ولد ومات في خيمة بغزة.. رحيل الفنان التشكيلي فتحي غبن
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
نعتت وزارة الثقافة الفلسطينية الفنان التشكيلي فتحي غبن الذي توفي اليوم الأحد في قطاع غزة عن عمر ناهز 77 عاما بعد معاناة مع المرض.
وقالت الوزارة إن "رحيل غبن يشكل خسارة للفن الفلسطيني الذي شهد على يده انتقالات مهمة اتجاه تجسيد الحياة الفلسطينية، واللجوء الفلسطيني، والمخيم، وتقاليد الحياة في البلاد التي نذر حياته لتخليدها في فنه".
وأضافت في بيان أن "غبن الذي كان يعاني من مشاكل حادة في الصدر والرئتين كان بحاجة للسفر إلى الخارج لاستكمال علاجه، بسبب نقص الأدوية والأكسجين في غزة، لكن سلطات الاحتلال لم تسمح له بمغادرة القطاع".
ولد فتحي غبن في قرية هربيا شمال قطاع غزة عام 1947، وحملته أمه خلال النكبة، ونزحت قهرا إلى غزة، حيث عاش حياته في مخيم جباليا. احترف الفن مبكرا، ونذر حياته له.
وعمل غبن مستشارا في وزارة الثقافة، ومنحه الرئيس محمود عباس وسام الثقافة والعلوم والفنون (مستوى الإبداع) في عام 2015، وحاز العديد من الأوسمة الدولية خلال مسيرته الفنية الغنية بالعطاء.
وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف "كانت فلسطين دائما حاضرة بكل تفاصيلها في أعمال غبن الذي حمل معه حياة القرية الفلسطينية والمخيم واللجوء إلى العالم عبر ريشته البارعة".
وأردف "عاش حياة المخيم بكل تفاصيلها، ورسمها بدقة متناهية وخلّد حياة القرية الفلسطينية التي أرادت النكبة أن تمحوها، مستذكرا قريته هربيا التي ولد فيها فرسم الحقل والبيدر والعرس والحصاد والميلاد، ورسم البيوت والوجوه والطرقات".
وأضاف أن "فتحي الذي عاش سنته الأولى بعد أن تنفس الحياة في خيمة على رمال شمال غزة في مخيم جباليا قُدّر له أن يرحل بسبب منع الاحتلال سفره إلى مصر".
وتابع أبو سيف قائلا "عاش فتحي حياته في خيمة، ومات في خيمة" واستدرك "إن الخيمة ليست قدر الفلسطيني، لكنها تعني أن الاحتلال أيضا سيزول مثلما ستزول الخيمة".
وفقد المشهد الثقافي في قطاع غزة العديد من المبدعين في مجالات مختلفة قتلوا في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، فيما دُمرت عشرات المراكز الثقافية والمتاحف والمكتبات.
الثقافة والمبدعون ضحية الحرب الإسرائيليةواستشهد نحو 44 كاتبا وفنانا وناشطا في حقل الثقافة خلال الأشهر الأربعة الأولى للحرب بجانب تضرر 32 مؤسسة ومركزا ومسرحا إما بشكل جزئي أو كامل، بحسب تقرير سابق لوزارة الثقافة الفلسطينية.
وشملت الأضرار أيضا تضرر 12 متحفا، وتضرر 2100 ثوب قديم وقطع تطريز من المقتنيات الموجودة في المتاحف أو ضمن المجموعات الشخصية، وتضررت 9 مكتبات عامة و8 دور نشر ومطابع.
وذكرت الوزارة أن ما يقارب من 195 مبنى تاريخيا يقع أغلبها في مدينة غزة تم هدمها بشكل جزئي أو كامل، ومنها ما يستخدم كمراكز ثقافية ومؤسسات مجتمعية، بجانب تضرر 9 مواقع تراثية و10 مساجد وكنائس تاريخية تشكل جزءا من ذاكرة القطاع.
وذكرت الوزارة في تقريرها أن جيش الاحتلال يعمد إلى تدمير الميادين العامة وهدم النصب والأعمال الفنية فيها بجانب تدمير الجداريات الفنية في الأماكن العامة وعلى طول شاطئ بحر مدينة غزة، ذاكرة أن طواقمها رصدوا تدمير 27 جدارية فنية.
ونوهت الوزارة إلى الخسارة الكبرى التي مني بها قطاع الفن التشكيلي الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة هدم مراسم الفنانات والفنانين سواء تلك الموجودة في بيوتهم أو الموجودة بشكل منفصل، حيث لم يعد لديهم أي لوحة من لوحاتهم بجانب هلاك الأعمال الفنية من منحوتات ولوحات وآلات موسيقية التي كانت تقتنيها المؤسسات والجامعات والمراكز، ناهيك عن المقتنيات الفنية الشخصية.
وقالت الوزارة إن هناك عمليات سرقة مهولة يقوم بها جنود الاحتلال للمقتنيات الفنية والتراثية واللقى الأثرية.
ونوهت إلى "أن الاحتلال، وهو يواصل عدوانه الشرس على أهلنا في غزة بعد دخول هذه المقتلة الشهر الخامس لم يتوقف عن استهداف كل شيء في القطاع من البشر والحجر والشجر، وهو ما يؤكد ضرورة التحرك من أجل وقف هذا العدوان بشكل كامل حتى يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تراثنا وثقافتنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة فی خیمة
إقرأ أيضاً:
تدشين المشروع الوطني لأرشيف الفرق والمهرجانات الفنية المستقلة بمسرح المعهد الثقافي الإيطالي
نظّم المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية برئاسة المخرج عادل حسان، وبإشراف المخرج هشام عطوة رئيس قطاع المسرح، حفل تدشين مشروع الأرشيف الوطني لقاعدة بيانات ودعم الفرق والمهرجانات الفنية المستقلة والحرة، وذلك بمقر المعهد الثقافي الإيطالي بالقاهرة، وبحضور نخبة من المسرحيين والفنانين والباحثين، إلى جانب عدد من ممثلي المؤسسات الثقافية المصرية والدولية، وذلك في خطوة تهدف إلى حماية الذاكرة الفنية المصرية وتعزيز البنية التحتية للقطاع الثقافي برعاية ودعم د.أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة.
وفي كلمته خلال الحفل، أكد المخرج عادل حسان أن المشروع يأتي استجابة لحاجة ملحّة رصدها المركز، في ظل غياب قاعدة بيانات دقيقة وضعف التواصل بين المركز والشارع والمؤسسات والكيانات الفنية المستقلة، مشيرًا إلى أن المشروع يهدف إلى إرساء منظومة مؤسسية متكاملة تُسهم في دعم الممارسين وتطوير البنية المعلوماتية للقطاع الثقافي المصري.
وأوضح حسان أن المركز عمل خلال الأشهر الماضية على وضع تصور شامل لإنشاء أرشيف وطني مستقر يُوحّد الجهود ويؤسس لبنية مهنية طويلة الأمد، مشددًا على أن المشروع يحظى بدعم مباشر من معالي وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، الذي وجّه بضرورة امتداد المشروع إلى المحافظات، وتكليف فرق عمل بالتنسيق مع الهيئة العامة لقصور الثقافة والإدارات الفنية المعنية لضمان التنفيذ الفعّال على مستوى الجمهورية.
وأضاف أن المشروع لا يقتصر على جمع البيانات فحسب، بل يشمل أيضًا تقديم خدمات بحثية وفنية للفرق المستقلة، وتوفير مساحات ثقافية لاستضافة الفعاليات، إلى جانب توفير مسارات للدعم اللوجيستي الخاص بالمهرجانات، بما يتيح فرص مشاركة عادلة ومنظمة للفرق في مختلف الفعاليات الثقافية.
وشهد الحفل مداخلة للمخرج أحمد العطار، عبّر فيها عن تقديره لإطلاق هذا المشروع، مؤكدًا أن المجتمع الفني المستقل عانى طويلًا من غياب التوثيق وصعوبة الوصول إلى المعلومات، مما أدى إلى ضياع جزء كبير من الأرشيف الفني المصري. وأشار إلى أن حجم المادة الفنية المتراكمة — من عروض وصور ونصوص وأرشيف شخصي — ضخم للغاية، وأن جزءًا كبيرًا منها مهدد بالاندثار بعد رحيل أصحابها، داعيًا إلى استخدام أدوات تكنولوجية حديثة تتيح الأرشيف للباحثين والمهتمين بشكل عصري وآمن، معتبرًا أن المشروع يمثل خطوة جوهرية نحو إنقاذ الذاكرة المسرحية المصرية.
من جانبه، قال رامي دسوقي، المدير المالي والإداري باتحاد المعاهد الثقافية الأوروبية (EUNIC)، الجهة المستضيفة لانطلاق المشروع، أن هذه المبادرة تمثل خطوة هامة لتوثيق مشهد محوري من مشاهد المسرح المصري، مشيدًا بانفتاح وزارة الثقافة ودعمها المتواصل لمثل هذه المبادرات، وموجهًا الشكر للوزير الدكتور أحمد فؤاد هنو على دعمه وإيمانه بأهمية المشروع.
وتضمّن الحفل عرضًا تقديميًا شاملاً لهيكل المشروع ورؤيته ومراحله التنفيذية، قدّمته منى سليمان - عضو اللجنة التنفيذية للمشروع -، حيث استعرضت مراحل الإعداد والتصميم، وآليات تسجيل وتصنيف الفرق، وتقديم الدعم الفني واللوجيستي، والتدريب والتطوير، وصولًا إلى آليات التقييم والتحديث الدوري لضمان استدامة المشروع.
واختُتمت الفعالية بجلسة نقاشية موسعة مع الفنانين والحضور، تناولت التحديات التي تواجه عملية التوثيق الفني، وسبل تعزيز التعاون بين المؤسسات الرسمية والمجتمع الفني المستقل، بما يضمن حفظ الإرث المسرحي وإتاحته للأجيال القادمة.
وتتشكل اللجنة التنفيذية للمشروع برئاسة المخرج عادل حسان، وعضوية نخبة من الفنانين والخبراء، وهم: المخرجة عبير علي، المخرج سامح مجاهد (مدير فرقة مسرح الغد)، المخرج تامر كرم (مدير فرقة مسرح الشباب)، الكاتب سامح عثمان ( مدير التدريب بالادارة العامة للمسرح بهيئة قصور الثقافة)، الفنانة منى سليمان (مدير ثقافي)، الأستاذة دينا فوزي (مدير رقابة المسرحيات بالرقابة على المصنفات الفنية)، الأستاذة جيهان علام (المدير المالي والإداري بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون لشعبية)، ويشغل الدكتور محمد أمين عبد الصمد (مدير إدارة تراث الفنون الشعبية بالمركز) مقررا للجنة، وستضم اللجنة لاحقا عدد من الفاعلين في المسرح و الموسيقى والفنون الشعبية.
ويُعد هذا المشروع، في مرحلته التأسيسية الأولى، خطوة استراتيجية نحو بناء أرشيف وطني شامل للفرق الفنية المستقلة، بما يضمن حماية التراث الفني المصري، ودعم استدامة الإبداع، وتوفير بنية عمل آمنة ومنظمة تسهم في تطوير المشهد الثقافي على مستوى القاهرة والمحافظات.