نجاح أى علاقة زوجية يحتاج إلى مبادئ وقواعد يجب أن يلتزم الطرفان بها، أهمها تبادل الحب والاحترام والثقة والمساعدة والتضحية، من أجل مصلحة وراحة الطرف الآخر والتغاضى عن النواقص وصغائر الأمور.

وفى الوقت الذى تمثل فيه هذه المبادئ أهمية كبيرة لنجاح أى علاقة زوجية، فإن أهميتها تتضاعف فى العلاقة التى يكون أحد طرفيها أو كلاهما من ذوى الهمم، وهى علاقة، بقدر صعوبتها، تتمتع بفرص كبيرة لبناء شراكة قوية وناجحة، فى حال إدراك كل من الطرفين حقوقه وواجباته تجاه الطرف الآخر.

. فما روشتة نجاح العلاقة الزوجية التى يعانى أحد طرفيها أو كلاهما من إعاقة؟

عدة فرص تسنح أمام طرفى العلاقات الزوجية فى حال كان أحدهما أو كلاهما من ذوى الاحتياجات الخاصة، أولها وأهمها أنهما يملكان بطبيعة الحال رغبة أكثر وتصميماً على دعم أواصر الحب بينهما وإنجاح علاقتهما، ربما يكون ذلك لنضجٍ كافٍ فى شخصيتيهما أو بدافع إثبات قدرتهما على تكوين أسرة ناجحة وأنهما لا ينقصهما شىء عن الآخرين، بحسب توضيح الدكتورة إيمان الريس، الخبيرة التربوية وأخصائية صعوبات التعلم.

ولأن مثل هذه العلاقات يقابل طرفاها تحديات وصعوبات كثيرة خلال عِشرتهما معاً، فإن نجاحها يتوقف على المبادئ التى يتبعها كل منهما فى طريقة تعامله مع الآخر أو بكل ما يتعلق بشأن الأسرة، إذ من الضرورى للطرفين الاتفاق على بعض القواعد، أهمها عدم الإفصاح عن مشاكلهما أمام الآخرين، سواء من الأهل أو الأصدقاء، مع الحرص على توفير مساحة من التواصل والتفاهم والنقاش الإيجابى القائم على الحب والاحترام، إلى جانب أهمية الابتعاد عن سياسة الخصام والبُعد نهائياً، بل معالجة المشاكل فور حدوثها أو بعد وقت قليل، على شرط ألا يمر اليوم وهما فى خصام.

من المهم أيضاً لإنجاح مثل هذه العلاقات أن يُخبر كل طرف الآخر بما يحتاجه منه وما يُسعده وما يُدخل الحزن إلى قلبه، تجنباً لجرح مشاعره دون قصد من الطرف الآخر، إلى جانب أهمية وجود قدر من الذكاء العاطفى والاجتماعى لدى الطرفين يمكِّنهما من معرفة الطريقة الأنسب لحل المشكلات والمصالحة أو الاعتذار للطرف الآخر وإدخال البهجة إلى قلبه، وفقاً لـ«الريس».

وقالت الدكتورة صفاء حمودة، استشارى الصحة النفسية، إن إنجاح العلاقة التى يعانى أحد طرفيها أو كلاهما من إعاقة، يعتمد فى الأساس على اقتناع الطرفين بأن الإعاقة الجسدية أو الذهنية لا تُنقِص من صاحبها بل تجعله مميزاً، وأن هذا الشخص مميز رغم اختلافه، ويمكنه النجاح والقيام بما يفعله الآخرون ولكن بطريقته الخاصة التى تتماشى مع ظروفه، لافتة إلى أن تبنى وجهة النظر هذه يزيد من تقدير واحترام طرفى العلاقة لبعضهما، وبالتالى زيادة فرص تكوين أسرة ناجحة، لا يعيقها كل ما فى الخارج من تنمر أو نظرة دونية تصدر من البعض.

من المبادئ الأخرى التى تساعد على إنجاح مثل هذه العلاقات توقع حدوث المشكلات ومواجهة الصعوبات بشكل مضاعف يتناسب مع الظروف الخاصة لطرفيها، إذ يساعد ذلك على احتوائها بهدوء، كما أنه من المهم ألا يكتفى كل طرف بواجباته فقط ولا يزيد عليها، وإنما من يُمكنه فعل شىء فليفعل بحب وهدوء، مع أهمية عدم حديث أى طرف عن نواقص الطرف الآخر أو عجزه الجسدى.

وفى حال كان طرف واحد فى العلاقة يعانى من إعاقة جسدية أو ذهنية، فهنا يتوجب على الطرف الآخر اتباع طريقة محددة فى التعامل معه تهدف فى مجملها إلى احترامه وتقديره ودعم ثقته بنفسه، من خلال البعد التام عن أسلوب الشفقة فى التعامل؛ إذ يُشعره ذلك بأنه أقل منه ومحتاجٌ للشفقة، وأيضاً البُعد عن توجيه اللوم والتجريح والنقد بشكل متكرر، أو حتى التلميح للإعاقة ولو على سبيل الهزار، وفقاً لـ«حمودة»، التى نصحت الطرف الذى يعانى من الإعاقة بألا يقبل أسلوب الشفقة أو أنه أقل ممن حوله، بل يُدرك أنه قادر على النجاح بطريقته الخاصة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحب الزواج التنمر الإعاقة الطرف الآخر طرف الآخر

إقرأ أيضاً:

«لِنَتَسِعْ بَعْضُنَا بَعْضًا… ونُعَلِّم قلوبنا فنّ احترام الرأي الآخر»

في كل مجتمع حيّ، يظل الاختلاف علامة صحة لا علامة خلاف، ودليل نضج لا دليل صدام. فالآراء المتعددة مثل الألوان، لا يكتمل الجمال إلا بتجاورها، ولا تكتمل الصورة إلا بتكاملها. 

ومع ذلك، لا تزال بعض العقول – للأسف – تنظر إلى الرأي المخالف على أنه غزوٌ لفكرتها، أو تهديدٌ لهيبتها، أو مساسٌ بمكانتها، بينما الحقيقة أن الاختلاف لا يجرح إلا القلب الضيق، ولا يزعج إلا العقل المغلق، أما الصدور الواسعة فتتعامل مع التنوع باعتباره غنى للفكر ومساحة للتعلم.

إننا اليوم في حاجة إلى أن ننقل ثقافة احترام الاختلاف من كونها شعارات مثالية، إلى كونها ممارسة يومية في بيوتنا، ومساجدنا، ومؤسساتنا، ومدارسنا، ووسائل إعلامنا. لأن المجتمعات لا تُبنى بالاتفاق الكامل، وإنما تُبنى بإدارة الاختلاف إدارة راقية.

■ القرآن الكريم… مدرسة الاحترام قبل الحوار

حين نفتح كتاب الله تعالى، نجد قيمة احترام الرأي والحوار الحضاري راسخة منذ أول يوم.
يقول سبحانه وتعالى:
﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
لم يقل: "جادلهم بالعنف"، ولم يقل: "بالغلظة"، بل قال: بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ… أي بأفضل وأرقى ما يمكن.

وهذا دليل عظيم على أن الحوار لا بد أن يكون قائمًا على الأدب قبل الفكرة، وعلى الهدوء قبل الحدة، وعلى الفهم قبل الرد. فكيف إذا كان القرآن يأمرنا بذلك مع المخالف في العقيدة؟ فكيف بمن يخالفنا في الرأي داخل الوطن الواحد والبيت الواحد؟

والله سبحانه يعلّمنا كذلك أدب الاختلاف في قوله:
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾،
وهذا إقرار صريح بحق الآخرين في عرض ما لديهم، وحقنا في مناقشته دون تسفيه أو تجريح.

■ السنّة النبوية… قمة الأخلاق في إدارة الاختلاف

لقد قدّم النبي ﷺ نموذجًا راقيًا في احترام الرأي حتى مع أصحابه وهم في قمة الخلاف.
ولنا في موقفه يوم غزوة بدر خير شاهد، حين قال للصحابة:
"أشيروا عليّ أيها الناس"،
فأخذ برأي الحباب بن المنذر، وهو رأيٌ عسكري يخالف رأي النبي الأول، ومع ذلك قبله النبي بكل صدر رحب.
هذا هو الأدب النبوي… وهذا هو احترام العقول.

وفي حديث آخر قال ﷺ:
«رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى»،
والسماحة خلق لا يولد إلا من صدر واسع يقبل الآخر ولا يتضايق من اختلافه.

بل إن النبي ﷺ علّمنا ألا نُقصي المخالف ما دام لا يخالف الثوابت، فقال:
«إنما بُعثتم مُيسرين ولم تُبعثوا مُعسرين».

■ أدب الاختلاف… مسؤولية مجتمع كامل

إن احترام الرأي الآخر ليس وظيفة المثقفين وحدهم، ولا واجب الدعاة وحدهم، بل هو مسؤولية مجتمع بأكمله.
فالأب في بيته حين يفرض رأيه بالقوة يخسر الحوار مع أبنائه، والمعلم حين يسخر من رأي تلميذه يخسر احترامه، والمسؤول حين يضيق بالنقد يخسر ثقة الناس.

والحقيقة أن قوتنا لا تُبنى من خلال الصوت الأعلى، بل من خلال القدرة على الاستماع، ولا من خلال الإقصاء، بل من خلال الاحتواء.
فنحن أمة جعلها الله أمة وسطًا، والوسطية ليست رأيًا واحدًا جامدًا، بل فضاء واسع يتسع للجميع.

■ لماذا نخاف من الاختلاف؟

نخاف لأننا لم نتربَّ على ثقافة السؤال.
نخاف لأننا نتصور أن اختلاف الآخر يعني ضعف موقفنا.
نخاف لأننا نخلط بين الرأي والفكرة… وبين الشخص والفكرة.
بينما الحقيقة أن الفكرة التي لا تتحمل النقد هي فكرة لم تُبنَ جيدًا من البداية.

إن المجتمعات التي تتسع قلوب أفرادها للآراء المختلفة هي المجتمعات التي تطور نفسها، وتتعلم من بعضها، وتبني جسورًا لا جدرانًا.

■ فلنتسع لبعضنا… ولنربِّي في قلوبنا أدب الاختلاف

علينا أن نؤمن بأن الاستماع للآخر لا يعني التراجع، وأن قبول اختلافه لا يعني التنازل، وأن احترام رأيه لا يعني الانسحاب.
بل يعني أننا نملك وعيًا وإيمانًا بأن الحقيقة أكبر منّا جميعًا.

وفي الختام…
إن احترام الرأي الآخر ليس مجرد خُلق، بل هو مشروع حضاري يعيد للمجتمع توازنه، وللإنسان قيمته، وللنقاش روحه.
فدعونا نتسع لبعضنا، ونسمع لبعضنا، ونقترب من بعضنا…
فالوطن لا يبنيه رأي واحد… وإنما تبنيه قلوب تتسع للجميع.

مقالات مشابهة

  • إيران وتركيا تؤكدان أهمية تعزيز علاقاتهما الثنائية
  • كشف ملابسات مشاجرة استخدم فيها أسلحة نارية وبيضاء
  • مشاجرة بالأسلحة البيضاء.. القبض على طرفي معركة الهانوفيل
  • «لِنَتَسِعْ بَعْضُنَا بَعْضًا… ونُعَلِّم قلوبنا فنّ احترام الرأي الآخر»
  • دونجا: خسرنا نهائي كأس مصر أمام الزمالك لهذا السبب.. وهذه روشتة تطوير الكرة المصرية
  • شخص يتهم زوجته باىستيلاء على ثروته بعد تركها مسكن الزوجية في الهرم
  • روشتة التصدى للشائعات
  • صراع قضائى بين رجل وزوجته بسبب النفقات ومسكن الزوجية
  • د. إيمان شاهين تكتب: اتيكيت التعامل بين الأزواج في الإسلام
  • تحريم التبني | أسامة قابيل يرد على تساؤلات إيمان العاصي