تفيض الكنيسة القبطية بعدد كبير من القديسين الذين تركوا أثارهم الباقية حتى اليوم، ولا يزال الآباء بالإيبارشيات اعادة إحياء سيرتهم وقصصهم لترسيخ تعاليمهم وحفر أسمائهم في سطور التاريخ المسيحي وتعليم الأجيال المتعاقبة مايملكون من كنوز روحية عريقة.

القديس بساده القس.. سيرة خالدة في تاريخ الأقباط القديس أنطونيوس.

.صاحب الأثر الباقي في الكنيسة القبطية


وتصادف تاريخ الفترة الماضية بذكرى القديس الأنبا أنطونيوس الكبير المعروف كنسيًا بـ"أب الرهبان" ومؤسس الحياة الديرية، ويؤول الفضل إليه في انشاء الفكر الرهباني واهداء هذه المبادئ للعالم المسيحي ولاتنكر الطوائف جميعها أنه صاحب الأثر الباقي في انشاء الفكر الرهباني الذي تطول واصبح ذو 3 أنماط، فهو أسس "رهبنة الوحدة، ثم ظهرت الشركة، وأخيرًا الجماعات"، وتتلمذ على يدة الكثير في كافة المذاهب وانتقلت تعاليمة مع تحركاتهم أو من خلال طموح الراهب الذي شغفه حب الرهبنة وبات يبحث خلفها في الصحراء حتى تعالم مبادئ الآباء الأوائل الذي تتلمذوا على يد أب الرهبان الأنبا أنطونيوس.


ويروي التاريخ محطات لاتنسى ملهمة في حياة القديس أنطونيوس  الذي عاش في القرن الرابع الميلادي ووُلد عام 251م بقرية قمن العروس مركز الواسطي شمال بمحافظة  بنى سويف، وكان من أسرة ثرية وترك متاع العالم من أجل الحياة الايمانية  اشتعل فؤاده بحب الرهبنة ثم توجهه إلى الكنيسة ذات ليلة عام 269م وسمع الإنجيل يتردد إلتهب قلبه وأرشده لترك الدنيا ويتفرغ للعبادة والزهد. 
سكن الشاب انطونيوس بجوار النيل حسبما ورد في كتاب حفظ التراث المسيحي "السنكسار"، وظل يتعبد ويصلي ويمارس النُسك بشدة، ويروي التاريخ المسيحي أنه ذهب إلى البرية عام 285ميلادية، واستقر حيث مغارة  تعلو جبل القلزم شمال غربي البحر الأحمر.


وخلال عام 305م، كسر أب الرهبان خلوته  ليرسخ معاني الهرنبة في نفوس تلاميذة، وأصبح مؤسس نظام الرهبنة "الوحدة"، ويصف الكثير سيرته أنها كانت شعبية من نبع نفسه  لا يتطلب منها التدخل بالنظام الكنسي. 


مكانة القديس بالكنيسة المصرية


وتعتبر الكنيسة القديس بمثابة كنز روحي وفي كثير من اللقاءات والمحافل الدولية يحرص قداسة  البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أن يتفاخر بصنع مصر في الرهبنة وخروجها من أرضها بفضل القديس "أب الرهبان"، والذي يؤكد أهمية و دور هذا البلد في ثراء التراث القبطي و التعاليم المسيحية.   

 
تناولت الكتب التراثية دور مصر في منح المسيحيين حول العالم ثلاث منارات  عظيمة يتبعها الكثير حول العالم, فهى  أول من أسست إكليريكية "أكاديمية" دينية أسسها القديس مارمرقس لتعليم علم اللاهوت وأساسيات الإيمان المسيحي فقد كانت صرخة إيمانية لمواجهة التشدد الديني حينها, وأيضًا قدمت أرواح مصرية بريئة لحماية الكنائس فيروى التاريخ الذي يعرف بـ"أدب الشهداء الاستشهادي" أحد فروع الأدب القبطي أن الكنيسة القبطية هى أكبر الكنائس التى قدمت شهداء في مواجهة أباطرة الرومان عبر العصور, جاءت هذه إلى جانب الفكر الرهباني والحياة الديرية وإنشاء الأديرة وتأسيس أول مجمع لكل متعبد زاهد في الحياة يرجوا الإيمان. 


تكريس اول كنيسة للقديس

 
خصصت الكنيسة المصرية يوم 10 أغسطس سنويًا، للاحتفال بذكرى تكرس أول كنيسة تحمل شفاعة هذا القديس اتي تعتبره مؤسس الفكر الرهباني وداعى البشر الى الزهد والبحث عن الله في خلوة النفس وممارسة العبادات، وتتخذ كلمة "تكريس" حسب المفاهيم المسيحية عدة أبعاد وتعنى لغويًا التخصيص أو أن يهب الإنسان نفسه لقضية أو خدمة معينة، وتطلق عادة على المباني او الأشخاص فيُكرس الانسان حسب الخدمة الكنسية ومن هذه الخدمات "مساعد الفقراء، رعاية المرضى وغيرها من تقديم المساعدات". 


ويوجد لهذه الكلمة تعريف كنسيً آخر وهو  خدمة كنسية"، ويأخذ التكريس الديني عادة  طقس الرسامة وتعنى تخويل الكنيسة بشكل رسمي شخصًا ليؤدي خدمته، وجاءَ في سفر أعمالِ الرسل في مزمور (أع 3 – 2:13) "قالَ لهم الروحُ القدس : أَفـرِدوا شـاولَ وبرنابا لأمرٍ ندَبْتُهما إليه؛ فوضعوا عليهما أيديَهم بعدما صاموا وصَّلوا ، ثم صرفوهما ".


وتخصصت أول كنيسة لطلب شفاعة "أب الرهبان" والتي تحمل تعاليمه وكل مساهماته في تكوين أجيال مخلصة الإيمان وصادقة المحبة.


 الأنبا انطونيوس في الكتب المسيحية 


تعددت مظاهر المحبة والتعلق بتعاليم القديس أنطونيوس على مر العصور فهناك من درس تعاليمه وهناك من تلقي مبادئ ودروس الرهبنة الصحيحة حتى يسير على نهجه، وآخرين قاموا بدراسة سيرته وكتابة مؤلفات حول محطات أب الرهبان حتى تُخالد قصته إلى أبد الأبدين.


ومن أشهر الأعمال الأدبية التي تنعم بها الكنيسة المصرية وتعد بمثابة ثروة ثقافية تختفظ بثروة روحية، هو كتاب "المثال الصالح- سيرة القديس أنطونيوس" من تأليف البابا أثناسيوس الرسولي، بابا الإسكندرية بطريرك الطرازة المرقسية رقم 20، وتعريب جبرائيل بك روفائيل الطوخي، 
تناول فيه عدة جوانب منها الأسباب التي  جعلت الكنيسة تعتبر مؤسس نظام رهبنة "الوحدة"، وأوجه التباين عن أي نظام رهبانى أخر كـ"الشركة" ، والفرق أن الوحدة هو نظام يعتمد على الإسنان منفردًا بعيدصا عن ملاذ الحياة ومتفرغصا للصلاة مع الله فقط، بينما الشركة الذي أسسة الأنبا باخوميوس في الصعيد يتجمع فيه مجموعة من الرهبان يتشاركون فى العبادة والطقوس. 


شخصيات في حياته


ومن أبرز ما تميز سيرة الأنبا انطونيوس، أنه ذوهدف ذاتي وغير كهنوتى وكان يطمح للتقرب إلى الله، لا يسعى لأي منصب كنسي رغم شهرته ووصول صيته إلى حاكم عصره  "الامبراطور قسطنطين" الذي كان يسعى للوصول إليه كثيرصا إلا أن القديس أنطونيوس كان يفضل المكوث للعبادة دون ظهور علني، لكنه كان يفتح بابه للراغبين في التعلم وكانت حياته تتنقل من الصلاة والعبادة والتعليم، ونتج عن هذه البيئة الكثير من القديسين الذي جابوا في الارض يزرعون بذور الرهبنة خلفًا لأب الرهبان ومن أشهرهم القديس مكاريوس الكبير الذي خرج بفكر مستنير أيضًا واشتهر ببرية الأسقط ، وأصبحت الرهبنة ذات ثلاث أنماط الوحدة، والشركة، وأيضًا الجماعات".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القديس انطونيوس الكبير القدیس أنطونیوس

إقرأ أيضاً:

حُكّام العرب أضحوكة القرن، ونصر غزة سيأتي من اليمن

استوقفني ريلز في صفحة الملكة رانيا يوحي بما يحدث في غزة من مجاعة مميتة، فبدوره ينقل رسالة حزينة!
استعجبت من كمية عدم الحياء فيها بشكل لا يوصف، على وجه الخصوص، وعلى أمثالها بشكل عام، ولم أفهم ما الرسالة التي تريد إيصالها للعالم، وما الصوت المدفون وراءها؟
هل يُفيد ذلك بتأثرها؟ أم بتضامنها؟ أم توحي بحزنها الشديد وعجزها؟ أم ماذا تُشير إليه بالضبط؟!

يمانيون / كتابات/ رؤى الحمزي

 

عجبًا حقًا وصدقًا من النفاق والخبث والكذب الواضح كوضوح عين الشمس، لقد تجلى عجز جميع الأنظمة وافتقار الحكام لاتخاذ القرار، وأبسطه، وأثبتوا للعالم يومًا تلو الآخر أنهم رعاعٌ قطيعٌ يُساق، لا يملكون سيادة ولا قرارًا، ولا يملكون من الحكم إلا اسمه!

عاجزون عجزًا مخزيًا وفاضحًا، كيف لا، وهم كسائر الناس الذين لا يملكون حولًا ولا قوة! بل لولا الحكام الفَشَلة أمثالهم، لفعل الناس ما يُعجّل بالنصر، حيث يظهرون حزنهم وصوتهم كحكام في تغريدة أو بوست! يا للعار..

إنها أضحوكة القرن، حكام العرب عاجزون! لا، بل يُغرّدون، وهذه أقصى إمكانياتهم، وأروع مواقفهم البطولية المقدّمة للعالم، وأبرز انتصاراتهم في تاريخهم “المشرّف”!!!
أعتذر حقًا لكتابة ما أكتبه في حق حكّام العالم العربي “الأقوياء”، صانعي الانتصارات بفك الحصار عن غزة بحروب التغريدات المضحكة والمتعبة، المجاهدين فيها!

عارٌ ما قد نشهده في وقتنا، بسبب فضيحتهم التي ظهرت جليًا أمام العالم، وأفادت بأنهم مجرد أداة تُحرَّك كما يشاء اليهود، وأنهم حكام صورة لا معنى، وأن هناك بقعة شريفة من الأرض دُنّست من قِبَل الصهاينة، وتمادوا فيها، وعاثوا في الأرض فسادًا، ورغم أنها حرب صراعٍ أزليٍّ بين المسلمين واليهود، إلا أنهم ارتضوا بالسِّلم..

ونسوا التوجيهات الإلهية، فتمادى اليهود بدورهم أكثر وأكثر، وقتلوا، وحرقوا، وأبادوا بأبشع الطرق، وها هو الحال يصل بهم إلى أن تكون حرب تجويع، وعالمُنا العربي في صمتٍ مخزٍ، وحكامُنا في تواطؤٍ فاضح..

بينما هناك دولة يجهلها الأغلب، ظهرت وكأنها الحل الوحيد لمسألة معقدة، تنصر رغم الألم، وتصنع المستحيل رغم الافتقار، قيادةً وشعبًا، حكومةً وأرضًا.. تصرخ بصوت واحد، وتسعى لمد يد العون، إنها اليمن…

فرسول الله – صلوات الله عليه وعلى آله – في يومٍ من الأيام، شعر بوَهَنٍ في جسده، وطلب من أم أبيها أن تُعطيه الكساء اليماني، ليُشير ويبعث رسالة قوية: أن اليمن مداوية للألم، تُعين وتُسند عند الوَهَن والضعف؛ كما تفعل الآن مع غزة.
والنصر سيأتي منها، وإن لم يأتِ، فستقف موقفًا مشرّفًا على أنها ساندت، وقاومت، وجاهدت، رغم العوائق والعقبات والمسافات الجغرافية، ورغم كل المصاعب.. ساندت، لا غرّدت!

مقالات مشابهة

  • من القداس إلى الريلز: الكنيسة تُعدّل خطابها لمخاطبة جيل تيك توك
  • 53 قتيلاً وجريحاً.. ارتفاع حصلية هجوم الكنيسة بالكونغو
  • حُكّام العرب أضحوكة القرن، ونصر غزة سيأتي من اليمن
  • الأورمان تُنقذ حياة 23 مريض قلب مفتوح من غير القادرين ببني سويف
  • إنقاذ حياة 23 مريض من غير القادرين بعمليات قلب مفتوح ببني سويف
  • تسبب في انتقادات لفيروز.. محطات في حياة زياد الرحباني
  • «سألوني الناس» أول ألحانه.. محطات في حياة الموسيقار زياد الرحباني
  • تدخل طبي عاجل لإنقاذ حياة فيروز بعد وفاة نجلها زياد الرحباني
  • جرائم إسرائيل بعيدا عن الإعلام!
  • قلق لدى القوى المسيحيّة لنتائج زيارة براك