لجريدة عمان:
2025-06-26@19:36:30 GMT

خنجر الحسوة للإمام «قيد الأرض» والسيف شمشير

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

خنجر الحسوة للإمام «قيد الأرض» والسيف شمشير

يعرض المتحف الوطني بمسقط خنجرًا يعرف باسم «الحسوة»، وسيفًا منحي الحد يعرف باسم: «شمشير» يُنسَبان للإمام سيف بن سلطان بن مالك اليعربي (الأول): (1692- 1711م)، والمعروف بلقب: «قيد الأرض»، الإمام الذي دانت له الأقطار، وكرَّت في عهده الجيوش الى أرجاء المعمورة، ففُتِحت أسوار أفريقيا وبوابات الهند، وفي الداخل العماني نقرأ عنه في كتب التاريخ أنه شقَّ الأفلاج وبنى القرى، وزرع الأشجار، منجزات تحققت خلال فترة حكمه التي لم تزد مدتها عن تسعة عشر عاما فقط، ولابد من التفريق بين الإمام سيف بن سلطان (الأول) والمعروف بلقب قيد الأرض، والمشهور بعظمته حاكما، وأحد صناع الوطن، وبين الإمام سيف بن سلطان (الثاني)، الذي حكم عمان خلال فترتين، الأولى بين أعوام: (1728 - 1733م)، والثانية بين أعوام: (1738 - 1741م) ولم تكن له إنجازات تذكر.

عرضت الخنجر والسيف في مستطيل زجاجي بقاعة عظمة الإسلام داخل المتحف، مع لوحة تعريفية بهما، ولم يقدم ما كتب عن الخنجر تفاصيل خاصة بصناعتها، سوى أن مقبضها مصنوع من قرن «وحيد القرن»، وهو قرن «الزراف»، والواضح من ملامحها أنها صناعة عمانية، ويمكن أن نلاحظ الزخارف الهندسية على مقبض القرن، نجمتان مستديرتان وحولهما سبيكة حفرت فيها أشكال تشبه العقود والسلاسل، ومثل هذه الخنجر أو شبيه بها صنع العمانيون الآلاف في مختلف المدن العمانية، فهناك الخنجر السعيدية، والخنجر النزوانية، والخنجر الصحارية، والخنجر الصورية، وكل مدينة عمانية تحاول أن تضفي على صناعتها لمسة خاصة بها، وكانت الخنجر رفيقة المشاوير، ورمز الفخار، وفي البال صور كثيرة لخناجر رأيناها في الأسواق، وهي إما مصنوعة حديثا، فما تزال صناعة الخناجر قائمة إلى اليوم، وإما أن تكون خناجر قديمة متوارثة، ولعل الأسواق ما تزال تحوي خناجر صنعت قبل تاريخ اليعاربة، ولعل بعضها ألفية الأعوام، وكانت قرون الزراف تجلب زرافات، وعاج الفيلة تعج به الأسواق.

أما السيف «شمشير» فله تعريف خاص به، فهو سيف صنع في أصفهان، وصانعه هو أسد الله الأصفهاني، في زمن (الإمبراطورية الصفوية)، النصل فولاذ دمشقي، صنع عام: 1086هـ/ 1675م، يتميز النصل بأكثر التصاميم الزخرفية تعقيدا، والتي تعرف باسم: الأربعون خطوة، ويعد صانعه من أشهر صانعي السيوف في العالم الإسلامي خلال القرن (11هـ/ 17م)، وتشير اللوحة إلى أن السيف لم يكن غنيمة حرب، وإنما تم تكليف الصانع بعمله، ومن المرجَّح أنه قدم هدية إلى سيف بن سلطان اليعربي، من بلاط الإمبراطورية الصفوية، التي رأت فيه حينها إماما مستقبليا لعمان.

ولأن الحديث عن الإمام «قيد الأرض»، فإنه من المناسب أن نبحث عن بعض من تفاصيل حياته في كتب التاريخ، لنرى ما يقول عنه المؤرخون العمانيون، كابن رزيق في كتابه «الشعاع الشائع باللمعان»، يقول عنه: (كان شجاعًا نجيدًا، وذا بأس مهيبًا، هابته القبائل من عُمان وغيرها، وأعمر عُمان، وأجرى فيها الأنهار، وغرس فيها النخل والأشجار، وكان شديد الحزم على المال، فملك من عمان ثلثها، وأحدث أفلاجًا جمَّة)، وقال عنه في كتابه «الفتح المبين»: (لم يزل سيف بن سلطان منصفًا بين الرعية، رادا قويهم عن ضعيفهم، وأذعنت له القبائل، وعمر أكثر عمان، وأجرى فيها الأنهار، وغرس فيها النخيل والأشجار، وكان شديد الحزم على المال، وقويت عمان به وصارت خير بلاد).

وسرد ابن رزيق في كتابه «الفتح» تفاصيل عن الأفلاج التي شقها، والنخيل التي غرسها، والأسطول البحري الذي أقامه، والفلك التي كان تحمل ثمانين مدفعًا كبيرًا.

أما الشيخ السالمي فيقول عنه في «تحفة الأعيان»: (لقِّب بقيد الأرض، لضبطه الممالك وتقييده البلاد بعدله)، وانفرد في كتابه بذكر تفاصيل أخرى عن عدد الخيول والأحصنة التي ملكها، مستشهدا بقصيدة للشاعر راشد بن خميس الحبسي، أن عددها تسعون ألف حصان، يقول في القصيدة: (إن تَسْألنِّي عن الخيل التي مَلَكَتْ.. يَدَاه سَلنِي فإني عارِفٌ فَهِمُ)، (تسعون ألفَ حِصَان من كرائِمِها.. غير الرِّماكِ فما في قولنا وَهَمُ)، والرِّماك، هي الفَرَس التي تُتخذ للنسل، وفي القصيدة نقرأ أوصافا خرافية لهذه الخيول، ومبالغة مستفيضة، فهي: (تَعْدُو فتكبُو الرِّياحُ الهَوْجِ مِنْ خَجَلٍ مِنْها)، أي أن الرياح تخجل منها حين تعدو، وأن راكبها يصيد بها العِقبان: ولو أرَدْتَ لِصَيدِ الطائِراتِ بها.. لكانَ مِنْ صَيدِكَ العِقبان لا الرَّخَمُ)، وأنها تطير مع العَنقاء: (كادَت تكون مع العنقاء طائرة)، وأنها تقطع البر في الأيام الماطرة: (تستغرقُ البَرَّ والأمْطارُ ساكِبَةً)، وتقطع البحر كذلك: (وتقطعُ البحر والأمواجُ تلتَطِمُ)، وما إلى ذلك من أوصاف عجيبة، نسجه الخيال الأدبي للمؤرخ.

إن الآثار التي تركها قيد الأرض ليست الخنجر والسيف فحسب، بل عمان بمدنها مترامية الأطراف إلى ما وراء البحار، والقرى التي بنيت في عهده، والأفلاج التي أمر بشقها، فسالت أنهارًا في سواقيها، والأشجار التي غرست خلال سنوات حكمه، راسمًا اخضرار الحياة في البساط الزراعي، ومتفائلًا خيرًا بتدفق الأفلاج، لتتدفق على عمان أنهار الخيرات فلا تنضب، وتزداد مياه البركات فلا تجدب، يذكر ابن رزيق في كتابه «الشعاع» من تلك الأفلاج: (البزيلي في الظاهرة، والصَّايغي في الرستاق، والكوثر في قرية الحزم، والبرزمان في الشرقية)، كما ذكر في كتابه «الفتح» أفلاجا أخرى منها: فلج المسقاة.

ويضيف الشيخ السالمي في «التحفة» معلومات عن عدد الأفلاج التي شقها الإمام سيف بن سلطان الأول: مؤكدا أنها سبعة عشر فلجًا، ويروي أنه غرس في ناحية بركا من الباطنة من نخلة المبسلي ثلاثين ألف نخلة، ومن النارجيل ستة آلاف، وله أموال في المصنعة لا تحصى، وزرع الورس والزعفران، وملك من السفن أربعة وعشرين مركبًا، وقيل ثمانية وعشرين، وأسماؤها: الملك، والفلك، وكعب راس، والناصري، والوافي، وحملت سفينة الملك وحدها ثمانين مدفعا.

في زيارة جديدة للمتحف الوطني، وقفت على المستطيل الزجاجي الذي يعرض الخنجر والسيف بقاعة «عظمة الإسلام»، لم أجد فيه «شمشير» ذو الحد المنحني، ووضع في مكانه سيف مستقيم، يحوي في حده نقوشًا كتب عليها: (لا إله إلا الله)، وفي دائرة أخرى حفرت الاستعاذة والبسملة، مع ختم تبينت منه توقيعًا لصانعه: (عمل أحمد)، أما «شمشير» فيعرض حاليًا في «متحف الارميتاج»، بمدينة سانت بطرسبرغ، بروسيا الاتحادية، وبقيت «الحسوة» في صندوقها الزجاجي تحتسي جمالها العيون، وتقابل الزوار بوجهها الفضي الوضَّاء، وبخيوطها الممتدة إلى ثلاثة قرون، وكأن صانعها نفخ فيها روح البقاء الى أمد بعيد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سیف بن سلطان فی کتابه

إقرأ أيضاً:

عبدالله بن سالم يُكرّم الفائزين بجائزة الشارقة للتميز 2024

الشارقة: «الخليج»


تحت رعاية سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، شهد سمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، حفل تكريم الفائزين بجائزة الشارقة للتميز 2024، التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وذلك في مركز إكسبو الشارقة.


وتفضّل سموه، بتكريم الفائزين بالجائزة بفئاتها المختلفة من المؤسسات والأفراد والمنشآت الاقتصادية المحلية والخليجية، بالإضافة إلى تكريم الشركاء والرعاة الاستراتيجيين ولجنة التحكيم وفريق عمل الجائزة تقديراً لدورهم وتثميناً لجهودهم المتميزة في إنجاح الجائزة.

17 منشأة ورائد أعمال

**carousel[7053909,7053910,7053911,7053912]**

وفاز بالجائزة لهذا العام 17 منشأة ورائد أعمال، ففي فئة جائزة الشارقة للتميز الخليجية فازت كل من: الشركة السعودية للكهرباء، وشركة أجيليتي جلوبال، ومصرف قطر الإسلامي، ومجموعة بدر أحمد كيكسو، وشركة محسن حيدر درويش، وشركة ألفا ظبي القابضة، ومصرف الشارقة الإسلامي. وفي فئة جائزة الشارقة للتوطين الخليجية، فازت القيمة العادلة للاستشارات من المملكة العربية السعودية، وفي فئة جائزة الشارقة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة فازت كل من حضانة حديقة مونتسوري للأطفال، ومجموعة غراسيا، ونال جائزة الشارقة لرواد الأعمال كل من: الدكتور ساني كوريان، وحمد علي سليمان الشامسي، وفاز حميد حسن المازمي في فئة جائزة الشارقة لرواد الأعمال ذوي الإعاقة، وفي فئة جائزة الشارقة للمسؤولية المجتمعية فازت كل من جامعة الشارقة، ودائرة الإسكان، ومطار الشارقة الدولي، ونالت شركة الإمارات للتكرير جائزة الشارقة لأفضل منشأة مطابقة للمعايير الأمنية.


وكان الحفل قد بدأ بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، تليت بعدها آيات بيّنات من القرآن الكريم، ألقى بعدها عبدالله سلطان العويس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، رئيس مجلس أمناء جائزة الشارقة للتميز، كلمةً أشار فيها إلى أن الجائزة تأتي في إطار الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعم سموه المستمر لكافة المبادرات التي تسهم في بناء اقتصاد مستدام، وتعزيز ثقافة الجودة والإبداع في بيئة العمل.

**carousel[7053906,7053907,7053908,7053918,7053919]**


وتقدّم العويس بالشكر والعرفان إلى سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، وإلى سمو الشيخ عبد الله بن سالم بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، على دعم سموّهما اللامحدود للجائزة ورعايتها الدائمة، ما مكّن الجائزة من ترسخ مكانتها الرائدة كمحرك رئيس لنشر ثقافة التميز المؤسسي وإدارة الجودة الشاملة.

إنجازات

وأضاف رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، أن جائزة الشارقة تواصل تحقيق الإنجازات عاماً بعد عام، حيث شهدت هذه الدورة تطوراً لافتاً على صعيد المشاركات، التي تجاوزت الـ 132 مشاركة، بنسبة نمو بلغت 34% مقارنة بالدورة السابقة، وهو مؤشر واضح على تنامي الوعي المؤسسي بقيم الجودة والابتكار.


وهنأ العويس، في ختام كلمته الجهات الفائزة بهذه الدورة، ومتوجهاً بالشكر إلى الشركاء الاستراتيجيين لجهودهم في استمرار نجاح الجائزة وتطورها، لافتاً إلى أن جائزة الشارقة للتميز مستمرة في دعم جهود كافة الشركاء والجهات داخل الدولة وخارجها في تعزيز أفضل الممارسات العالمية في مجال تميز الأعمال، وبذل أقصى الجهود لتهيئة المناخ الاستثماري لمجتمع الأعمال الإماراتي والخليجي وتحسين أدائه.

مقالات مشابهة

  • عبدالله بن سالم يُكرّم الفائزين بجائزة الشارقة للتميز 2024
  • رئيس السلطة الفلسطينية يوجه رسالة لترامب.. ماذا جاء فيها؟
  • عيني فيها قطع.. تدهور الحالة الصحية لـ إيناس عز الدين بسبب خطأ طبي
  • الهوية الوطنية ركيزة تداخلت فيها عناصر الجغرافيا والإنسان والبحر والحضارة، فأنتجت تاريخًا ثريًّا ومتفردًا
  • القسام تنشر صورة ناقلة جند إسرائيلية بخانيونس.. قُتل فيها 7 جنود
  • سمو الأمير يتلقى اتصالاً هاتفياً من سلطان عمان
  • منصة قوى توضح الحالات التي لا يجوز فيها نقل الموظفين غير السعوديين
  • الخنجر يدين الهجوم الإيراني على قطر: تهديدٌ خطيرٌ للأمن الإقليمي
  • في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر
  • آبل غاضبة من ملصقات تكشف تفوق هواتف منافسة بسبب منهجية اختبار مشكوك فيها