استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي على المالية بالمؤسسات الحكومية
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
استكشف مؤتمر عمان الدولي للمحاسبة والتدقيق خلال أعماله تأثير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وتعزيز مهارات ومؤهلات ومعايير الأفراد العاملين في الأدوار المالية داخل المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى استعراض أهمية الأخلاق والمهارات المهنية في مجال المحاسبة والتمويل.
كما استعرضت الجلسات المصاحبة للمؤتمر عددا من المحاور، كتأثير هيئات المحاسبة المهنية في تقدم مهنة المحاسبة والتدقيق والمالية، والتنقل بين المعيار الدولي لإدارة الجودة للتدقيق، وفهم الفروق الدقيقة في دمج مراجعات جودة المشاركة في معايير التدقيق، والضرائب من منظور عالمي، ودور المدير المالي في ظل التحديات والاتجاهات الناشئة، ودور المحاسبين المحترفين في استدامة المنظمات، والاتجاهات المستقبلية في مهنة المحاسبة.
وتستمر أعمال المؤتمر -الذي نظمته جمعية المحاسبين القانونيين العمانية بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية- حتى غدا الأربعاء، في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض. وقد استهدف المؤتمر عدة فئات تتمثل في المحاسبين، والماليين، والمراجعين، والمدققين، والمديرين ورؤساء الأقسام، وأقسام الحوكمة وإدارة المخاطر، وجميع المهتمين والمعنيين بالمحاسبة والمالية والتدقيق.
علما أن المؤتمر جاء تماشيا مع رؤية عُمان 2040، التي تحظى باهتمام سامٍ من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بتطوير قطاعات الأعمال، والارتقاء بالتخصصات والمؤهلات المهنية في سلطنة عمان، مواكبة للتغيرات المتسارعة في المنطقة، وتماشيا مع الممارسات والتحديثات الدولية.
وتحدثت أسماء رسموكي رئيسة الاتحاد الدولي للمحاسبين، قائلة: يمثل الاتحاد الملايين من المحاسبين المحترفين من خلال 181 منظمة عضوة في 135 دولة عبر العالم، وتركز أهداف الاتحاد في تمثيل صوت المهنة، والعمل مع المنظمات الأعضاء وأطراف أخرى معنية لضمان أن المهنة جاهزة للمستقبل، ودعم عمليات وضع المعايير الدولية المتعلقة مثلا بالتدقيق، والسلوك الأخلاقي، والتعليم، وإعداد التقارير المالية وغير المالية، مع التركيز على الاعتماد والتطبيق، مشيرة إلى أن أبحاث الاتحاد الدولي للمحاسبين أظهرت وجود علاقة وطيدة بين وجود نسبة أعلى من المحاسبين المحترفين في القوى العاملة من جهة، وارتفاع المقاييس العالمية الرئيسية لتصورات الفساد من جهة أخرى.
صاحب الملتقى استعراض عدد من أوراق عمل، التي ناقشت أفضل الممارسات المحلية والإقليمية والعالمية في مجال المحاسبة والتدقيق، وتم من خلالها تبادل الخبرات والشراكات في تطوير مهنة المحاسبة والارتقاء بها، وتمكين الكوادر المهنية المحاسبية ونقل أفضل الممارسات الدولية في مجال المحاسبة والمراجعة، وبناء الشراكات مع أصحاب العلاقة المحليين والدوليين.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
في ظاهرة تبدو كأنها خرجت من قصص الخيال العلمي، كشفت دراسة حديثة أن البشر بدؤوا بالفعل تبني أسلوب لغوي يشبه إلى حد كبير أسلوب الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي.
هذا التحول الصامت، الذي رصده باحثون في معهد "ماكس بلانك لتنمية الإنسان" في برلين، لم يقتصر على المفردات فحسب، بل امتد إلى بنية الجمل والنبرة العامة للحديث، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل اللغة والتنوع الثقافي في عصر هيمنة الآلة ومنطقها في التفكير.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"كل ما نريده هو السلام".. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيوبياlist 2 of 2سيرة أخرى لابن البيطار بين ضياع الأندلس وسقوط الخلافةend of list تسلل إلى حواراتنا اليوميةاعتمدت الدراسة، التي لم تنشر بعد في مجلة علمية وتتوفر حاليا كنسخة أولية على منصة (arXiv)، على تحليل دقيق لمجموعة ضخمة من البيانات اللغوية، شملت ما يقرب من 360 ألف مقطع فيديو من منصة يوتيوب الأكاديمية و771 ألف حلقة بودكاست. وقام الباحثون بمقارنة اللغة المستخدمة في الفترة التي سبقت إطلاق" تشات جي بي تي" في أواخر عام 2022 وما بعدها، وكانت النتائج لافتة.
لاحظ الفريق البحثي زيادة حادة في استخدام ما أطلقوا عليه "كلمات جي بي تي"، وهي مفردات يفضلها النموذج اللغوي، مثل "delve" (يتعمق)، "meticulous" (دقيق)، "realm" (عالم/مجال)، "boast" (يتباهى/يتميز)، و"comprehend" (يستوعب). هذه الكلمات، التي كانت نادرة نسبيا في الحوار اليومي العفوي، شهدت طفرة في الاستخدام. على سبيل المثال، ارتفع استخدام كلمة "delve" وحدها بنسبة 48% بعد ظهور تشات جي بي تي.
وللتأكد من هذه "البصمة اللغوية"، قام الباحثون باستخلاص المفردات التي يفضلها النموذج عبر جعله يعيد صياغة ملايين النصوص المتنوعة. ووجدوا أن استخدام هذه الكلمات في كلام البشر المنطوق ارتفع بنسبة قد تصل إلى أكثر من 50%، مما يؤكد أن التأثير لم يقتصر على النصوص المكتوبة، بل امتد إلى المحادثات اليومية.
تغير في الأسلوب والنبرةالمفاجأة الكبرى في الدراسة لم تكن في المفردات فحسب، بل في النبرة الأسلوبية العامة. لاحظ الباحثون أن المتحدثين بدؤوا يتبنون أسلوبا أكثر رسمية وتنظيما، وجملا أطول، وتسلسلا منطقيا يشبه إلى حد كبير المخرجات المنظمة للذكاء الاصطناعي، بعيدا عن الانفعالات العفوية والخصوصية اللغوية. هذه الظاهرة تعني أننا نشهد مرحلة غير مسبوقة: البشر يقلدون الآلات بطريقة واضحة.
إعلانيصف الباحثون ما يحدث بأنه "حلقة تغذية ثقافية مغلقة" (closed cultural feedback loop)؛ فاللغة التي نعلمها للآلة تتحول، بشكل غير واع، إلى اللغة التي نعيد نحن إنتاجها.
يقول ليفين برينكمان، أحد المشاركين في الدراسة: "من الطبيعي أن يقلد البشر بعضهم بعضا، لكننا الآن نقلد الآلات"، في مشهد يؤكد تحول الذكاء الاصطناعي إلى مرجعية ثقافية قادرة على التأثير في الواقع البشري.
تآكل التنوع اللغويرغم الطابع الطريف الذي قد تبدو عليه هذه الظاهرة، فإن الدراسة تحمل في طياتها تحذيرا جادا حول مستقبل التنوع الثقافي واللغوي. يلفت الباحثون الانتباه إلى أن اعتمادنا المفرط على أسلوب لغوي موحد، حتى لو بدا أنيقا ومنظما، قد يؤدي إلى تآكل الأصالة والتلقائية والخصوصية التي تميز التواصل الإنساني الحقيقي.
وفي هذا السياق، يحذر مور نعمان، الأستاذ في معهد "كورنيل تك"، من أن اللغة عندما تكتسب طابع الذكاء الاصطناعي قد تفقد الآخرين ثقتهم في تواصلنا، لأنهم قد يشعرون بأننا نسعى لتقليد الآلة أكثر من التعبير عن ذواتنا الحقيقية.
تشير الدراسة إلى أن ما بدأ كأداة للمساعدة في الكتابة والبحث قد تحول إلى ظاهرة ثقافية واجتماعية مرشحة للتوسع. فإذا كان الإنترنت قد أدخل على لغتنا اختصارات تقنية مثل "LOL"، فإن ما يحدث اليوم هو انعكاس مباشر لعلاقة أعمق وأكثر تعقيدا بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.
وتؤكد هذه النتائج أن اللغة ليست مجرد كلمات، بل هي مرآة للسلطة الثقافية ومنبع للهوية. ومع تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء من هذه السلطة، فإن تبنينا لأسلوبه قد يعني أننا، وبشكل غير محسوس، نفقد جزءا من شخصيتنا وهويتنا اللغوية الفريدة في ساحة معركة هادئة تكتب فيها فصول جديدة من تاريخ التواصل البشري.