هل هي صحوة ضمير أم تلميع لدور سياسي مستقبلي يخدم إسرائيل؟
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
بين عشية وضحاها ومع إرهاصات الهزيمة الإسرائيلية خرج علينا مجموعة زعماء عرب، الأول يحشد جيشه والآخر يهدد ويندد والثالث ينزل المساعدات بنفسه…إلخ.
وفي نظري إن هذا التحول المفاجئ ليس صحوة ولا صدفة فهو دور مخطط له لأهداف عدة منها :
التهيئة لقابليتهم لدى شعوب وجماهير أمتنا ليكونوا بديلا عن قادة محور المقاومة وليسدوا الفراغ الذي تتلهف إليه الجماهير العربية، بعد أن طغت سمعة قادة الجهاد والمقاومة وتدنست سمعة الزعماء والحكام.
الشيء الآخر وهو ما يجب أن ندركه جميعا أن العدوان العسكري على غزة فشل عن تحقيق أهدافه المتمثلة في منع تهديد حماس وبقية الفصائل المجاهدة مستقبلا لكيان العدو واستعادة الأسرى الصهاينة، ونتيجة للعجز عن تحقيق أي منها أصبحت إسرائيل بحكم المهزوم عمليا ولم يتبق سوى أن تعلن الهزيمة.
إلا أن أمريكا أرادت أن ينتهي العدوان بتسوية سياسية تحقق ضمانة بعدم تكرار ما حصل في ٧ اكتوبر وتستعيد بموجبها الأسرى الصهاينة وتكون مبررا لتطبيع السعودية بشكل علني وتقلل من فاعلية ودور محور المقاومة والفصائل الفلسطينية في تحقيق هذا الانتصار.
فدفعت بالإمارات والسعودية وبعض الدول العربية للاجتماع في الرياض ومعها منظمة التحرير الفلسطينية لبحث تسوية تقضي بحل الدولتين وتقضي بتطبيع النظام السعودي وتكون السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي لفلسطين في التسوية اما فصائل المقاومة فهي بين خيار القبول بالتسوية، فتكون مجرد تابع لا قرار لها أو رفض التسوية فسيتم عزلها واتهامها بأنها تعرقل السلام.
غير ان هنالك مشكلتين تعترضان هذه المؤامرة الأولى هي مشكلة الأسرى المتوجدين في قبضة المجاهدين الفلسطينيين الذي يمثلون ورقة ضاغطة على العدو وورقة رابحة للمقاومة ولن تفرط المقاومة فيها مهما تآمروا.
المشكلة الأخرى هي أن هذه الزعامات التي يريد الأمريكي تمرير هذه التسوية عبرها هي شخصيات مرفوضة في الشارع العربي والفلسطيني تحديدا نتيجة تواطؤها مع العدو ولم تسجل أي موقف إيجابي منذ بدء العدوان، فكان لا بد من تهديد إسرائيلي باقتحام رفح والضغط على حماس لتسليم الأسرى والقبول بالتسوية ومحاولة انتزاع اعتراف فلسطيني جديد بالعدو الإسرائيلي، وفي المقابل يدخل بن سلمان وبن زايد والسيسي على خط منع اقتحام رفح، بحيث يمنحوا دورا بطوليا باعتبارهم من حققوا الانتصار وبما يهيئ الرأي العام العربي لقبول ما سيقررونه مستقبلا في الشأن الفلسطيني.
النتيجة ستكون سرقة انتصار فصائل المقاومة ومحور المقاومة، وتصوير تطبيع النظام السعودي على أنه عمل خيري لمنفعة غزة واهل رفح.
وإيجاد خلاف فلسطيني داخلي، لأن هنالك من سيؤيد حل الدولتين وهنالك من سيرفضه، ومن يعارض من محور المقاومة والجهاد، فسيقدمه إعلامهم بأنه لا يريد وقف القتال ولا يحب السلام في المقابل سيقدم الإعلام الشكر للسعودية والإمارات والسيسي وو..لأنهم من انهوا الحرب وأوقفوا العدوان على رفح وعلى غزة.
والأهم في الموضوع أنه بدلا من هزيمة إسرائيل بشكل واضح، ستخرج رابحة لأنها ستنجو من الورطة التي تورطتها في غزة وتطلق أسراها، وأي اعتراف بها تنتزعه من أي طرف فلسطيني هو مكسب جديد.
وفي الواقع لن تنسحب من أي مكان احتلته ولن تسلم شبرا واحدا للفلسطينيين، بل ستماطل وتنقض الاتفاقيات كما فعلت عقب اتفاقية اوسلو ١٩٩٣م.
نخلص إلى أن التهديد الإسرائيلي لمدينة رفح يأتي بتنسيق مع هذه الزعامات التي تحول موقفها بشكل مفاجئ وهو بمثابة تهيئة لمنح هذه الزعامات العربية عملا بطوليا يجمل وجهها ويهيئها للعب دور سياسي مستقبلي لصالح إسرائيل، كما يهدف إلى ابتزاز فصائل المقاومة والجهاد لإطلاق الأسرى وتقديم تنازلات للعدو.
ولا يستبعد أن ينفذ العدو إجرامه بحق النازحين في رفح وبالذات في ظل هذا التواطؤ المكشوف والاتفاقات المسبقة مع زعماء التطبيع.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ترامب بين دعم إسرائيل وضغوط التهدئة.. توازن سياسي دقيق في اختبار غزة| إيه الحكاية
في خضم التصعيد العسكري على غزة، تبرز مواقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كمؤشر على تحولات محتملة في السياسة الأمريكية تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
فبين التصريحات التي توحي بدعم تقليدي لإسرائيل، والمبادرات التي تلمح إلى جهود لوقف الحرب، فماذا يحدث؟
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إن الموقف الأخير لـ دونالد ترامب من العدوان الإسرائيلي على غزة يكشف عن نهج براغماتي يتجاوز ظاهر التصريحات المتعاطفة مع إسرائيل نحو مقاربة أكثر تعقيدا، يحكمها توازن دقيق بين دعم الحليف التقليدي ومواجهة الضغوط المتزايدة على الساحة الدولية والداخلية، فبينما يصرح ترامب بإمكانية حدوث "أخبار سارة" تتعلق بوقف الحرب، فإن إشاراته المتكررة إلى إجراء اتصالات مع كل من إسرائيل وحركة حماس تعكس إدراكا أميركيا متناميا لتداعيات استمرار الحرب، سواء على صورة الولايات المتحدة في العالم أو على حساباته الانتخابية المقبلة.
وأضاف يونيس- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن السيناريو الأكثر ترجيحا يتمثل في استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل على المستوى الاستراتيجي، بالتوازي مع تصعيد الجهود الدبلوماسية الأميركية لإنتاج تهدئة قابلة للتسويق، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع حكومة نتنياهو.
وتابع: "وسيعتمد هذا السيناريو على أدوات الضغط غير المعلنة، وعبر وسطاء إقليميين، بما يسمح لواشنطن بتحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على التحالف التقليدي مع إسرائيل، والاستجابة لمتغيرات الواقع الإقليمي والدولي".
وأشار يونس، إلى أن في المحصلة، تبدو إدارة ترامب مقبلة على مرحلة اختبار حقيقي في تعاطيها مع الحرب على غزة، إذ ستكون مضطرة لإعادة صياغة علاقتها مع إسرائيل بما يتلاءم مع معطيات جديدة، دون أن تمس بجوهر التحالف.
واختتم: "ولكن مع هامش متزايد من التباين التكتيكي الذي قد يظهر للعلن في حال تعثرت جهود التهدئة وازدادت الضغوط السياسية والأخلاقية على واشنطن".