عبء الهدايا الثمينة.. لماذا يشعر البعض بالذنب عند تلقيها؟
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
قد تمثل لحظة منح الهدايا وتلقيها إحدى لحظات السعادة الخالصة للمتلقي والمانح على حد سواء، وينتظر الأخير أن يرى السعادة في أعين صاحبه، بينما يفض المتلقي بلهفة غلاف الهدية ليرى ما بداخلها ويشعر بالتقدير والامتنان. لكن مهلاً، فالأمر قد لا يكون بمثل هذه الإيجابية للبعض، فلحظة تلقي الهدايا قد تكون لحظة مؤلمة تحمل معها وبعدها الكثير من المشاعر السلبية غير المريحة، وهو ما يُعرف بالشعور بالذنب تجاه الهدايا.
وفقاً للجمعية الأميركية لعلم النفس، فإن تقديم الهدايا وتلقيها من شأنه أن يدعم ويُعزز الصحة العقلية. وتوضح الدكتورة إميليانا سيمون توماس، الباحثة بعلم الأعصاب وعلم النفس، أن تقديم الهدايا، خاصة عندما تربطنا علاقة وثيقة بمانح الهدية، ينشط مسارات المكافأة الرئيسية في أدمغتنا، بشرط ألا نسمح للتوتر أن يحرمنا من متعة هذه اللحظة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4يرتدون ملابس ثمينة يوميا.. حيل مشاهير إنستغرام للظهور كأثرياءlist 2 of 4إتيكيت الولائم الرمضانية.. توطيد للعلاقات وإراحة ربات البيوتlist 3 of 4السلة الصحية.. هدية تضفي الفرح على قلوب الأصدقاء والمرضىlist 4 of 4عندما تتكلم الزهور لغة المحبة والأمنيات.. كيف نختارها في المناسبات؟end of listوتشرح توماس ما يحدث بالدماغ خلال لحظة منح أو تلقي الهدية قائلة "ما يجعل لحظة تلقي الهدية مميزة بشكل خاص فيما يتعلق بتنشيط مسارات المكافأة الرئيسية في أدمغتنا، مقارنة بشيء مثل الحصول على جائزة أو الفوز بالمال، أنه نظرًا لأن الهدايا تقليد اجتماعي، فإن تلقي الهدايا ينشط مسارات في الدماغ تطلق الأوكسيتوسين، وهو هرمون يشير إلى الثقة والأمان، ويُطلق عليه أحياناً "هرمون الحب" أو "هرمون الاحتضان".
عندما يصبح هرمون الأوكسيتوسين جزءًا من المعادلة، فإن تنشيط مسارات المكافأة هنا يختلف قليلاً، عن أي لحظة إيجابية أخرى قد نمر بها، من حيث إمكانية استمراره لفترة أطول، على عكس العمر القصير الذي تتمتع به الاستجابات الأخرى والتي قد تطلق هرمون الدوبامين، والذي يُعرف بـ"هرمون التفاؤل أو السعادة".
والهدايا أيضاً قد يكون لها تأثير مميز على تعزيز علاقتنا الاجتماعية ببعضنا، خاصةً تلك الهدايا العملية التي تُقدّم فائدة حقيقية أو تجربة فريدة لمتلقيها. ويُشير موقع "ساينس ديلي" إلى أن التجارب قد توصلت إلى أن الهدايا العملية تساعد في تحسين قوة العلاقات بدرجة كبيرة.
لكن، هذه الفوائد السابقة، قد لا تتحقق أبداً إذا سيطرت المشاعر السلبية وفرضت سطوتها، فلحظة "تلقي" الهدية قد تكون لحظة شديدة السلبية والسوء بالنسبة للبعض.
توضح دراسة أجرتها جامعة بايلور، ونشرتها مجلة "سوشيال ساينس ريسيرش" عام 2013، أن الأشخاص الأكثر كرماً الذين يمنحون هدايا ثمينة ويعطون من طاقتهم وجهدهم ما وسعهم، قد يتعرضون للرفض ورُبما النبذ. وتُشير الدراسة ذاتها إلى أن سبب هذا قد يعود إلى الشعور بالنقص الذي يشعر به البعض عند تلقي الهدايا الثمينة، فالبعض مثلاً يرى أنه لا يستحق مثل هذه الهدية.
وفي توضيح لشبكة "سي إن إن" تقول الدكتورة أندريا بونيور، وهي عالمة نفس إكلينيكية مرخصة بهيئة التدريس جامعة جورج تاون "إن لحظة تلقي الهدايا قد تكون مرهقة بالنسبة للعديد من الأشخاص. ولا يتعلق الأمر هنا بالهدية ذاتها ولا يُشير إلى أن الهدية غير جيدة، فالشعور بالذنب قد يُرافق الهدايا الجيدة والثمينة أكثر من غيرها".
وأضافت بونيور "عند تلقي هدية، قد نشعر بالذنب لأن الشخص المانح قد أنفق من وقته أو من ماله علينا، لأننا في بعض المواقف نعتقد في أعماقنا أننا لا نستحق ذلك".
والأشخاص الذين يفكرون بهذه الطريقة قد يعانون أيضاً من مشاعر شديدة السوء عند تلقي الثناء أو الحصول على الاهتمام من الآخرين، ورُبما يواجهون صراعاً عنيفاً مع إحساسهم بقيمتهم الذاتية.
ويشير موقع "سايك سنتر" إلى أن هناك عاملا آخر يتمثل في أن الكثيرين قد نشؤوا على اعتقاد ثابت وصارم بأن العطاء أنبل من الأخذ. وهذا الاعتقاد في حد ذاته من شأنه أن يثير الكثير من المشاعر غير المريحة عندما تحصل على هدية من شخص ما.
أيضاً، يمكن اعتبار أن لحظة تلقي الهدايا، لدى البعض، بمثابة لحظة التخلي عن السيطرة. وعندما نعطي، فإننا نسيطر بطريقة أو بدرجة ما. وقد يشعر مانح الهدية أنه هو البادئ والمبادر والمسيطر. وهذا الشعور بالسيطرة قد يفقده الشخص المتلقي للهدية، لأنه في لحظة التلقي هذه فقط ينصاع لرغبة الشخص المانح ويقبل هديته.
ويُضيف موقع سيكولوجي توداي أن تلقي الهدايا يمكن أن يؤثر سلباً على العلاقات الاجتماعية، خاصةً العلاقات الوثيقة، بدلاً من تعزيزها. ويحدث هذا إذا شعر المتلقي أن الهدية التي حصل عليها لا تعبر أو لا تحمل من ورائها أي مشاعر حقيقية. هنا يُصبح تقديم الهدية مُجرد لفتة جوفاء تهدف إلى الحفاظ على الوضع أو الشكل الظاهري الراهن للعلاقة.
تُقدّم الدكتورة بونيور من خلال شبكة "سي إن إن" بعض النصائح للتعامل بفاعلية مع الشعور بالذنب عن تلقي الهدايا. وتقول إذا كنت تشعر بالذنب تجاه تلقي الهدايا، فيجب أولاً أن تعترف بالأمر، وهنا لن يكون إخبار نفسك أو إجبارها على تجاوز هذه المشاعر ومحاولة عدم الشعور بأي شيء أمر مجدي بأي درجة.
وبعد الاعتراف، يجب أن تسأل نفسك عن السبب وراء هذه المشاعر، وتوضح بونيور "إن الكثير من الأشخاص الذين يشعرون بالذنب تجاه تلقي الهدايا، هم في الواقع جيدون جدًا في رعاية الآخرين، ويشعرون بالذنب فقط لأنهم لا يعتقدون أنهم يستحقون الرعاية أو الاهتمام" فإدراك السبب سيُمكنك من التعامل مع المشكلة بفاعلية.
ومما يُمكنك فعله هنا، وفقاً لبونيور، تجاهل الجوانب السطحية والتركيز على الجوهر. يُمكنك ألا تنظر إلى الهدية ذاتها من الأساس، وتنظر فقط إلى ما ورائها، فمشاعر المحبة والمودة والاهتمام والتقدير التي تحملها الهدية، قد تحمل لك شعوراً بالسعادة، حتى وإن كنت تعتقد أنك لا تستحق هذه المشاعر، فاعتقادك هذا لا ينفي أو يمنع أبداً أن هناك شخص يشعر تجاهك بهذه المشاعر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشعور بالذنب هذه المشاعر لحظة تلقی ی الهدایا عند تلقی إلى أن
إقرأ أيضاً:
بافلوس تروكوبولوس: العلاقات المصرية اليونانية تقوم على لغة إنسانية قوامها المشاعر والقيم الروحية
أكد بافلوس تروكوبولوس، مدير المختبر التجريبي بفيرجينا، إن الفعالية تمثل لقاءً ثقافيًا وإنسانيًا يجمع بين مصر واليونان، مشيرًا إلى مشاركة وفد يوناني يضم نحو 30 شخصًا حضروا خصيصًا للاحتفاء بأعمال الفنان الراحل ماكيس ﭬارلاميس حول الإسكندر الأكبر وفكرة "العودة إلى الإسكندرية".
وأوضح "تروكوبولوس" أن العلاقة بين الشعبين المصري واليوناني تقوم على لغة إنسانية مشتركة قوامها المشاعر الصادقة والقيم الروحية، معتبرًا أن هذا الإرث الإنساني هو ما يمنح الأمل في عالم يشهد تحولات متسارعة.
وأشار "تروكوبولوس" إلى أن تجربة التعلم على يد ﭬارلاميس كشفت أن جوهر الحياة يتمثل في اللطف والمحبة وخدمة الآخرين، مؤكدًا أن الأعمال المعروضة وخاصة مجموعة الإسكندر تعكس هذه القيم وتقدم الفن باعتباره رسالة إنسانية قبل أن يكون إبداعًا بصريًا.
ولفت "تروكوبولوس" إلى أن الإسكندر الأكبر، في رؤية ﭬارلاميس، ليس مجرد شخصية تاريخية بل فكرة تحمل قيم التسامح واحترام التنوع الثقافي والإيمان، موضحًا أن المعرض يسعى لإعادة طرح هذه القيم في السياق المعاصر ويدعو كل زائر للعثور على "إسكندره الخاص" بين الأعمال المعروضة.
واختتم بالإشارة إلى تطلع المنظمين لاستمرار عرض المجموعة وتعزيز التعاون مع مدينة الإسكندرية مستقبلًا بما يضمن تقديم الأعمال في أفضل صورة ويُرسّخ دور الفن كجسر للتواصل بين الشعوب، معبرًا عن امتنانه لمكتبة الإسكندرية وللرعاة والداعمين من شخصيات ومؤسسات مصرية ويونانية أسهمت في إنجاح المعرض، مؤكدًا أن هذا التعاون يعكس عمق الروابط الثقافية بين الجانبين.
جاء ذلك خلال استضافت مكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"، اليوم السبت، بحضور الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، و نيكولاوس باباجورجيو، سفير اليونان لدى مصر، و بافلوس تروكوبولوس، مدير المختبر التجريبي بفيرجينا، والفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، قدمتها هبه الرافعي، القائم بأعمال رئيس قطاع العلاقات الخارجية والإعلام.
وتأتي الندوة ضمن استضافة المكتبة لمجموعة الأعمال الفنية للفنان والمهندس المعماري اليوناني المغترب ماكيس ﭬارلاميس (1942 - 2016) حول الإسكندر الأكبر، بعد عرضها في أماكن أخرى في رحلتها لنقل رسالة الإسكندر الدائمة رسالة التسامح والتعايش الخلّاق والتعاون بين الشعوب.