جريدة الوطن:
2025-12-14@06:49:25 GMT

تمكين المرأة فى قطاع الطاقة

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

تمكين المرأة فى قطاع الطاقة

الدكتورة رولا شرقي، أستاذ مساعد في الهندسة والعلوم الفيزيائية، جامعة هيريوت وات دبي

في السنوات الأخيرة، خطت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطوات كبيرة في قطاع الطاقة، مدفوعة بمبادرات طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، وتعزيز الكفاءة، وتعزيز الاستدامة. وفي خضم هذا المشهد المتغير، برز دور القيادات النسائية كعامل حاسم وقوى في دفع الابتكار وتشكيل مستقبل الطاقة في المنطقة.

يعد التنوع بين الجنسين والشمول من الضروريات الأساسية لقطاع الطاقة المزدهر والمستدام. تكشف الإحصاءات أن النساء لا يمثلن سوى جزء صغير من القوى العاملة في قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفقاً لتقرير البنك الدولي الذي يحمل عنوان “نحو وظائف أكثر وأفضل للمرأة في مجال الطاقة”، فإن تمثيل المرأة في الأدوار الفنية أو المناصب الإدارية في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عادة ما يكون أقل من 10%، بمتوسط ​​5%. علاوة على ذلك، تشير بيانات منظمة العمل الدولية إلى أن 19% فقط من النساء في الدول العربية يشاركن في القوى العاملة.

وتشير توقعات منظمة العمل الدولية أيضاً إلى أنه من بين 400 ألف فرصة عمل يمكن خلقها للشباب العربي نتيجة لتدابير السياسة الخضراء، فإن أقل من 10% منها ستشغلها النساء. وتؤكد هذه الأرقام الحاجة الملحة لمعالجة العوائق التي تعيق مشاركة المرأة وتقدمها في الصناعة.

فالنساء يقدمن وجهات نظر متنوعة، ومهارات في حل المشاكل، وأساليب تعاونية إلى بيئة العمل وهي سمات أساسية لمعالجة التحديات المعقدة التي يواجهها قطاع الطاقة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز مشاركة المرأة وقيادتها في قطاع الطاقة يؤدي إلى فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة. أظهرت الدراسات أن الشركات التي تتمتع بقدر أكبر من التنوع بين الجنسين على مستوى القيادة تتفوق على نظيراتها الأقل تنوعًا من حيث الأداء المالي والابتكار. وتشير أبحاث “بنك أوف أمريكا” إلى أن شركات ستاندرد آند بورز التي تتمتع بتمثيل نسائي في مناصب قيادية عليا أعلى من المتوسط ​​شهدت زيادة بنسبة 15% في العائد على حقوق المساهمين وانخفاض مخاطر معدل الربح بنسبة 30% مقارنة بالشركات ذات التصنيف الأدنى.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم تمكين المرأة في قطاع الطاقة في تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية الأوسع، بما في ذلك الحد من الفقر، وخلق فرص العمل، والاندماج المجتمعي. تستثمر النساء المتمكنات اقتصاديًا في أسرهن ومجتمعاتهن، مما يؤدي إلى تحسين الصحة والتعليم والرفاهية بشكل عام. ومن خلال إنشاء مسارات للنساء للتفوق في قطاع الطاقة، يمكن لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسخير الإمكانات الكاملة لرأسمالها البشري وتسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن سد الفوارق بين الجنسين يمكن أن يساهم بأكثر من 20% في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة. علاوة على ذلك، يشير تقرير مركز سياسة الطاقة العالمية إلى أن الشركات التي تضم 30% من النساء في مناصب قيادية هي أكثر احتمالا للنجاح في القطاعات المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات مقارنة بالشركات التي لا يوجد فيها تمثيل نسائي.

ومع ذلك، فإن تحقيق المساواة بين الجنسين في قطاع الطاقة يتطلب بذل جهود متضافرة للتغلب على الحواجز التنظيمية والتحيزات التي تعيق النهوض بالمرأة. غالبًا ما تؤدي المعايير الثقافية والقوالب النمطية والتحيزات اللاواعية إلى خلق الفوارق بين الجنسين في ممارسات التوظيف والترقية والاحتفاظ داخل الصناعة. إن محدودية الوصول إلى فرص التعليم والتدريب والإرشاد تزيد من عرقلة التقدم الوظيفي للمرأة في قطاع الطاقة.

ولمواجهة هذه التحديات، يجب على أصحاب المصلحة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إعطاء الأولوية للتنوع بين الجنسين والشمول كعنصرين أساسيين في سياسات واستراتيجيات الطاقة الخاصة بهم. ويستلزم ذلك تنفيذ تدابير استباقية لتوظيف النساء والاحتفاظ بهن وترقيتهن في المناصب القيادية، بما في ذلك تحديد أهداف لتمثيل الجنسين وإنشاء برامج الإرشاد وتنمية المهارات القيادية المصممة خصيصًا للنساء في هذا القطاع. علاوة على ذلك، فإن تعزيز ثقافة الشمول أمر ضروري لخلق بيئة تشعر فيها المرأة بالتقدير والدعم والتمكين لتحقيق النجاح. إن تحدي الصور النمطية في عمليات صنع القرار، وتعزيز ثقافة مكان العمل التي تحتفي بالتنوع وتشجع التعاون هي أمور ضرورية.

علاوة على ذلك، تلعب الحكومات والجمعيات الصناعية ومنظمات المجتمع المدني دوراً حاسماً في الدعوة إلى إصلاحات السياسات والتغييرات المؤسسية التي تعزز المساواة بين الجنسين في قطاع الطاقة. على سبيل المثال، يضم ما يقرب من 20% من برنامج الطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات العربية المتحدة نساءً يشغلن أدوارًا محورية تشمل الهندسة، وعمليات المفاعلات، والسلامة النووية، ومجالات تقنية مختلفة. ظلت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية (ENEC) ملتزمة بالنهوض بالمرأة الإماراتية، ووضعها في مكانة بارزة في سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050. وتعزز مبادرات مثل فرع الشرق الأوسط لمنظمة “المرأة في الطاقة النووية” (WiN)، الذي تم إنشاؤه في ديسمبر 2023، ثقافة التميز في مجال الطاقة النووية والتكنولوجيا، وتمكين المرأة من التفوق من خلال التطوير المهني، وفرص التواصل، والتعاون مع أقرانها العالميين. بالإضافة إلى ذلك، تهدف مبادرة التعليم والتمكين في مجال الطاقة النظيفة التابعة للوكالة الدولية للطاقة ، والتي تدعمها حكومات مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، إلى تعزيز التنوع بين الجنسين في مهن الطاقة النظيفة، وبالتالي زيادة مشاركة المرأة في كلٍ من القطاعين العام والخاص.

وفي الختام، تقف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند منعطف محوري في رحلة التحول في مجال الطاقة، حيث تستعد النساء للعب دور اساسى في تشكيل مستقبلها. ومن خلال تبني التنوع بين الجنسين والشمول، وتسخير مواهب ورؤى القيادات النسائية، والتغلب على الحواجز والتحيزات النظامية، تستطيع المنطقة أن تفتح آفاقا جديدة للابتكار والكفاءة والاستدامة في قطاع الطاقة. إن تمكين المرأة في صناعة الطاقة لا يؤدي فقط إلى دفع النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، بل يسرع أيضًا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة. يجب على أصحاب المصلحة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إعطاء الأولوية لخلق بيئة تمكينية حيث يتم تقدير المرأة ودعمها وتمكينها لتحقيق النجاح. ومن خلال الاعتراف بالنساء والارتقاء بهن كمحفزات للتغيير، تستطيع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رسم مسار نحو مستقبل طاقة أكثر ازدهارا وإنصافا واستدامة للأجيال القادمة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا فی قطاع الطاقة بین الجنسین فی فی مجال الطاقة علاوة على ذلک المرأة فی من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي النووي يُحدث نقلة في إدارة قطاع الطاقة

مع تصاعد الطلب العالمي على الطاقة، يزداد الاعتماد على الطاقة النووية، إلا أن إنشاء مفاعلات جديدة أو تمديد تراخيص التشغيل القائمة يتطلب كميات هائلة من الوثائق والإجراءات التنظيمية المعقّدة. وهنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة قادرة على التعامل بكفاءة مع هذا العبء الورقي الثقيل.
وطوّرت شركة أتوميك كانيون الناشئة (Atomic Canyon)، بالشراكة مع محطة ديابلو كانيون النووية (Diablo Canyon) في ولاية كاليفورنيا الأميركية، نماذج ذكاء اصطناعي متخصصة باستخدام الحاسوب الفائق فرونتير (Frontier) في مختبر أوك ريدج الوطني التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة.
وتهدف هذه النماذج إلى تقليص الوقت والجهد والموارد التي ينفقها القطاع النووي في البحث ضمن ملايين الوثائق المتعلقة بالصيانة والهندسة والتقييمات التنظيمية وإجراءات التشغيل.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يتوقع الهزّات الارتدادية للزلازل في ثوانٍ

عبء تنظيمي ضخم
تخضع الصناعة النووية لإشراف هيئة التنظيم النووي الأميركية (NRC)، المسؤولة عن الترخيص ومراجعة تصاميم المفاعلات ومراقبة الأثر البيئي وخطط إيقاف التشغيل.
وتوفر محطة ديابلو كانيون الكهرباء لأكثر من 4 ملايين شخص، وتمثل نحو 8% من إجمالي طاقة كاليفورنيا.
وبعد أن كان من المقرر إيقاف المحطة في عام 2025، قررت الولاية في عام 2022 تمديد تشغيلها حتى عام 2030، ما استلزم إعداد طلب ترخيص ضخم تجاوز 3 آلاف صفحة.
وأوضحت مورين زاوليك، نائبة رئيس المحطة، أن الموظفين يقضون نحو 15 ألف ساعة سنوياً فقط في البحث عن الوثائق داخل قواعد بيانات تضم ما يقرب من ملياري صفحة.

الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم الملاحة البحرية

ذكاء اصطناعي متخصص
جرّبت الشركة نماذج ذكاء اصطناعي جاهزة، لكنها أخفقت في التعامل بدقة مع المصطلحات النووية المعقدة، وأنتجت في بعض الحالات معلومات غير دقيقة. لذلك قرر الفريق تطوير نموذج متخصص، وهو ما تطلب قدرات حوسبة هائلة.
ومن خلال برنامج مخصص في مختبر أوك ريدج، حصل المشروع على 20 ألف ساعة تشغيل من وحدات المعالجة الرسومية (GPU) على الحاسوب العملاق فرونتير، وهي قدرة حوسبية ضخمة تُستخدم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
واستُخدمت هذه الموارد لتدريب منصة Neutron، التي تعتمد على نماذج تضمين الجمل لفهم المصطلحات النووية وسياقها بدقة، بدل توليد محتوى جديد.
وجرى تدريب هذه النماذج، المعروفة باسم FERMI، على قاعدة بيانات ADAMS الوطنية التابعة لـ(NRC)، والتي تضم أكثر من 3 ملايين وثيقة و53 مليون صفحة توثّق تاريخ المفاعلات النووية الأميركية منذ عام 1980.

الذكاء الاصطناعي يسلّح المناعة بـ"صواريخ" لمهاجمة السرطان

نتائج أولية وخطط مستقبلية
بدأ موظفو المحطة النووية بالفعل ملاحظة تحسّن لافت في سرعة البحث ودقة الوصول إلى المعلومات، سواء من سجلات المحطة أو من قاعدة ADAMS، بحسب ما نقل موقع Tech xplore.
وقال جوردان تايمان، مدير المشروع في ديابلو كانيون، إن الأداة الجديدة ستتيح للمهندسين التركيز على حل المشكلات التقنية بدل الانشغال بالأعباء الإدارية.
وتخطط شركة أتوميك كانيون لتطوير إصدارات إضافية من نماذج FERMI، فيما يعمل باحثو أوك ريدج على دمجها مستقبلاً مع نماذج لغوية توليدية متقدمة.
وفي يوليو الماضي، وقّعت الشركة والمختبر اتفاقية تعاون لتعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي في القطاع النووي.

أمجد الأمين (أبوظبي)

أخبار ذات صلة "بيورهيلث" تطلق مختبراً قائماً على الذكاء الاصطناعي دمج الذكاء الاصطناعي في مركز اتصال «الموارد البشرية والتوطين»

مقالات مشابهة

  • ماريان عازر: تمكين المرأة في التكنولوجيا ركيزة اقتصادية لسد الفجوة الرقمية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني
  • سفيرة قبرص: تمكين المرأة في العلوم والتكنولوجيا أولوية حكومية لتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة
  • «سايينت» تعزز عملياتها في الشرق الأوسط لدفع التحول في قطاعات الطاقة والمرافق والنقل والاتصال
  • احتفالية المرأة الملهمة.. وزارة المالية: تمكين المرأة في صدارة اهتمامنا
  • الذكاء الاصطناعي النووي يُحدث نقلة في إدارة قطاع الطاقة
  • مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة
  • راية القابضة وخمس من شركات محفظتها تحصل على ختم المساواة بين الجنسين من المجلس القومي للمرأة
  • هجوم مُركّز من التيّار على وزير الطاقة
  • إطلاق شركة “وايزمِن الشرق الأوسط” في أبوظبي لتعزيز حلول الطاقة الذكية في المنطقة
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة