محمد رامس الرواس
استكمالًا للمقال المنشور بتاريخ 14 أكتوبر 2023، بعنوان "طفل من غزة"، لا يزال الطفل مهند ينتقل من مكان إلى آخر، بحثًا عن الأمن والأمان من القصف الإسرائيلي على غزة الذي لا يفرق بين صغير وكبير؛ بل القتل وحسب هو الهدف، وحكاية الطفل مهند الذي يطارده الموت منذ أن سقط عليهم مسكنهم بشمال غزة ولم ينج من أسرته إلّا هو بمعجزة، بات اليوم من النازحين إلى الجنوب مع أقرانه من الأطفال والأسر الذين لجأوا إلى إيواء موقت بمدارس "الأونروا" لكن تم قصفها أيضًا بجنوب غزة.
استمرت رحلة المعاناة للطفل مهند ذي الأحد عشر ربيعًا، يلاحقه هو ومن معه، قصفٌ متواصلٌ، فيشاهدون جثث الشهداء تتناثر حولهم بالعشرات وهم يواصلون الفرار نحو الأماكن الآمنة التي لم تعد آمنة؛ فالفرار من الموت أصبح مستحيلًا فرائحته في كل مكان.
الآن أصبح مهند في مدينة رفح يعاني هناك معاناة أطفال غزة والمدنيين عمومًا في مثل هذه الأجواء المشحونة بالآلام التي تتمثل في انعدام المسكن وندرة الطعام والدواء؛ فأصبحوا في وضع قاسٍ جدًا لا يُمكن احتماله.
"لا يمكننا في هذه الأيام وصف صعوبة تحمل برد الشتاء القارس ونحن في مثل هذا الوضع المأساوي الصعب".. هذا ما قاله أحد الأطفال ممن كانوا مع مهند لأحد المراسلين الصحفيين، عندما سأله عن وضعهم. لقد أصبح أطفال غزة ذوي أجساد نحيلة وملابس مُبللة بماء المطر، والبرد القارس يلسع أجسادهم بقسوة، يعيشون في خيام لا تستطيع أن تقيهم صعوبة فصل الشتاء البارد، فلا نار تدفئهم أمام خيامهم ولا وجبات تُغنيهم من الجوع.
بالأمس القريب كان مهند يقف أمام منزلهم الذي تم قصفه واستشهدت أسرته عن بكرة أبيها ونجا هو بمعجزة إلهية، واليوم يقف أمام خيمة الإيواء في رفح، وقد انتصف الليل وهو يُحدِّث نفسه، لقد رجعت به الذاكرة إلى منزلهم في الشمال؛ حيث كان ينعم بالمسكن الآمن والفراش الدافئ والطعام الطازج الذي أعدته أمه له، وأصوات أهله حوله يستأنس بهم، وهي لا يزال صداها يتردد في أذنيه بين الحين والآخر.. الآن لم يعد له من أحلامه وذكرياته شيء، ولم يعد يحلم إلّا بالنجاة من الموت. كان مهند في تلك الساعة المتأخرة من الليل واقفًا أمام خيمة الإيواء، يُحدِّث نفسه وشريط رحلة الفرار من الموت من القصف الوحشي والعشوائي يُلاحقه هو ومن معه جوًا وبرًا وبحرًا من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في تلك الخيمة التي تجمَّع فيها العديد من الصبية، دخل مهند ليضع رأسه يحاول أن ينام على فراشٍ مُبللٍ بماء المطر، ويطوي بطنه من الجوع الشديد ويلتحف من البرد القارس تُظلّه خيمة إيواء مُهلهلة.
من لم يحزن لوضع هؤلاء الصبية من أبناء الشهداء من المدنيين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وُلِدُوا في فلسطين؛ فليُراجع نفسه وضميره، فلا شك أنَّ الرحمة قد غابت من قلب أمثاله، ومثل هذه المآسي وتلك المشاهد تذوب لها القلوب، إن لم نكن عونًا لهم في إحدى المبادرات الإنسانية التي تستهدف غوثهم وتوفير الملابس والبطانيات والطعام والدواء والاحتياجات الضرورية التي ينتظرونها بفارغ الصبر، على أحر من الجمر في هذه الفترة الصعبة من الشتاء القارس كي تقيهم الجوع والأمراض والمخاطر والمعاناة في مثل هذه الظروف شديدة الصعوبة، فليس هناك أقل من الدعاء بأن يُفرِّج الله كربتهم.
وللحديث بقية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الشرطة تواجه الموت.. نهاية عصابة أبو عصفور بسوهاج
تمكنت قوات الأمن بسوهاج من القضاء على عصابة خطيرة تعرف إعلاميا ب"أبو عصفور" في منطقة العسيرات، بعد تبادل إطلاق نيران عنيف مع المتهمين أثناء محاولات القبض عليهم، وذلك على خلفية اتهامهم بالاتجار في المواد المخدرة والأسلحة النارية غير المرخصة.
تفاصيل المواجهةووفقا للمصادر الأمنية، فإن العملية جاءت بعد تحريات دقيقة ومتابعة مستمرة لعناصر العصابة، التي كانت تسعى لجلب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة تمهيدا لترويجها بين المتعاطين والمتاجرين.
وأكدت التحقيقات الأولية أن العصابة كانت منظمة وتعمل بشكل ممنهج، حيث كانت تتلقى الإمدادات من مصادر مجهولة قبل توزيعها في مناطق متفرقة بسوهاج.
وأضافت المصادر أن تبادل إطلاق النيران مع القوات أدى إلى مصرع جميع أفراد العصابة، مشيرة إلى أن العملية نجحت بفضل التنسيق المكثف بين قطاع الأمن العام ووحدات مكافحة المخدرات والأسلحة غير المرخصة، بالإضافة إلى متابعة المخابرات الداخلية في المحافظة.
وتعد هذه العملية جزءا من استراتيجية وزارة الداخلية المصرية لملاحقة البؤر الإجرامية التي تعمل في مجال المخدرات والأسلحة النارية غير القانونية.
ففي وقت سابق، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط عدة عناصر خطيرة في محافظات مختلفة، كان أبرزها في بني سويف، حيث لقي أربعة عناصر جنائية مصرعهم إثر مواجهات مسلحة مع الشرطة، في مشهد يؤكد تصاعد جهود وزارة الداخلية لمكافحة الجريمة المنظمة على مستوى الجمهورية.
كما أشارت التحريات إلى أن العصابة لم تكن تعمل منفردة، بل تنتمي لشبكة أوسع من تجار المواد المخدرة والأسلحة غير المرخصة، ما يجعل هذه العملية الأمنية نموذجا للضربات الاستباقية التي تستهدف تعطيل البنية الإجرامية قبل تمكنها من تنفيذ عمليات أوسع.
وأكدت وزارة الداخلية أن هذه الضربات المكثفة تهدف إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار في المحافظات، وضمان سلامة المواطنين، فضلا عن تقويض أي محاولات لإعادة انتشار عناصر الجريمة المنظمة.
وتأتي مواجهة سوهاج ضمن سلسلة عمليات مكثفة نفذتها الوزارة خلال الفترة الأخيرة ضد بؤر إجرامية في محافظات مختلفة، تضمنت مراقبة دقيقة ومتابعة مستمرة لكل تحركات المتهمين، إلى جانب إعداد خطط محكمة لضبطهم أثناء محاولتهم تنفيذ أنشطتهم غير القانونية.
وأكدت مصادر أمنية أن نجاح هذه العملية يعكس القدرة التنفيذية العالية للقوات الأمنية في التعامل مع المواقف الخطرة ومعالجة التحديات الأمنية المعقدة، بما يحافظ على الأرواح والممتلكات العامة.
تواصل وزارة الداخلية جهودها لمحاربة الجريمة بكافة أشكالها، مع التركيز على تفكيك شبكات المخدرات والأسلحة غير المرخصة، والتأكيد على أن أي محاولات للتهرب من القانون ستقابل بمواجهات حازمة من قبل الأجهزة الأمنية، وذلك في إطار خطة وطنية شاملة للحفاظ على الأمن العام وتحقيق الاستقرار في كل محافظات الجمهورية.