المشهد الحزين الذى رسمه خروج المنتخب المصرى لكرة القدم على يد مدربه البرتغالى روى فيتوريا كان معبرًا عن سياق عام فى الرياضة المصرية بوجه عام وكرة القدم بوجه خاص.
ماذا كنا ننتظر من مدير فنى أجنبى تم استقدامه براتب شهرى 200 ألف دولار منذ أكثر من عام، وفى النهاية رجل ذهب إلى بطولة أمم إفريقيا وعاد بخفى حنين دون أن يفوز فى مباراة واحدة وخرج مكللًا بالخيبة من دور الـ16.
الرجل الذى يعمل منذ عام فشل من قبل أن يذهب فى البطولة، واختياراته نفسها إعلان فشل مبكر لم يلتفت له أحد.
الرجل طوال مدة تدريبه للمنتخب المصرى لم يقدم لاعبًا واحدًا جديدًا بعكس المدير الفنى السابق كيروش الذى صنع لمصر منتخب كبير واكتشف لاعبين من الدورى المحلى أصبحوا أعمدة المنتخب الحالي.
نفس هؤلاء اللاعبين وصلوا للنهائى فى البطولة الماضية، وخسروا النهائى على يد أقوى فريق إفريقى هو السنغال.
الرجل وقف أسير بعض أعضاء اتحاد الكرة وأصبح دمية لا يضع خطة ولا يحسن اختيار اللاعبين، وبدا من الوهلة الأولى أن الاختيارات تشوبها المجاملات.
حلم الفوز ببطولتنا المفضلة انهار منذ المباراة الأولى، وكل ما جاء بعد ذلك مجرد تحصيل حاصل.
منظومة كرة القدم المصرية تحتاج لإعادة النظر بالكامل بداية من إعادة الجماهير إلى المدرجات فلا كرة قدم بدون جماهير.. وليس معقولًا أن تظل ملاعبنا منذ 10 سنوات بدون جماهير.. الاستثناء لا يمكن أن يكون قاعدة.
ليست هناك مشكلة فى تعرض المنتخب لهزيمة، ولكن المشكلة هى غياب الروح عن اللاعبين، وظهورهم بهذا المستوى المتواضع وانعدام الروح القتالية.
أمامنا الأهم الآن وهو الصعود لنهائيات كأس العالم، وخوض أمم افريقيا القادمة فى المغرب بشكل مختلف.
لدينا تجربة منتخب المغرب الحاصل على المركز الرابع عالميًا تلك التجربة التى قامت على أكتاف لاعبين من أصل مغربى نشأوا فى أوروبا، وتعلموا الالتزام قبل المهارات وشكلوا قوامًا لمنتخب محترم فرض احترامه على العالم فى بطولة كأس العالم الماضية.
لدينا نحن أيضا لاعبون من أصل مصرى يلعبون فى أقوى الدوريات ويحملون الجنسية المصرية والأوروبية.. فلماذا لا تتكرر تجربة المغرب ونرى؟
منتخب مصر لكرة القدم كان الابتسامة الأخيرة التى تحولت إلى صرخة حزينة نتمنى ألا نراها فى المستقبل.
yassershoora @gmail.com
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منتخب مصر لكرة القدم المنتخب المصري لكرة القدم
إقرأ أيضاً:
فضائل فاروق حسنى
نتيه فخرا، ونحن نرى العالم يُغير نظرته لنا. ليست مصر خرائب جهل وتطرف. ليست حقل صراع، ومفرخة كراهية، وبلد تخلف. مصر أمة راقية ناهضة منفتحة على العالم وحاضنة للفن والعلم.
تشرئب أعناقنا زهوًا، ننتفخ ونبتهج ونشعر بكبرياء مصريتنا. فخلال أيام قليلة تتحول عدسات الشرق والغرب تجاهنا تسجيلا وتوثيقا للحظات تاريخية استثنائية، يتم فيها افتتاح أكبر متحف أثرى فى العالم هو المتحف المصرى الكبير.
سيقف الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومعه ملوك ورؤساء وقادة دول العالم فى مشهد مبهر يُدشنون معا مشروعًا حضاريًا عظيمًا، يحوى نحو ستين ألف قطعة آثار تحكى تاريخًا مجيدا لبلادنا العظيمة.
يومها يفرح كل مصرى بانجاز حقيقى يرفع الرأس عاليا، ويستحق كل مَن راعوه وأنجزوه تحيات الأجيال.
ولاشك أن فضيلة الإنصاف تضعنا أمام حقيقة ثابتة مُتفق عليها، مفادها أن هذا الصرح العظيم بدأ حلما للفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الاستثنائى الذى كان أبرع من تولى هذه الحقيبة الوزارية فى تاريخ مصر الحديث.
يستحق الرجل الذى تولى وزارة الثقافة لربع قرن (1987-2011) خلال زمن الرئيس مبارك، تحية تقدير وبسمة امتنان، على صناعة الفكرة والتخطيط لها ورسم المسارات وتهيئة المناخ واقناع العالم والعمل من أجلها.
فى يوم ما استاء فاروق حسنى من سؤال ساخر لأحد المسئولين الأوربيين عن مصير آلاف القطع الأثرية المحجوبة فى مخازن مصر، فرد بعفوية لحظية بأن مصر ستنشئ أكبر متحف آثار فى العالم ليضم كل هذه القطع. كان الوزير الحالم يُدرك أن الإمكانات المادية – خاصة للثقافة والفنون – عائق فى سبيل إنجاز كثير من المشروعات العظيمة. وكما توقع وقتها فقد سأله الرئيس مبارك عن تمويل مشروعه الذى يحلم به، فأجاب بأن هناك جهات عديدة فى العالم يُمكن أن تمول مشروعا عظيما لحفظ التاريخ وتوثيق الحضارة. وبالفعل تم تخصيص 120 فدانا لإنشاء المتحف، وبدأت عمليات الترويج لتسهم مؤسسات أوروبية وإيطالية وعربية كبرى، ليتحول الحلم إلى واقع حقيقى.
قاوم فاروق حسنى حملات التشكيك والاحباط، وواصل عمله بدأب، ثم ترك للدولة المصرية مشروعا قابلا للاستكمال راعته حكومات تالية وسانده مصريون مؤمنون بعظمة الفكرة حتى وصل الأمر إلى ما نراه الآن ونعتز به.
وهذا فى رأى كثير من المثقفين، وعلى رأسهم صديقى الكاتب الصحفى المخضرم أمجد مصطفى يستحق تكريما وانصافا من الدولة المصرية للرجل الذى فكر وخطط وتحمس للمشروع.
ولا شك أن الانصاف يبدو خلقا رفيعا نبيلا يتسق مع مصر الدولة، التاريخ، الحضارة، والقيم الرفيعة. فشكر مَن يستحق الشكر سمة مصرية أصيلة، وقد عادت هذه السمة للترسخ بقوة فى الآونة الأخيرة. وليس أدل على ذلك من اطلاق أسماء قادة ورجال عظام وشخصيات عامة ساندت الوطن عسكريا وحضاريا وفنيا مثل محمد نجيب، سعد الدين الشاذلى، جيهان السادات، طه حسين، ياسر رزق، وأحمد فؤاد نجم، وغيرهم.
وفاورق حسنى ليس فى حاجة لتكريم، فجيلى وأجيال سابقة ممُتنة للرجل مساندته واشرافه على مشروع «القراءة للجميع» الذى أسهم فى تشكيل وعينا الإنسانى، وأنجانا من مستنقعات السلفية اللاحضارية، وأذرع الإرهاب البغيض، لكننا على أى حال فى حاجة ماسة لتأكيد فضيلة الانصاف والوفاء والامتنان لكل ذى فضل. والله أعلم.
[email protected]