لاستحضار مبادئ الزعيم الراحل في الحرية والعدالة الاجتماعية.

المبنى الذي يضم تمثال توماس سانكارا بالعاصمة واغادوغو (مواقع التواصل)

وجاء هذا النّصب التذكاري تتويجا لعمل "اللجنة الدولية لإحياء ذكرى توماس سانكارا" التي تم تشكيلها في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2016 بهدف كشف الحقيقة في ملف اغتيال الرجل ورفاقه، وللحفاظ على إرثه السياسي والفكري، وإحياء ذكراه في قلوب مواطنيه الذين يعتبرونه "أب الثورة" في بوركينا فاسو.

ملهم الرئيس الجديد

ويعكس هذا المشروع توجّهات الحاكم العسكري الحالي لبوركينا فاسو إبراهيم تراوري (37 عاما) الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2022 ويحاول تقديم نفسه كمنقذ للبلاد مما يسميه الاستعمار الجديد.

ومن أهمّ القرارات التي اتّخذها الرئيس تراوري إعلان فك الارتباط مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، والدخول في تحالف مع روسيا، واعتماد سياسات اقتصادية جديدة مثل تأميم مناجم الذهب.

ويبدو الرئيس تراوري من خلال تصريحاته ومواقفه معجبا بأفكار سانكارا وتوجّهاته في روح الاستقلالية والحرّية، وفي السياسات العامة المتعلّقة بالسيادة الوطنية والاقتصاد.

وتجسّد ذلك الإعجاب أيضا في قرار تراوري نقل رفات سانكارا إلى النصب التذكاري الذي تم تدشينه رسميا، بدلا من المدفن المتواضع السابق.

قائد الانقلاب في بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري يوصف بأنه معجب بالرئيس السابق توماس سانكارا (وكالة الأناضول)

وكان الرئيس تراوري قد أشاد العام الماضي بالزعيم سانكارا في الذكرى الـ37 لاغتياله، ووصفه بـ"رجل الرؤية العظيم الذي ترك بصمة لا تُمْحى في تاريخ أمتنا من خلال نزاهته ووطنيته".

إعلان الزعيم الحاضر في الوجدان

ولا يزال اسم توماس سانكارا حاضرا بقوة في ضمير أبناء بلده الذي كان يُسمّى "فولتا العليا" قبل أن يقوم سانكارا بتغييره إلى "بوركينا فاسو"، أي "أرض الأنقياء" باللغة المحلية، إضافة إلى تغيير العلم والنشيد الوطنيين.

وخلال فترة حكمه، شنّ سانكارا حربا على الطبقات التقليدية النافذة في الدولة، كما قام بحملة على الفساد ونهب الثّروات العامة، وسعى إلى ترشيد الإنفاق العام في المجالات غير الضرورية.

وأطلق برامج صحية واجتماعية وتعليمية واسعة، ودشن مشروعا لمكافحة التصحر مكّن من غرس 10 ملايين شجرة، ووزع الأرض على السكّان المحتاجين.

وعلى الصعيد الدولي، اكتسبت بوركينا فاسو في ظل قيادة سانكارا زخما وحضورا واسعا في المحافل العامة، وذلك بفضل تأييده قضايا الشعوب المظلومة والوحدة الأفريقية وتصفية الاستعمار.

وطيلة حياته، ظلّ مدافعا عن العالم الثالث منتقدا ما سمّاه "الاستقلال الشكلي" الذي ابتكرته دول "العالم الآخر" لكي تضمن الاستلاب الفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي في مستعمراتها.

وكان سانكارا كثير الانتقاد لفرنسا ولطبيعة علاقاتها بمستعمراتها السابقة والقائمة على استمرار نهج التبعية والاستغلال.

ومقابل تدهور العلاقات مع فرنسا والأنظمة الموالية لها، حرص سانكارا على توطيد الروابط مع بلدان المعسكر الاشتراكي مثل كوبا وأنغولا ونيكاراغوا.

البحث عن قاتل سانكارا

وعام 1987 بدأت تلوح في الأفق ملامح انقلاب حضّر له رفيق دربه بليز كومباوري، حيث اندلعت احتجاجات واضطرابات واسعة، استمرّت عدة أشهر وبلغت ذروتها يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول في العام ذاته حيث قُتل سانكارا مع 12 من مساعديه بالرصاص في العاصمة واغادوغو أثناء اجتماع رسمي، وتكتّمت السلطات على ظروف مقتله.

ووُجّهت أصابع الاتهام في ذلك الاغتيال إلى بليز كومباوري، ومن ورائه فرنسا عبر شبكات نفوذها في مستعمراتها السابقة.

وكان أول قرار اتخذه كومباوري هو حرق جثة سانكارا، وتجريم كل من ينطق باسمه أو يحمل صورته في عموم بوركينا فاسو.

وبعد اغتيال سانكارا، حكم كومباوري البلاد بقبضة من حديد طيلة 27 عاما إلى أن تنحّى عن السلطة يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014، وهرب خارج البلاد أمام مظاهرات شعبية غاضبة احتجاجا على مساعيه لتعديل إحدى مواد الدستور للسماح له بالترشّح لولاية رئاسية ثالثة.

إعلان

وقد وعدت أول حكومة تشكّلت بعد سقوط نظام كومباوري بـ"إعادة فتح ملف سانكارا وبنبش قبره لإخضاع الرفات الموجود بداخله لفحوص الحمض النووي"، لأن عائلته وأنصاره يشككون فيها.

وفي أولى إجراءات البحث عن حقيقة اغتيال سانكارا، سعت الحكومة الانتقالية لاستجلاب الرئيس المخلوع  كومباوري الذي فرّ إلى كوت ديفوار، رغم أن حالته الصحية تدهورت كثيرا.

وبعد سلسلة من التحركات والمساعي لمحاكمة المتورطين في الاغتيال، أدان القضاء في أبريل/نيسان 2021 كلا من كومباوري والضابطين المقربين منه جلبير ديندريه وهياسينتو كافاندو بالسجن المؤبد بتهمة المسؤولية عن اغتيال سانكارا ومساعديه.

في غضون ذلك، تواصل اللجنة الدولية لإحياء ذكرى توماس سانكارا المساعي لكشف الحقيقة، وتطالب برفع السرّية الدفاعية من قبل فرنسا فيما يتعلّق بملف سانكارا ورفاقه.

ونفت باريس رسميا تورّطها في اغتيال سانكارا، ووعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2017 برفع السرية عن الوقائع المتعلقة بالحادثة، لكنّ بعض الوثائق الأرشيفية التي سلمتها باريس إلى القضاء في بوركينا فاسو لم تتضمّن معلومات جديدة.

مقالات مشابهة

  • روسيا تكشف في معرض MILEX 2025 العسكري عن برج “الصياد”
  • واغادوغو تخلد ذكرى توماس سانكارا بنصب يروي حكاية الثورة والاستقلال
  • مصرع جنديين .. هجوم مسلح علي قاعدة حميم الروسية في سوريا
  • وسائل إعلام عبرية: تفاهم تركي إسرائيلي لتفادي الاحتكاك العسكري في سوريا
  • روسيا: الدفاع الجوي يسقط عدداً من الطائرات المسيرة
  • الدفاع الروسية: أسطول المحيط الهادئ يحمي مصالح روسيا في نصف المياه العالمية
  • شخبوط بن نهيان آل نهيان يلتقي رئيس المرحلة الانتقالية في بوركينا فاسو
  • إيكونوميست: انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" من البحر الأحمر.. ما المشاكل والاخفاقات التي واجهتها؟ (ترجمة خاصة)
  • ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟
  • 3 دول تهدد إسرائيل بإجراءات إذا لم توقف هجومها العسكري على غزة