عقول اسفنجية ممتلئة بالثقوب
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مشكلتنا في العالم العربي والإسلامي اننا نواجه صعوبات كبيرة وكثيرة في رحلة البحث عن الحقيقة، فكلما توغلنا في مساراتها وتعمقنا في تفاصيلها تحذفنا أمواج الخلافات القديمة لترمينا على شواطئ المرافئ البعيدة التي انطلقنا منها أول مرة في رحلتنا الشاقة. ذلك لاننا نحمل عقولاً أسفنجية ممتلئة بالثقوب والتجاويف، فالمتاهات المعقدة المحفورة في أدمغتنا تشبه ثقوب الأجبان السويسرية الطرية.
اغلب الظن ان القوى المعادية لنا، أو المتربصة بنا، وجدت ضالتها في هذه الفجوات الطائفية والعشائرية والعرقية، وتحولت على يدها إلى أسلحة فتاكة مزقت بها وحدتنا. حتى أضحى من الصعب الاتفاق على مواقف ثابتة حيال الظروف الدموية البشعة التي تواجهها غزة منذ أربعة اشهر. .
فالرؤية التي يراها المواطن الخليجي تختلف تماما عن رؤية المواطن اليماني أو العراقي. قد يتفقون على الخطوط العامة لكنهم يتنافرون في التفسير والتحليل وفي النتائج، فالمشهد الذي تنقله قنوات الجزيرة والميادين يختلف تماماً عن المشهد الذي تنقله قنوات العربية ومشتقاتها المصرية. .
وقد ظهرت الخلافات في الرأي واضحة جلية حتى بين ابناء القرى النائية، وبين أفراد الأسرة الواحدة، وفي المقاهي التي يرتادها كبار الأدباء والمثقفين. لكنها أشد تطرفاً وضراوة على منصات التواصل. اما لماذا تشوشت الصورة اكثر من اي وقت مضى ذلك لأن مضخات التضليل والتدليس والتحريض اشتغلت باقصى طاقاتها، وفتحت كل الثقوب والتجاويف التي كانت محبوسة بين تلافيف أدمغتنا الأسفنجية. وهي بطبيعة الحال مهيئة لكل المؤثرات الخارجية. .
قالوا: الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية، لكنه هذه الايام يفسد الود ويفسد القضية، ويحجب الصورة الحقيقية، بل صار نافذة للخلافات والخصومات. .
قبل بضعة ايام تطوع احد المضللين العرب (صابر مشهور) لنشر حلقة مصورة على اليوتيوب، شاهدها حتى الآن 82 ألفا. يلهي فيها الناس عن أحداث غزة، ويحرض الجماهير الكروية في الأردن ضد جماهير العراق معتمداً على وقائع مباريات كرة القدم. ومرتكزا على أسم حامي المرمى الأردني (يزيد ابو ليلى)، مبينا كيف ان العراقيين يكرهون شخصية (يزيد) منذ العصر الأموي الاول. كان هذا مثالاً حياً لنوعية الثقوب الإسفنجية المحفورة في الذاكرة العربية، والتي تحولت بيد المحرضين إلى محطات للنيل من الامة، وتفتيت عضدها. .
أنا شخصيا اخجل من نفسي عندما ارى سقوط بعض الإعلاميين في الدرك الاسفل من الإسفاف والابتذال، ولا ادري كيف يتجاهلون الكوارث المأساوية التي يواجهها اهلنا في غزة، ليشغلوا الناس بأمور تافهة لا ينبغي التحدث بها ؟. .
د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
توضيح هام من المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات: لماذا إدانة التدخل الإماراتي في الشأن السوداني أمام محكمة الرأي العام السوداني وعدم إنتظار ملهاة تنازع المصالح الدولية داخل مجلس الأمن الدولي
بسم الله الرحمن الرحيم: أفرج مجلس الأمن الدولي بتوقيع رئيسه الحالي (جيروم بونافون ) عن رسالة مؤرخة في ٤/نيسان/ أبريل ٢٠٢٥ موجهة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي عملا بالفقرة ٢ من القرار ٢٧٢٥ / ٢٠٢٤م المعني بالسودان بموجب القرار ١٥٩١/ ٢٠٠٥م بشأن السودان، وهو يتصرف بوصفه رئيس لجنة مجلس الأمن المنشأة بموجب القرار المذكور، وقد أحيل التقرير إلى اللجنة ونظرت فيه في ٩ نيسان /أبريل ٢٠٢٥م للإطلاع والتقرير بشأنه بأعتباره وثيقة من وثائق مجلس الأمن.
التقرير المذكور سيعيد فتح وتكرار الجدل داخل مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في السودان بما سيرجح قيام مجلس الأمن بإعادة تمديد ولاية فريق لجنة الخبراء بمثل ما فعل سابقا، كما وسيقوم أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غويتريش بتكرار ممارسة هوايته المفضلة في الاكتفاء بالإدانة والشجب والتنديد بالأدوات التي برع في استخدامها .
ترى المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات أن استفحال الأوضاع في السودان قد تجاوز الآليات الدولية ومنابر علاقاتها العامة والمسؤولية الآن هي مسؤولية الشعب السوداني .
إن السودان الآن ساحة لصراعات إقليمة ودولية ، واخطر أنواع التدخل الخارجي هو التدخل الإماراتي الذي تمكن من إنشاء إلتزامات على السودان وحقوق ومصالح للإمارات بواسطة قطبي الصراع الحالي (البرهان ونائبه السابق حميدتي) الشريكان السابقان والغريمان المتنازعان حاليا ،وكان ذلك في ظل تغييب تام للشعب السوداني ، ومن وراء ظهره حصلت الإمارات على حقوق مدعاة تتحدث عن حمايتها د. ابتسام الكتبي رئيس مركز الإمارات للسياسات بجراءة متناهية ، وعن حق الإمارات في حماية مصالحها المدعاة على السودان ، لقد صارت مصالح الإمارات المنشأة بواسطة (البرهان وحميدتي) وفي غياب تام للإرادة السودانية وعدم الإعلان عنها في ظل الحرب الدائرة ليأخذ الشعب السوداني العلم بها على الاقل ، اهم لدولة الإمارات ورئيسها من قيمة حياة الإنسان السوداني .
* ترى المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات أن الأزمة السودانية دخلت مرحلة خطرة في حلقة دائرة التنازع الخارجي، وأن الحل للأزمة السودانية لن يأتي إلا من خلال الإرادة السودانية الحرة المستقلة غير المرتبطة بالاصابع والمحاور الخارجية.
٨/ ٥ / ٢٠٢٥م