دليل الصحافة الطبية.. معهد الجزيرة يصدر أول مرجع عربي متخصص في الصحافة الصحية
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
صدر حديثا كتاب "دليل الصحافة الطبية" عن معهد الجزيرة للإعلام، ليكون أول مرجع عربي متخصص في الصحافة الصحية وإعداد المحتوى الطبي.
الكتاب من تأليف الزميل الدكتور.أسامة أبو الرب، محرر الشؤون الطبية في شبكة الجزيرة، وهو المؤلَّف الثامن له. ويمكن الاطلاع عليه وتحميل نسخته الإلكترونية عبر موقع معهد الجزيرة للإعلام.
ويأتي الدليل في 6 فصول تنقسم لقرابة 35 عنوانا فرعيا، تسبر كافة جوانب الصحافة الطبية والصحية، مع نصائح عملية وأمثلة تطبيقية من مواد صحفية منشورة في الجزيرة، ومراجع بحثية طبية موثقة.
ويبدأ الكتاب بالفصل الأول بتعريف الصحافة الطبية، وماذا يميزها، وما تشترك به، وما تختلف به، عن باقي التخصصات الصحفية. كما يفند مغالطات عن الصحافة الطبية.
ويتطرق الفصل الأول أيضا إلى خصوصية الصحافة الطبية ومواصفات الصحفي الطبي.
يتناول الفصل الثاني تحليل الجمهور ومعايير اختيار الأخبار الطبية، وكيفية فهم احتياجات الجمهور والغرض من الكتابة أو صناعة المحتوى، ومعايير اختيار الأخبار، ومحاذير يجب الانتباه لها.
أما الفصل الثالث في دليل الصحافة الطبية فيتناول التحقق من صحة المعلومات الطبية، مع توجيهات لضمان تغطية تتوخى الدقة، وإرشادات للتحقق من المعلومات المنتشرة على المنصات الرقمية.
في الفصل الرابع يغوص الدليل في القوالب الصحفية المتعددة للصحافة الطبية، ما بين الخبر والتقرير والمقال والبطاقة المعرفية، وقالب "سؤال وجواب"، والتوصية، مع أمثلة تطبيقية وتقارير تلفزيونية وفيديوهات من الجزيرة.
يتناول الفصل الخامس التعامل مع المجلات والمنشورات الطبية والعلمية والدراسات والمراجعات، والتي تعتبر مصدرا أساسيا للقصة الصحفية الطبية. ويشرح مفهومي درجة موثوقية المجلة، ودرجة الدليل في الدراسة، مقدما قائمة بمجموعة من أبرز المجلات والمواقع الموثوقة التي تقدم المحتوى الطبي.
كما يقدم هذا الفصل للصحفي الطبي أدوات التعرف على المجلات الافتراسية وكشفها، وهي مجلات غير موثوقة تنشر دراسات دون التحقق من مصداقيتها نظير مقابل مادي.
وفي موضوع "درجة الدليل في الدراسة" يغوص هذا الفصل في أنواع الدراسات والأدلة، والتي تشمل تقرير الحالة، ودراسة الحالات والشواهد، ودراسة الأتراب، والتجربة المعاشة ذات الشواهد، ودليل الممارسة، والمراجعة المنهجية، والتحليل التلوي، وماذا على الصحفي الطبي أن يخبر به المتابع أو القارئ أو المشاهد عندما تكون قصته مبنية على أي من المصادر السابقة.
الفصل السادس يشرح كيف يتم إجراء الدراسات السريرية على الأدوية واللقاحات الجديدة، ليسبر موضوع الدراسات قبل السريرية والتجارب السريرية، ومراحلها، وماذا يعني أن علاجا أو لقاحا اجتاز مرحلة معينة من هذه التجارب.
تطور الطب والصحافةوقال أبو الرُّب -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- إن البشرية تعيش عهدا من التقدم الطبي والمعرفي لم تشهده منذ فجر التاريخ، انعكس في ارتفاع متوسط الأعمار وتحسين نوعية حياة الناس، نتيجة التطعيمات والمضادات الحيوية وأدوات التشخيص والتقدم الجراحي وغيرها.
وعلى خط مواز تطورت الصحافة وصناعة الأخبارـ بدءا من الصحيفة المطبوعة، مرورا بالمذياع والتلفاز، وانتهاء -حتى اللحظة- بمواقع التواصل الاجتماعي التي احتلت جزءا مهما في الصحافة الحديثة. هذا التطور جاءت معه إمكانيات ضخمة لإيصال المعلومة الطبية الدقيقة للجمهور التي تساعده في اتخاذ خيارات تنعكس إيجابا على صحته.
ويضيف أبو الرب أن ذلك جاء مع خطر وهو إمكانية انتشار المعلومات المغلوطة، التي يمكن أن تتحول إلى وباء يهدد صحة الناس. فالمعلومة الطبية الصحيحة دائما تعني الفرق بين الصحة والمرض، وفي كثير من الأحيان تعني الفرق بين الحياة والموت. ولنا في جائحة كوفيد-19 أكبر دليل، فالمغالطات دفعت بعض الناس إلى الإحجام عن الالتزام بالتوصيات الطبية حيال التباعد الاجتماعي والكمامات واللقاحات، والكثيرون دفعوا حياتهم ثمنا لهذه المغالطات.
من هنا جاءت أهمية الصحافة الطبية، وصدر هذا الدليل.
ويتابع أبو الرُّب أنه على الصعيد المقابل يقدم هذا الدليل للأطباء صورة واضحة عن المقاربة الصحفية وطبيعتها، مما يساعد الأطباء على فهم ما يبحث عنه الصحفي، وبالتالي صياغة رسالتهم الطبية بطريقة سهلة وواضحة تفيد الصحفي وجمهوره وتصل للناس بوضوح، مما يعني تجاوب المجتمع معها وتحسين صحة أفراده.
هذا الدليل هو ما يحتاجه الصحفيون والأطباء في عصرنا، عصر تدفق المعلومات.
ويضيف أبو الرُّب "دليل الصحافة الطبية هو أول كتاب في المكتبة العربية عن هذا الموضوع، وتشرفت بأن يكون نشره عبر معهد الجزيرة للإعلام، أحد أبرز المعاهد الإعلامية في العالم".
ويؤكد أبو الرُّب أنه عبر الصحافة الطبية فإن حياة الناس تتغير للأفضل، وعبر جهد الصحفي الطبي الذي يقرأ "دليل الصحافة الطبية" ويطبق ما فيه، قد يحمي شخصا من أن يتم خداعه بالمعلومات المغلوطة، وربما ينقذ حياته.
ويختم أبو الرُّب بالقول "الصحفي الطبي ينقذ حياة الناس، كما يفعل الطبيب بالضبط. وهذا هو هدف دليل الصحافة الطبية: إنقاذ الحياة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معهد الجزیرة الصحفی الطبی الدلیل فی أبو الر
إقرأ أيضاً:
غليان عربي في أفق غائم
تضعنا الأخبار في كل القنوات المتخصصة والهاوية في قلب حراك عربي مضطرب، فنخلط بين رغبتنا في التغيير وبين استشراف تغير يجهل الأعماق التي تموُّر هذا الغليان. هل هو غليان حقيقي أم حشجرة مقهورين عاجزين عن الفعل يغرقون في الأماني وينتظرون المعجزات؟ نكتب في ما نتوقع أنها إرهاصات مستقبل عربي مختلف عما مضى، ونضع في مقدمة المفاعيل طوفان الأقصى فما حصل في غزة وما يزال لا يمكن أن يقف أثره في المربع الغزاوي. كما نتوقع أن التحول العميق في المشهد السوري لا يمكن أن يقف عند الحدود السورية. العناصر كثيرة ومتداخلة، ولكننا سنركز على موقع تيار الإسلام السياسي بتعبيراته القُطرية المختلفة في هذا الحراك الكامن والظاهر، ونحاول الإجابة عن سؤال يتعلق بمستقبل هذا التيار الذي نراه الأقوى والأرسخ في الأرض رغم الفشل الذي أصابه في الربيع العربي.
سبب التركيز على التيار الإسلامي
قام الربيع العربي بفرز عميق بين مختلف التيارات السياسية العربية يسارها ويمينها وخرج منها التيار الإسلامي موصوما بالفشل في إدارة الدول، ولكنه خرج بوسام الحفاظ على الحريات والصبر على التحول السلمي الطويل النفس. نتجاوز هنا الوصم لأننا نعرف ونعاين أن مصدره الأنظمة الأفشل من التيار الإسلامي، ويروج للوصم ويرسخه في الأذهان اليسار الذي لم يعد له من مهمة إلا مطاردة الإسلاميين فوق الأرض وتحتها. لكن أبعد من الوصم ومن تعليق الأوسمة نرى التيار الإسلامي وعمقه الإخواني مشتتا تنظيميا وفاقدا للقيادة، وبه وهن من تعرض لتفكيك عميق. وقد كشف بيان التضامن مع إيران في حربها مع الكيان عن تمزق تنظميي بين التنظيم الدولي وبين إخوان سوريا، وهو تمزق منذر بفُرقة عميقة.
كما نضيف أن سبب التركيز وطرح الأسئلة عن مستقبل التيار ودوره المستقبلي هو الفرز نفسه الذي حصل في الربيع ثم الردة عليه. فقد خلصنا وبشكل نهائي إلى أن تيارات اليسار والقوميين العرب أو من تبقى منهم هم أبعد القوى عن الديمقراطية وعن الإيمان بالحرية ودورها في بناء الدول القوية، وأن أي محاولة لبعث الروح في هذه التيارات بالتعاون معها هو جهد مخسور. لقد اصطفت إلى جانب الأنظمة وهي تشارك في القمع المنهجي الذي يبقي الأنظمة قائمة ويرفع درجة الغليان في النفوس. لقد انتقلت هذه التيارات إلى صف الأنظمة وهي في وارد السقوط معها مهما تأخر هذا السقوط، بما يفسح مجالا لتيارات أخرى ومنها التيار الإسلامي الذي عودنا بأنه كلما سقط تحت ضربات الأنظمة أفلح في إعادة ترميم صفوفه والعودة إلى لعب أدوار مؤثرة.
الحالة السورية تشوش التحليل
دخلت سوريا تحت حكم اسلاميين مختلفين عن التيار الإخواني، ويبدو أن الكهرباء لا تمر بين الجسد الإخواني والحاكمين في سوريا، ونلتقط تعبيرات مليئة بالتخوين والضغائن ولا نتبين للأسف الأسباب الكامنة. وقد صار العطف الأمريكي أو الإعجاب بالحكومة السورية ورئيسها خاصة بعد شطب العقوبات سببا لريبة لدى كل من تربى على عدم الثقة بالأمريكي. ونحن لا نبني هنا على الوصم الصادر عن فلول البعث في لبنان وفي مواقع أخرى.
بعد سبعة أشهر في السلطة نعاين نجاحات؛ أولها وأهمها بدايات استقرار سياسي، فقد نجا الشرع وحكومته من كمائن كثيرة وبدأت أخبار النجاح الاقتصادي في الظهور. ولا نستعبد حصول مفاجآت تسعد الشعب السوري المشرد، وهو ما يرفع من مكانة الحاكمين بما يسقط عن بعضهم تهم الفشل رغم الوصم بالإسلامية.
نحن هنا إزاء وضع إشكالي؛ إسلاميون مرضي عنهم أمريكيا يحكمون ويحققون نجاحات، في مقابل اسلاميين آخرين مغضوب عليهم أمريكيا وصهيونيا لا يرون "إخوانهم" بعين راضية بل يشككون في مصداقيتهم. والنتيجة المتوقعة هي توسع الخلاف بين مكونات التيار غير المتجانسة.
هل يصطف الإسلاميون من خارج سوريا وراء إسلاميي سوريا ويتخذونهم نموذجا أو قدوة أو وسيلة لتهدئة الصراع بين الغرب (عموما) والإسلاميين، فيكون انتقالا جذريا من الصراع مع الغرب إلى الصراع عليه؟ بمنطق تبسيطي: "أيها الغرب ارضَ عنا، فنحن مثل إسلاميي سوريا فعاملنا مثلهم".
هذا ينقل قيادة العمل الإسلامي في عمومه إلى سوريا ونظامها الجديد، ولا نعني هنا انتقالا تنظيميا (عبر اجتهادات فقهية) بل نسجا على منوال السوريين الجدد، لنقلْ البراغماتية عوض العداء أو المهادنة عوض المواجهة (دون غلق احتمالات التطبيع المعلق فوق رؤوس السوريين).
إن بيان التنظيم الدولي المساند لإيران ضد رغبة السوريين (والإخوان منهم بالذات) والالتزام المطلق للتيار الإخواني مع حماس المقاومة وتبني موقفها بلا جدال، يجعل هذا الاحتمال ضربا من الخيال. وما فعله النظام الأردني بجماعة الإخوان مؤشر مهم يجعل اصطفاف التيار الإسلامي (الإخواني) وراء التجربة السورية مستبعد فعلا. نقف هنا على انقسام حقيقي يجعل توقعاتنا عن صحة التيار الإسلامي ودوره المستقبلي لا تصمد طويلا.
التركي يطل برأسه
هذا الغليان في الشارع العربي سينتج مفاعيله، فالفشل الظاهر في مصر وتونس وليبيا لا يملك أسباب الاستمرار، وليست هناك قوى شعبية يمكن أن تتلقف ما بعد الفشل وتقوده نحو حلول مستدامة. أي أن احتمالات الفوضى واردة، وهنا يظهر الإسلاميون رغم شتاتهم الآني قوة شعبية، فإن لم يكونوا القوة الأولى فإنهم سيكونون قوة ثابتة في مشهد مضطرب؛ يمكنهم تصعيد الفوضى كما يمكنهم تهدئتها، وأي سلطة قد تحل محل الفشل الحالي تحتاج الحديث معهم على الأقل في مرحلة انتقالية تنتج عنها مكاسب لهم.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما نسمعه وما نعاين بعضه من عطف تركي على التجربة السورية، وصل عند البعض حد القول بأن تركيا تبنت سوريا وترعاها وبعض رعايتها تهدئة العداء الأمريكي (الغربي عامة) لإسلاميي سوريا، فإن الدور التركي مؤهل للتوسع في أقطار الربيع العربي حيث يوجد تيار إخواني (إسلامي).
نتذكر هنا الحماس التركي للربيع العربي وإسنادها الإسلاميين الذين قدمتهم الانتخابات للحكم في أقطارهم، لكن نتذكر أيضا نفض يدها منهم عندما تبين ضعفهم وعودتها إلى سياسة صفر مشاكل مع الأنظمة العائدة بالانقلابات (وقد حققت مكاسب مع السيسي أفضل من مكاسبها مع مرسي)، بما يجعل توقعاتنا لدور تركي يعتمد على قوى إسلامية وتسويقها طبقا لتمشّيها في سوريا غير يقينية. لكن براغماتية الأتراك فعالة ودورهم في سوريا مفيد لهم أولا، وقد يرون الفائدة في إعادة بناء حلف تركي إسلامي يتمتع فيه الإسلاميون بحماية تركية من خصومهم في الداخل العربي وفي الغرب.
هنا تدخل عناصر كثيرة في المشهد لا تساعدنا على الاستشراف؛ أولها علاقة الإسلاميين بغزة والطوفان وحماس/ المقاومة (أي نقطة ارتكاز عداء الغرب للإسلاميين)، وعلاقتهم بايران (الأخ اللدود لتركيا). ولا يبدو الإسلاميون في وارد التخلي عن المقاومة، كما يدخل في المشهد اضطراب المشهد التركي نفسه فالداخل التركي ليس مستقرا لصالح أردوغان بما يطلق يده في المنطقة على هواه.
الصورة مشوشة ولكن هناك ثوابت؛ أهمها أن المنطقة على أبواب تغيير عميق، لكن اتجاهه لا يتضح لنا بسهولة إنما نعاين أن فعل السياسة يخرج من الخطط الكبرى (المناويل الكليانية) إلى نوع من الحركة في مربعات صغيرة تتحول فيها التحالفات والأفكار بسرعة؛ نشببها بشيء من مجاز بضربات المقاوم الغزاوي، يخرج فجأة يضرب ضربته يحقق مكاسب موضعية مبقيا على معركة التحرير في خلفية الفعل.
ستضع المنطقة الحرية والديمقرايطة في خلفية الصورة وتوجه ضربات موضعية. هل يفلح الإسلاميون في توجيه هذه الضربات الموضعية باعتماد رصيدهم في حماية الحريات زمن الربيع العربي؟ شيء ما يؤهلهم لهذا الدور رغم شتاتهم الآني وربما عليهم تهدئة الضرب مع التجربة السورية، فلا يسلّمون برأي فلول الأسد في التجربة قبل ترسيخ قدمها في الأرض السورية. وليتذكر الإسلاميون أن الطعن في الثورة السورية وحكومة سوريا القائمة صادر بالدرجة الأولى وحصريا عن فلول جزاري حماة.