من الطرق التحفيزية للأعمال هي التحفيزات الشعورية، ومن أنجح الطرق الذهنية التحفيز بالإرادة، بحيث يكون المخاطب هو من يتولى التفكر والتأمل الذاتي، ومن ذلك ما نحن بصدده من طرق التحفيز لاستقبال شهر رمضان بروح مشتاقة، ونفس متحفزة للعمل، وذلك من خلال التفكير بأن رمضان القادم سيكون آخر رمضان في العمر، وتخيُّل هذا المعنى وتقليبه في الذهن.
وهذا التحفيز له ما يسنده في النصوص النبوية التي حثت المسلم على ملازمة ذِكر الموت، ودوام التفكر في المصير، كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
وإذا كان لا ينتظر أن يصبح إذا أمسى، ولا ينتظر أن يمسي إذا أصبح، فمن باب أوْلى أن لا ينتظر قدوم رمضان آخَر بعد عام كامل، فذلك أدعى أن يكون متأهبا على الدوام للقاء خالقه جل وعلا، وهذا لا يعني تعطيل حياته، وإهمال أسباب البقاء، والشعور بالوحشة من الناس، والتشاؤم القاطع عن متعة الحياة، فالشريعة لا تأمر بذلك، ولا يمكن أن تضرب النصوص بعضها ببعض، بل المقصود أن يتحفز بهذا الشعور إلى تجويد أعماله، ومحاسبة نفسه، وتدبير أموره بحزم وعقل.
قال العيني: "هذه كلمة جامعة لأنواع النصائح إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة والحقد والنفاق والنزاع، وسائر الرذائل منشؤها الاختلاط بالخلائق، ولقلة إقامته قليل الدار والبستان والمزرعة والأهل والعيال وسائر العلائق التي هي منشأ الاشتغال عن الخالق".
إذن فتعزيز الشعور بالفرصة الأخيرة مطلب نبوي، يسنده الواقع المشاهد، فكم من مُؤَمِّل بلوغ موسم آخر كان الموت أعجل من أمله، وأسرع من ارتداد طرْفه، فلم يدرك رمضان الثاني إلا وقد صار من أهل الأجداث رهين عمله وكسبه، بل بعضهم لم يكمل رمضان الذي هو فيه.
فلو دخل المسلم في رمضان بهذا الشعور المُحَفِّز، فسيكون لرمضان وقع آخر، وسيكون اجتهاده في إتقان صيامه وقيامه اجتهادا عظيما، مثله كمثل الطالب المثابر وهو يكتب ورقة الإجابة في الامتحان الذي تمكن من فهم أسئلته، فهو متحفز بمداد الرجاء، يخط إجابة الواثق القريب من رؤية الدرجات وأوسمة التكريم، لا يشغله عن ورقته شاغل، ولا يصرف ذهنه عن شأنه صارف، يجيب بكل جوارحه، مستغرق الفكرة، عميق النظرة، يسجل الجواب وهو مستشعر قلم التصحيح، فيدفعه ذلك إلى مزيد من التنقيح، يجمل كتابته، ويستحضر ما يطلبه منه سائله بكل دقة وروية.
وفي ظل هذا الشعور بآخر فرصة، سيتحقق من وقوع صيامه إيمانا واحتسابا، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه)، فالموقن بالرحيل إلى الله لن يصوم إلا مؤمنا بالله الذي شرع الصيام، محتسبا للأجر والثواب عنده؛ لأنه لم يعد لديه ما يطمع به من عَرَض الدنيا، بل توحد المقصد لديه بنيل ما عند الله، فهو يرى بقلبه البقاء الأطول، والنعيم الأكمل، كما كان حال أنس بن النضر يوم أحُد، وهو يستقبل المعركة قائلا: "واهاً لريح الجنة أجده دون أحد" رواه البخاري.
ولا غرابة فإن المستغرق في الشعور بالآخرة، والمستعد للقاء الله، لن يضيع فرصة الظفر بموسم رمضان، ولن يكون عمله كعمل غيره ممن تتطاول بهم الآمال، ويبطئ بهم التسويف، بل هو في إقبال على الله مستمر، أوقاته معمورة، وأعماله مبرورة، ووصاياه مسطورة، فلو قيل لأحدهم تموت غدا ما زاد في عمله شيئا، وقد كان من أوصاف عباد الله الصالحين: {وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}(المؤمنون:60)، فقلبه مسكون بوجل الرجوع إلى الله، يدفعه دفعاً إلى المسارعة في أبواب الخير، والتسابق في مواسم الطاعات.
وإذا استطاع المسلم أن يحفز نفسه للعمل في رمضان باستخدام هذه الوسيلة الفاعلة، بأن يعمل عمل المُوَدِّع الذي يملك الفرصة الأخيرة، فإنه بذلك يسيطر المسلم على نوازع النفس المائلة به إلى الغفلة والتسويف، وتنبعث جوارحه للانطلاق في ميدان العمل، ومن كان هذا حاله أوشك أن يقبض على عمل صالح، فيكتب الله له رضاه الذي لن يظفر بمثله..
عن اسلام.ويبالمصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
6 أطعمة تساعد على التحكم في الجوع ودعم فقدان الوزن الطبيعي
الجوع نادرًا ما يكون مجرد جوع: إنه مزيج من العادات، ومستوى السكر في الدم، وقوام الوجبة، وسرعة تناول الطعام، وما تقدمه في طبقك. تُغير الألياف هذه المعادلة بهدوء، فهي تُضخّم، وتُبطئ عملية الهضم، وتُغذّي ميكروبات الأمعاء، وتُخفّف تقلبات السكر في الدم، فتتأخر إشارات الشهية وتضعف.
لهذا السبب، فإنّ تغييرًا طفيفًا في تناول الألياف (مثل استبدال وجبة خفيفة مُحسّنة بفاكهة أو خضراوات) غالبًا ما يُقلّل الرغبة الشديدة في تناول الطعام بشكل أكثر موثوقية من قوة الإرادة وحدها.
فيما يلي أطعمة يومية غنية بالألياف تُؤدي هذه المهمة، لكلٍّ منها تجربة شخصية ودراسة مباشرة يُمكنك الاطلاع عليها.
-الكمثرى
تحتوي الكمثرى على مزيج من الألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان بالإضافة إلى الماء، مما يزيد من حجم المعدة ويبطئ إفراغها. يساعدك هذا المزيج على الشعور بالشبع بعد تناول كمية قليلة، ويقلل من الرغبة في تناول الطعام، ويدعم انتظام حركة الأمعاء، وهو أمر مفيد عند التحكم في الشهية. تُسلط مراجعة منهجية نُشرت في مجلة Nutrition Today الضوء على الألياف والفينولات الموجودة في الكمثرى، بالإضافة إلى فوائدها المحتملة لصحة الأمعاء، مما يجعلها وجبة خفيفة سهلة التحضير وبسيطة، تُقلل من استهلاك الطاقة لاحقًا عند تناولها كاملة (مقشرة).
-الموز
يحتوي الموز على ألياف قابلة للذوبان، وعندما يكون أقل نضجًا، يحتوي على نشا مقاوم، وهو ألياف قابلة للتخمر تنتقل إلى القولون وتساعد على كبح الشهية من خلال إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة وإبطاء ارتفاع مستوى الجلوكوز. لهذا السبب، يُشعر الموز غير الناضج قليلًا بالشبع، ويمكنه الحد من تناول الوجبات الخفيفة لاحقًا مقارنةً بالموز الأكثر حلاوةً ونضجًا. تصف مراجعة حديثة نُشرت في مجلة علوم الغذاء والتغذية حول النشا المقاوم في الموز الأخضر آليات تربط النشا المقاوم بزيادة الشعور بالشبع وتحسين الإشارات الأيضية.
-الأفوكادو
يجمع الأفوكادو بين الألياف اللزجة والدهون الأحادية غير المشبعة، وهو مزيج يُبطئ عملية الهضم ويُطيل الشعور بالشبع أكثر من وجبة كربوهيدرات مماثلة في السعرات الحرارية. وقد وجدت دراسة عشوائية متقاطعة نُشرت في مجلة "المغذيات" أن استبدال طاقة الكربوهيدرات بالدهون والألياف المشتقة من الأفوكادو يزيد الشعور بالشبع بعد الوجبة ويقلل الرغبة في تناول الطعام لعدة ساعات، ويعود ذلك جزئيًا إلى هرمونات الشهية. عمليًا، يُحسّن تناول نصف حبة أفوكادو مع الإفطار أو الغداء من الشعور بكمية الطعام ويُقلل من الرغبة في تناول الطعام دون المساس بالطعم.
- الفراولة
الفراولة خفيفة السعرات الحرارية، لكنها غنية بالألياف والماء، لذا فإن تناولها يملأ المعدة دون الحاجة إلى الكثير من السعرات الحرارية، وهو ما يُقلل من حجمها بشكل كبير. تُظهر المراجعات المنشورة في مجلة الكيمياء الزراعية والغذائية أن الألياف والمواد الكيميائية النباتية الموجودة في الفراولة تُقلل من ارتفاع مستوى الجلوكوز بعد الوجبات، وتُعزز الشعور بالشبع، خاصةً عند تناولها كاملةً بدلًا من عصيرها.
- التفاح
يُزوّد التفاح الجسم بالبكتين، وهو ألياف قابلة للذوبان تُكثّف محتويات الأمعاء وتُبطئ امتصاص العناصر الغذائية. أظهرت دراسةٌ أُجريت عام ٢٠١٦ عن البكتين أنه يُعزز الشعور بالشبع، ويُنظّم ميكروبات الأمعاء، ويُقلّل من استهلاك السعرات الحرارية لاحقًا. تناول تفاحة كاملة بين الوجبات يُثبّت مستوى السكر في الدم، وغالبًا ما يمنع الشعور بالجوع في وقت متأخر من بعد الظهر، والذي يُفسد الحميات الغذائية.
-الجزر
الجزر الكامل أو المفروم خشنًا يستغرق وقتًا أطول في المضغ والهضم، مما يزيد من وقت المعالجة الفموية وإشارات الشبع. وقد أظهرت تجربة عشوائية متقاطعة نُشرت في المجلة البريطانية للتغذية أن الوجبات التي تحتوي على جزر كامل أو مخلوط تُعطي شعورًا بالشبع بعد الوجبة أعلى من العناصر الغذائية الموجودة في الجزر وحده، وتُقلل من تناولها لاحقًا في اليوم نفسه.
المصدر: timesofindia