مرصد حقوقي: جيش الإحتلال يحول ممارسات التعذيب ضد معتقلين فلسطينيين إلى فقرات استمتاع لإسرائيليين
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قيام جيش الإحتلال الإسرائيلي بإحضار مجموعات من المدنيين الإسرائيليين إلى المراكز والسجون التي يستخدمها لاحتجاز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة بغرض تمكينهم من مشاهدة جرائم التعذيب التي تُمارس ضدهم ومتابعتها، فيما سُمح للعديد منهم بتصويرها على هواتفهم الخاصة.
وتلقى المرصد الأورومتوسطي شهادات صادمة من أسرى ومعتقلين فلسطينيين أفرج عنهم حديثًا، أفادوا فيها بأن الجيش الإسرائيلي استدعى عددًا من المدنيين الإسرائيليين خلال جلسات التحقيق معهم لمشاهدة ما يتعرضون له من صنوف التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، والتي تعمد الجيش ممارستها في حضورهم.
وكان الأسرى والمعتقلون تعرضوا للاحتجاز لفترات متفاوتة داخل مركز احتجاز في منطقة "زيكيم" على الحدود الشمالية من قطاع غزة، وآخر تابع لسجن "النقب" جنوبي إسرائيل، بعد اعتقالهم خلال عمليات التوغل البري لقوات الجيش الإسرائيلي داخل القطاع.
وقال المعتقلون المفرج عنهم للأورومتوسطي إن الجنود الإسرائيليين تعمدوا عرضهم أمام المدنيين الإسرائيليين والادعاء بأنهم مقاتلين يتبعون لفصائل فلسطينية، وشاركوا في الهجوم على البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر عام 2023.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنه وفقًا للشهادات التي تلقاها، فإن مجموعات من المدنيين الإسرائيليين، يتراوح العدد في المجموعة الواحدة من 10 إلى 20 شخصًا سمح لهم بمشاهدة وتصوير الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المجردين من ملابسهم أثناء قيام جنود من الجيش الاسرائيلي بضربهم بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء، وصب الماء الساخن على رؤوسهم، بالتوازي مع شتائم وإهانات لفظية وتهديدات للمعتقلين باللغة العربية.
وذكر الأورومتوسطي أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذه الممارسات غير القانونية بتنفيذ التعذيب على مرأى من مدنيين إسرائيليين والسماح لهم بتوثيقها بهواتفهم وهم يسخرون، لتضاف بذلك جريمة جديدة على مجمل الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القطاع، وبخاصة ضد الأسرى والمعتقلين منهم، الذين يتعرضون للاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، والحرمان من المحاكمة العادلة، والخضوع للتعذيب الوحشي.
وأفاد الفلسطيني "عمر أبو مدللة" (43 عامًا) لفريق الأورومتوسطي: "تم اعتقالي من الحاجز المقام بالقرب من دوار الكويت الذي يفصل مدينة غزة عن المنطقة الوسطى ضمن حملة اعتقالات عشوائية كانت تتم بناء على هيئة الأشخاص وأشكالهم، وقد تعرضت لتعذيب وتنكيل في جميع مراحل الاعتقال التي استمرت لحوالي 52 يومًا". مشيرًا إلى أن جنودًا إسرائيليين "جلبوا مدنيين ليشاهدوا تعذيبنا عاريين"
وأضاف "أبو مدللة" أن "الجيش الاسرائيلي أحضر عددًا من المدنيين الإسرائيليين في مراكز احتجازنا أثناء ضربنا، وكان يقول لهم هؤلاء مخربين حماس الذين قتلوكم واغتصبوا نساءكم في 7 أكتوبر، فيما كان المدنيون الإسرائيليون يصورون عملية الضرب والتنكيل والتعذيب التي تعرضنا لها عبر هواتفهم المحمولة، وكانوا يسخرون منا".
وتابع "حدث هذا الأمر خمس مرات أثناء احتجازي، مرة في "بركسات زيكيم"، وكنا معصوبي الأعين، ولكن أحد المعتقلين الذي كان يتحدث العبرية أبلغنا بأن الجنود كانوا يتحدثون إلى مدنيين إسرائيليين ويدَّعون بأننا مقاتلين تم القبض علينا، فيما تكرر الأمر ذاته أربع مرات أخرى في مركز الاعتقال في النقب بإحضار مجموعات متتالية من الإسرائيليين داخل خيام ليشاهدوا تعذيبنا ويقومون بتصوير الممارسات التي نتعرض لها من الجنود دون أن يكون بيننا وبينهم أي احتكاك لفظي أو جسدي، وقد شاهدتهم بعيني في المرات الأربع لأننا لم نكن معصوبي الأعين في وقتها".
وذكر "أبو مدللة" أن "أحد المعتقلين ممن يتحدثون اللغة العبرية حاول التوضيح للمدنيين الإسرائيليين بأننها مدنيون وليس لنا علاقة بأي أنشطة عسكرية، ولكن ذلك أيضاً لم يجدِ نفعًا"، لافتًا إلى أنه تعرض لتعذيب نفسي وجسدي شديد "لكن جلب مدنيين إسرائيليين ليوثقوا مشاهد التعذيب بادعاء جنود الجيش بأننا قتلنا واغتصبنا أقاربهم كان أمرًا مختلفًا ومشينًا".
كما أفاد المواطن "ض.ح" (42 عامًا) للأورومتوسطي: "خلال فترة اعتقالي، كان يتم إحضار مدنيين إسرائيليين لمشاهدة عمليات التنكيل والتعذيب التي كنا نتعرض لها، والتي كان يتعمد الجيش البدء فيها عند حضورهم، وكان هؤلاء الإسرائيليون أحيانًا يحضرون كلابهم معهم للنباح علينا، وكانوا يقومون بتصويرنا بهواتفهم الخاصة من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة "التيكتوك"، وكان الجنود أنفسهم يقومون بالشيء ذاته، ويقومون بتصويرنا من خلال "التيكتوك".
واستغرب المرصد الأورومتوسطي من تضارب ادعاء الجيش الاسرائيلي بأن من اعتقلهم وعذبهم من المدنيين الفلسطينيين بحضور مجموعات مدنية إسرائيلية كانوا مقاتلين شاركوا في هجوم السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، مع الإفراج عنهم لاحقًا، ما يؤكد بأن الرواية الاسرائيلية مغلوطة وغير صحيحة، واستخدمت للانتقام من المدنيين الفلسطينيين والاعتداء على كرامتهم بكافة الوسائل.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام روما الأساسي، وأن سلوك الجيش الإسرائيلي بتحويل هذه الممارسات إلى فقرات استمتاع لمدنيين إسرائيليين، وتصويرهم، ينطوي على اعتداء خطير على كرامة هؤلاء الأشخاص، ومعاملتهم معاملة مهينة وحاطة بالكرامة، مما يشكل بحد ذاته جريمة حرب.
ويحذر الأورومتوسطي من مغبة إقحام المدنيين الإسرائيليين في مراكز الاعتقال والاحتجاز وعرض المعتقلين الفلسطينيين أمامهم خلال التعذيب وتركهم يستخدمون هواتفهم الشخصية في توثيق تلك الممارسات اللاإنسانية باعتباره نهجًا انتقاميًا، ويندرج في إطار ترويج مزيف لرواية إسرائيلية، ويكرس من حالة التطرف ويغذي الكراهية ويؤجج الرأي الاسرائيلي الداخلي باتجاه ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات ضد الفلسطينيين.
وشدد على أن الغالبية العظمى ممن تم اعتقالهم من داخل قطاع غزة يخضعون للاحتجاز التعسفي دون توجيه تهم لهم أو عرضهم على القضاء، ولم يتم اتخاذ أي مقتضيات قانونية بحقهم، فيما يحرمون من المحاكمة العادلة ويتعرضون للإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، داعيًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تفقد مراكز وسجون احتجاز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والتحقيق فيما يتعرضون له من انتهاكات وجرائم مروعة، والعمل على الكشف عن مصيرهم فورًا.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الممارسات الاسرائيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين مخالفة واضحة لما ورد المواثيق والأعراف الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بما في ذلك حظر قيام سلطة الاحتلال بنقل الأسرى من الأرض المحتلة إلى مراكز الاحتجاز في أراضيها، أو إخفائهم قسريًا، أو تعذيبهم، أو الاعتداء على كرامتهم، أو معاملتهم معاملة تحط من كرامتهم الإنسانية.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: من المدنیین الإسرائیلیین المعتقلین الفلسطینیین المرصد الأورومتوسطی مدنیین إسرائیلیین الجیش الإسرائیلی الأورومتوسطی أن
إقرأ أيضاً:
المرصد الأورومتوسطي يكشف جريمة جديدة في غزة والأونروا تطالب بتحسين توزيع المساعدات
كشف رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، أن الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي بهدف نفي مسؤوليته عن مجزرة المدنيين في رفح، تحوّل إلى فضيحة بعد أن كشف عن جريمة جديدة تتمثل في نهب سبع شاحنات محملة بأكياس الدقيق في مدينة خان يونس، نفذتها عصابة مدعومة من إسرائيل.
وأوضح عبده أن الفيديو لا يصوّر موقع المجزرة في رفح، بل يوثّق عملية سرقة نفذتها هذه العصابة، التي أطلقت النار على مجموعة من المدنيين الذين حاولوا استعادة المساعدات المسروقة، تحت مراقبة طائرة مسيرة إسرائيلية كانت تحلق في المكان دون أن تتدخل لمنع الاعتداء.
وأضاف أن كل من حاول الحصول على أكياس الدقيق دون دفع مبلغ 100 شيقل (نحو 30 دولارًا) تعرّض لإطلاق نار أو اعتداءات من أفراد العصابة، التي تحظى بحماية قوات الاحتلال، مما يعزز مسؤولية الاحتلال عن حماية عصابات النهب التي تفرض إتاوات على المساعدات الإنسانية.
وفي تطور مأساوي، أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة الأحد مقتل 31 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 176 آخرين إثر إطلاق نار إسرائيلي قرب مركز أمريكي لتوزيع المساعدات الغذائية غرب رفح، حيث كان آلاف المدنيين يتجمعون وسط أزمة جوع خانقة. وصف الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل الحادثة بـ”المجزرة”، مشيرًا إلى أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المدنيين العزل.
في المقابل، نفى الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن إطلاق النار، مؤكداً أن التحقيقات لا تزال جارية. أما الإعلام الحكومي التابع لحركة حماس فقد وصف الحادثة بأنها “جريمة متكررة تثبت زيف الادعاءات الإنسانية الإسرائيلية”، مستنكراً استهداف المدنيين المحتاجين.
يُذكر أن إسرائيل بدأت منذ 27 مايو تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر مؤسسة “غزة الإنسانية”، المدعومة من تل أبيب وواشنطن، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بسبب عدم كفاءتها وتسببها في فوضى وتداعيات سلبية على الوضع الإنساني في القطاع.
وأطلق على الحادثة تسمية “مجزرة ويتكوف”، تيمناً بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي اقترح خطة لوقف إطلاق النار في غزة، والتي وافقت عليها إسرائيل فيما تدرسها حركة حماس دون إعلان موقف نهائي.
وفي نفس السياق، أكد سام روز، مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، أن آلية توزيع المساعدات الإنسانية الحالية لا تلبي الاحتياجات العاجلة للسكان، خصوصًا المرضى وكبار السن والجرحى، مشدداً على أن الإمدادات جاهزة في مستودعات الأونروا في عمان.
وأشار روز إلى أن الأونروا تدير أكبر عملية مستمرة لتوزيع الغذاء في العالم، وأن المستودعات تحتوي على كميات كافية لإطعام أكثر من 200 ألف شخص في غزة لمدة شهر كامل، تشمل الدقيق، الطرود الغذائية، مستلزمات النظافة، البطانيات، والمستلزمات الطبية، مؤكداً ضرورة تسهيل تدفق هذه الإمدادات دون عوائق أو تأخير.
مصر وقطر تؤكدان تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بناءً على مقترح المبعوث الأمريكي
أكدت مصر وقطر مواصلتهما جهود التنسيق المكثف لتقريب وجهات النظر والعمل على تذليل النقاط الخلافية من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، استناداً إلى مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وجاء ذلك في بيان مشترك شددت فيه الدولتان على أهمية استئناف المفاوضات غير المباشرة على أساس هذا المقترح.
وأشار البيان إلى أن مصر وقطر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تعتزمان تكثيف المساعي لتذليل العقبات التي تواجه المفاوضات، داعيتين كافة الأطراف إلى تحمّل المسؤولية ودعم جهود الوسطاء لإنهاء الأزمة في القطاع، بما يعيد الاستقرار والهدوء للمنطقة.
وتطلعت الدولتان إلى التوصل سريعاً لهدنة مؤقتة تستمر 60 يوماً، تمهد لاتفاق وقف إطلاق نار دائم، يسمح بإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، كما عبر البيان عن أمل مصر وقطر في أن يثمر الاتفاق عن تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، والبدء بإعادة إعمار القطاع وفق خطة القمة العربية الطارئة في القاهرة في 4 مارس الماضي.
في سياق متصل، تتزايد الجهود الدولية لحشد دعم سياسي واسع للقضية الفلسطينية، حيث تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة مؤتمر كبير برعاية فرنسية وسعودية، يهدف إلى دفع عملية الاعتراف بدولة فلسطين، مقابل خطوات تطبيعية من بعض الدول العربية مع إسرائيل، ويجمع المؤتمر نحو 400 مشارك من مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وأوروبيين وعرب، مع التركيز على الاعتراف المتبادل، والإصلاحات في السلطة الفلسطينية، ونزع سلاح حماس، وإبعادها عن الحكم.
وأعرب رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون عن دعمه للمؤتمر المزمع عقده في نيويورك منتصف يونيو، مؤكداً أنه سيشكل زخماً جديداً لمسيرة الاعتراف بدولة فلسطين، في المقابل، أبدت الولايات المتحدة تحفظات على المبادرة الفرنسية، حيث دعا سفيرها لدى إسرائيل باريس إلى مراجعة موقفها بشأن إقامة الدولة الفلسطينية.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار انتشار الآليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وتصاعد التوترات في المنطقة، وسط جهود دبلوماسية مكثفة لإنهاء الأزمة الإنسانية والعسكرية في قطاع غزة.
آخر تحديث: 2 يونيو 2025 - 11:47