صاحب أغنية شبابيك.. وفاة الشاعر مجدى نجيب
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
أعلن الفنان شريف إدريس عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك عن رحيل الشاعر مجدى نجيب.
وكتب شريف إدريس: وداعًا الشاعر الغنائي الكبير مجدي نجيب، شبابيك الدنيا كلها شبابيك والسهر والحكاية والحواديت كلها دايرة عليك والكلام كم كان عليك واللي كان خايف عليك انتهى من بين ايديك دي عنيك شبابيك والدنيا كلها شبابيك.
الشاعر مجدي نجيب من رواد شعر العامية المصري، والفن التشكيلي، إلى جانب كونه من كبار شعراء الأغنية المصرية، وغنى من كلماته نخبة من أهم المطربين والمطربات، ومنهم عبد الحليم حافظ، وشادية، وفايزة احمد، و شهرزاد، و هاني شاكر، وعماد عبد الحليم، ومحمد منير، وغيرهم.
وتوفي ابن الشاعر مجدي نجيب، بعد إصابته بأزمة قلبية في مايو الماضي، وتسببت هذه الأزمة في تدهور حالته ودخوله في حالة حزن شديدة.
كتب مجدي نجيب عددا من الأغاني للكينج محمد منير أبرزها شبابيك، ممكن، ليلى، حواديت، من أول لمسة، وأغنية قولوا لعين الشمس للفنانة شادية، وكامل الأوصاف للراحل عبد الحليم حافظ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفنان شريف إدريس هاني شاكر شريف ادريس مجدی نجیب
إقرأ أيضاً:
تأرجح النص بين المباشرة والرمزية مع أزمة المعنى في الشعر العربي
"العُمانية": يجد الشعر في حقيقته، في مواجهة حتميّة مع تحوّلات المعنى وتبدّلات الذائقة في وقت تتسارع فيه اليوم خطى الأحداث وتتصاعد فيه أصوات اللحظة ووقائعها على حقيقة وواقع التأمل. وفي الوقت الراهن ثمة حقيقة لا يمكن إنكارها تتجسد في تسطيح يُفقد النص الشعري بُعده الإنساني الرمزي، وتبقى القصيدة المعاصرة في صراع شبه معلن بين الرمز والتقرير والعمق والتسطيح، وبين الجمال الحقيقي والتأثير اللحظي.
وفي هذا السياق يتطرق الشاعر العراقي عدنان الصائغ حول القضايا الراهنة وأثرها في تحوّل القصيدة الشعرية وواقعها الفكري، وكيف أثرت تلك القضايا بكل توجهاتها في شكل ومضمون القصيدة المعاصرة، متطرقًا إلى علاقة القصيدة المعاصرة بالأسئلة المتمثلة في الزمن والهوية ويقول: يرى أبو الحسن القاضي الجُرجاني وهو عالم موسوعي وأديب وناقد من أعلام القرن الرابع للهجرة أنَّهُ "ليس في الأرض بيتٌ من أبيات المعاني لقديم أو محدث إلَّا ومعناه غامضٌ مستتر". ويرى الفيلسوف جون كوهين "أنَّ الغموضَ في القصيدة أساسيٌّ بالنسبة إليها ولكنه ليس مجانياً، إنه الثمن الذي تدفعه مقابل إيضاحٍ من نوعٍ آخر"..، مفتتحاً لقراءات عدة تأخذ مستوياتها المتعددة والمختلفة تبعاً لاِختلاف تأويل المتلقي، فيكون للنص ـ تبعاً لذلك ـ عدة مستويات في القراءة.
ويضيف الصائغ: "هذه المستويات تقترب أحيانًا من النص وتبتعد عنه في أحيان أخرى، حيث تكون هذه المسافة بينهما عادةً مسكونة بالغموض والضباب بحيث لا يمكن رؤية مشهد النص كاملاً لكننا يمكن أن نتأمله. وهذا التأمل يقودنا إلى متعة إضافية يوفرها لنا الحدس والتأويل والمخيلة. غير أنَّ بعض النصوص تسقط في بئر الظلام والتعمية الكاملة فلا نرى منها شيئاً".
ويشير إلى أن هذا التفريق يجب أن يكون بين هذين النوعين من الغموض: أي الغموض بوصفه خطاباً ـ مغايراً للسائد المباشر ـ بما يملكه من طاقة إيحائية تزيد النصَّ دلالةً ولذة، وبين الغموض المقفل الذي يعتمد على العلاقات الغرائبية المفتعلة بين الألفاظ المعجمية والتي لا يمكن أن تمنحنا سوى شكلٍ معقَّدٍ من الألغاز التي يستعصي فك رموزها اللغوية والبلاغية المفبركة أصلاً.
ويؤكد بقوله: إنَّ "الرمز" الفني، عكس هذا، فهو يحتاج إلى فهمٍ كاملٍ للعلاقات بين عناصر الصورة الشعرية والتناسق اللغوي والتشكيل السردي والمرجع وعلم الدلالة والانزياح وتوتر الفجوات والتعاشق بين المخيّلة والصورة والتأويل، حيث يعطي النص أكثر من مدلول ويأخذ أكثر من شكل وإحالة. فيخرج عن المألوف المعروف وهذا الخروج يباعده عن دائرة المتلقي السهل "المباشر" ويقربه من دائرة المتلقي المبدع ـ الكاتب الآخر، بما يملك من مرجعية وتجربة ومخيلة تجعله يعيش لذةً ومتعةً في قراءة النص. وبالتالي فهو يقربه من فهم الشاعر الحديث ونصوصه. بينما يتخبّط الآخرون في مجاهيل ودهاليز الغموض الأعمى، دون أن يتمكنوا من معرفة أول الطريق أو آخره. وهذا التخبّط هو الذي ملأ مكتباتنا اليوم بهذه الأكداس المكدسة العمياء التي يسمونها جزافاً شعراً وهي عبارة عن ضربٍ في هواء الكلام. وبالإضافة إلى عدم جدواه فهو يشكّل سياجاً معرقلاً وعازلاً ومعوقاً أمام الذائقة للوصول إلى النصوص المبدعة. حيث يشكو جلّ الشعراء - هذه الأيام - من خطورة القطيعة بين القارئ والشعر.
في السياق ذاته يتحدث الشاعر العُماني عبدالله علي الكعبي عن "الرمزية الشعرية كأداة فنية لفهم العالم وتكثيف المعنى"، وما يجعلها أكثر تمكنًّا على التعبير من اللغة المباشرة، وبين ما تصل إليه كتشفير أدبي وفكري جمالي، وضرورة جمالية في الوقت نفسه، ويؤكد: "يبدو لي هناك تداخلات كثيرة جدًا وذات أبعاد معنوية حيث أقاصي النص الشعري ذي البُعد الفكري والتعريفي. الشعر كتعريف عصي على الإجماع هو من ينابيع الوجوديات المعروفة، وهذا يقودنا بدوره إلى الأسئلة المطروحة أيضًا فما الرمز إلا وسيلة وطريقة من طرق الشعر وها هو ذا يكثر في عصرنا وهو ذو امتداد تاريخي أيضًا.
ويضيف: "لنتفق أن الصوفية هي اكتمال الرمزية وتوجيهها إلى عالم العرفان والعامة والخاصة من ناحية تاريخية، لكن أيضًا لا ينفي وجود الرمز الشخصي في الشعر القديم، فيبدو ذلك جليًّا في رمزية الطلل كلازمة عند الشعراء الجاهليين فالشعر منذ أن هلهله مهلهل إلى صلاح في ديمومة مستمرة بين الرمزية كأداة تعبير.. وعليه من هذه المسألة يمكننا أن نخرج بالشعر من احتدام الصراع بين المباشرة والغموض للوصول إلى المعنى بسهولة عن طريق فكرة مفادها أن هناك شعرة وخطًا بين الشعر والنثر لا تتعلق بالغموض والوضوح، فلربما كان النص مباشرًا في طرحه لكنه يمتلك الأدوات الكفيلة بإدراجه في قائمة الشعر وربما هو غير مباشر ورمزي ولكنه يبتعد عن الشعر كل البعد.
ويقول: "إذا وضعنا الشعر في قالب واحد وهو الرمزية ثم وضعنا للرمز قالبًا واحدًا سوف يحيل بنا في نهاية المطاف أن نلغي الإبداع وذلك بقتل كل رمز شخصي جديد، وعليه حتى الرموز لابد لها أن تقع في جانب الابتكار وتفجير العديد منها وهذا يتأتى من خلال التجربة والاقتراب من اللغة والأشياء وكينونتها".
ويوضح: "في رأيي الرمزية أصبحت جزءًا من ثقافة المجتمع بل وأصبحت نسقًا خاصًّا بلغة المجتمع وخاصة اللغة الأدبية ولها أسبابها العديدة من الاقتصاد والتكنلوجيا والحداثة والسياسة، ولكن أهم ما في الموضوع هو الابتكار والابتعاد عن التكرار وقتل الاندفاع اللغوي الابتكاري".
وللشاعر العُماني هاشم الشامسي رأي في هذا السياق، ويأتي منتصرًا لقصيدة النثر ليوضح حقيقية الشعر كونه بين المباشرة والرمزية ويقول: تعددت أساليب كتابة الشعر الفصيح كقصيدة الوزن المقفى إلى قصيدة التفعيلة ثم قصيدة النثر، هذه التعددية في أساليب كتابة الشعر هي ظاهرة صحية وتمثل تطورًا في توظيف المفردات اللغوية وكيفية بناء الجملة الشعرية، وهي تجارب أسهمت في إثراء الساحة الأدبية الشعرية.
ويضيف: بالنسبة لقصيدة النثر، هناك فرق بين النثر الجميل وقصيدة النثر كونها شعر وليس نثر جميل، لأنها مكتملة ككائن مستقل وحي، وتكتسب قصيدة النثر هيئتها وحضورها الشعري من بنية الجملة وبناء الفقرة التي تجعل القارئ مستمراً في القراءة حتى النهاية، تتخلص قصيدة النثر من وظيفة الوصف بفرضية منطقية، فبفضل عنصر " اللاغرضية" يتخلص السرد الذي هو سمة رئيسة في قصيدة النثر، من منطقيته النثرية، فهو ليس مخططاً روائياً يريد أن يصل إلى نتيجة ما، وإنما غرضه غرض فني جمالي محض.قصيدة النثر هي جنس فني تستكشف القيم الشعرية الموجودة في لغة النثر، تسعى إلى التخلص من قيود نظام العروض، والتحرر من الالتزام بالقواعد الموروثة من القصائد التقليدية، وهي منفتحة على الشعر والسرد والنثر الفني.
لذلك فإن كتابة قصيدة نثرية يجب أن تتسم بالوضوح والبعد عن المباشرة، كما تتسم مفرداتها بالعمق بحيث يراد من مفرداتها ما هو أعمق وأبعد من المعنى المذكور، وتجعل من القارئ الوقوف عندها لفهم ما يعنيه الشاعر وما يرمي إليه منها، وهو ما نعنيه بالإنزياح أو الغموض، بحيث يعمل الشاعر في جعل مفرداته التي يستخدمها بأن تكون متوازنة بين الوضوح والرمزية بعيداً عن المباشرة والوصول إلى المعنى الذي يجعل من النص الشعري أكثر لذة ومعنى.
ويؤكد على أنّ القصيدة تأتي كبناء منسجم ومتوازن فيها من الحياة والتكامل والتنامي بعيداً عن الكلام المبعثر مما يجعل القصيدة تشكّل وحدة للموضوع، متضمنة الإشارات والإيماءات والتلميحات التي تؤثر في فكر القارئ. والرمز موجود في كل أساليب الكتابة الشعرية، مثل العمود والتفعيلة والنثر، وهو قدرة الشاعر على الاشتغال في النصّ الشعري وإنتاجه بحيث يعمل الشاعر على كتابة قصيدة متوازنة بين الواقع والرمز وعدم الوقوع في فخ المباشرة، وقدرة الشاعر على توزيع اشتغاله على الجمل الشعرية والعمل على انسجام المفردات وتفاعلها مع النص الشعري، ومن هنا نجد أن الموسيقى في قصيدة النثر في تفاعل مفرداتها المحمّلة بالرمز، ويمثل الرمز في قصيدة النثر انزياحاً عن المباشرة في النص الشعري.
ويوضح أن الرمز هو أحد أوجه الحداثة الشعرية وجاءت قصيدة النثر لتجسد هذا الاشتغال وتجعل من المتلقي يتفاعل مع النص الشعري بحيث يقف متأملاً الجملة الشعرية باحثاً عن مزيد من التفاعل والتأويل ومشاركاً الشاعر في رؤياه ومراميه، وقصيدة النثر ليس لها إيقاع موسيقي ظاهر، ولكن فيها عناصر أخرى للشعر هذه العناصر هي الخيال والوجدان والمجاز والإيحاء، هذه العناصر هي أساس كتابة الشعر، وتركز على الموسيقى الداخلية من خلال تجانس الألفاظ ومن خلال استجابتها للفكرة المعينة عند الشاعر، كما أن قصيدة النثر كانت أقرب إلى كتابة الدراما المسرحية بصورة أوضح بما تتميز به من مرونة في الخطاب، الشاعر والأديب العُماني سماء عيسى مثلاً (لا شيء يوقف الكارثة، صوت سمع في الرامة). وفي ختام رؤيته حول في السياق، يوضح أنّ الشعر قد يأتي في شذرة أو ومضة وذلك يمثل الإيجاز الذي تتميز به اللغة العربية في بلاغتها وبُعدها الجمالي، ويجعل من القصيدة يسيرة وبليغة، وهذا ما يجعل توظيف الرمز بأسلوب شعري يرى فيه المتلقي غايته ومتعته، مع أهمية الابتعاد عن المباشرة التي تأتي على شكل الخاطرة أو التقريرية أو الشرح.
أما الشاعر السوري هاني نديم، فيتحدث في هذا الجانب ويقول: خرجت القصيدة من عباءتها المقصبة وفرّت من البلاط من بين يدي القصور إلى الشارع الذي أصبح هو القضية اليوم، لم يعد من المناسب في هذا المخزون البصري من حولنا أن تكون القصيدة متعالية ببلاغاتها ورطاناتها ومواضيعها الكبرى، لم يعد هناك قضايا كبرى أو يكاد. ويضيف: فالعمود وإن كتب اليوم فهو نوع من المكابرة والنوستالجيا أكثر من كونه معطى من معطيات الوقت الراهن. اليوم هو وقت قصيدة النثر بكل تأكيد، وتمثلاتها، وفوضاها، وغموضها أحياناً، وإن كنت بشكل شخص لا أحب الطلاسم والغموض، لكنه جزء أصيل من ضبابية اليوم، إلا أن جوهر الشعر وماهيته الداخلية لم تتغير، ما زال جليلاً صادقاً نبيلاً.