أعلنت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية عن بدء العمليات التشغيلية في المحطة الرابعة من محطات براكة للطاقة النووية. وتتولّى شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسَّسة مسؤولية تشغيل المحطات وصيانتها، ما يؤكِّد المستوى الرفيع للخبرات التي تمتلكها المؤسَّسة وذراعها التشغيلية في تطوير أكبر مصدر للطاقة الكهربائية النظيفة في دولة الإمارات والعالم العربي.


ويعني بدء العمليات التشغيلية في مفاعل المحطة الرابعة في براكة، بدء عملية الانشطار النووي في المفاعل للمرة الأولى لإنتاج الحرارة التي تشغِّل التوربينات بالبخار لإنتاج الكهرباء. وفي الأسابيع المقبلة، ستُربَط المحطة الرابعة بشبكة كهرباء دولة الإمارات، بعد وصول طاقة المفاعل إلى نسبة معينة، ثمَّ تُجرى اختبارات مصاحِبة لعملية الرفع التدريجي لمستوى طاقة المفاعل، وصولاً إلى مستوى الطاقة القصوى، ويلي ذلك بدء التشغيل التجاري خلال أشهر عدة.
وتمَّ تشغيلُ كلِّ محطة من محطات براكة بكفاءة أكبر من المحطة السابقة، من خلال تطبيق الدروس المستفادة والمعارف والخبرات المكتسَبة من المحطات السابقة على المحطات اللاحقة، حيث شُغِّلت المحطة الثالثة أسرع بأربعة أشهر من المحطة الثانية، وأسرع بخمسة أشهر من المحطة الأولى، ما يؤكِّد ميزة تطوير محطات متعدِّدة تدريجياً وعلى مراحل. وأنجز مشروع محطات براكة الأربع، أول مشروع للطاقة النووية متعدِّد المحطات في مرحلة التشغيل في العالم العربي، ضمن جدول زمني مناسب، ببدء تشغيل محطة كل عام منذ عام 2020، ما يدلُّ على الخبرات الواسعة في إدارة المشاريع الكبرى.
وتستخدم محطات براكة أربعة مفاعلات تعمل بالماء المضغوط من الطراز المتقدِّم APR-1400 تستطيع كلٌّ منها إنتاج ما يصل إلى 1,400 ميغاواط من الكهرباء النظيفة.
وقال محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية: «تعدُّ بداية العمليات التشغيلية في المحطة الرابعة من محطات براكة للطاقة النووية إنجازاً كبيراً، ونحن ننتقل الآن إلى مرحلة جديدة من البرنامج النووي السلمي الإماراتي تتضمَّن البحث والتطوير والابتكار والاستثمار في تقنيات الطاقة النووية المتقدمة، علماً بأنه في السنوات الخمس الماضية، أضافت دولة الإمارات العربية المتحدة كهرباء نظيفة لكلِّ فرد أكثر من أيِّ دولة أخرى على مستوى العالم، وأُنتِج 75% من هذه الكهرباء من محطات براكة وحدها، ما يدلُّ على مدى أهمية الطاقة النووية في خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة».
وأضاف الحمادي: «تمتلك فِرَق العمل لدينا في دولة الإمارات معارف وخبرات لا مثيل لها، تسهم إسهاماً رئيسياً في مسيرة الدولة الريادية نحو مستوى أعلى من أمن الطاقة والازدهار البيئي والاقتصاد المستدام، وتبرز مسيرة تطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة والتزام البرنامج بأعلى معايير الجودة السلامة، من أجل دعم نمو الطاقة النووية السلمية، بصفته حلاً أثبت جدواه لضمان أمن الطاقة ومواجهة التغيُّر المناخي».
وفور الانتهاء من الاختبارات النهائية وبدء التشغيل التجاري خلال الأشهر المقبلة، سترفع المحطة الرابعة القدرة الإنتاجية الإجمالية للمحطة إلى 5,600 ميغاواط من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، وهو ما يعادل توفير ما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء. وستسهم محطات براكة، التي تعدُّ ركيزة أساسية للتنمية المستدامة وأمن الطاقة واستقرارها في ربع التزامات الدولة بخفض البصمة الكربونية، بموجب اتفاقية باريس للأمم المتحدة لتحقيق الأهداف المناخية العالمية.
وتعدُّ محطات براكة نموذجاً يُحتذى به لمشاريع الطاقة النووية الجديدة في العالم، حيث تبرز المحطات مدى الجدوى والسلامة وكفاءة التكلفة والإدارة المدروسة، إلى جانب إبراز أهمية الطاقة النووية في مزيج الطاقة العالمي. ويقدِّم نموذج محطات براكة دروساً بالغة الأهمية، ومعياراً مرجعياً للدول التي تدرس استخدام الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها من الطاقة وتحقيق أهدافها البيئية.
وكانت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية قد أطلقت بالتعاون مع المنظمة النووية العالمية، مبادرة «الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي»، لإنشاء منصة تهدف إلى تسليط الضوء على الدور المحوري للطاقة النووية في تحقيق الحياد المناخي، وحظيت المبادرة بدعم كبير خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28)، حين تعهَّدت 22 دولة بالدعوة إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، لتسريع عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة والصناعات الثقيلة في العالم، مع تعهُّد 150 شركة بدعم ذلك.
واستناداً إلى المعارف والخبرات التقنية المكتسَبة من تطوير محطات براكة، تركِّز مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية على التوسُّع في مشاريع الطاقة النووية في دولة الإمارات، وتعزيز البحث والتطوير، وتبنّي أحدث تقنيات الطاقة النووية مثل المفاعلات المصغَّرة، والمفاعلات المتقدِّمة ومصادر الطاقة النظيفة الجديدة مثل البخار والهيدروجين والأمونيا، إضافةً إلى الحرارة المستخدَمة في العمليات الصناعية. وتتعاون المؤسَّسة، المكلّفة بتطوير قطاع الطاقة النووية في دولة الإمارات، مع الشركاء المحليين والدوليين لاستكشاف فرص التعاون في مجال التكنولوجيا ومشاريع الطاقة النووية، من أجل المُضِيِّ قُدُماً في مسارات تنفيذ هذه المشاريع الضرورية لخفض البصمة الكربونية لمصادر الطاقة، بهدف الوصول إلى الحياد المناخي في عام 2050.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات محطات براكة للطاقة النووية الإمارات العملیات التشغیلیة فی الطاقة النوویة فی البصمة الکربونیة فی دولة الإمارات المحطة الرابعة من الطاقة

إقرأ أيضاً:

كيف تستعد الدول العربية لغزو سوق الطاقة النووية؟

تشكل مناجم اليورانيوم في عدة دول عربية أصولًا استراتيجية مهمة، تعزز فرص المنطقة في تطوير مشاريع طاقة نووية سلمية، تواكب التحولات العالمية المتجهة نحو مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة خلال العقود المقبلة، وتتوزع هذه الثروات بين موريتانيا، والأردن، والجزائر، والسعودية، ومصر، حيث تمتلك كل دولة مقومات خاصة بها تمكنها من لعب دور محوري في مستقبل الطاقة النووية بالمنطقة.

موريتانيا: منجم “تيريس” بوابة موريتانيا لعالم الطاقة النووية

يقع منجم “تيريس” في منطقة تيريس زمور شمال شرق موريتانيا، ويعد الأكبر في العالم العربي من حيث احتياطيات اليورانيوم، إذ تقدر بنحو 91.3 مليون رطل من أكسيد اليورانيوم (ما يعادل حوالي 41 ألف طن)، ويتم تطوير المنجم بنسبة 85% من قبل شركة “أورا إنرجي” الأسترالية بالشراكة مع الوكالة الوطنية للبحوث الجيولوجية الموريتانية، مع عمر تشغيلي متوقع يصل إلى 25 عامًا، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري بين أواخر 2026 وبداية 2027، بإنتاج سنوي يبلغ نحو مليوني رطل (900 طن)، مع إمكانية مضاعفة الإنتاج في المستقبل، مما يجعل موريتانيا لاعبًا واعدًا في سوق الطاقة النووية السلمية.

الأردن: مشاريع “السواقة والقطرانة” تدفع الصناعة النووية نحو المستقبل

تحتضن الأردن مناجم “السواقة والقطرانة” وسط البلاد، التي تقدر مواردها بنحو 42 ألف طن من “الكعكة الصفراء”، وهي المادة الخام الأساسية لتخصيب اليورانيوم، ويمتد المشروع على مساحة 667 كيلومترًا مربعًا من جنوب عمّان إلى العقبة، ويُعتبر حجر الأساس في استراتيجية الأردن لبناء صناعة نووية متكاملة، وأنشأت شركة تعدين اليورانيوم الأردنية مصنعًا شبه تجريبي لاستخلاص الخام، ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق اكتفاء ذاتي محلي في مجال الطاقة النووية.

الجزائر: احتياطات هائلة لكنها مؤجلة لأسباب استراتيجية

تُقدر احتياطيات اليورانيوم في الجزائر بحوالي 29 ألف طن، تتركز في مناطق الهقار وتمنراست جنوب البلاد، رغم اكتشاف العديد من المواقع الغنية عبر برامج تنقيب مكثفة منذ سبعينيات القرن الماضي، قررت الجزائر تجميد استغلال هذه الموارد عام 2012 لأسباب استراتيجية، مع توقعات بإمكانية استئناف برنامج نووي سلمي حال توفر البيئة التنظيمية المناسبة.

السعودية: دورة وقود نووي متكاملة ورؤية طموحة لعام 2040

تمتلك السعودية احتياطيات ضخمة تتراوح بين 60 و90 ألف طن من اليورانيوم، موزعة في مواقع عدة مثل جبل صائد في المدينة المنورة وجبل قرية شمال البلاد، تشكل نحو 5-6% من الاحتياطي العالمي، وتسعى المملكة إلى بناء دورة وقود نووي متكاملة تشمل التعدين والاستخلاص وتصنيع الوقود، ضمن رؤية طموحة تهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة النووية، تخطط السعودية لبناء مفاعلين نوويين بقدرة 3.2 غيغاواط، كجزء من خطة شاملة لإضافة 17 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول 2040.

مصر: الضبعة النووية ومصنع الوقود.. بوابة مصر للطاقة الإقليمية

تمتلك مصر احتياطيات متنوعة من اليورانيوم، أبرزها في جبال البحر الأحمر ومنجم علوجة في سيناء، إلى جانب نحو 50 ألف طن من الفوسفات المحتوي على اليورانيوم، و2000 طن أخرى من الرمال السوداء، وتُعد مصر من بين الدول القليلة عالميًا التي تمتلك مصنعًا للوقود النووي، وهو واحد من 9 مصانع فقط في العالم.

وبحسب تقرير منصة الطاقة، تتعاون مصر مع روسيا في تطوير محطة الضبعة النووية التي ستضيف 4800 ميغاواط إلى الشبكة الوطنية عند اكتمالها المتوقع عام 2027، ما يعزز مكانة مصر كقوة إقليمية في مجال الطاقة النووية، كما تملك مصر احتياطيات ضخمة من الثوريوم تصل إلى 380 ألف طن، ما يفتح أمامها آفاقًا إضافية لتطوير الطاقة النووية المستقبلية.

يذكر أن هذه الثروات الطبيعية التي تمتلكها الدول العربية تمثل فرصة استثنائية لتطوير مصادر طاقة نظيفة وآمنة، بما يتوافق مع التوجهات العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق التنمية المستدامة، لكن تحقيق هذا الطموح يتطلب تنسيقًا إقليميًا ودوليًا، إضافة إلى بنى تنظيمية قوية، واستثمارات ضخمة في البحث والتطوير، فضلاً عن احترام المعايير الدولية للسلامة النووية.

مقالات مشابهة

  • «كهرباء دبي» تضيف 800 ميجاوات للطاقة النظيفة منذ بداية 2025
  • مع ارتفاع درجات الحرارة.. خطوات ترشيد استهلاك الكهرباء
  • «كهرباء دبي» تضيف 800 ميجاوات من القدرة التشغيلية للطاقة النظيفة
  • إيران ترفع نبرة التهديد قبل اجتماع وكالة الطاقة الذرية
  • بإشراف وزارة الطاقة ومتابعة الهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء.. السعودية للكهرباء تعلن نجاح الخطة التشغيلية لحج 1446هـ
  • الأرصاد يطلق المرحلة الرابعة من خطته التشغيلية لأعمال موسم حج 1446هـ
  • أماكن محطات الأتوبيس الترددي على الدائري وأسعار التذاكر
  • “الأرصاد” يطلق المرحلة الرابعة من خطته التشغيلية لأعمال موسم الحج
  • بعد التشغيل التجريبي.. معلومات عن محطات الأتوبيس الترددي
  • كيف تستعد الدول العربية لغزو سوق الطاقة النووية؟