مستشارة شيخ الأزهر: مدرسة الإمام الطيب تبني شخصية الطالب المسلم ليكون فاعلًا بالمجتمع
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر ورئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، اليوم الخميس، أن «مدرسة الإمام الطيب» التي وجَّه الإمام الأكبر بإنشائها تهدف إلى بناء شخصية مسلمة معاصرة تؤثر في مجتمعها بفاعلية، وتواكب تطورات العصر في التعلُّم والتعليم الشرعي، انطلاقًا من رسالة الأزهر العالمية، مع تزويد الطلاب الوافدين بالمهارات المتعددة التي تؤهلهم لتدريس القرآن الكريم وعلومه، بجانب نشر المنهج الإسلامي الوسطي القويم عبر حفظ كتاب الله، وإتقان أحكام تلاوته، ومدارسته وتدبر معانيه، فجاءت رؤيتها صناعة رجال على مأدبة القرآن.
وأضافت خلال كلمتها بحفل تخريج الدفعة الأولى من «مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده» بمركز الأزهر للمؤتمرات، أن فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يدعم المدرسة ويدعو لأبنائنا الخريجين الجدد من حملة كتاب الله تعالى بالتوفيق، وأن يكونوا بحق سفراءَ في بلدانهم لتعليم القرآن الكريم وعلومه وأحكامه وأخلاقه فهو منبع الهداية والإرشاد ومصدر التشريع والأحكام وأساس الدين والعقيدة وهو حجة الله العامة على الناس في كل زمان ومكان.
وبيَّنت مستشار الإمام الأكبر أن لتعليم القرآن الكريم وتدارس أحكامه وعلومه فضل عظيم، فهو من أعظم القربات وأجل الأعمال التي أمرنا الله تعالى بها، وأوصانا بالحرص عليها رسولنا الكريم ﷺ، لما في ذلك من خير عظيم وثواب جَمّ، وذلك مصداقًا لقول الله تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)، وقولِه: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، وقولِ نبينا الكريم ﷺ: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران»، فكان لزامًا على كل مسلم ومسلمة، أن يتدارس القرآن الكريم وعلومَه، وأن يحرص كل الحرص على المداومة على قراءته وتدبر آياته وفهم معانيه، حتى يستقرَ فؤادُه وتَشْفَى نفسُه ويطمئنَ قلبُه، فينال ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، برفعة القدر وعلو الشأن في الدنيا، ونيل الشفاعة والارتقاء في درجات الجنة في الآخرة.
وأشارت إلى أن المسلم مطالب دائمًا بحفظ كتاب الله ومدارستِه وعدم الانشغال عنه، خاصة في عصرنا الحالي، وما يشهده من انتشارٍ للكثير من المغريات ووسائل اللهو والترف، كوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية وغيرها من الملهيات التي شغلت الكثيرين من شبابنا وأبنائنا، واستحوذت على تفكيرهم ووقتهم، وحولتهم إلى مجرد أدوات تستهلك هذه المنتجات الغثة، فتغيرت سلوكياتُهم وبَهتتْ أرواحُهم وضَعُفَتْ شخصياتُهم، على غير ما أمرنا الله تعالى به ورسوله، فكان لزامًا علينا نحن المسؤولين، مؤسساتٍ وأفرادًا، أن نَعِيَ هذا الخطر الحقيقي، وأن ننتبهَ له، ونضعَ الإجراءات المناسبةَ لمجابهته وانتشال شبابنا من هذا الطريق ووضعِهم على طريق الهداية والرشاد، بتعلُّم القرآن وتدارُس أحكامه، لتقوى شخصياتُهم من بعد ضعف، وتستقيمَ سلوكياتُهم من بعد تحريف، وتصفو أرواحُهم من كل كدر أصابها أو هَمٍّ نال منها.
وأوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي أن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر كان سبَّاقًا دائمًا في مجال تعليم القرآن الكريم وتدريس علومه وأحكامه، في جميع مراحله التعليمية، بَدءًا من التعليم الابتدائي ووصولًا إلى التعليم الجامعي، وقد كان من حظ أبنائنا الطلاب الوافدين أن خَصَّهم فضيلة الإمام الأكبر بعناية فائقة، فوجه بإنشاء «مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده»، لتتيحَ فرصة الدراسة الحرة المجانية لحفظ القرآن الكريم وعلومه وضبط التلاوة للطلاب الوافدين، ومساعدتهم في تعلم النطق الصحيح لآيات القرآن الكريم، وتعليم التجويد وأحكام التلاوة، مع تقسيمهم مستوياتٍ حسب الحفظ، مما يُتيح لكل وافد اختيارَ المستوى الذي يناسبه، حتى يواصل مدارستَه وحفظَه دون صعوباتٍ أو معوقات.
وتابعت أنه لتحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله، عملت «مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده»، منذ تأسيسها، على عدد من المشروعات المهمة، منها:
أولًا: مشروع تخريجِ مدرسين من الطلاب الوافدين في تخصص التجويد والقراءات، وذلك بانتقاء الطلاب النابغين المتقنين الذين لديهم مهارة التدريس ومنحهم الفرصة للتدريس بمدرسة الإمام الطيب، وصقل مواهبهم، والارتقاء بمستواهم التعليمي، ليكونوا بذلك قد جمعوا بين تحصيل العلم وتدريسه للغير.
ثانيًا: مشروع مصحف الأزهر المرتل لخريجي مدرسة الإمام الطيب، الذي يهدف إلى انتقاء الطلاب حَسَنِي الصوت، المتقنين حفظًا وتلاوة، لتسجيل مصحف مرتل على أن يكون هذا المصحف هدية من الأزهر الشريف لبلادهم، يذاع في وسائل إعلامهم، ويُسمَّى مثلًا «مصحف الأزهر المرتل لقراء ماليزيا»، يقوم بتسجيله الحفظة المتقنون من قراء ماليزيا من خريجي مدرسة الإمام الطيب، وكذلك «مصحف الأزهر المرتل لقراء نيجيريا وإندونيسيا وبنجلاديش.. وغيرها».
ثالثًا: مشروع تخريج عددٍ من مراجعي المصحف الشريف من الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة الإمام الطيب، على أن تمتحنَهم وتعتمدَهم لجنةُ مراجعة المصحف بالأزهر الشريف.
وأكدت مستشارة شيخ الأزهر أن مدرسة الإمام الطيب نجحت في عامها الأول في تحقيق الأهداف التعليمية التي وضعناها؛ حيث وصل عدد الطلاب الدارسين بمختلف المراحل والفصول بالمدرسة إلى 1320 طالبًا وطالبة، يدرسون في خمسة فروع، ويبلغ عدد الطلاب المتخرجين الذين أنهوا حفظ القرآن الكريم كاملًا مع حفظ الشاطبية 57 طالبًا وطالبة من مختلف البلدان الإسلامية، كما سيشهد حفلنا تكريم 165 طالبًا وطالبة من الطلاب الأوائل في الاختبار السنوي لمستويات القرآن الكريم كاملًا، ونصف القرآن، وربع القرآن، وعُشر القرآن، وهو ما يبشر بأننا -ولله الحمد- نسير على الطريق الصحيح، وإننا لنرجو اللهَ العليَّ القديرَ أن تُسهم المدرسة في غضون سنوات قليلة في تخريج المئات من حملة كتاب الله، المهرة في مدارسته وتدريس علومه وأحكامه، في شتى ربوع الدنيا، ليكونوا سفراء للأزهر الشريف، بمنهجه الوسطي في بلدانهم.
واختتمت مستشارة شيخ الأزهر كلمتها بتقديم التهنئة الصادقة لكل أبنائنا خريجي «مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده» على ما حققوه من إنجاز مهم في حياتهم العملية، بحفظ كتاب الله تعالى كاملًا مع حفظ الشاطبية، وآمل أن يكونوا خير سفراء للأزهر الشريف، وأن تكون هذه هي الخطوة الأولى على طريق إسهامهم القوي في نشر كتاب الله تعالى وتعليم علومه وأحكام تلاوته وتجويده وبيان وجوه إعجازه.
وينظم مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر، هذا الحفل لتخريج الدفعة الأولى من «مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده» بمركز الأزهر للمؤتمرات، بحضور علماء وقيادات الأزهر وممثلي السفارات الأجنبية، وتكريم طلاب الدفعة الأولى والطلاب أوائل المستويات ويبلغ عددهم (165) طالبًا وطالبة، مع عرض فيلم تسجيلي عن المدرسة وتاريخ إنشائها ونظام الدراسة بها، مع توزيع الشهادات وأخذ صور تذكارية في ختام الحفل للمكرَّمين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مستشار شيخ الأزهر مدرسة الإمام الطيب الطلاب الوافدين الامام الاكبر مستشارة شیخ الأزهر الطلاب الوافدین الإمام الأکبر الأزهر الشریف طالب ا وطالبة الله تعالى کتاب الله م القرآن
إقرأ أيضاً:
دور الأزهر الشريف في صيانة الشرع والمجتمع
التحرك الرسمي للأزهر الشريف ضد فتوى توهم منها البعض «إباحة الحشيش» يؤكد على الدور الحيوي لمؤسسة الأزهر في حماية الشريعة وصيانة المجتمع من أي تجاوزات أو فتاوى قد تضر بهما.
وهذا التحرك السريع والحاسم يعكس التزام الأزهر بمسؤوليته التاريخية في صون الدين وتوجيه الأمة، ويؤكد على أن المؤسسة لن تسمح بأي محاولة للمساس بثوابت الشريعة أو تبرير ما حرم الله، أياً كان مصدرها.
فقد أثار تصريح منسوب للدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، يفيد بأن «الحشيش» لا يبطل الصيام ولا يوجب الحد لأنه ليس مثل «الخمر»، هذا الكلام قوبل بموجة واسعة من الجدل والاستياء في الأوساط الدينية والمجتمعية. وعلى الفور، جاء التحرك الرسمي والحاسم من الأزهر الشريف ليؤكد على موقفه الرافض لمثل هذه الفتاوى التي تمس ثوابت الشريعة وتضر بالمجتمع.
لم يكن تصريح الدكتورة سعاد صالح مجرد رأي فقهي عابر، بل اعتبره الكثيرون فتوى خطيرة، خاصة مع انتشار المخدرات وتأثيرها المدمر على الشباب والمجتمع. ورغم أن الدكتورة سعاد عادت وأوضحت أن كلامها قد تم اجتزاؤه من سياقه، وأنها كانت تتحدث عن الفارق الفقهي بين الحد الشرعي للخمر والعقوبة التعزيرية للمخدرات في حال عدم الإسكار التام، إلا أن الضرر قد وقع. فمثل هذه التصريحات، حتى لو كانت بغرض الشرح الأكاديمي، يمكن أن تُفهم بشكل خاطئ ويتم استغلالها من قبل البعض لتبرير تعاطي مخدر الحشيش.
إن الخلط بين مفهوم «الإسكار» كشرط لإقامة حد الخمر، وبين حرمة المواد المخدرة بصفة عامة، يعد أمراً بالغ الأهمية. فالشريعة الإسلامية لم تحرم الخمر لذاته فقط، بل لحرمة «الإسكار» وأضراره، كما أنها حرمت كل ما يضر بالنفس والعقل والمال، وهذا ينطبق بشكل واضح على جميع أنواع المخدرات.
وهذا ما دفع الأزهر الشريف، بصفته المرجعية الدينية العليا في مصر والعالم الإسلامي السني، لاتخاذ موقف حازم وفوري. فقد أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بياناً واضحاً أكد فيه تحريم تعاطي المخدرات بجميع أنواعها وأشكالها تحريماً قطعياً.
وشدد البيان على أن هذه المواد تذهب بالعقل وتضر بالجسم والمال، وهي مفاسد تتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت لحفظ الضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
ولم يقتصر الأمر على البيان التوضيحي، بل قد اتخذت الإدارة العليا بالأزهر إجراءات إدارية، تماشياً مع لوائح الجامعة التي تحكم عمل أعضاء هيئة التدريس وتصريحاتهم الإعلامية، فالأستاذ الجامعي في مؤسسة بحجم ومكانة الأزهر يحمل مسؤولية مضاعفة، وتصريحاته تُؤخذ على محمل الجد من قبل قطاع واسع من الجمهور.
وتأتي سرعة وحسم رد الأزهر على هذه الفتوى لعدة أسباب:
- حماية الشريعة وثوابتها: فالمخدرات محرمة بنصوص صريحة أو بقياس جلي على الخمر في الإضرار بالعقل والنفس، ومقاصد الشريعة تقضي بتحريم كل ضار. أي فتوى تفتح باباً للتهاون في هذا الأمر تعد مساساً بأسس الشريعة.
- صيانة المجتمع من الأضرار: فالأزهر الشريف يلعب دوراً مجتمعياً مهما في توجيه الناس وحمايتهم من كل ما يضر بصحتهم وعقولهم وأمنهم. والمخدرات آفة مدمرة للمجتمعات، وأي فتوى قد تبرر تعاطيها تُعد خطراً جسيماً.
- الحفاظ على مرجعية الأزهر: إن الأزهر هو المرجعية الأولى للمسلمين في الفقه والشريعة، وإصدار فتاوى غير منضبطة أو شاذة صادرة عن منتسبين له، حتى لو كانت بغير قصد، قد تهز الثقة في هذه المرجعية وتفتح الباب أمام فوضى الإفتاء.
- منع التباس المفاهيم: فيجب التفريق بوضوح بين الجانب الفقهي البحت في تعريف «الخمر» و«الإسكار» كشرط لإقامة الحد، وبين حكم تعاطي المخدرات التي تعد محرمة بالإجماع وإن اختلفت في طريقة تحديد العقوبة القانونية.
اقرأ أيضاًالأمين العام لهيئة كبار العلماء: الصهاينة غاضبون من الأزهر الشريف وذلك يسعدنا
وعظ الغربية تشارك وفد الأزهر والأوقاف احتفالية محاكاة الحياة النيابية والتشريعية بجامعة الأزهر