ظاهرة التسول الإلكتروني في رمضان .. موسم لضعفاء النفوس للبحث عن الشهرة والمال
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
أبو عاصم : نطالب بعمل لوائح وضوابط تنظم هذه الأعمال التي تسعى لتشويه العمل الإنساني أعمالنا موثقة بالصوت والصورة ونحصل على مقابل لأعمالنا من قبل فاعلي الخير
تزداد يوما بعد يوم ظاهرة الاحتيال أو التسول الالكتروني في التوسع والانتشار في مختلف منصات ومواقع التواصل الاجتماعي بصورة ملفتة وغريبة ودائما ما تنشط بكثافة قبيل وخلال شهر رمضان كونه موسم الطاعات وعمل الخيرات، وغالبا ما تحظى فيه القضايا الإنسانية باهتمام كبير وواسع من مختلف شرائح المجتمع التي تنوي تقديم المعونات والمساعدات الإنسانية بطرق مختلفة، قد تراها هي مناسبة ولكنها في الحقيقة تشوبها الكثير من علامات الاستفهام حول مصير هذه المبالغ المهولة التي غالبا ما تضل طريقها الصحيح .
قضايا وناس / مصطفى المنتصر
عوامل عديدة تسببت في تفشي هذه الظاهرة المريبة وأبرزها غياب الوعي الاجتماعي بمخاطر هذه الظاهرة، وكذا الأوضاع الصعبة التي تعيشها بلادنا نتيجة العدوان والحصار اللذين تسببا في لجوء البعض إلى استغلال هذه الظاهرة للحصول على المال بطرق احتيالية وغير شرعية سواء كان من خلال عرض حالات إنسانية تحتاج المساعدة أو حالات مرضية مميتة تحظى بتعاطف كبير من الناس الذين يندفعون غالبا إلى المبادرة بالصدقة أو المعونة لهذه الحالات وعبر حسابات وهمية ينشئها بعض ضعاف النفوس بغرض الاحتيال والكسب غير المشروع مستغلين المشاعر الإنسانية التي يتأثر بها الناس تجاه هذه الحالات.
وبالرغم من أهمية هذه المواقع الإلكترونية في خدمة البعض من مستحقي المساعدة والمعونة، ودائما ما نلحظ تعاطف كبير تجاه بعض الحالات المستحقة الا أنه ورغم ذلك تحتاج هذه الظاهرة إلى جهود كبيرة ومخلصة لتصحيح مسارها ومعالجة أساليبها من اجل قطع الطريق أمام المحتالين الذين حولوها إلى مهنة للكسب غير المشروع دون عمل أو جهد، سوى الجلوس قليلا على هذه المواقع واستغلال مشاعر الناس بطرق احتيالية .
حزام عاصم- أحد الناشطين الفاعلين في الجانب الإنساني على مواقع التواصل الاجتماعي المعروف بكنية أبو عاصم- أكد أنهم باتوا يخجلون من نشر الحالات الإنسانية الصعبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان وجدوا هذه الظاهرة وهي تستشري بشكل سريع وتحولت إلى مهنة للتكسب من قبل بعض أمراض النفوس الذين يستغلون تعاطف الناس وثقتهم بمن يقوم بهذه الأعمال الإنسانية ويلجأون إلى الاحتيال والنصب عليهم بطرق وأساليب مختلفة.
وأضاف: العمل الإنساني هو لله وليس للتكسب المالي غير المشروع، ولكن هناك دخلاء على هذا العمل يحاولون تشويه كل شيء طيب أو أي عمل خير قد يكون بادرة لتفريج كربة إنسان أو مساعدة محتاج بتوفير علاج أو قيمة إجراء عمليات جراحية صعبة هم بالعادة غير قادرين على توفير هذا الشيء ونحن بدورنا وخلال 4 سنوات قمنا بالعديد من هذه الأعمال الإنسانية الموثقة بالصوت والصورة سواء من خلال نشر الحالة الإنسانية وتوثيقها للمتبرع، أو من خلال توثيق عملية تسليم المساعدة وكشف المبلغ والحوالات التي تلقيناها لأجل هذا العمل ونحن نحصل أيضا على إكرامية مقابل ما نقوم به وليس لدينا ما نخفيه في هذا الجانب .
وتابع أبو عاصم : طالبنا مرارا وتكرارا بضرورة توفير لوائح وقوانين تنظم هذا العمل حتى لا يكون سوقاً مفتوحاً أمام بعض المستغلين والمتنفذين الذين يحاولون سلب أموال الناس بطرق احتيالية واستغلال بعض الحالات أو تزوير بعض الصور وتقديمها على أساس انها حالات تستحق المساعدة، وطلبنا أيضا ان يكون هذا العمل مرتبطاً بالمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية بالإضافة إلى الزام كل من ينشط في هذا الجانب بموافاة الجهات المختصة بالذمة المالية .
وقال : تصلني يوميا العديد من رسائل الماسنجر والواتس وكلها تسول الكتروني والغالبية العظمى من النساء واعتقد ان ذلك يندرج في إطار أعمال منظمة ومرتبة يديرها أشخاص أو منظومة معينة تسعى إلى كبح هذا العمل الإنساني أو تشويهه ونحن دائما ما نحذر الناس من مخاطر هذه السلوكيات والأعمال غير القانونية التي قد تتسبب في حرمان المحتاجين للمساعدة من نافذة كانت لهم متنفساً لهمومهم ووسيلة لتفريج كربهم.
واختتم قائلا: نحن الآن في إطار تأسيس مؤسسة خيرية حتى ليكون عملنا بشكل رسمي وتحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ونحن نلتزم بكافة القوانين وحتى الآن يعد عملنا شبه رسمي كوننا لا نقوم بأي عمل الا عبر الجهات المختصة وبتصريح رسمي ولاسيما في مشروع السلات الغذائية وكسوة العيد والأضاحي .
يستغل أهل التسول الالكتروني عاطفة المجتمع تجاه هذه القضايا بالإضافة إلى سهولة هذه الأعمال التي لا تتطلب منهم أي جهد أو مشاق من اجل الحصول على المال، وهذا ما يشجعهم على الاستمرار في هذا العمل حتى أصبح حرفة للكثير من الأشخاص ومصدر دخل يدر عليهم ملايين الريالات .
أخصائيون اجتماعيون أكدوا أن احد أسباب تفشي هذه الظاهرة يعود إلى غياب الوازع الديني والأخلاقي لدى البعض وتفاقم ظاهرة البطالة، ولهذه الأسباب يستمر التسول بالانتشار في الشوارع أو الأسواق وفي الفضاء الإلكتروني.
ويعد التسول وفقا للقانون اليمني جريمة تستحق العقاب، حيث تنص المادة 203 من قانون الجرائم والعقوبات لسنة 1994: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان إذا كان لديه أو بإمكانه الحصول على وسائل مشروعة للعيش وتكون العقوبة الحبس الذي لا يزيد على سنة إذا رافق الفعل التهديد أو ادعاء عاهة أو اصطحاب طفل صغير من غير فروعه.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
موقف عمومي
#موقف_عمومي
د. #هاشم_غرايبه
بعد عودة أحد الأوروبيين من رحلة سياحية لبلادنا العربية، قال لأصدقائه: أغرب ما لاحظته عندهم أنهم يحافظون على بيوتهم نظيفة جدا، وأثاثها في منتهى الترتيب والأناقة، ويحرصون على بقائها كذلك، لكن أحدهم في الشوارع والمرافق العامة شخص آخر، فهو يلقي بالمهملات كيفما اتفق، ويفسد مقاعد الحدائق وأشجارها بحفر إسمه وإسم محبوبته عليها، ويلقي بالمناديل الورقية في بالوعة دورات المياه العامة، فيما لا يفعل ذلك في بيته.
دهش الحضور لهذه المفارقة، وسألوه لها تفسيرا، فقال: أعتقد أن السبب هو أن المواطن عندهم يحرص على بيته لأنه ملكه، فيما لا يشعر أن المرافق العامة تخصه…بل يعتقد أنها للدولة!.
لا أعتقد أن أيا من هؤلاء (الجميع) لا يراعي أصول النظافة في بيته، ولا يمكن أن يرمي شيئا على الأرض.. لماذا؟…لأن ربة البيت ستوبخه وستجبره على رفع ما رماه ووضعه في سلة المهملات.
أثناء رحلة سياحية في اسبانيا، كنا نسير كمجموعة في أحد شوارع مدريد، لاحظ أحدنا شخصا اسبانيا يرمي كيسا فيه بقايا شطيرة وعلبة مشروب فارغة على جانب الشارع، ذهب وورفعها ورماها في حاوية للنفايات قريبة، طبعا جميعنا قدرنا عمله وأثنينا عليه، لأنه سيعطي عنا صورة حضارية، مقابل ما يعتقده البعض أن الشعوب الاوروبية نظيفة بطبعها، وملتزمة بالنظام أكثر منا.
في حقيقة الأمر فالموضوع متعلق بالضبط والحزم في منع هذه الظاهرة، وليست في أن طبيعة شعبنا أنه لا يحب النظافة ولا يهتم بالمظهر العام.
الدراسات الإجتماعية أثبتت أن البشر في المسلكيات متشابهون، لا يوجد شعب يحب القذارة، ولا أحد يعتقد أن النظافة سخافة، كما أنه لا توجد هنالك أمة فوضوية بطبيعتها وأخرى منظمة، بل توجد واحدة منضبطة بفعل ضابط ، وأخرى منفلته لغياب ذلك الضابط.
هذه الظاهرة التي يكرهها الجميع ويتبرمون منها رغم أن أغلبهم يمارسها، والقلة القليلة التي لا تفعل ذلك، تحس باليأس من ضآلة نفع التزامها، ..فماذا سينفع رش معطر للجو بجانب محطة لتنقية المياه العادمة.
هكذا نتوصل الى فهم أسباب هذه الظاهرة، فهي ليست بتقدم الشعوب الأوروبية وتأخرنا، ولا هي لأسباب أخلاقية أو أن طبيعتهم هي التي تلزمهم بحب النظافة والنظام.
إنها لسببين هما في الحقيقة مرتبطان عضويا بأنظمة الحكم، الأول: الثقافة المترسخة بعدم الإنتماء الى مؤسسات الوطن ومرافقه الحيوية تعود الى ما اكتسبه الناس من تجارب مريرة بعد الممارسات التسلطية للسلطة طوال عقود، من أن الوطن هو ملك الحاكم وكل ما فيه له، فالشارع باسمه والحديقة باسم زوجته والملعب باسم ابنه وحتى المسجد باسم أبيه أو جده، ويمن النظام عليه بكل ذلك إذ يعتبره منجزا له، وأنه لولا عطايا الزعيم ومكارمه ما تحققت.
والثاني: هو تقصير الدولة المزري في صيانة الشوارع والمرافق، وفي حجم خدمات النظافة ، حيث أن الضرائب الكثيرة التي يدفعها المواطن لا تنعكس عليه بخدمات بسبب فساد الأنظمة، فالداخل الى جيبها مفقود، لذا فالخارج منها معدوم.
ربما يجب نشر ثقافة النظافة والترتيب، وضبط ذلك بقوانين ورقابة، لكن قبل لوم المواطنين لتسببهم في تراكم الأوساخ ورمي أعقاب السجائر وأكواب القهوة في الشوارع، يجب أن نبدأ بإحياء شعور المواطن بالإنتماء الى الوطن وإحساسه بملكيته له، والتوقف عن جلده بمقولة أنه عالة على جيب الزعيم الذي يحييه إن سبّح بحمده، ويميته إن عارضه.
ولن يتحقق ذلك إلا بأمرين، أولهماعندما يرى زعيمه مثل أي رئيس أوروبي، لا يمتلك الوطن بل يخدمه، وهمُّه الأول رفعة الوطن ونفع المواطنين، وليس محصنا من المساءلة هو وعائلته، لذا فليس للفساد من وسيلة إليه.
والثاني عندما يجد المسؤول الذي يتبوأ منصبه هو بحجم المسؤولية، قد تم تعيينه لكفاءته ووفق المؤسسية وليس بالمحسوبية، لذلك يكون مخلصا لواجبه ويخشى المساءلة ان قصر أو أخطأ.
عندها يحس المواطن أن الدولة له، وأن له حصة في هذا الوطن.