بعد اقتحام الكونغرس وعرقلة انتقال السلطة.. عبء ترامب الانتخابي يتزايد مع توقعات بقضية ثالثة
تاريخ النشر: 20th, July 2023 GMT
واشنطن- تدفع احتمالات توجيه اتهامات جنائية في قضية ثالثة، للرئيس السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب، إلى تعميق التوتر القانوني والسياسي المحيط بانتخابات 2024.
وقال ترامب إن المحقق جاك سميث بعث له برسالة يوم الأحد يبلغه فيها بأنه هدف للتحقيق، وهي خطوة تسبق عادة توجيه الاتهامات. وأوضحت تقارير أن الرسالة تشير إلى 3 قوانين يمكن أن تكون أساسا للمحاكمة الجنائية الثالثة بحق ترامب.
ويتضمن القانون الأول جريمة التآمر للاحتيال على الحكومة، والثاني جريمة عرقلة إجراءات رسمية، والثالث هو القسم 241 من الباب 18 من قانون الولايات المتحدة، والذي يجرم "التآمر لإيذاء أو قمع أو تهديد أو تخويف أي شخص" في "الممارسة الحرة أو التمتع بأي حق أو امتياز يكفله له دستور أو قوانين الولايات المتحدة".
وتم استخدام تهمة عرقلة الإجراءات الرسمية ضد المئات من مثيري الشغب في أحداث 6 يناير/كانون الثاني، على خلفية محاولة تعطيل عملية التصديق على عمل الهيئة الانتخابية التي كانت تجري داخل مبنى الكونغرس، وتمت إدانة المئات منهم والحكم عليهم بالسجن بموجب هذا القانون.
وسبق ووجهت اتهامات جنائية لترامب بالفعل في قضية في مانهاتن، بشأن دفع أموال سرية لممثلة أفلام إباحية، وبشكل منفصل بشأن احتفاظه بوثائق سرية في منزله الخاص.
ترامب يواصل التحدي
ويدعي فريق الدفاع عن ترامب ضد كل تهمة بأنه ضحية محاولة مسيسة لإبقائه خارج السباق الانتخابي، وهو ما يهدد بإلحاق الضرر بالمؤسسات القانونية التي تقوم عليها العملية السياسية الأميركية.
وفي إشارة لنية ترامب الاستمرار في التحدي حتى النهاية، قال الرئيس السابق في فعالية انتخابية بولاية آيوا مساء الثلاثاء "لدينا رجل، والطريقة الوحيدة التي يمكن أن ينتخب بها هي تسليح وزارة العدل" في إشارة إلى الرئيس بايدن.
وأضاف ترامب "إذا قلت شيئا عن الانتخابات، فإنهم يريدون وضعك في السجن لبقية حياتك" في إشارة إلى سابقة انتخابات 2020 والتي لا يزال يكرر ترامب إنها زورت ضده.
يُذكر أن ترامب مازال يتقدم بفارق كبير عن منافسيه في كل استطلاعات الرأي حول المرشحين الجمهوريين، ويحصل على أصوات 60% من الجمهوريين، في حين تتوزع النسبة الباقية بين 5 أو 6 مرشحين يتقدمهم رون ديسانتيس بنسبة 20%، في حين يحصل بقية المرشحين على أقل من 5%.
اختبار عسير للنظام القانوني الأميركي
وبعيدا عن التجاذبات بشأن ترشيح ترامب، سيواجه النظام السياسي والقانوني الأميركي اختبارا غير عادي، وذلك بالنظر إلى أن المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري يحاكم من قبل وزارة العدل التابعة لمنافسه الديمقراطي المحتمل الرئيس الحالي بايدن.
ومع ذلك، فإن توجيه الاتهام الثالث بشأن محاولة ترامب غير المسبوقة، لكسر سلسلة الانتقال السلمي للسلطة، سيكون أعمق الاتهامات القانونية ضده.
وتشير تقارير إلى تحقيق واسع النطاق يغطي الجهود المبذولة لإلغاء الانتخابات بالولايات المتأرجحة الرئيسية، والمحاولات المزعومة لإحباط عملية منح أصوات المجمع الانتخابي، وكذلك تصرفات ترامب قبل وبعد وأثناء اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس في محاولة لوقف التصديق على نتائج الانتخابات.
ومن شأن توجيه اتهام لترامب بشأن هذه المخالفات، أن يصبح فعليا أول مرة يتم توجيه اتهام لرئيس سابق بمحاولة تدمير المؤسسات الدستورية، والمبدأ الأساسي الذي ينص على أن الناخبين يختارون رئيسهم بحرية.
وقال محامي ترامب السابق تاي كوب إن أي لائحة اتهام محتملة، تتعلق بالتدخل في الانتخابات، يجب أن ينظر إليها على أنها وصمة عار تاريخية بشكل خاص.
وأضف كوب في حديث مع شبكة "سي إن إن" (CNN) "يجب أن يقلق ذلك ترامب أكثر، لأنه سيكون قرارا يحدد معه إرثه السياسي بصورة أكبر وأخطر بكثير من جرائم الاحتفاظ بالوثائق السرية في منزله".
عبء ترشح ترامب
ويثير احتمال توجيه اتهام آخر ضد ترامب أسئلة سياسية جديدة، خاصة ما يتعلق باحتمال عزوف بعض الناخبين الجمهوريين بعيدا عن ترامب الذي قد يمثل لهم عبئا كبيرا في الترشيح على المستوى القومي بالانتخابات القادمة. كما أنه سيمنح منافسي الرئيس السابق بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري فرصة لتسليط الضوء على نقاط ضعفه.
في مقابلة مع "سي إن إن" أمس الأول، كرر حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، والمنافس الأبرز لترامب -في السباق التمهيدي للحزب الجمهوري- كلمات ترامب عندما حذر من أن إدارة بايدن "تُجرم الخلافات السياسية". لكنه ألمح أيضا إلى أن فوضى ترامب القانونية أصبحت مصدر إلهاء عن القضايا الهامة لعموم الأميركيين.
وقال ديسانتيس "يحتاج هذا البلد إلى إجراء نقاش حول مستقبل البلاد. إذا كنت أنا المرشح، فسنكون قادرين على التركيز على إخفاقات الرئيس بايدن، وسأكون قادرا على التعبير عن رؤية إيجابية للمستقبل. لا أعتقد أنه من الجيد أن تكون هناك انتخابات رئاسية تركز على ما حدث قبل 4 سنوات في يناير/كانون الثاني".
غير أن المعضلة الحقيقية للجمهوريين تتمثل، وكما عبر عنها المتحدث باسم مجلس النواب كيفن مكارثـي، بالقول "إذا لاحظت مؤخرا، فقد ارتفعت نسب تأييد الرئيس ترامب في استطلاعات الرأي، وهو يتفوق على الرئيس بايدن لإعادة انتخابه. إذن ماذا يفعلون الآن؟ إدارة بايدن تستغل القانون لملاحقة خصمهم رقم واحد".
تعقيدات "اتهامات ترامب" على الحملة الانتخابية
أحد الأسئلة الشائكة التي تثيرها إمكانية توجيه لائحة اتهام أخرى هو كيفية جدولة المحاكمات الثلاث بطريقة تلبي الحاجة إلى منح ترامب محاكمة عادلة، ولكنها تسمح للعدالة بلعب دورها بمهنية.
ومن المقرر أن يمثل ترامب بالفعل أمام المحكمة في مارس/آذار القادم في قضية مانهاتن. وسيتطلب المزيد من المحاكمات مزيدا من الوقت خلال فترة من المتوقع أن يجوب فيها ترامب الولايات المتحدة للترويج لترشيحه والمشاركة في الفعاليات الانتخابية المختلفة، فضلا عن المناظرات.
وقد يصبح الوضع أكثر تعقيدا لأن ترامب لا يزال ينتظر سماع ما إذا كان سيتم اتهامه في تحقيق يجريه المدعي العام في جورجيا، بشأن جهوده المزعومة لسرقة فوز بايدن في الانتخابات بالولاية المتأرجحة الرئيسية.
ولكن، إذا أصبح ترامب المرشح الجمهوري في النهاية بينما يقاتل لتبرئة اسمه في أي من هذه القضايا، فسيواجه الناخبون الأميركيون أيضا معضلة غير عادية، تتمثل فيما إذا كانوا سيضعون شخصا يمكن أن يكون مجرما مدانا بالمكتب البيضاوي، وما إذا كانوا سيعهدون إليه بأهم أسرار الأمن القومي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نتن ياهو تحت الضغط
ومع ميل الشباب الجمهوريين أكثر نحو معاداة «إسرائيل» وتبني خطاب معادٍ للسامية، وازدياد تأثير شخصيات يمينية تتحدث بلغة تشبه خطاب نيك فوينتس، يواجه هذا التحول مقاومة من المتبرعين الجمهوريين، ما يؤخر انتصار التيار المتطرف رغم وضوح اتجاهه ريتشارد هانينا.
يُعد هانينا من أبرز الشخصيات المؤثرة في قاعدة الرئيس الأمريكي ترامب المعروفة باسم لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا MAGA ويشغل منصب رئيس مركز الدراسات الحزبية والأيديولوجيا CSPI، كما يُعرف بأفكاره اليمينية وانتقاداته الشديدة لحركة Woke (الوعي أو اليقظة) المناهضة للعنصرية.
ويرى أن الكيان هو آخر العقبات أمام سيطرة اليمين القومي الأبيض على المحافظين في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن قاعدة الرئيس تتبنّى أربعة مبادئ أساسية: تقليل الهجرة للحفاظ على الهيمنة البيضاء، الفصل بين المسيحيين البيض وغير البيض، تصنيف الأمريكيين وفق العرق والدين والأصول، واعتماد سياسات الهوية كمرتكز للحياة السياسية والاجتماعية.
ونتيجة هذا التحول داخل قاعدة ترامب الشعبية وتراجع الحماس تجاه الكيان، يمارس ترامب ضغوطًا مباشرة على مجرم الحرب نتن ياهو للالتزام بوقف إطلاق النار في غزة ووقف الهجمات في سوريا والدخول في مفاوضات مع لبنان، مقابل أن يتدخّل لدى رئيس الاحتلال إسحاق هرتسوغ لمنح نتن ياهو عفوًا في قضايا الفساد. تلك هي الصفقة غير المعلنة بين الرجلين!
وبالفعل، بدأت نتائج هذه الضغوط تظهر بعد اتصال هاتفي بين ترامب ونتن ياهو يوم الاثنين الماضي؛ إذ وافق نتن ياهو على فتح معبر رفح جزئيًا، والمشاركة في محادثات برعاية أمريكية مع لبنان، كما صرّح بإمكانية التوصل إلى اتفاق أمني مع سوريا، وَلَمَّح إلى احتمال انسحاب الكيان من مناطق احتلها بعد سقوط نظام الأسد.
ولفرض خطته للسلام في غزة والانتقال للمرحلة التالية، دعا ترامب نتن ياهو لزيارة البيت الأبيض أواخر الشهر الجاري، في زيارة ستكون الخامسة منذ عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي وهو امتياز لم يحظَ به أي زعيم آخر في العالم. وتشير تسريبات إلى أن ترامب قد يطلب علنًا من نتن ياهو إطلاق سراح مروان البرغوثي، بوصفه المرشح الفلسطيني الأكثر شعبية والأوفر حظًا في الانتخابات المقبلة.
على الجانب الفلسطيني، يحاول الرئيس استثمار هذا التحول داخل الولايات المتحدة عبر الاستجابة لمطالب واشنطن وأوروبا بإصلاح السلطة الفلسطينية، وتشمل الإصلاحات ضمان الحكم الرشيد، تعزيز الشفافية، إجراء انتخابات حرة، تمهيد انتقال القيادة إلى جيل جديد، مكافحة الفساد، إبعاد حماس عن العملية السياسية، إضعاف المجموعات المسلحة في الضفة، وتقليص الفجوة بين الروايتين الفلسطينية والإسرائيلية، على أمل أن تؤهّل هذه الإصلاحات السلطة لتكون اللاعب الرئيسي في غزة.
لذلك جدّدت وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين آغابكيان دعمها لفكرة نشر قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة وفق خطة ترامب، وقد تزامن ذلك مع حصول السلطة على رواتب موظفيها بتمويل عربي ، ومع موافقة دول عربية على المشاركة في نواة قوة حفظ سلام طمعا أن تنتهي الخطة بإقامة دولة فلسطينية.
ويتوقع خبراء أن تُعلن إدارة ترامب، قبل زيارة نتن ياهو المقبلة، تشكيل لجنة فلسطينية من شخصيات مستقلة وتكنوقراط لإدارة الشؤون اليومية في غزة تخضع لإشراف مجلس سلام يرأسه ترامب نفسه، وتبقى قائمة حتى تُنقل صلاحياتها إلى السلطة بعد اكتمال إصلاحها. وفي المقابل، تتحدث تقارير عن نقاشات داخل حماس حول إمكانية تحوّلها إلى كيان سياسي بحت مقابل التخلي عن السلاح.
لقاء البيت الأبيض سيكون لحظة مفصلية
وسط كل هذه الضغوط التي تجعل نتن ياهو يبدو أداة بيد ترامب وتهدد استقرار ائتلافه، يحاول نتن ياهو الظهور بمظهر القائد المستقل عبر معارضة ترامب في ملف مقاتلي حماس داخل الأنفاق.
ففي الاتصال الأخير، سأله ترامب: لماذا تقاتلون محاصرين داخل الأنفاق بدل السماح لهم بالخروج والاستسلام؟ كما طرح مبعوث نتن ياهو ويتكوف مقترحًا بالعفو عن كل من يُلقي سلاحه، لكن حماس رفضت وطالبت بممر آمن لمقاتليها، ما قد يفسر موافقة نتن ياهو على فتح معبر رفح لخروجهم رغم الرفض العربي القاطع لذلك.
أرى أن لقاء البيت الأبيض سيكون لحظة مفصلية. ورغم عدم القدرة على التنبؤ بنتائجه ، إلا أن انقسام قاعدة ترامب تجاه الكيان، وضغوط حلفاء واشنطن لإنهاء المجزرة في غزة، ورغبة الإدارة في تهدئة الجبهتين السورية واللبنانية، إلى جانب سعي الولايات المتحدة للتفرغ لصراعها مع الصين واحتمال مواجهة مع فنزويلا كل ذلك يجعل من الاجتماع المرتقب نقطة تحول قد تعيد رسم خريطة المنطقة وتكبح جماح نتن ياهو.
الدستور الأردنية