أتذكرون ما كتبه أمير الشعراء أحمد شوقي في إحدى قصائده والتي بدأها بـ"برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين"، وختمها: "مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا"؟ أرجو ألا تكونوا قد نسيتم، لماذا يجب ألا ننسى؟
المتأملُ في سياسة إسرائيل منذ أُنشئت، يجدها تتسم بالعدوانية تجاه الآخرين، على اعتبار أن الحرب هي سر بقائها، وأن الحقد الدفين في قلوب قادتها؛ لا يهدأ حتى يلتهموا الفريسة حتى لو طال زمن التخطيط والإعداد، ولا خلاف على "من يفعل"، المهم أن يتم الفعل، ولنا في أقوال زعماء إسرائيل المتتابعين دليل، فقد قال "مناحيم بيجن": "نحنُ نقاتلُ، فنحنُ إذن موجودون بالدم والنار والدموع، ويجب أن نبدأ بالهجوم".
قرأتُ مؤخرا كتاب "محاربة التطرف" لمؤلفه الذي خطه بالحقد والكراهية، سيد الطغاة في القرن الواحد والعشرين "بنيامين نتنياهو"، وإليكم بعض ما جاء فيه:
المتأملُ في سياسة إسرائيل منذ أُنشئت، يجدها تتسم بالعدوانية تجاه الآخرين، على اعتبار أن الحرب هي سر بقائها، وأن الحقد الدفين في قلوب قادتها؛ لا يهدأ حتى يلتهموا الفريسة حتى لو طال زمن التخطيط والإعداد
يقول نتنياهو: "أؤمن بالسلام القائم على الخوف والردع، وقد اشتركتُ في الصراع ضد الإرهاب عندما كنتُ جنديا في "جيش الدفاع" في وحدة خاصة بالجيش الإسرائيلي، وبعد ذلك كواحدٍ من مؤسسي معهد تخصص في بحث الإرهاب، ثم كدبلوماسي حاول توحيد الجهود الحرة، وفي جهد إعلامي ودبلوماسي رائع هدفه القضاء على "الإرهاب"، وفي منتصف الثمانينات اشتركتُ في حملة لإقناع مواطني الدول الديمقراطية وزعمائها بأنه يمكن القضاء على هذا الإرهاب".
ويضيف: "ليس ثمة شك في أن القوى الجديدة المهمة جدا التي تحفز الإرهاب الدولي وتدفعه دفعا في التسعينات هي الجمهورية الإيرانية الإسلامية والحركات السنية الإسلامية المسلحة التي تزيت بزي دولي"، كما أشار إلى الحرس الثوري وحزب الله.
في "محاربة التطرف" خلط نتنياهو بين المنظمات التي نشأت في أوروبا مع المنظمات الثورية الفلسطينية والعربية التي نشأت بعد اغتصاب فلسطين، وهذا خلط مقصود لإثارة غضب الرأي الدولي الشعبي والرسمي ضد المقاومة الفلسطينية، وكأنه يقول للغرب الرسمي والشعبي بأن ديمقراطيتكم يهددها الإرهاب الإسلامي، حيث كرر كثيرا "الدول الديمقراطية الحرة"، في إشارة واضحة إلى أن العالم غير العربي ليس حرا ولا ديمقراطيا، وأنه منبع الإرهاب، خاصة مع نفوذ واسع يتمتع به اللوبي اليهودي في المؤسسات الإعلامية الدولية.
رغم أن الفرق واضح بأن تلك المنظمات كانت تهدف للحصول على حقوق في بلادها من زعيم البلاد الذي رأت فيه أنه يمنع هذه الحقوق، بينما المنظمات الفلسطينية والعربية نشأت نتيجة احتلال بلادها من عدو خارجي هو "إسرائيل".
لقد احتقر أمير التطرف المقاومين بقوله: "يجب أن نقول ونكرر لمواطني المجتمعات الحرة بأن الإرهابيين حيوانات مفترسة متوحشة يجب معاملتهم تبعا لذلك"، و"الإرهاب لا يستحق أي تعاطف فكري"، كما ركز على ضرورة منع أي دولة إسلامية من امتلاك السلاح النووي خاصة إيران، محذرا من أن دخولها للنادي النووي من شأنه فتح الباب لإيصال القنابل الذرية للإرهابيين.
من يتابع مسيرة نتنياهو في العمل السياسي يجد أنه أكثر شخصية إسرائيلية تولت منصب رئيس الوزراء، وأن ما خطه في كتابه يجري تنفيذه الآن خاصة فيما يتعلق بإيران
لم يكتف الطاغية برغبته في محاربة التطرف فقط، بل طرح أفكارا ووسائل لتنفيذ رغباته، وقد أورد ذلك ضمن "ما ينبغي عمله": فرض عقوبات على موردي التقنية النووية للدول الإرهابية، وعقوبات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية على الدول الإرهابية ذاتها، وتحييد الجيوب الإرهابية، وتجميد ثروات الدول الإرهابية المودعة في الغرب، وتعاون استخباراتي، وإدخال تغييرات على القوانين والتشريعات تمكّن من المتابعة والقيام بعمليات أكثر شمولية ضد المنظمات المحرضة على العنف.
إن من يتابع مسيرة نتنياهو في العمل السياسي يجد أنه أكثر شخصية إسرائيلية تولت منصب رئيس الوزراء، وأن ما خطه في كتابه يجري تنفيذه الآن خاصة فيما يتعلق بإيران، فقد حرّض حكومات أمريكية على توجيه ضربات للبرنامج النووي الإيراني، لكن دعواته قوبلت بالتأني والرفض المبطن، أما مع ترامب فقد حدث ما كان يرغبه أمير التطرف، فقد اعتدت إسرائيل على إيران بضربات أفرحت نتنياهو، لكنها ستجلب الخطر على الشرق الأوسط بكامله، وعلى "إسرائيل".
إن هذا الكتاب يزيد عمره عن ربع قرن من الزمن، وفيه طرح نتنياهو أفكاره، أيعقل أن أحدا من العالم العربي الرسمي لم يقرأه؟ إن كان الجواب "نعم" فتلك مصيبة، وإن كانت "لا" فالمصيبة أعظم، أعلمتم لماذا يجب ألا ننسى ما قاله أحمد شوقي "مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا"؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات إسرائيل نتنياهو الإرهاب الإيرانية الفلسطينية إيران إسرائيل فلسطين إرهاب نتنياهو مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة تكنولوجيا سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
غوتيريش يدعو إلى تحقيق “مستقل” و”نزيه” في قتل “إسرائيل” صحفيين في غزة
الثورة نت/..
أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الاثنين، مقتل 6 صحفيين فلسطينيين في قصف جوي “إسرائيلي” على مدينة غزة شمالي القطاع المحاصر، ودعا إلى إجراء تحقيق “مستقل ونزيه” بهذا الشأن.
جاءت ذلك على لسان المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في جنيف، وفق ما موقع “أخبار الأمم المتحدة”.
وقال دوجاريك إن “عمليات القتل الأخيرة تبرز المخاطر الجسيمة التي يواصل الصحفيون مواجهتها أثناء تغطية هذا الصراع المستمر”.
وأضاف: “يدعو الأمين العام للأمم المتحد إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه في عمليات القتل الأخيرة هذه”.
وشدد المتحدث على ضرورة احترام الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام وحمايتهم والسماح لهم بالقيام بعملهم بحرية بدون خوف أو مضايقات.
واستهدف جيش العدو الإسرائيلي، مساء أمس الأحد، خيمة في محيط مستشفى الشفاء غربي مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 6 صحفيين، منهم 4 من قناة “الجزيرة” بينهم المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع.