التطبيع وفلسطين.. 3 رسائل سعودية للداخل وأمريكا وإسرائيل
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
حاولت السعودية، عبر بيانها الصادر في 7 فبراير/ شباط الجاري، إرسال 3 رسائل بعضها موجه إلى الرأي العام الداخلي في المملكة والبعض الآخر إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفقا لعزيز الغشيان في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد".
الغشيان قال إن "بيان الأربعاء بشأن شروط التطبيع مع إسرائيل كان بمثابة إشارة مباشرة إلى البيت الأبيض بأن تحقيق مثل هذه النتيجة يتطلب إنهاء الحرب (الإسرائيلية المستمرة) في غزة (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي) والاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وأضاف أن "البيان يحدد المعايير التقليدية التي طالما دافعت عنها السعودية، مثل الدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. لكنه يتناول يطالب أيضا بوقف "العدوان الإسرائيلي" وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة".
ولفت إلى أن "البيان جاء بعد ساعات من إعلان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أن واشنطن سمعت "ردود فعل إيجابية" بشأن استعداد السعودية وإسرائيل للمضي قدما في مناقشات التطبيع".
وقال كيربي إن الطريق نحو التوصل إلى اتفاق سعودي- إسرائيلي "هو مسار منفصل ولا يتعلق بمحاولة تنفيذ الهدنة الإنسانية الممتدة (في غزة)".
"لكن تصريح كيربي لم يلق قبولا جيدا في الرياض، وحمل البيان السعودي بشأن المباحثات مع واشنطن "رسالة دبلوماسية صارمة إلى الولايات المتحدة لوقف تحريف الموقف السعودي، وأخذ المطالب السعودية بتقديم تنازلات كبيرة تجاه الدولة الفلسطينية على محمل الجد"، بحسب الغشيان.
وأردف أنه "في السنوات الأخيرة، تم تسييس احتمال التطبيع السعودي الإسرائيلي من الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، فالخطاب الصادر عنهما ينزع إلى إساءة تفسير وأحيانا تشويه الموقف السعودي من القضية الفلسطينية. والآن، تتوق القيادة السعودية إلى تأكيد أنها لن تتخلى عن الفلسطينيين".
اقرأ أيضاً
واشنطن: ردود إيجابية من السعودية وإسرائيل لمواصلة محادثات التطبيع
الرأي العام السعودي
الغشيان قال إن "الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليست جديدة من السعوديين، لكن هذا البيان وجد دعما كبيرا في وسائل الإعلام السعودية وفي الشارع".
وأفاد بأن "صور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تنتشر إلى جانب (العاهل السعودي الراحل) الملك فيصل، الذي لا يزال يُحتفى به بفضل موقفه في حرب عام 1973 (قطع النفط عن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل). كما انتشر في المملكة وسم "الدولة الفلسطينية أولوية سعودية".
واعتبر أن "البيان يسلط الضوء أيضا على المد والجزر في العلاقات السعودية الإسرائيلية، فآفاق هذه العلاقات متقلبة وتتأثر بالعوامل الخارجية أكثر من الداخلية. ونظرا لهذه الديناميكية، يمكن اعتبار البيان تكتيكا لتغيير معالم المفاوضات المستقبلية بشأن التنازلات الإسرائيلية".
اقرأ أيضاً
تقرير: بايدن يضغط على نتنياهو للقبول بهدنة مطولة مقابل التطبيع السعودي
توسيع التنازلات الإسرائيلية
و"كجزء من الصفقة (الخاصة بالتطبيع) التي تمت صياغتها قبل 7 أكتوبر الماضي، كان السعوديون يصرون على ضرورة وجود مكون فلسطيني رئيسي على شكل تنازلات إسرائيلية كبيرة"، كما زاد الغشيان.
وتابع: "والآن أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى تقليص نطاق هذه التنازلات الإسرائيلية وإبعاد ما كان بوسع إسرائيل أن تتنازل عنه في السابق".
وأضاف أنه "من خلال الإشارة صراحة إلى حدود عام 1967 والقدس الشرقية، وسعت الرياض نطاق التنازلات الإسرائيلية بالإصرار على أن تكون هناك ليس فقط خطوات لا رجعة فيها تجاه الدولة الفلسطينية، بل أيضا الاعتراف بدولة فلسطين".
و"أظهر البيان أيضا أنه في حين تراجع التطبيع السعودي- الإسرائيلي خطوة بعد 7 أكتوبر، إلا أن احتمالات التطبيع لا تزال مطروحة على الطاولة"، بحسب الغشيان.
وأردف أن "البيان يرتبط بشكل مباشر بما يحدث في غزة، إذ يطالب بالانسحاب الإسرائيلي ويصر على أن تكون غزة جزءا من أي دولة فلسطينية، كما يطالب مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة".
ووفقا لموقع "أكسيوس" الأمريكي، الأسبوع الماضي، فإن الولايات المتحدة "تراجع الخيارات السياسية بشأن الاعتراف الأمريكي والدولي المحتمل بالدولة الفلسطينية" بعد الحرب. كما تحدث وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون مؤخرا عن دعمه لمثل هذا الإجراء.
و"يمارس البيان السعودي ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية لقبول خريطة طريق للدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي أدانه نتنياهو علنا وفي السر"، كما ختم الغشيان.
اقرأ أيضاً
استطلاع رأي: 96% من السعوديين يعارضون التطبيع مع إسرائيل
المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديد المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية تطبيع فلسطين إسرائيل أمريكا حرب غزة بالدولة الفلسطینیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الفاتيكان أيضاً وأيضاً: إقتراحات لتثبيت مسيحيي المناطق الحدودية...على النار !
كتب جوزيف قصيفي في"الجمهورية": يشغل لبنان حيزاً كبيراً من اهتمامات الكرسي الرسولي الذي يحرص على النموذج الذي يمثله في العيش الواحد بين طوائفه، لأنّه يعطي الدليل الساطع على إمكان تلاقي الأديان وتفاعلها. ولا ينسى دور الكرسي الرسولي عندما دعمت الكنيسة المارونية وبطريركها الكاردينال مار انطونيوس بطرس خريش في مواجهة غلاة المتطرفين لدى الموارنة وسائر الطوائف المسيحية الذين طالبوا بإعادة النظر في حدود لبنان او على الأقل في شكل نظامه المركزي، وقد عانى خريش ومن بَعده البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير عندما كانت تلتئم الحشود في باحة بكركي منادية: «صيحي يا بكركي صيحي، بدنا وطن مسيحي ». الفاتيكان وظّف كل طاقاته وإمكاناته لدعم لبنان كوطن رسالة اولاً، والوجود المسيحي فيه، سواء في عواصم القرار الدولية والإقليمية او المحافل الأممية. وما من مرّة شعر فيها بالخوف على لبنان ومستقبل المسيحيين فيه، كما يشعر اليوم.
وينقل زائرو الكرسي الرسولي عن مسؤوليه الكبار، أنّ الدمار الممنهج الذي يشهده لبنان حالياً، يهدّد ديمومة لبنان بلداً تعددياً يحتوي على غنى الإنسانية النوعي، وأنّ وحدة أبنائه مهدّدة بالسقوط قبل وحدة جغرافيته، وأنّ من واجبه، كما من واجب المجتمع الدولي العمل على إنقاذه. وعُلم أنّ أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، ووزير الخارجية المطران بول غالاغر، قد أجريا اتصالات مكثفة مع وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن، ونقلا إليه قلق البابا فرنسيس من الحرب المدمّرة على لبنان واستمرار دوامة العنف فيه. كذلك، فإنّ التواصل دائم وبصورة متواصلة مع الإيليزيه لتنسيق الخطوات على هذا الصعيد. لكن الهمّ الذي يقضّ مضجع الفاتيكان، هو وضع المسيحيين في هذه الحرب وما بعدها، خصوصاً انّ هناك عدداً كبيراً من البلدات والقرى الواقعة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مطوقة بالنار، وكذلك في البقاع الشمالي، الأمر الذي يهدّد بإفراغها من أهلها كلياً، وتهديد الانتشارية التي طبعت الوجود المسيحي في لبنان، ولا سيما منه الماروني. وإلى هذا الهمّ يُضافهمّ التشرذم السياسي الذي يحكم علاقات القوى المارونية بعضها ببعض، ويعرّض تماسك المسيحيين - كون الموارنة هم الطائفة الأكثر عدداً والأكبر نفوذاً- إلى خطر محقق ينعكس سلباً على مستقبل حضورهم وفاعليته، إذا لم يجر تدارك الأمر.
ويشعر الكرسي الرسولي بأنّ نداءاته ومساعيه لا تلقى آذاناً صاغية لدى هذه القوى التي تنصرف إلى أجنداتها الخاصة. وهكذا كان شأن بكركي من قبل، عندما طرح البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي أكثر من مبادرة على القيادات المسيحية وذهبت مع الريح.
ويقول مصدر قريب من الفاتيكان، إنّ الحاضرة قرّرت التحرك بسرعة لدرء أي خطر جاد يتهدّد المسيحيين في وجودهم، خصوصاً في المناطق الحدودية الجنوبية والشرقية، من دون أن يتخلّى عن سعيه الحثيث لإنقاذ لبنان من مأساته بما له من نفوذ وقدرة على الضغط. ويضيف بأنّ أمام البابا فرنسيس مقترحات عدة في هذا الصدد، يعكف على درسها مع خلية أزمة شكّلت من أجل لبنان،ليختار الأنسب والأكثر فاعلية من بينها، وهدفها تثبيت المسيحيين في البلدات المعرّضة للخطر، إضافة إلى حضّهم على نسج أفضل العلاقة مع جوارهم إلى أي طائفة انتمى، والتفاعل بإيجابية وحب وانفتاح على النازحين من أبناء الطائفة الشيعية شركاؤهم في المواطنة وأخوتهم في الإنسانية.
ويتكتم هذا المصدر عن كشف طبيعة المقترحات، واكتفى بالقول إنّ جميعها بنّاءة وعملية،وستكون لها مفاعيل إيجابية على الارض. فالفاتيكان لن يقف مكتوفاً حيال الفاجعة التي أصابت لبنان وتصيبه، بل سيتصدّى لها متحمّلاً مسؤوليته التاريخية. وهي ايام لن تطول حتى تنكشف طبيعة الإجراءات التي سيتخذها دفاعاً عن العيش المشترك وضماناً للوجود المسيحي الذي هو ضمان لوحدة لبنان التي يتمسك بها الكرسي الرسولي، ولا يرضى أن تكون موضوع مساومة أنى تكن العروض والإغراءات.