منذ أسابيع والدينار الليبي يشهد حالة عدم استقرار تتجه إلى تراجع كبير في قيمته أمام الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية، فبعد أن ثبت سعر صرف الدينار في السوق الموازي عند نحو 5 دينار للدولار خلال العامين الماضيين، دخل الدينار في دوامة واضطراب، ارتفاعا وانخفاضا في معدل يتراوح بين 6 و 6.6 دينار للدولار.

البداية كانت بزيادة مفاجئة تجاوزت الـ 50 قرشا عقب قرار المصرف المركزي إيقاف النشاط التجاري لعدد من الشركات التي تقوم بفتح اعتمادات لتوريد بضائع، أغلب القائمة ضمت شركات تعمل على خط الامارات، وذلك في الربع الأخير من العام المنصرم، لأن المركزي قام بقفل منظومة الاعتمادات، كانت النتئجة هي ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية في السوق السوداء إلى مستوى لم تشهده منذ العام 2017م.



إعلان المصرف المركزي مؤخرا عن فتح منظومة الاعتمادات وعن اتجاهه لبيع العملات الصعبة للافراد أدى إلى ارتفاع قيمة الدينار وتراجع العملات الأجنبية بشكل عام والدولار بشكل خاص من نحو 6.5 دينار للدولار إلى أقل من 6 دينار للدولار.

إلا أن هذا الانخفاض لم يدم إلا بضعة أيام ليعود الدولار إلى الارتفاع بشكل سريع ويتخطى مستوى 6.6 دينار للدولار يوم الخميس الماضي، مع استمرار حالة التأرجح وعدم الثبات.

عودة العملات الأجنبية للارتفاع بعد منشور المصرف المركزي بخصوص الاعتمادات وبيع العملات للأفراد العاديين ترجع إلى القيود التي وضعها المركزي والإجراءات المتعلقة بكيفية الحصول على النقد الأجنبي، أيضا يبدو أن تقييم سياسات المركزي بخصوص إدارة النقد الأجنبي من قبل مراقبين وأهل الاختصاص عززت من الشعور بعدم الثقة في القرارات الجديدة، ولا نقلل من أثر التأخير في تنفيذ قرارات المصرف المركزي بالخصوص، فقد كان من المقرر الشروع في بيع العملات الأجنبية الأحد الماضي، ومر أسبوع ولم يحدث شي.

الحالة الليبية تواجه ظروفا بل اختلالات تجعل من عملية إدارة الإيرادات بالعملة الأجنبية صعبة، وتتجلى أبرز الاختلالات في زيادة العجز في الموازنة بالدولار، فبحسب بيانات المصرف المركزي فإن النفقات فاقت الإيرادات بنحو 10 مليار دولار خلال العام 2023م، والوضع مرشح للاستمرار بل وزيادة العجز.غير أن وضع الدنيار الليبي وسعر صرفه أمام العملات الأجنبية قد لا يرتهن فقط إلى سياسات المصرف المركزي وقراراته المتعلقة بكيفية إدارة النقد الأجنبي، مع التأكيد على أن الظروف المعقدة تقتضي حذر شديد ودقة في التعامل مع هذا الملف الشائك، لكن ينبغي الربط بين الاضطراب الذي يشهده الدينار الليبي والارتفاع الملحوظ في قيمة العملات الأجنبية وبين الوضع السياسي والامني والاقتصادي العام في البلاد.

تلجأ المصارف المركزية إلى الإجراءات المتشددة في إدارة النقد الأجنبي عندما يختل التوازن في ميزان المدفوعات وتقع ضغوط كبيرة على المتوفر من الدولار والعملات الرئيسية الأخرى، وتنجح المصارف في التحكم في الوضع إذا تبنت سياسات وإجراءات حكيمة مع مساندة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية.

الحالة الليبية تواجه ظروفا بل اختلالات تجعل من عملية إدارة الإيرادات بالعملة الأجنبية صعبة، وتتجلى أبرز الاختلالات في زيادة العجز في الموازنة بالدولار، فبحسب بيانات المصرف المركزي فإن النفقات فاقت الإيرادات بنحو 10 مليار دولار خلال العام 2023م، والوضع مرشح للاستمرار بل وزيادة العجز.

ولأن البلاد تعتمد على النفط بشكل رئيسي في تغطية النفقات العامة وذلك منذ منتصف الستيتنات من القرن الماضي، ولأن فاتورة الإنفاق الحكومي ارتفعت بشكل كبير منذ تبني التوجهات الاشتراكية آواخر السبعينيات، فقد صار منحى الإنفاق في ارتفاع في مقابل إيرادات غير مستقرة ومتراجعة خاصة منذ العام 2014م، بالتالي فإنه من المحتمل جدا استمرار الخلل في ميزان المدفوعات وسيصبح المحافظة على سعر صرف موحد للدينار أمام الدولار صعبا، وعندما تكون الهوة بين أسعار العملات الأجنبية في المصارف وفي السوداء كبيرة يكون ذلك مدعاة لمزيد من التأزيم.

وإذا أضفت إلى ذلك تفشي الفساد الذي يرتبط بفروق سعر الدولار في المصارف وفي السوق الموازي، وارتباك سياسات وقرارات المركزي والحكومة بالخصوص، فإن جسر الهوة بين السعرين قد لا تكون مهمة سهلة أو ممكنة، فقد تتراجع أسعار العملات الأجنبية أمام الدينار حال الشروع في بيعها كما قرر المصرف المركزي، لكن هذا التراجع لن يكون كبيرا وربما لن يدوم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تراجع الاقتصادية ليبيا اقتصاد عملة تراجع رأي مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملات الأجنبیة المصرف المرکزی دینار للدولار النقد الأجنبی

إقرأ أيضاً:

«المركزي» يرفع قيمة محافظه إلى 98.8 مليار دولار… و2 مليار عوائد حتى سبتمبر

«المركزي» يستعرض أصوله الخارجية: 98.8 مليار دولار إجمالي المحافظ… وطرح شهادات إيداع بالمضاربة الأحد

اجتماع دوري لبحث الأصول والاستثمارات
عقدت لجنة المخاطر والاستثمار بمصرف ليبيا المركزي اجتماعها الدوري الثالث، الأربعاء، بمكتب المحافظ (رئيس اللجنة)، لمناقشة جملة من البنود الاستراتيجية المتعلقة بإدارة الأصول والاستثمارات الخارجية للمصرف.

محفظة الاحتياطيات: ذهب وعملات يدعمان القيمة
استعرضت اللجنة تقرير الأصول المملوكة للمصرف بالنقد الأجنبي، والتي تشمل الذهب والأصول المالية المختلفة بالعملات الأجنبية، مشيرة إلى الأثر الإيجابي لارتفاع أسعار الذهب والعملات على إجمالي قيمة المحافظ الاستثمارية التي بلغت نحو 98.8 مليار دولار أمريكي. ويشكّل الذهب منها 18.164 مليار دولار بنسبة 18.38%، ويُستخدم معظمه كغطاء للعملة.

عائدات حتى 30 سبتمبر
اطلعت اللجنة على العوائد الاستثمارية المحققة من هذه الأصول حتى تاريخ 30 سبتمبر الماضي، والتي بلغت 2 مليار دولار أمريكي، بما يعكس أداءً إيجابيًا في إدارة الاحتياطيات الأجنبية، ويسهم في تخفيف عجز الإيرادات النفطية وميزان المدفوعات نتيجة توسّع الإنفاق على النقد الأجنبي.

أداة جديدة للمصارف: شهادات الإيداع بالمضاربة المطلقة
وفي خطوة لتعزيز أدوات الاستثمار وتنويع مصادر العائد للمصارف التجارية وتفعيل إحدى أدوات السياسة النقدية، ناقشت اللجنة الشروع في طرح شهادات الإيداع بالمضاربة المطلقة، حيث تقرّر البدء في الإعلان عن الإصدار الأول للمصارف التجارية اعتبارًا من يوم الأحد 12 أكتوبر، بما يعكس توجّه المصرف نحو توسيع قاعدة الاستثمار وتحقيق الاستفادة القصوى من السيولة المتاحة بالسوق المحلي.

شفافية واستقرار نقدي
أكّد المصرف أن الاجتماع يأتي في إطار الحرص على تعزيز الشفافية والكفاءة في إدارة احتياطاته من النقد الأجنبي، وتقديم صورة إيجابية عن مؤشرات الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في البلاد، بما يدعم الثقة في السياسة النقدية ويعزّز من مكانة المصرف كمؤسسة مالية رائدة في المنطقة.

 

مقالات مشابهة

  • قضايا قيمتها 6 ملايين جنيه.. ضربات مستمرة ضد تجار العملات الأجنبية
  • محافظ المركزي السوري: إلغاء قانون قيصر يفتح الباب أمام عودة الاستثمارات
  • أسعار العملات العربية و الأجنبية في مصر اليوم.. الأحد 12-10-2025
  • قضايا بـ 10 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات متتالية ضد مافيا العملة الأجنبية
  • المركزي الليبي وتحدي نقص السيولة
  • «المركزي» يرفع قيمة محافظه إلى 98.8 مليار دولار… و2 مليار عوائد حتى سبتمبر
  • ضبط قضايا إتجار في العملات الأجنبية بقيمة 10 ملايين جنيه
  • النيابة العامة تأمر بحبس مسؤولَين في المصرف الليبي الخارجي
  • النائب العام يأمر بحبس مسؤول إدارة الاعتمادات المستندية ونائبه في المصرف الليبي الخارجي
  • المركزي يعلن توزيع سيولة نقدية بقيمة ملياري دينار