عربي21:
2025-07-28@20:20:53 GMT

فزع النظام الاستبدادي العربي بعد طوفان الأقصى

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

أصابت النظام الاستبدادي العربي حالة من الفزع بعد عملية "طوفان الأقصى"، فقد اتسعت الهوة بين الأنظمة الاستبدادية العربية وشعوبها بعد الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، وتصاعد خوف وقلق القادة السلطويين العرب بعد صمود المقاومة في غزة، وتنامى فزع المستبدين العرب من إمكانية تحقيق حركة "حماس" نصر استراتيجي، وهزيمة الكيان الاستعماري الصهيوني، وأفول مشروع الهيمنة الأمريكي.

فقد نشّطت عملية "طوفان الأقصى" الذاكرة السلطوية العربية، واستدعت كوابيس أحداث "الربيع العربي"، وازدادت الخشية من حدوث موجة ثانية من الانتفاضات الشعبية في المنطقة تهدد الحكم الاستبدادي والاستقرار الهش القائم على القمع.

فضحت حرب الإبادة الصهيونية على غزة خضوع الحكام المستبدين العرب لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وكشفت عن علاقات العشق المتبادل بين الاستبدادية والصهيونية، فبعد مرور نحو خمسة أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة وسقوط نحو 30 ألف شهيد وأكثر من 70 ألف جريح، وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، لا نجد أي ضغوطات رسمية عربية حقيقية على كيان الاحتلال لوقف حرب الإبادة، بل تمنع دول عربية عديدة المظاهرات والاحتجاجات الشعبية المناصرة للقضية الفلسطينية، وتعتقل الناشطين، وهو ما يعبر عن رغبة واضحة لدى المستبدين العرب بهزيمة "حماس".

تعمقت الفجوة بين الشعوب مع تكشف حالة عجز وخضوع وتواطؤ الأنظمة الاستبدادية العربية، وتصاعد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية ومناهضة المستعمرة الصهيونية. ففي الوقت الذي صمت فيه الحكام المستبدون العرب ولم يقوموا بأي خطوة حقيقية لوقف حرب الإبادة، ظهرت المواقف الأكثر مساندة للقضية الفلسطينية ووقف حرب الإبادة الجماعية في غزة من قادة ودول من الجنوب العالمي وبعض الدول الأوروبية ففي فترة مبكرة من الحرب على غزة (في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، قال الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، الذي يشغل حاليا منصب مستشار في معهد واشنطن، وكان من مهندسي ما وصفت بأنها عمليات السلام أثناء حكم كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون، إن دعم الحرب على غزة حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ هي رغبة قادة عرب وليس فقط إسرائيل والولايات المتحدة. فحسب روس، "إسرائيل ليست الوحيدة التي تعتقد أن عليها هزيمة حماس"، مضيفا: "خلال الأسبوعين الماضيين، عندما تحدثت مع مسؤولين عرب في أنحاء مختلفة من المنطقة أعرفهم منذ فترة طويلة، قال لي كل واحد منهم إنه لا بد من تدمير حماس في غزة"، ونقل عنهم أنه "إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإن ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبناها الجماعة، ويعطي نفوذا وزخما لإيران والمتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي".

قبل عملية "طوفان الأقصى" كانت الهوة بين الشعوب العربية الأنظمة الاستبدادية واسعة، وأصبحت بعد حرب الإبادة أكثر اتساعا وشمولا، وقد تعمقت الفجوة بين الشعوب مع تكشف حالة عجز وخضوع وتواطؤ الأنظمة الاستبدادية العربية، وتصاعد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية ومناهضة المستعمرة الصهيونية. ففي الوقت الذي صمت فيه الحكام المستبدون العرب ولم يقوموا بأي خطوة حقيقية لوقف حرب الإبادة، ظهرت المواقف الأكثر مساندة للقضية الفلسطينية ووقف حرب الإبادة الجماعية في غزة من قادة ودول من الجنوب العالمي وبعض الدول الأوروبية، وهو ما جعل الحكام العرب في حالة يرثى لها من البؤس والهوان والحرج، وفي ظل بروز صورة جديدة للتضامن الأممي والعالمي مع فلسطين، حيث تشهد عواصم ومدن أوروبية وأمريكية وآسيوية مظاهرات غير مسبوقة للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بالمجازر الإسرائيلية.

كانت جنوب أفريقيا وليس دولة عربية هي من توجهت إلى محكمة العدل الدولية من أجل محاسبة الاحتلال على جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة، وقدمت مرافعة محكمة تثبت أن "إسرائيل" ارتكبت جريمة إبادة جماعية، وتواصل جنوب أفريقيا معركتها القضائية ضدّ الكيان الصهيوني.

أما الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، فلم يتوقف عن تصريحاته القوية بشأن العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وكان دا سيلفا، قد قال في 18 شباط/ فبراير 2024، للصحفيين في أديس أبابا حيث حضر قمة للاتحاد الأفريقي، إنّ "ما يحدث في قطاع غزة ليس حربا، إنها إبادة جماعية"، مضيفا: "ليست حرب جنود ضدّ جنود، إنها حرب بين جيش على درجة عالية من الاستعداد ونساء وأطفال". وأضاف أنّ ذلك "لم يحدث في أيّ مرحلة أخرى في التاريخ"، قبل أن يستدرك بقوله: "في الواقع، سبق أن حدث بالفعل حين قرّر هتلر أن يقتل اليهود"، وهو توصيف بالغ الدقة أثار حالة من الجنون لدى الكيان الصهيوني. وكرر دا سيلفا كلامه من قلب العاصمة المصرية القاهرة، وقال في منشور آخر على منصة إكس في 24 شباط/ فبراير 2024 إنّه لن يتخلّى عن "كرامته في وجه الباطل"، في إشارة إلى مطالبات حلفاء الاحتلال الموجّهة له للتراجع عن إدانته للاحتلال. وأضاف الرئيس البرازيلي: "ما تفعله الحكومة الصهيونية ليس حربا، إنّها إبادة جماعية. الأطفال والنساء يُقتلون".

ظهور مواقف سياسية وأخلاقية قوية لدى عدد من زعماء الدول في جنوب العالم تناصر القضية الفلسطينية، تفضح الزعماء المستبدين العرب، وتزيد من عزلنهم عن شعوبهم، إن ظهور مواقف سياسية وأخلاقية قوية لدى عدد من زعماء الدول في جنوب العالم تناصر القضية الفلسطينية، تفضح الزعماء المستبدين العرب، وتزيد من عزلنهم عن شعوبهم، إذ لم يقتصر الأمر على الرئيس البرازيلي، فقد اصطفّت دول أمريكا اللاتينية وراءه في مواجهته مع الكيان المحتل. فقد بادر عدد من رؤساء دول المنطقة إلى تأييد دا سيلفا وإعلان الموافقة على كلامه من أنّ الكيان الصهيوني يعيد إنتاج النازية ضدّ الشعب الفلسطيني، حيث قال الرئيس الفنزوي لينيكولاس مادورو: "نؤيّد تصريحات الرئيس البرازيلي، وأنّ ما تفعله الحكومة الصهيونية هو ذاته ما ارتكبه هتلر ضدّ الشعب اليهودي من اضطهاد وإبادة والإجهاز عليه وقتله وارتكاب جرائم بشعة ضده". وأوضح الرئيس الفنزويلي أنّ "الجيش الإجرامي الصهيوني يتمتّع اليوم بنفس التشجيع ونفس التمويل ونفس الدعم الذي كان يحظى به هتلر في عهده".

ومن جانبه، وقف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إلى جانب نظيره البرازيلي، وقال: "تشهد غزة حرب إبادة، وفي تصرّف جبان يتم قتل آلاف الأطفال والشيوخ المدنيين.. إنّ الرئيس لولا قال فقط الحقيقة، وإما أن ندافع عن الحقيقة أو أنّ الهمجية ستقتلنا".

وأعلن رئيس بوليفيا لويس آرسي، تضامنه المطلق مع الرئيس البرازيلي في مواجهته مع "إسرائيل"، وجاء في تصريح له على شبكات التواصل الاجتماعي في موقع الرئاسة: "نحن دولة بوليفيا نعرب عن تضامننا المطلق ودعمنا للشقيق الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الذي اعتبرته سلطة الكيان شخصا غير مرغوب فيه لأنّه قال الحقيقة حول الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني". وكان الرئيس آرسي، قد أعلن يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قطع العلاقات مع "إسرائيل بسبب الجرائم التي ترتكبها في فلسطين، وانضمّ الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، إلى دعم الرئيس البرازيلي، بعدما تمّ تصنيفه كشخص غير مرغوب فيه "من قِبل "إسرائيل لإدانته الصادقة لإبادة السكان الفلسطينيين في غزة"، وكتب في منصة إكس متّهما الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم الإبادة ضدّ الفلسطينيين، وقال: "كلّ التحية والإعجاب بشجاعتك، سوف تكون دائما في الجانب الصحيح من التاريخ".

لم تقتصر التصريحات والمواقف المناصرة للشعب الفلسطيني والمناهضة للعدوان الصهيوني ضدّ غزة، على دول الجنوب العالمي، فقد برزت مواقف دول أوروبية قوية بحيث قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنّ إيرلندا كانت لفترة طويلة تعدّ الدولة الأكثر عداء للكيان في أوروبا، ولكن النرويج تفوّقت عليها، وهي تواجه حاليا أزمة دبلوماسية حادة مع سلطة الاحتلال، يقع في قلبها وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي. وأوضحت الصحيفة أنّ إسبن بارث إيدي أدلى بسلسلة من التصريحات القاسية ضدّ الكيان الصهيوني، وكان وزير الخارجية الغربي الوحيد الذي أدان الاحتلال ولم يدع إلى إطلاق سراح المحتجزين في غزة، وقال إنّ أوروبا تفقد مصداقيتها عندما لا تدين سلطة الكيان الإسرائيلي على الأشياء ذاتها التي أدانت بها روسيا. وعندما بدأت جلسات الاستماع في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا على الاحتلال في محكمة العدل الدولية في لاهاي، أعربت النرويج عن دعمها للدعوى، وقال إيدي إنّ جيش الاحتلال يرتكب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية.

كل هذه المواقف نجد نقيضها عند المستبدين العرب، فبينما كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستمع إلى تصريحات دا سيلفا القوية، كان السيسي يلوذ بالصمت، ويغلق معبر رفح بذريعة عدم سماح "إسرائيل" بدخول المساعدات، وهو ما نفاه محامي الكيان الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، بل إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال إنه مارس ضغوطات على السيسي لفتح المعبر وإدخال المساعدات الإنسانية، وبلغ الأمر مداه عندما ظهر في الحكومة المصرية من يتوافق من الكيان الصهيوني، على غرار وزير الخارجية المصري سامح شكري، حين ردّ على سؤال وجّهته له وزيرة خارجية الكيان السابقة تسيبي ليفني حول المقاومة، قائلا: إنّ "حركة حماس كانت من خارج الأغلبية المقبولة للشعب والسلطة الفلسطينية"، يمكن فهم سلوك ومواقف المستبدين العرب لحظة اكتمال إعادة بناء الاستبدادية العربية، بعد الانقلاب على انتفاضات "الربيع العربي" التي جاءت بالإسلاميين إلى السلطة، حيث تبدلت المنطقة وتحولت إلى واحة استبدادية في ظل الهيمنة الأمريكية، وظهر مشروع إعادة بناء الشرق الأوسط، وبرزت تصورات جديدة حول مهددات الاستقرار في نظام سلطوي في المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية، إذ لم يعد ينظر إلى الحكم الاستبدادي كتهديد وعقبة تحول دون الاستقرار، بل أصبح الاستبداد مطلبا ضروريا للاستقرارواتّهم حركة حماس بأنها ترفض "التنازل عن دعم العنف"، في إشارة ضمنية منه إلى أنّه يعتبرها "حركة إرهابية"، في حين قال منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، في مقابلة مع شبكة سكاي نيوز البريطانية، إنّ حماس ليست منظمة إرهابية بل تُصنّفها الأمم المتحدة رسميا كحركة سياسية.

يمكن فهم سلوك ومواقف المستبدين العرب لحظة اكتمال إعادة بناء الاستبدادية العربية، بعد الانقلاب على انتفاضات "الربيع العربي" التي جاءت بالإسلاميين إلى السلطة، حيث تبدلت المنطقة وتحولت إلى واحة استبدادية في ظل الهيمنة الأمريكية، وظهر مشروع إعادة بناء الشرق الأوسط، وبرزت تصورات جديدة حول مهددات الاستقرار في نظام سلطوي في المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية، إذ لم يعد ينظر إلى الحكم الاستبدادي كتهديد وعقبة تحول دون الاستقرار، بل أصبح الاستبداد مطلبا ضروريا للاستقرار، ولم يعد يشار إلى وجود الاستعمار الصهيوني الإسرائيلي كمهدد للاستقرار، وتبدلت تعريفات الصديق والعدو، فاختزلت مهددات الاستقرار بوجود حركات "الإسلام السياسي" على اختلاف توجهاتها السياسية سواء الديمقراطية السلمية أو الجهادية الثورية.

فقد تبلورت رؤية جديدة تقوم على تصفية القضية الفلسطينية وإدماج المستوطنة الاستعمارية الإسرائيلية في نسيج المنطقة، من خلال تأسيس تحالف بين الإمبريالية الأمريكية والاستبدادية العربية والاستعمارية الإسرائيلية تحت ذريعة مواجهة خطر مشترك يتمثل بالحركات الإسلامية؛ التي تقوم أيديولوجيتها الدينية السياسية على مناهضة الإمبريالية والاستبدادية والاستعمارية، وأصبحت الأنظمة الاستبدادية العربية متماهية مع الرؤية الإمبريالية الأمريكية والمستعمرة الصهيونية في بناء التصورات الأساسية حول المنطقة، وأصبحت تتبنى السردية الأمريكية الإسرائيلية حول تعريف الاستقرار وماهية الصديق والعدو.

وبلغت الكراهية والعدوانية تجاه الحركات الإسلامية في المنطقة أوجها بعد الانقلاب على "الربيع العربي"، وهو ما تجلى في بناء استراتيجية تقوم على التخلص من الإسلاميين محليا، وتسليم قيادة المنطقة إقليميا للمستعمرة الاستيطانية اليهودية، ومحو وإزالة وتصفية القضية الفلسطينية؛ من خلال نسج تحالفات مع الأنظمة العربية الاستبدادية والإمبريالية الأمريكية والمستعمرة الصهيونية، أسفرت عن توقيع اتفاقات السلام "الإبراهيمية"، وبناء تحالفات عسكرية مشتركة، من خلال استراتيجية أمريكية غربية طموحة تسعى إلى إدماج المستعمرة الاستيطانية اليهودية في نسيج المنطقة العربية الإسلامية، تحت ذريعة مواجهة خطر مشترك تمّ اختزاله بمقولة "الإرهاب" الإسلامي، والذي بات يكافئ مصطلح "الإسلام السياسي" وحركاته المقاومة بنسختيه السنية والشيعية، وممثليه في المنطقة؛ المنظمات السنية المنبثقة عن أيديولوجية الإخوان المسلمين المسندة من تركيا، والحركات السياسية والمقاومة الشيعية المنبثقة عن أيديولوجية ولاية الفقيه المسندة من إيران.

خلاصة القول أن فزع المستبدين العرب تصاعد عقب عملية "طوفان الأقصى" المباغتة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فقد عصفت العملية الناجحة والمذهلة بركائز الأمن القومي الإسرائيلي وعقيدة الردع الصهيوني، وسرعان ما صدرت تحذيرات عالمية واسعة من خطر ظهور موجة جديدة من "الربيع العربي"، وصعود حركات الإسلام السياسي في المنطقة، والترهيب من موجة جهادية عالمية جديدة تهدد الاستقرار العالمي والإقليمي.

فالخوف من عودة الإسلام السياسي بعد "طوفان الأقصى" ومنع انبعاثه والقضاء على "حماس"، أصبح الهدف المشترك للأنظمة الاستبدادية العربية والإمبريالية الغربية والاستعمارية الصهيونية، فظهور كينونة مسلمة مقاومة يخل بالنظام العالمي الموجود، ليس من حيث الأمن أو الثقافة فقط، بل كذلك من حيث الفلسفة. وقد تمّ وسم ظهور الإسلام السياسي بإزاحة الغرب عن المركز، باعتباره إطارا مفككا للاستعمارية الصهيونية والغربية على الصعيدين الإبستمولوجي والاستراتيجي، فالحركات الإسلامية تتوافر في جوهرها على أجندة تؤسس لكينونة مناهضة لسياسات ومصالح ومشاريع الغرب الإمبريالي.

twitter.com/hasanabuhanya

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاستبدادي غزة حماس حماس غزة العالم العربي الاستبداد طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة للقضیة الفلسطینیة الهیمنة الأمریکیة الرئیس البرازیلی الکیان الصهیونی الإسلام السیاسی الربیع العربی طوفان الأقصى حرب الإبادة إعادة بناء فی المنطقة دا سیلفا على غزة وهو ما فی غزة

إقرأ أيضاً:

“مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة

 

 

مع وصول الوضع في غزة إلى الحد الأقصى من الجرم التاريخي الذي لم يشهد مثله التاريخ الحديث، شهدت الأيام القليلة الماضية ثلاثة بيانات كاشفة بجلاء تام عن حقيقة المواقف، رغم اتفاق البيانات في العناوين، بينما اختلفت جذريًّا في المضامين.
وهذه البيانات -وفقًا للترتيب الزمني- صدرت من مجموعة لاهاي، ثم بيان موقع باسم 28 دولة، ثم بيان صادر عن مجلس جامعة الدول العربية.
وفيما اشتمل بيان مجموعة لاهاي على خطة من ست نقاط تحمل إجراءات عملية لمحاسبة الكيان المجرم وكبح جماحه، كان البيانان الآخران كالعادة إنشائيين وأجوفين.
واللافت هنا أن الأنظمة العربية تجاهلت مجموعة لاهاي والانضمام إليها واكتفت بحضور رمزي في مؤتمرها الطارئ الأول، ورفض الحاضرون من العرب أن يوقعوا على خطتها باستثناء ثلاث دول، ثم أصدر العرب بيانًا إنشائيًّا من 12 بندًا، وخصصوا منها بندًا للإشادة بالبيان الأجوف الزميل لبيان الدول الأوروبية.
هنا نحن أمام وقفة تحليلية لازمة وكاشفة لحقيقة الموقف العربي، والذي حاول الكثيرون أن يصفوه بالعجز، بينما جميع الشواهد والأدلة تقود إلى وصفه بالتواطؤ الحقيقي، بل والمشاركة في العدوان، وشكلت البيانات الأخيرة محطة فاضحة، وقدمت أدلة عديدة على ذلك، ويمكن استعراض هذه الأدلة تاليًا:
1- في الوقت الذي بدأت فيه “إسرائيل” حرب الإبادة بشكل معلن منذ أكثر من عام وتسعة أشهر، اجتمع العرب على مستوى وزراء الخارجية فقط بعد خمسة أيام من انطلاق المجازر الصهيونية ليعلنوا بيانًا هزيلًا ومريبًا يكاد يساوي بين المقاومة والكيان، وقد تحفظ على البيان النظام السوري السابق ورئيسه بشار الأسد، ثم انتظر العرب ليجتمعوا بعد 34 يومًا من العدوان في قمة وصفت زورًا بالطارئة، وصدر عنها بيانات تطالب وتشجب ولا تقدم حلًّا عمليًّا ولا تستخدم ورقة واحدة من أوراق الضغط.
ووسط اكتفاء العرب بموقفهم المشبوه، قدمت جنوب افريقيا في ديسمبر 2023م، دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها “إسرائيل” بارتكاب إبادة جماعية، وكان لهذه الدعوى القضائيّة التي قدّمتها جنوب افريقيا انعكاس على تحركّات عدد من الدول ضد “إسرائيل”، حيث قرّرت حكومتا المكسيك وتشيلي في 18 يناير 2024م اللجوء إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة لمحاسبة “إسرائيل” على انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، مشيرتين إلى أن التقارير العديدة من الأمم المتحدة قد تُعد جرائم تقع ضمن اختصاص تلك المحكمة، وهو ما فتح الباب لتصدي المدعي العام للجنائية الدولية للتدخل وإصدار أحكام باعتقال مجرم الحرب نتنياهو ووزير حربه جالانت.
ووسط اكتفاء العرب بالمشاهدة، تأسّست “مجموعة لاهاي” في 31 يناير2025م بهدف ضمان تنفيذ القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية بالتدابير الملزمة لوقف العدوان، وتألفت المجموعة من تسع دول مؤسسة، هي: جنوب إفريقيا، ماليزيا، ناميبيا، كولومبيا، بوليفيا، تشيلي، السنغال، هندوراس، وبليز.
والسؤال الأبرز هنا هو لماذا لم يشارك العرب بهذه المجموعة إن كانت فرصة الانضمام للدعوى الجنائية قد فاتتهم؟
2- شارك بعض العرب رمزيا في المؤتمر الطارئ لمجموعة لاهاي، في العاصمة الكولومبية بوغوتا، بمشاركة ممثلين عن 30 دولة، ومن بين الدول الثلاثين المشاركة، لم توقّع سوى 12 دولة على الخطة التي تشمل إجراءات عملية فاعلة، وهذه الدول هي: بوليفيا، كولومبيا، كوبا، إندونيسيا، العراق، ليبيا، ماليزيا، نامبيا، نيكاراغوا، عُمان، سانت فنسنت والغرينادين، وجنوب إفريقيا.
أي أن العرب المشاركين رمزيًا، باستثناء العراق وليبيا وسلطنة عمان، رفضوا التوقيع، كما رفضت تركيا، وهو ما يوجه للعرب نفس الاتهام الذي وجهته المعارضة التركية رسميا لاردوغان، حيث اتهمت المعارضة التركية الحكومة بالاكتفاء بردود فعل خطابية تجاه “إسرائيل”، والامتناع عن اتخاذ خطوات ملموسة خشية إثارة غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وهنا لا بد من رصد نقاط خطة مجموعة لاهاي لبيان الفوارق بينها وبين البيانات الخطابية للعرب، حيث تضمنت الخطة النقاط التالية:
– حظراً تاماً على إرسال الأسلحة والذخيرة والوقود المستخدم عسكرياً والمواد ذات الاستخدام المزدوج التي (يمكن استخدامها مدنياً أو عسكرياً) إلى “إسرائيل”.
– منع دخول أي سفن تحمل أسلحة أو ذخائر إلى الموانئ، مهما كانت رايتها، وعدم تزويدها بالوقود أو أي خدمات.
– التزام الدول الموقعة بعدم السماح لسفنها بنقل مواد عسكرية أو وقود أو مواد مزدوجة الاستخدام إلى “إسرائيل”، مع إلغاء علم أي سفينة تخالف ذلك.
– مراجعة جميع الاتفاقيات الحكومية السارية مع “إسرائيل”، وإلغاءها عند الضرورة.
– الامتثال التام لقرارات العقوبات والإجراءات المتخذة بحق “إسرائيل” من قبل الهيئات القانونية الدولية.
– تعديل الأنظمة القضائية الوطنية للدول الموقعة بحيث تسمح بمحاكمة مرتكبي الجرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهو ما يعني مباشرة أن الدول الرافضة للتوقيع لا تريد الالتزام ببنود الخطة، أي أنها تقوم عمليًّا بأفعال تعاكس هذه البنود مثل تزويد الكيان بالوقود المستخدم في العدوان وكذلك بالخدمات ولا تريد الالتزام بالعقوبات الدولية القليلة التي اتخذت ضد الكيان، كما لا تريد مراجعة اتفاقياتها مع الكيان ولا المشاركة العملية في محاسبة مجرميه.
3- الجامعة العربية أصدرت بيانًا إنشائيًّا جديدًا، يضم 12 بندًا، أي ضعف عدد بنود بيان مجموعة لاهاي، إلا أنه لم يحتوِ على بند واحد عملي، واللافت أن أحد بنود بيان الجامعة العربية، أشاد بالبيان الصادر عن (28) دولة من بينها (21) دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي وكل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا وسويسرا واليابان والنرويج ونيوزيلاندا، وهو بيان مشابه تماما لبيانات الجامعة العربية من حيث المطالبات والإدانات الفارغة.
4- صدرت خطابات قوية غاضبة من جبهات المقاومة، حيث صدرت بشكل طارئ خطابات للإمام السيد علي الخامنئي والسيد عبدالملك الحوثي والأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، وخرج بيان تاريخي غاضب للمقاومة الفلسطينية على لسان الناطق باسم حركة “حماس” أبي عبيدة، وكلها تصب في أن الوضع المأساوي لغزة لم يعد قابلاً للصمت وسط مشاهد الجوع القاتل والقتل الممنهج لمنتظري المساعدات والمشردين بالخيام، وهو ما قوبل بصمت القبور من النظام الرسمي العربي.
كما صدر بيان للأزهر بشكل استثنائي، وتم حذفه بعد دقائق من نشره، لمجرد أنه انطوى على تلميح بضرورة التحرك العملي، وهو غير مقبول في القاموس العربي الذي لا يعترف إلا بالتحرك اللفظي.
هنا يتشكل يقين بأن الموقف العربي ليس موقفا عاجزا ولا متخاذلا، وأنه موقف متواطئ ومشارك، وبينما امتلكت المعارضة التركية الشجاعة لتتهم اردوغان وحكومته بالادعاءات اللفظية الفارغة بينما يستمر تعاونه مع الكيان وامداده بنفط اذربيجان عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، لم نر معارضات عربية تلمح لتعاون دول عربية مع الكيان وإسناده ومكافأة أمريكا بتريليونات الدولارات رغم القيادة الأمريكية لحرب الإبادة.
كاتب مصري

مقالات مشابهة

  • مصدر عسكري يؤكد استمرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • مصدر عسكري يؤكد الاستمرار في تنفيذ قرار حظر الملاحة على الكيان الصهيوني​
  • عشرات المستوطنين يدنسون باحات الأقصى بحماية شرطة العدو الصهيوني
  • من عدن إلى الضالع.. أدوات الاحتلال تفتح الجبهات أمام الكيان الصهيوني
  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة
  • غزة.. مفتاح عزل الكيان الصهيوني دوليًا        
  • تدّشين المرحلة الثالثة من دورات التعبئة في وزارة الكهرباء والمياه
  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 28 يوليو
  • حيت الخروج المليوني للشعب اليمني.. لجان المقاومة في فلسطين تبارك القصف اليمني على الكيان الصهيوني
  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 26 يوليو