نستكمل حديثنا اليوم مع تهديد المجلس العسكرى للإخوان الذين لم يسمهم صراحة فى بيانه جاء واضحاً، إذ قال إننا نطالب الجميع بأن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماض لا نريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر، وأن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، فلم يكن دقيقاً ما قيل عزيزى القارئ عن أن المعركة احتدمت بين الجماعة والمجلس بسبب عدم دعم ومساندة الجماعة لمنصور حسن فى ترشحه للرئاسة، وهو ما جعله ينسحب فى اللحظة الأخيرة، معلناً أن من وعدوا بمساندته تراجعوا عن دعمه، وإن كان هذا سبباً فى الأزمة لا يمكن أن نقلل من تأثيره أو نتجاهل أثره.

كان المجلس العسكرى يرى فى منصور حسن مرشحاً مناسباً للفترة الانتقالية، فهو ليس إخوانياً، كما أنه ليس محسوباً على فترة مبارك التى كان مبعداً فيها، وقد طلب أعضاء من المجلس أن تؤيد الجماعة منصور حسن لأسباب وطنية، لم تكن الجماعة متحمسة لمنصور حسن، لكنها وعدت بأن تستطلع رأى قواعدها أولاً قبل أن ترد، لكن استطلاع الرأى هذا طال، ولم تمنح الجماعة أعضاء المجلس كلمة محددة، وهو ما اعتبره بعض أعضاء المجلس إهمالاً متعمداً لا يليق من الإخوان، لقد ألمح منصور حسن إلى أن عصام العريان القيادى فى الجماعة ونائب رئيس الحرية والعدالة زاره فى منزله، ووعده بأن تقف الجماعة إلى جواره فى معركته الانتخابية، لكنه أخلف وعده معه، واختفى تماماً ولم يرد عليه، عندما حاول أن يستطلع رأى الجماعة الأخير فى مساندته من عدمها، الأمر كان أكبر من عصام العريان بالطبع، فالذى وقف فى طريق منصور حسن وطموحه فى الوصول إلى منصب الرئيس بدعم من المجلس العسكرى وتأييد إخوانى كان خيرت الشاطر الذى حال دون حصول حسن على أى دعم من أى نوع من الإخوان.

كان خيرت الشاطر الذى يتحرك بامتلاء مبالغ فيه بالقوة المفرطة، يعمل بروح من دانت له الأرض، وكان قد كلف محامى الجماعة بأن يتقدم بطلب إلى المحكمة العسكرية ليحصل على رد اعتبار فى قضية ١٩٥٥، وهى القضية التى صدر ضده فيها حكم بتهمة إحياء تنظيم محظور هو جماعة الإخوان، وقضية ٢٠٠٦ المعروفة إعلامياً بميليشيات الأزهر، التى لم يكمل مدة الحبس فيها وخرج بعفو صحى من المجلس العسكرى، توقع خيرت الشاطر أن يحصل على رد اعتبار سريع وفورى، فهو يتحرك بحرية ويعقد لقاءات وصفقات دون أن يعترض طريقه أحد، لكن المفاجأة أن رد الاعتبار صدر فقط فى القضية ١٩٥٥، لأنها كانت قد استوفت شروطها القانونية، كان الشاطر قد قضى مدة الحبس فى قضية 95 كاملة، كما مر على خروجه من السجن ٦ سنوات، وهو ما لم يتوافر فى قضية ميليشيات الأزهر، فلم يقض فترة العقوبة كاملة، كما أنه لم يمر عليها ٦ سنوات بعد، اعتقد خيرت أن المجلس العسكرى يمكن أن يجامله وينهى له قضية ميليشيات الأزهر، وهى القضية التى خرج منها الشاطر بتهمتين، الأولى تمويل ميليشيات الإخوان التى نظمت عرضاً عسكرياً فى جامعة الأزهر، والثانية هى غسيل الأموال، وأن يردوا له اعتباره بما يمكنه من أداء دور سياسى دون أى معوقات.

موقف المجلس العسكرى زاد من عناد الشاطر الذى قال لبعض المقربين منه إنه سيربيهم، وكان أن لعب بورقة ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، اعتقاداً منه أن المجلس يمكن أن يمنحه رد اعتبار، ويكون الثمن ألا يستخدمه فى الانتخابات الرئاسية ٢٠١٢، وإن كان يمكنه الاستفادة منه فى الانتخابات القادمة، لم يكن هذا فقط ما أغضب خيرت الشاطر من المجلس العسكرى، فقد كانت هناك ثلاثة أسباب للغضب. وللحديث بقية

‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ المجلس العسكري صراحة المستقبل المجلس العسکرى خیرت الشاطر منصور حسن من المجلس

إقرأ أيضاً:

على أبواب المائة عام: الإخوان المسلمون بين الاستهداف والمراجعة المطلوبة

في الثاني والعشرين من آذار/ مارس 1928 تأسست حركة الإخوان المسلمين على يد الإمام حسن البنا وعدد من إخوانه في مدينة الإسماعيلية في مصر، بعد سنوات قليلة من إلغاء الخلافة الإسلامية في تركيا على يد الزعيم التركي كمال أتاتورك في الرابع من آذار/ مارس 1924، وبعد حوالي الثلاث سنوات تحتفل حركة الإخوان المسلمين على مرور مائة عام على تأسيسها، في حين مرت حوالي مائة عام وعام على إلغاء الخلافة.

وعلى أبواب احتفال حركة الإخوان المسلمين على مرور مائة عام على التأسيس، وهذه الذكرى تحتاج للتحضير من أجل تحويل هذا الاحتفال إلى حدث عالمي كبير، تواجه هذه الحركة الإسلامية عملية استهداف مستمرة إلى اليوم، من خلال زج قياداتها في السجون، أو عبر توجيه الاتهامات لها بالارهاب في عدد من الدول العربية والإسلامية بسبب دعمها للمقاومة في فلسطين، أو عبر شيطنة صورتها من خلال الادعاء بأنها السبب الأكبر لبروز حركات التطرف والتشدد في الواقع الإسلامي، أو أنها وراء العديد من الصراعات الداخلية في عدد من الدول العربية والإسلامية، وصولا لتوجيه البعض لها اتهامات بأنها صنيعة القوى الغربية وأنها تخدم المشاريع الغربية في المنطقة وأن قادتها لديهم علاقات مع الدول الأجنبية.

نحتاج اليوم إلى اعادة قراءة هذه التجربة الإسلامية على ضوء كل التطورات والأحداث التي حصلت طيلة السنوات الماضية، كما تحتاج الحركة إلى إجراء مراجعة شاملة لتجربتها لتحديد الإيجابيات والسلبيات في مسيرتها ووضع رؤية جديدة للمرحلة المقبلة، وعدم انتظار الاحتفال بمرور مائة عام على التأسيس في العام 2028
كل هذه الاتهامات، بغض النظر عن مدى صحتها أو أنها مجرد تجنيات بهدف تشويه صورة الإخوان، تؤكد أن حركة الإخوان المسلمين لا تزال إلى اليوم محور الاهتمام الكبير على الصعيد العربي والإسلامي والعالمي، وهي الحركة الإسلامية الأوسع انتشارا في العالم رغم بروز العديد من الحركات والتيارات الإسلامية في العالم وقيام جمهوريات وتجارب إسلامية في الحكم بعضها لا يزال مستمرا إلى اليوم، في حين أن البعض الآخر انتهى وترك آثارا سلبية في الواقع العربي والإسلامي.

ونظرا لأهمية هذه الحركة الإسلامية ودورها الكبير طيلة الأعوام المائة الماضية، وبانتظار ما يمكن أن يحصل في الذكرى المئوية لتأسيسها في العام 2028، نحتاج اليوم إلى اعادة قراءة هذه التجربة الإسلامية على ضوء كل التطورات والأحداث التي حصلت طيلة السنوات الماضية، كما تحتاج الحركة إلى إجراء مراجعة شاملة لتجربتها لتحديد الإيجابيات والسلبيات في مسيرتها ووضع رؤية جديدة للمرحلة المقبلة، وعدم انتظار الاحتفال بمرور مائة عام على التأسيس في العام 2028، أي بعد سنتين ونصف تقريبا.

ولا يمكن في مقال واحد إجراء تقييم شامل لهذه الحركة الإسلامية اليوم لأن ذلك يتطلب كتبا ودراسات ومؤتمرات وندوات، ويمكن إذا أحصينا الكتب والدراسات التي صدرت عن فكر الإخوان المسلمين وتجاربها في العالم العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي وعن مؤسساتها المتعددة، وصولا للشخصيات التي ساهمت في تأسيسها ومواكبتها طيلة السنوات المائة؛ لأصبح عندنا مكتبة ضخمة، إضافة لاستعراض الوسائل الإعلامية التي أسستها والمواقع الالكترونية التي تتابع حركاتها ومراكز الدراسات والأبحاث المتخصصة فقط بمتابعة الحركات الإسلامية ودورها في مختلف أنحاء العالم.

كل هذه المعطيات تؤكد أهمية الدور الكبير الذي لعبته حركة الإخوان المسلمين (بمختلف فروعها واتجاهاتها في العالم) على صعيد الحركات الإسلامية والعالم العربي والإسلامي، ونشر الفكر الإسلامي في العالم، وهذا يتطلب اليوم قراءة نقدية شاملة من أجل تقييم هذا الدور وتحديد نقاط القوة والضعف ومن أجل إطلاق رؤية جديدة في المرحلة المقبلة.

المعطيات تؤكد أهمية الدور الكبير الذي لعبته حركة الإخوان المسلمين (بمختلف فروعها واتجاهاتها في العالم) على صعيد الحركات الإسلامية والعالم العربي والإسلامي، ونشر الفكر الإسلامي في العالم، وهذا يتطلب اليوم قراءة نقدية شاملة من أجل تقييم هذا الدور وتحديد نقاط القوة والضعف ومن أجل إطلاق رؤية جديدة في المرحلة المقبلة
وطبعا قد يحتج البعض أن ظروف حركة الإخوان المسلمين اليوم، ولا سيما في الدولة التي تأسست فيها أي مصر، لا تسمح بإجراء هذه المراجعة الشاملة، لأن قادة الحركة في السجون ويواجهون ظروفا صعبة، كذلك تتعرض الحركة اليوم لحملات استهداف كبيرة في دول لعبت فيها أدوارا مهمة طيلة العقود الماضية، كما يجري اليوم في الأردن والامارات العربية المتحدة وتونس والسودان وليبيا واليمن والسعودية على سبيل المثال، لكن ذلك لا يمنع من التقاء قادة ومفكري هذه الحركة المنتشرين في أنحاء العالم من أجل إطلاق حملة مراجعة وتقييم لدورها ومستقبلها، وإطلاق مبادرات مختلفة قادرة على مواجهة مختلف التحديات التي تواجهها اليوم.

وهناك العديد من الأسئلة التي يمكن طرحها على طاولة النقاش الفكري والتنظيمي والسياسي والمستقبلي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

أولا: ما هي نتائج هذه التجربة الإسلامية بمختلف اتجاهاتها وتنوعاتها بعد مائة عام على التأسيس، واين أخطأت واين أصابت؟

ثانيا: أي مشروع إسلامي ينبغي طرحه اليوم لمواجهة مختلف التحديات؟ وهل لا يزال المشروع الإسلامي الذي طرحه الإمام حسن البنا وقادة ومفكرو الإخوان هو المطلوب اليوم؟

ثالثا: هل الوصول إلى السلطة وإقامة الحكم الإسلامي لا يزال هو الهدف المطلوب، أو قيام حكم العدالة والمواطنة وصولا لإقامة نظام تكاملي أو تعاوني بين الدول العربية والإسلامية؟

رابعا: أين موقع القضية الفلسطينية ومواجهة المشروع الصهيوني في سلم أولويات الحركة الإسلامية اليوم في ظل التطورات والمتغيرات الكبيرة التي تحصل؟ وهل الوصول إلى السلطة يتقدم على مشروع المقاومة أو العكس؟

خامسا: كيف يمكن التعامل مع كافة التجارب الإسلامية في الحكم اليوم؟ وهل هذه التجارب تمثل أهداف الإخوان المسلمين، وأين نلتقي معها وأين نختلف؟

سادسا: كيف يمكن مواجهة الصراعات والحروب المختلفة وخصوصا الصراعات المذهبية والطائفية وانتشار العنف؟ وهل يمكن وقف هذه الحروب والصراعات؟

سابعا: هل يمكن الخروج من الصراعات مع السلطات القائمة في بعض الدول العربية والإسلامية، والاكتفاء بالعمل الدعوي والتربوي والاجتماعي والابتعاد عن الصراعات السياسية؟

ثامنا: أي مشروع حضاري إسلامي يمكن أن نقدمه للعالم اليوم؟ وما هي تفاصيل هذا المشروع في كافة وجوهه العلمية والتكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية؟

هذه بعض الأسئلة والإشكالات التي يمكن ان تطرح في المرحلة المقبلة وتكون مدخلا لإحياء ذكرى مرور مائة عام على تأسيس حركة الإخوان المسلمين، وكي تتحول هذه الذكرى إلى محطة لإجراء مراجعة شاملة لكل الحركات الإسلامية اليوم.

x.com/kassirkassem

مقالات مشابهة

  • على أبواب المائة عام: الإخوان المسلمون بين الاستهداف والمراجعة المطلوبة
  • تأجيل محاكمة 64 متهم بـ " خلية تهريب أعضاء الجماعة الإرهابية خارج البلاد "
  • طارق حجي: ذُهلت عندما فاز مرسي في الانتخابات
  • هنا الزاهد.. «مدربة أسود»
  • المجلس الأوروبي: الحوثيون لم يهزموا وإعلان ترامب هو انسحاب خوفاً من الانجرار في صراع أعمق (ترجمة خاصة)
  • تقرير سري عن الإخوان يثير جدلا في فرنسا.. اتهامات وانتقادات وردود غاضبة
  • مسؤول بارز سابق في الحكومة يوجه اتهام مباشر لمحافظ عدن بالخيانة
  • “مش” سياسة!
  • مقاهي و مطاعم الهرهورة تغلق أبوابها وتهاجم مجلس الجماعة
  • أخبار التوك شو| أحمد موسى: جماعة الإخوان الإرهابية تخطط لهدم مؤسسات الدولة وتروج الأكاذيب.. البترول تعلن قيمة تعويض المضارين من البنزين