أخبارنا:
2025-07-06@11:04:52 GMT

هدي النبي في شعبان

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

هدي النبي في شعبان

ها هو شهر شعبان قد أهل علينا.. حاملا إلينا نسائم الخيرات، وبشائر البركات، مذكرا بقرب قدوم شهر النفحات والرحمات، وكأنه ينبهنا إلى قرب رمضان، وينادي علينا بحسن الاستعداد له، ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدي خاص في شعبان، ينبغي على المسلم أن يتعلمه ويقتدي ويهتدي به فيه. {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(الأحزاب/21).

فماذا كان هدي رسول الله في شعبان؟

كثرة الصيام فيه

تقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: (ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استكمل صيامَ شهرٍ قطُّ إلا رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ منه صيامًا في شعبانَ)[متفق عليه].. زاد مسلم في روايته: (كان يصومُ شعبانَ كلَّه، كان يصومُ شعبانَ إلا قليلًا).

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلا، بل كان يصومه كله)[رواه الترمذي والنسائي].

وقد قال بعض العلماء إنه كان يصوم شعبان كله في بعض الأحيان، ويصوم أكثره أحيانا أخرى..

والذي عليه جماهير العلماء أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يصوم شعبان كله، لكن كان يكثر فيه من الصيام جدا حتى لا يكاد يفطر منه إلا اليوم أو اليومين، فيظن البعض من كثرة صيامه فيه أنه يصومه كاملا. وقد نقل ذلك ابن حجر في فتح الباري، واختاره.

أسباب كثرة الصيام:

وقد سأله أسامة بن زيد رضي الله عن سبب كثرة صيامه فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ)[الترمذي والنسائي].

فبين أن سبب ذلك أمران:

الأول: أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله: فأحب أن يكون وقت رفع عمله وعرضه على ربه في أحسن حال وأطيبه؛ ليكون أدعى للقبول وأرجى للعفو والتجاوز، إن كان هناك خلل أو نقص..

وإذا كان هذا يفعله رسول الله وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلا شك أن غيره أولى منه بهذا الأمر، فيصوم الناس ويتعبدوا ليكونوا على حال يحبها الله وقت رفع أعمالهم، لعل الله يقبل صالحها، ويتجاوز عن سيئها، ويعفو عما كان بها من خلل أو زلل أو عيب أو نقص.

وهذه دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته لإتقان العمل في هذا الشهر.. فإذا كانت أعمالنا ترفع على الله في هذا الشهر وتعرض عليه فعلينا:

ـ أن نكثر من الطاعات والعبادات.. ونترك المعاصي والسيئات؛ حتى لا يرفع لنا إلى الله إلا ما يحب.

ـ أن نخلص في أعمالنا ونتقنها ونخلصها من كل شائبة تعيبها وتمنع من قبولها؛ لأن الناقد بصير.

ـ أن نكثر الدعاء إلى الله والتضرع إليه ليتقبل منا ويعفو عنا.

الثاني: أنه شهر يغفل الناس فيه: لأنه يقع بين شهر رجب الحرام ورمضان المبارك، فرجب شهر حرام كانت تعظمه العرب قبل الإسلام، وجاء الإسلام فأكد هذا، ولذلك يهتم الناس به، ورمضان هو شهر الصيام وشهر القرآن وحال الناس في العبادة والطاعة والإقبال فيه مشهور ومعلوم.. فربما يغفل الناس عن شعبان، فأحب أن يكون هو في عبادة لله وقت غفلة الناس، لأن للعبادة وقت الغفلة منافع كثيرة، وفضائل عظيمة.. فمن ذلك:

أولا: الانفراد بعبادة الله:

فيصوم المرء حين يفطر الناس، ويقوم حين ينام الناس، ويذكر حين يغفل الناس، ويتقدم حين يحجم الناس، ويتصدق حين يبخل الناس.. فإن العبادة عند انتشار الغفلة لها أثر كبير على النفس، وأجر عظيم يناله العبد، ومحبة خاصة عند الرب.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أمته على مثل هذه الخلوات، والعبادات كما جاء في حديث عمرو بن عبسة قال عليه الصلاة والسلام: (أقربُ ما يكون الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ فإنِ استطعتَ أن تكون ممن يذكرُ اللهَ في تلكَ الساعةِ فكُنْ)[الترمذي والنسائي].

وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)[متفق عليه].

ثانيا: أنه أقرب للإخلاص

لانشغال الناس عن رؤية عمله بما هم فيه من الغفلة، وهذا يكون أقرب للإخلاص، وأبعد عن الرياء، وأدعى للقبول، فإن الله لا يقبل من العلم إلا ما كان صالحا ولوجهه خالصا.

ثالثا: أنها أعظم أجرا

ذلك لقلة المعين ومن يتأسى به، وهذا أشق على النفس، والأجر على قدر المشقة، وقد جاء في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (العبادة في الهرج كهجرة إلي).

وكلما غفل الناس عن الطاعة، كلما كان عظم أجر العامل بها، كما دل علي ذلك حديث السوق، (مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فقال: لا إله إلاَّ الله وَحْدَه لا شَريكَ له، له المُلْكُ وله الحمْد، يُحْيِي ويُمِيت وهو حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِه الخَيْرُ وهو على كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - كَتبَ الله له ألفَ ألْف حسنَةٍ، ومَحَا عنْه ألْفَ ألْف سيِّئةٍ، ورَفَعَ له ألْفَ ألْف درَجَة)[رواه الترمذي وحسنه الألباني].

رابعا: أنه يدفع به البلاء

فيرفع الله بالذاكرين العابدين البلاء عن الغافلين العاصين، فذكر الله عند الغفلة ملاذ من الفتن، ومخرج من البلايا والمحن، ونجاة من العقوبات.. قال بعض السلف: "لولا من يذكر الله في غفلة الناس لهلك الناس".

وقد روى البزار بسند ضعيف عن أبي هريرة يرفعه: "مهلا عن الله مهلا.. فلولا عباد ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع، لصب عليكم العذاب صبا".

وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال:

لولا الــذين لهــم ورد يقـــومــونـا .. .. وآخرون لهم سرد يصومونا

لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا .. .. فإنكم قــوم ســوء لا تطيعونا

قضاء الفوائت:

وذكر أهل العلم أن من أسباب كثرة صيام النبي في شعبان قضاء ما قد يكون فاته مما اعتاد صومه بسبب مرض أو سفر أو غزو وجهاد، وقد كان يحب المداومة على العبادة ودعا إلى ذلك

وقيل أيضا ليكون فرصة لأمهات المؤمنين لقضاء ما عليهن من صيام، كما قالت عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: "كان يكون عليَّ الصومُ من رمضانَ. فما أستطيعُ أن أقضيَه إلا في شعبانَ"(رواه مسلم)، وذلك لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شعبان والاستعداد لرمضان

وقد ذكرأهل العلم أن من أسباب كثرة صيام شعبان أيضا، إعداد النفس لاستقبال رمضان.. قال ابن رجب: "ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن".

وقال أبو بكر البلخي: "شهر رجب شهر الغرس، وشهر شعبان شهر السقي، وشهر رمضان شهر الحصاد، فمن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان، فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟

وقالوا أيضًا: "مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر".

ومن مشهور قولهم: "لا رمضان لمن لا شعبان له". ومعناه: "أنه لا ينتفع برمضان تمام الانتفاع إلا من استعد له في شعبان تمام الاستعداد.

فنسأل الله أن يبارك لنا في شعبان، وأن يبلغنا بمنه رمضان على أحسن حال، ويعيننا على طاعته في جميع الأوقات والأحوال.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

عن اسلام ويب

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم ل الناس عن رسول الله فی شعبان کان یصوم الله فی الله عن ما کان

إقرأ أيضاً:

هل يجوز إفراد يوم عاشوراء بالصوم إذا وافق السبت؟. الأزهر يجيب

يحل علينا يوم عاشوراء اليوم الذى يوافق يوم السبت الخامس من يوليو والعاشر من شهر الله المحرم، لذلك يتساءل الكثير عن حكم إفراد صيام يوم السبت إذا وافق يوم عاشوراء، وقد أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن هذا السؤال. 

وقال مركز الأزهر عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: إنه يجوز إفراد يوم السبت بالصَّوم إذا وافق يوم عاشوراء بغير كراهة، وكذلك جميع الأيام التي يُستحب صيامها، إذا وافقت صومًا مُعتادًا للمسلم. 

واستشهد بقول سيدنا رسول الله ﷺ:  «لَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ». [أخرجه مسلم]

ويقول الإمام شمس الدين الرملي: (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ ... وَإِفْرَادُ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ بِالصَّوْمِ كَذَلِكَ ... وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ إفْرَادُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَادَةً لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا أَوْ يَصُومُ عَاشُورَاءَ أَوْ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ صَوْمِهِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ). [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 209)]. 

ماذا حدث يوم عاشوراء؟.. 5 مشاهد عجيبة لا يعرفها كثيرونحكم التوسعة وإدخال السرور على الناس والأهل يوم عاشوراء.. الإفتاء تجيبفضل صيام يوم عاشوراء.. فرصة لا تضيعهامتى يستجاب دعاء عاشوراء؟.. فاتك 5 أوقات وتبقى 4 فاغتنمها إلى المغرب

حكم التوسعه وإدخال السرور على الناس والأهل يوم عاشوراء

ما حكم التوسعة وإدخال السرور على الناس والأهل والأقارب يوم عاشوراء؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية. 

وقالت فى إجابتها عن السؤال عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك: إنه يستحب التوسعة وإدخال السرور والفرح على الناس وعلى الأهل والأقارب يوم عاشوراء

واستشهدت بما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» أخرجه البيهقي، قال ابن عيينة: "قد جربناه منذ خمسين سنة أو ستين فما رأينا إلا خيرًا".

طباعة شارك إفراد يوم عاشوراء بالصوم إفراد يوم السبت بالصوم إذا وافق يوم عاشوراء إفراد يوم السبت بالصوم يوم عاشوراء عاشوراء

مقالات مشابهة

  • دعاء الجبر والصبر.. 17 كلمة مستجابة لمن كسر قلبه وردت عن النبي
  • رسالة لشباب اليوم..
  • مكة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • موعد أذان المغرب يوم عاشوراء السبت 5 يوليو.. ودعاء النبي عند الإفطار
  • هل يجوز إفراد يوم عاشوراء بالصوم إذا وافق السبت؟. الأزهر يجيب
  • دعاء يوم عاشوراء .. كلمات أوصى بها النبي لمغفرة الذنوب مهما بلغت
  • 4 ركعات في يوم عاشوراء 2025 .. أوصى بها النبي تغفر الذنوب وتزيد الرزق وتمنحك 6 عطايا
  • عباس شومان: نتعلم من هجرة النبي كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة التحديات
  • فعل نهى عنه النبي يوم الجمعة.. احذره
  • خالد الجندي: النبي كان يصوم عاشوراء قبل الهجرة ولم يأمر به إلا بعد انتقاله إلى المدينة