لم تهدف الاتهامات الإسرائيليّة بمشاركة بعض موظفي الأونروا في هجوم حماس، إلى صرف النظر فقط عن قرار محكمة العدل الدوليّة لجهة مطالبتها إسرائيل بمنع الإبادة الجماعية في غزة، بل أرادت اسرائيل من ادعاءاتها تحقيق هدفها الأخطر، القاضي بإنهاء مهمة الأونروا وإقفال الوكالة نهائيًّا، وهو ما جاهر به نتنياهو أخيرًا.

المفارقة ليست في اتهامات اسرائيل، بل في مسارعة دول العالم "المتحضّر" لتعليق التمويل، رغم أنّ اسرائيل لم تتقدّم بلائحة اتهام رسمي، ولم ترفق مزاعمها بأيّ دليل، ما يعيد إلى الأذهان تبنّي المجتمع الدولي نفسه السرديّة الإسرائيلية غداة السابع من تشرين، والتي أشاعها نتنياهو من أنّ حماس قطعت رؤوس أطفال، وعَرَضَ صورة متفحّمة ادعى أنّها لرضيع، قبل أن يكشف الصحفي الأميركي جاكسون هينكل زيف الصورة، التي تعود إلى كلب في عيادة طب بيطري، تمّ تزييفها عن طريق الذكاء الاصطناعي.
لماذا تريد اسرائيل تصفية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؟ ما الرابط بين وجوديّة الوكالة وحق العودة؟ هل الحرب على الأونروا مقدّمة لتوطين اللاجئين؟ ما علاقة وثيقة العام 2017؟ وما تأثير تعليق تمويل الوكالة على اللاجئين الفلسطينيين لاسيّما في لبنان؟
يعتمد حوالي 6 ملايين لاجىء فلسطيني على خدمات الأونروا في أقاليم عملها الخمسة، لاسيّما في قطاعي الطبابة والتعليم. لكن أبعد من التأثير السلبي على النواحي الحياتيّة، يلفت الكاتب أيهم السهلي مساعد باحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، إلى خطر أكبر تسعى اسرائيل لتحقيقه من جرّاء إنهاء مهمة الأونروا، كمقدّمة لإنهاء قضيّة اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في بلدان اللجوء. كيف ذلك؟
"لا يمكن قراءة الحملة على الأونروا خارج البعد السياسي" يقول السهلي في حديث لـ "لبنان 24" فالوكالة وُجدت لأجل اللاجئين الفلسطينيين بالتحديد، إذ تأسّست بعد النكبة في 8 كانون الأول عام 1949 بموجب قرار الأمم المتّحدة رقم 302، من أجل تقديم خدمات التعليم والرعاية الصحّية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والتمويل الصغير للاجئين الفلسطينيين المسجّلين في غزة والضفّة الغربية والأردن وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية والمخيّمات، وحماية حقوق اللاجئين بموجب القانون الدولي، إلى حين تنفيذ حق العودة المنصوص عنه في القرار رقم 194. انطلاقًا من مهمّة الوكالة، يبدو جليًّا أنّ استمراريتها مرتبطة ببقاء قضية اللاجئين، وتصفيتها مؤشر على شطب اللجوء "من هنا فإن العمل على إنهاء دورها منطلقُه سياسي، من شأنه أن يفسّر كيف تحوّل اتهام بعض الموظفين إلى عقاب جماعي للملايين من اللاجئين" .
خطورة تحويل اللاجئين إلى عهدة المفوضية بدلًا من الأونروا..وثيقة الـ 2017
يلفت السهلي إلى وثيقة رسمية مشتركة صدرت في كانون الأول عام 2017 "13/17/GIP/HCR"، عن المفوضيّة السامية للأمم المتحدة والأونروا، فنّدت في بندها الثاني والعشرين الحالات التي يمكن من خلالها نقل اللاجئين الفلسطينيين إلى ولاية المفوضيّة بدلًا من الأونروا. هذه الحالات هي التالية، إنهاء ولاية الأونروا عبر قرار يصدر عن الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، عدم قدرة الوكالة على الوفاء بولايتها المختصّة بتوفير الحماية أو المساعدة، في هذه الحالة تأخذ الوكالة قرارًا "يحدّد بأن هذا التوقّف قد حدث كأمر واقع في إحدى مناطق العمليات، أو على أساس قُطري واسع النطاق". وقد يحدث ذلك، في ما لو أصبح من المستحيل على الأونروا تنفيذ مهمّتها على الرغم من استمرار وجودها. 
سيناريو عدم تمكّن الأونروا من القيام بمسؤولياتها، بدأت طلائعه تظهر، وفي هذه الحالة يُنقل اللاجئون من ولاية الأونروا إلى ولاية المفوضيّة "وهنا تكمن الخطورة من الناحية السياسية كونه مدخلًا لاغفال حق العودة، فتعريف اللاجئين وفق اتفاقية العام 1951 لا ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين، والتعريف الخاص بهم مختلف تمامًا ومرتبط بالأونروا".
نقل اللاجيئن إلى عهدة المفوضيّة يسقط حقّ العودة
يشرح السهلي الرابط بين تحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى وكالة المفوضيّة وضرب حقّ العودة "المفوضية تعمل وفق خيارات ثلاثة، الخيار الأول إعادة اللاجئين إلى المكان الذي هُجّروا منه، وهو سيناريو لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، لاسيّما أنّ أماكن التهجير لم تعد ضمن فلسطين بفعل الإحتلال كحيفا ويافا، الخيار الثاني التوطين في أماكن اللجوء، أي في لبنان والأردن وسوريا، والخيار الثالث التوطين في بلد ثالث، وهو سيناريو طبّقته المفوضية مع عدد من السوريين، وكذلك فعلت مع اللاجئين الفلسطينيين في العراق، فبعد الغزو الأميركي عام 2003 وأبّان الحرب، تهجّر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، وكون الأونروا غير موجودة في العراق، ولم يكونوا بالتالي تحت ولايتها، توّلت أمرهم مفوضيةُ اللاجئين، وأقامت لهم مخيّمًا في منطقة التنف الحدوديّة داخل الأراضي السورية، ولاحقًا طبقّت سيناريو توطينهم في بلد ثالث، بنقلهم إلى دول متعدّدة منها البرازيل وأوستراليا والنرويج والسويد. انطلاقًا من هذه السابقة نرى أنّ تعليق تمويل الأونروا أبعد وأخطر واكثر تعقيدا من إشكاليّة الخدمات الحياتيّة".
إعادة تمويل الأونروا ضمن شروط جديدة وخطيرة
إنهاء الأونروا ليست خطّة جديدة، بل مشروع قديم، لم تترك اسرائيل فرصة لتحقيقه إلا واستغلّتها، يقول السهلي، منها إيقاف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تمويل الوكالة، وعندما أُعيد التمويل، لم يحصل الأمر تلقائيًّا، بل ضمن شروط جديدة، سُمّيت باتفاق إطار، تمّ توقيعه بين الأونروا والإدارة الأميركية، وضع شروطًا كبيرة على الوكالة "وهذا مؤشّر على أنّ عودة الدول عن قرارها تعليق تمويل الوكالة اليوم، سيكون بتوقيع اتفاق جديد، يضع صيغة جديدة لعمل الأونروا. وكأنّه بات مطلوبًا أنّ تُحمّل الوكالة دورًا سياسيًا متمثلًا بترويض الشعب الفلسطيني واللاجئين، ضمن مفارقة عجيبة، كأن يُطلب من اللاجىء الفلسطيني أن يكون حياديًّا تجاه قضيته، كونه يتلقّى خدمات من الأونروا، وأن لا يتحدث عن حقّه بالعودة، علمًا أنّ وكالة الأونروا وُجدت لقضيته حصرًا لحين تحقيق العودة، كما أنّ القانون الدولي الذي يكرّس حقّ العودة، صادر عن نفس الهيئة الأممية التي أسست وكالة الأونروا".
تأثير إضعاف الأونروا على اللاجئين في مخيمات لبنان
وفق "الدوليّة للمعلومات" تهتمّ الأونروا بـ 200 ألف فلسطيني موزّعين في المخيمات الفلسطينية الـ12 في لبنان، كما يلي: عين الحلوة: 50,000، الميّة وميّة: 4,500، الرشيديّة: 27,500، البصّ: 9,500، البرج الشمالي: 19,500،  برج البراجنة: 16,000، صبرا وشاتيلا: 8,500، مار إلياس (بيروت): 600، البارد: 27,000، البدّاوي: 16,500، ويفل (بعلبك): 8,000، وضبيّة: 4,591.
التأثيرات السلبيّة لتعليق تمويل الأونروا من قبل عدد لا يستهان به من الدول، سرعان ما ستظهر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بنظر السهلي، خصوصًا أنّ الوكالة كانت تعاني من عجز مالي ونقص في التمويل في الأعوام الماضية، انعكس في تدني مستوى الخدمات، لاسيّما في قطاع التعليم، الذي يشهد تراجعًا في الأداء واكتظاظًا في صفوف الطلاب، ومن شأن ذلك أن يتفاقم في حال توقّفت رواتب موظفي الوكالة. تقويض عمل الوكالة سينسحب على جميع اللاجئين في الأقاليم الخمسة، في غزة والضفّة الغربية والأردن وسوريا ولبنان، لاسيّما أنّهم يعتمدون بشكل أساسي على خدمات الوكالة، بالأخص في قطاعي التعليم والصحة، أضافة إلى خدمات أخرى تقدّمها الأونروا في لبنان لجهة تحسين البنية التحتية وأرضيات المخيمات وإزالة النفايات.أمّا التأثير الأكبر فيكمن في القطاع الطبي، بظل ارتفاع تكاليف الاستشفاء في لبنان، كما أنّ اللاجئ الفلسطيني ممنوع من العمل بموجب القوانين اللبنانية، ويفتقد بالتالي إلى التأمين الصحي، ويعتمد بشكل أساسي على الأونروا لتغطية نفقات الاستشفاء.
بالتوازي مع القتل والتطهير العرقي والإبادة الجماعية في الميدان الغزاوي، تُحاك الخطط والمؤامرات، لتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وتهجير فلسطينيي الداخل، وتوطين فلسطينيي الشتات، فهل يبقى المجتمع الدولي شاهدَ زور، أم يضغط الرأي العام العالمي ويقلب المعادلات؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین على الأونروا المفوضی ة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

جيرالد درمانان وزير فرنسي شن حربا على المساجد والأئمة

جيرالد درمانان سياسي فرنسي ولد عام 1982 شمالي فرنسا. ينحدر من أصول جزائرية ومالطية. تقلد مناصب وزارية عدة. فقد كان وزيرا للعمل والحسابات العامة في ما بين 2017 و2020، وتسلم وزارة الداخلية في يوليو/تموز 2020، وعين وزيرا للداخلية والدوائر الخارجية من 2022 حتى 2024، وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2024 نصب وزيرا للعدل.

المولد والنشأة

ولد جيرالد موسى واكيد درمانان في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1982 بمدينة فالنسيان شمالي فرنسا. كان والده جيرار درمانان يدير مقهى في المدينة ذاتها.

أما والدته آني واكيد فكانت عاملة نظافة في إحدى البنايات الراقية بشارع إيلاو في الدائرة الـ16 بالعاصمة باريس في أوائل التسعينيات من القرن الـ20، ثم عملت في مبنى بنك فرنسا لتغطي نفقات دراسة ابنها، إذ كانت الداعمة الأولى له.

تلقى تعليمه الابتدائي في المدارس الحكومية الفرنسية بمسقط رأسه، وبعد انتقال عائلته إلى باريس واصل تعليمه الثانوي بالمدرسة الكاثوليكية الخاصة "ليسي دي فران بورجوا"، ثم انتقل إلى المدرسة التحضيرية التابعة للمعهد الكاثوليكي هناك.

جيرالد درمانان يتحدث في البرلمان الفرنسي يوم 1 أبريل/نيسان 2025 (الفرنسية)

وتعود أصول أجداده من جهة الأب إلى مالطا وكان يعمل بالمناجم، أما من جهة الأم فتعود إلى منطقة الأوراس بالجزائر، فأمه هي ابنة "الحْركي" موسى واكيد، الذي انضم إلى الجيش الفرنسي وهو في الـ14 من عمره.

وكلمة "حْركي" تعني الخائن، وقد أطلقها الجزائريون على المتعاونين مع الاستعمار الفرنسي، وعلى من انضموا إلى الجيش الفرنسي لمواجهة النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية.

إعلان

تزوج جيرالد في يونيو/حزيران 2010 من مورغان غوميز، وهي موظفة برلمانية، لكنهما انفصلا عام 2017، ثم تزوج للمرة الثانية من روز ماري دو فيلير، وهي مديرة استشارية لشركة "هافاس" للاتصالات الفرنسية، وأنجبا طفلين هما ماكس إيميليان وأليك.

الدراسة والتكوين العلمي

بعد اجتيازه المرحلة الثانوية أكمل السياسي الفرنسي تعليمه الجامعي والتحق بمعهد الدراسات السياسية بمدينة ليل وتخرج في كلية العلوم السياسية.

أظهر أثناء دراسته شغفا وتميزا في العلوم السياسة، وبدأ يتكلم بطلاقة ووعي كبيرين، وكان من الطلاب القلائل الذين يرتدون البذلة الرسمية.

الوظائف والمسؤوليات

استهل مشواره المهني وعمل رئيسا لمكتب السياسي الفرنسي ولاعب الجودو المتقاعد ديفيد دوييه، في قسم أمانة الدولة لشؤون الرعايا الفرنسيين في الخارج، ثم مديرا للديوان لدى وزارة الرياضة.

كما تقلد درمانان مناصب انتخابية ووزارية عدة، فقد عين مدة عامين مستشارا إقليميا لمنطقة "نور با دو كاليه" عام 2010، ثم نائبا لرئيس المنطقة في 2017، وعين كذلك مستشارا إقليميا لمنطقة "لي أو دو فرانس" من 2017 حتى 2020.

أصبح عضوا في البرلمان عن منطقة الشمال الفرنسي بين عامي 2012 و2016، وترأس بعد ذلك بلدية توركوان في منطقة الشمال عام 2014 وشغل هذا المنصب 3 سنوات، ثم أعيد انتخابه للمنصب ذاته في 2020.

مناصب حكومية

تقلد مناصب وزارية عدة، فقد كان وزيرا للعمل والحسابات العامة بين 2017 و2020، ولم يكن يتجاوز عمره 34 عاما، وعين وزيرا للداخلية في يوليو/تموز 2020.

وكان عضوا في مجلس المقاطعة الشمالية عام 2021. وتولى منصب وزير الداخلية والدوائر الخارجية من 2022 حتى 2024، وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2024 نصب وزيرا للعدل.

مواقفه من المسلمين

عرف درمانان في الأوساط السياسية الفرنسية والدولية بمواقفه المعادية للإسلام والمسلمين، إذ يرى أن ما يسميه "الإسلام السياسي" هو "تهديد للجمهورية الفرنسية وعدو قاتل".

إعلان

وبعد حادثة قتل المعلم صامويل باتي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أمر درمانان بإغلاق مسجد بانتين في باريس، وأقال إمامين من مساجد في جنيف فيلييه وسان شاموند بسبب ما قال إنها خطب "تحريضية".

كما أوقف نظام جلب الأئمة من دول مثل تركيا والجزائر والمغرب، مما أثر على نحو 300 إمام كانوا يعملون في فرنسا بشكل رسمي.

إضافة إلى ذلك أعلن في سبتمبر/أيلول 2021 إغلاق 6 مساجد وحل جمعيتي "دار النشر الإسلامية نوى" و"رابطة الدفاع السوداء الأفريقية"، وزعم أنهما تروجان لما يسمى بـ"الإسلام المتطرف".

وفي أبريل/نيسان 2023 أمر بالتحقيق في حملات التحريض التي يقودها أقصى اليمين ضد المسلمين في فرنسا، خاصة على منصة "تلغرام"، وأصدر تعليمات بإغلاق جميع مجموعات التيار اليميني على المنصة، وتقديم المتهمين للقضاء.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس الحكومة: الترحيل القسري والجماعي للسوريين غير وارد
  • حماس تكشف سيناريو نهاية نتنياهو
  • خطيب مسجد بطرابلس: الكثير من الليبيين يفتقرون إلى الوطنية والانتماء
  • “الخيرية الهاشمية” توزع لحوم الأضاحي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالأردن
  • عاجل|محمد بن سلمان يطالب المجتمع الدولي بوقف عدوان غزة وحماية الفلسطينيين: مأساة إنسانية في عيد الأضحى
  • ولي العهد السعودي يطالب المجتمع الدولي بإنهاء معاناة الفلسطينيين
  • جيرالد درمانان وزير فرنسي شن حربا على المساجد والأئمة
  • مفوضية اللاجئين في السودان تعلن تقديم حزم إغاثة إلى 2,400 أسرة
  • عملية أمنية نوعية في ذمار تُسفر عن القبض على ثلاثة من أخطر الفارين من الإصلاحية المركزية مع أحد المتورطين في تهريبهم (تفاصيل)
  • لبنان تكشف الأضرار الأولية للغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.. تفاصيل