يرى محللون أن كافة السياسيين الإسرائيليين يرفضون فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، مشيرين إلى أن رحيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن الحكم لا يعني حدوث تغييرات جذرية في هذا الموقف دون موقف دولي فعلي يتجاوز مرحلة الانتقاد إلى تطبيق عقوبات عملية.

فمن وجهة نظر الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى فإن هناك مصالح مشتركة بين الطيف السياسي الإسرائيلي في مقدمتها رفض الحديث عن الدولة الفلسطينية، وإن اختلفت الأسباب.

ووفقا لما قاله مصطفى خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، فإن اليمين المتطرف يريد السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة، بينما يريد آخرون – بينهم عضو مجلس الحرب بيني غانتس مثلا- كيانا فلسطينيا أقل من دولة مع سيطرة كاملة على الضفة وهو موقف ينبع من مصالح أمنية، حسب قوله.

ويرى مصطفى أن الحديث عن حدوث تغييرات جذرية في حل وصول غانتس إلى السلطة بدلا من نتنياهو ليس واقعيا، مشيرا إلى أنه (غانتس) كان وزير دفاع في حكومة يائير لابيد التي كانت تسمى حكومة التغيير ومع ذلك لم تفعل شيئا سوى أنها زادت المداهمات في الضفة.

مجتمع يميني

وأكد مصطفى أن المجتمع الإسرائيلي "أصبح يمينيا منذ عقدين ويعيش فكرة أنه في حالة خطر وجودي دائمة وبالتالي لا يسعى لأي تسوية ولا يقبل بالتعامل مع الفلسطيني كإنسان لأن الدولة الفلسطينية أيا كان شكلها تهدد وجود إسرائيل".

الرأي نفسه ذهب إليه المحلل السياسي حسام شاكر بقوله إن الإسرائيليين يرفضون الدولة الفلسطينية مهما كان شكلها ولكن لأسباب مختلفة، مضيفا أنه "لا يمكن أن تكون حكومة إسرائيل شريكة في أي تسوية سياسية"، وأن هذه الحالة "هي حصيلة اتفاقية أوسلو".

بالتالي، فإنه المجتمع الإسرائيلي -برأي شاكر- غير مستعد لأي حديث عن دولة مستقلة للفلسطينيين، وهو رأي يوافقه مصطفى بقوله إن هناك إجماعا على رفض فكرة الدولة الفلسطينية، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى وجود خلاف داخلي بشأن طبيعة هذه الدولة -حال وجودها- وحجم الاستيطان في الضفة وطريقة التعامل مع السلطة الفلسطينية.

ولفت مصطفى أن غانتس يحظى بشعبية حاليا لأنه قادم من المؤسسة العسكرية ولديه نزعة أمنية يبحث عنها الإسرائيليون، لكنه في الوقت نفسه يعرف أنه بحاجة إلى اليمين الأقل تطرفا الذي يعارض نتنياهو بسبب ما يتعبره انقلابا قضائيا.

ووفقا لمصطفى فإن هذا اليمين الأقل تطرفا يتحكم في بعض المقاعد الـ40 بالكنيست التي يحاول غانتس الحفاظ عليها بكل الوسائل، "ما يعني أنه لن يحدث أي تغيير جذري يخالف هذا التيار حال وصوله للسلطة، فضلا عن أن الوضع برمّته لن يسمح له بأي تغيير".

كما إن غانتس -والحديث هنا لشاكر- "سبق وأن تعامل خلال وجوده في الحكومة بنفس الغطرسة الإسرائيلية، وبالتالي فإن الوقائع على الأرض هي ستفرض التغييرات وليس شخص رئيس الوزرء الإسرائيلي".

وبرأي مصطفى، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن لغانتس تقديمه هو بعض الصلاحيات للسلطة الفلسطينية إرضاء لأميركا التي يدرك أهميتها لأمن إسرائيل.

في المقابل -يقول مصطفى- فإن اليمين يعتقد أن الحكومة الحالية يمكنها الحفاظ على شعبيتها داخليا لو تصدت للضغوطات الدولية، لذلك فإن هذه الضغوط تزيد من وحدة حكومة نتنياهو ولا تضر بها.

لحظة فارقة

وأكد مصطفى أن اليمين الإسرائيلي "يعيش لحظة تاريخية فارقة لأنه يدرك أن سقوط نتنياهو يعني صعود بيني غانتس الذي سيعزز مكانة السلطة، وبالتالي فهو (اليمين) يحاول الحفاظ على الحكومة"، مضيفا "نتنياهو لديه ثقة عالية لأنه يدرك تماما أن اليمين لن يتخلى عليه وخصوصا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وهو يستغل الضغط الدولي لإعطاء شرعية لليمين".

وعن مدى قدرة إسرائيل على مواجهة الضغوط الدولية والاقتصادية، قال شاكر إن إسرائيل تدرك وجود مخاطر حالية لكنها تضمن دعما سياسيا وعسكريا واقتصاديا من أميركا وبعض الأوروبيين"، مؤكدا أن هذا الأمر "يشجع الطيف المنفلت الذي يتصور أنه قادر على فعل أي شيء وشن أي حروب".

وأضاف "عمليا الدعم الأميركي والغربي لنتنياهو ما زال بلا قيد ولا حد ولا يوجد حتى انتقاد لسلوك الجيش، وبالتالي الحكومة تتعامل كالطفل المدلل الذي يملي مزيدا من الإملاءات ويلقى استجابة رغم بعض التوبيخ".

ومن هذا المنطلق، فإن المأزق الحقيقي حاليا -كما يقول مصطفى- هو الذي يعيشه المجتمع الدولي لأنه لم يفرض أي عقوبة على إسرائيل، وهوما يدفعها لمواصلة ما تقوم به.

وخلص مصطفى إلى أن الشيء الوحيد قد يردع تل أبيب هو فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية ومالية عليها؛ لأنها دفعت ثمنا لحربها لأوقفتها فورا، حسب قوله.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة مصطفى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: ميليشيات أبو شباب تتحول إلى “عبء أمني” على الاحتلال

#سواليف

تتصاعد في الفترة الأخيرة مؤشرات فشل مشروع #الاحتلال_الإسرائيلي الهادف إلى صناعة قوى مسلّحة محلية تعمل كأدوات بديلة داخل قطاع #غزة، بعد الضربة التي تلقّتها هذه المجموعات بمقتل أبرز قادتها وتصاعد #الانقسامات في صفوفها.

وبينما كانت “إسرائيل” تعوّل على دور محوري لهذه التشكيلات في المرحلة الثانية من العمليات، تكشف المعطيات الميدانية والسياسية أن بنيتها هشة، وأنها تتحول تدريجيا إلى #عبء على #مخططات_الاحتلال لا رافعة لها.

وقال المحلل السياسي إياد القرا إن #الجماعات_المسلحة التي ظهرت في مناطق سيطرة الاحتلال داخل قطاع غزة ستتأثر بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، معتبرًا أن نجاح المقاومة في الوصول إلى قائد هذه المجموعات ومؤسسها يمثّل “ضربة قاصمة” للمشروع “الإسرائيلي” القائم على توظيف هذه الفصائل لخدمة مخططاته في المرحلة الثانية من الحرب.

مقالات ذات صلة قفزة في أسعار الذهب محليا 2025/12/13

وأضاف ، أن إسرائيل كانت تعوّل على أن تتولى هذه العناصر السيطرة على “المنطقة الصفراء” باعتبارها نواة لقوات أمن فلسطينية يمكن إدماجها لاحقًا ضمن قوات استقرار دولية تعمل في هذه المناطق، غير أن الضربة الأخيرة أفشلت جانبًا مهمًا من هذا الرهان.

وأوضح القرا أن شخصية غسان الدهيني، التي طُرحت لقيادة هذه المجموعات، تعاني أصلًا من خلافات داخلية وانقسامات عميقة، خاصة أن أفراد هذه التشكيلات تحركهم مصالح متباينة؛ بعضها عائلي وبعضها نابع من خصومات مع حماس، فضلًا عن وجود عناصر متهمة بالعمالة للاحتلال.

ورجّح أن تتفاقم هذه الصراعات خلال الفترة المقبلة، بما يعمق حالة التشكيك داخل صفوفهم ويدفع بعضهم إلى الهروب أو التوقف عن التعاون.

ولفت إلى أن بعض العناصر بدأت تطلب أموالًا ومساعدات مقابل تنفيذ عمليات ضد مجموعات أخرى، ما يعكس هشاشة هذه البنية المسلحة وتفككها الداخلي.

من جهته، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد إن المقطع المصوَّر الذي ظهر فيه غسان الدهيني وهو يتفقد عناصر مجموعته يثير علامات استفهام عديدة، إذ بدا واضحًا أن المنطقة التي ظهر فيها ليست مدينة رفح كما زُعم، بل موقع قريب من حدود غزة داخل مناطق “غلاف غزة” الإسرائيلي، حيث المنازل والأشجار سليمة وغير متضررة، وهو ما يشير —بحسب أبو زيد— إلى أن الاحتلال أنشأ جيبًا آمنًا لهذه المجموعات داخل الغلاف تحت حماية جيشه، وليس داخل القطاع.

واعتبر أن ذلك يكشف عن مستوى جديد من الحماية التي بات الاحتلال يوفرها لهذه الفصائل، “ليس فقط حماية زمنية، بل حماية مكانية” تضمن لها العمل بمعزل عن بيئة قطاع غزة الفعلية.

وفي قراءته لواقع هذه المجموعات، أوضح أبو زيد في حديث لـ”قدس برس”أن المقاومة نجحت في استعادة “الاتزان الاستراتيجي الداخلي”، عبر إعادة ترميم سلسلة القرار وضبط الأوضاع الأمنية وتعزيز بنية القيادة، وهي تعمل الآن على استكمال هذا الاتزان من خلال ترميم العلاقة مع محيطها الاجتماعي داخل القطاع.

ويضيف أن المقاومة لا ترغب في فتح مواجهة مباشرة مع هذه المجموعات في هذا التوقيت، لأن أي صدام الآن قد يعرقل جهود إعادة بناء تنظيمها ويمنح الاحتلال فرصة لاستثمار هذه الفصائل في إطار حروب الوكلاء التي يخطط لها في حال فشل المرحلة الثانية من عملياته.

وأشار أبو زيد إلى أن الاحتلال، في ظل حالة الاستنزاف الكبيرة التي يعاني منها، يسعى إلى تحويل هذه المجموعات إلى أدوات قتال بالنيابة عنه، لتجنب العودة إلى عمليات برية واسعة.

ولذلك فإن المقاومة —وفق تقديره— تؤجّل المواجهة معهم إلى ما بعد استكمال ترتيبات الاتزان الاستراتيجي، بحيث تتمكن لاحقًا من إنهاء هذا الملف بشكل حاسم.

وختم بالقول إن التقديرات المتداولة حول تضخم أعداد هذه المجموعات مبالغ فيها، وإن جزءًا كبيرًا مما يُروَّج يأتي ضمن ماكينة البروباغندا الإسرائيلية، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن عددًا ملحوظًا من عناصر هذه التشكيلات قد سلّم نفسه للمقاومة بالفعل

مقالات مشابهة

  • محللون: نتنياهو متمسك بتكرار نموذج لبنان في غزة ولن يخضع لترامب
  • كيف قرأ محللون أهداف وتوقيت وتداعيات هجوم تدمر بسوريا؟
  • محللون: ميليشيات أبو شباب تتحول إلى “عبء أمني” على الاحتلال
  • لوموند: العنف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية يُثير قلق المجتمع الدولي
  • «لوموند»: العنف الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية يثير قلق المجتمع الدولي
  • الرئيس السيسي وماكرون يتفقان على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية
  • إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
  • ما الذي تخطط له العدل الإسرائيلية بشأن العفو الرئاسي عن نتنياهو؟
  • كامل الوزير: دخل الأسرة في «قفط» بقنا 14 ألف جنيه| فيديو
  • رئاسة السلطة الفلسطينية تعلق على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية