الانتخابات الرئاسية في تونس… قصة مسلية أحيانا
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
طوال حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، أول رئيس لتونس المستقلة (1957-1987) لم يكن هناك من مرشح يمكن له منافسة «المجاهد الأكبر» وحين تجرأ أحدهم مرة وفعلها اتهموه بالجنون، قبل أن تُـلغى الانتخابات أصلا ويعلن بورقيبة عام 1975 «رئيسا مدى الحياة». لم يكن الموت هو من أزاحه في النهاية من الرئاسة بل وزيره الأول زين العابدين بن علي ليبقى في الحكم 23 عاما (1987 ـ 2011) اختار خلالها بعض المرشحين «الكومبارس» لجعل الانتخابات الرئاسية «تعددية وتنافسية».
لم يعرف التونسيون للانتخابات الرئاسية نكهة إلا بعد ثورتهم، ولهذا كانت انتخابات 2014 ساحة لتنافس شيّق بين أكثر من 20 مرشحا آلت فيه الدورة الثانية إلى جولة بين الراحل الباجي قايد السبسي والمنصف المرزوقي (الذي كان حينها رئيسا مؤقتا) ليؤول قصب السباق إلى الأول لنشهد أول تداول سلمي ديمقراطي للرئاسة في تاريخ تونس.
وحين توفي قايد السبسي عام 2019، جرت انتخابات سابقة لأوانها تقدم إليها كثيرون ليفوز بها في النهاية قيس سعيد في الدور الثاني ضد نبيل القروي بأغلبية كبيرة.
لا أحد يعرف كذلك شروط الترشح لأن هناك رجلا واحدا هو من سيحدد كل ذلك اسمه قيس سعيد.وها هي تونس تستعد لانتخابات رئاسية في سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول المقبلين، ولكن شتان بين ما سبق وبين ما تنتظره البلاد إذ تبدو المؤشرات الحالية مقلقة للغاية، فضلا عن أنه لا أحد يعرف تاريخا رسميا بعينه لهذه الانتخابات ولا أحد يعرف كذلك شروط الترشح لأن هناك رجلا واحدا هو من سيحدد كل ذلك اسمه قيس سعيد.
لم يكتف سعيد بما يردده دائما، ودون كلل، عن «الخونة» و«العملاء» و«الفاسدين» «الذين يسعون لتفجير الدولة من الداخل» والمقصود بهم طبعا كل معارضيه، بل إنه صرح مرة بأنه ليس مستعدا لتسليم الرئاسة إلى «غير الوطنيين» وذهب أكثر مؤخرا بأن شرع في بث أجواء حقيقية من التخويف والترهيب ضد كل من يمكن أن تسول له نفسه التقدم للانتخابات الرئاسية، فقد حفل بيان رئاسي صادر قبل أيام بكل هذه المعاني في سابقة خطيرة للغاية، إذ عوضا أن يكون الموعد «عرسا ديمقراطيا» تتنافس فيه البرامج والحلول والمقترحات لإخراج تونس من مأزقها السياسي والاقتصادي تحول الحدث إلى «رهاب» حقيقي.
الرئيس التونسي وخلال استقباله الأربعاء الماضي وزير داخليته ومدير الحرس الوطني أكد على «أنه لا تسامح مع من يرتمي في أحضان الخارج استعدادا للانتخابات ويتمسح كل يوم على أعتاب مقرات الدوائر الأجنبية (..) والمترشح المتمسح على الأعتاب لا تعنيه إلا الجهة التي وعدته بالدعم ولا شأن له إطلاقا لا بمصلحة الشعب التونسي ولا بتونس، هذا فضلا على أن الذي يبحث على الدعم والمساندة من الدوائر الاستعمارية تحتقره نفس هذه الدوائر».
ومضى البيان الرئاسي، المتشنج للغاية كالرئيس عندما يتحدث، إلى أبعد من هذه الاتهامات الخطيرة المبهمة، فأضاف أن الرئيس دعا «إلى الملاحقة القضائية لعدد من عملاء الحركة الصهيونية وتطبيق الأحكام المتعلقة بالاعتداءات على أمن الدولة الخارجي التي نصت عليها أحكام المجلة الجزائية (..) وأن الذي اعترف على رؤوس الملأ بدعم حملته الانتخابية سنة 2019 من الحركة الصهيونية صار اليوم معارضا في الخارج ويتقاضى إلى حد اليوم من نفس هذه الحركة. وأردف بالقول إن «من بين الطرق التي لجأوا إليها هذه الأيام (ودائما دون أن نعرف من هم هؤلاء بالضبط وعلى أي أساس توجه لهم اتهامات خطيرة كهذه) وسائل إعلام مأجورة يتم الاستعداد لبعثها أو برامج تلفزية يتم الترتيب لبثها أو صفحات في وسائل التواصل الاجتماعي معلومة مواقعها».
البيان، الحافل بالويل والثبور لكل هؤلاء، يأتي في حين أن لا أحد إلى حد الآن أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، بما في ذلك سعيد نفسه، سوى سيدة شابة زعيمة حزب جديد فأغلب المتنافسين المحتملين، وليسوا الأكيدين، هم إما في السجون أو المنافي أو تحت التشهير المستمر. أما من ترددت أسماؤهم، بشكل أو بآخر، على أنهم قد يكونون من المترشحين، فإنهم سيفكرون الآن ألف مرة قبل الاقدام على خطوة كهذه، لأنها باتت اليوم عمليا «شبهة» اعتزام ارتكاب «جرم خطير».
وحين نعلم يقينا أن قيس سعيد، الذي كتب الدستور وحده وأعاد تشكيل كل المشهد السياسي على هواه، غير عابئ بعزوف الناس عن كل استشارة أو انتخابات دعا إليها، هو من سيحدد ـ منفردا بالتأكيد ـ الشروط الواجب توفرها في كل متقدم إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإننا سنجد حتما شروطا لا تنطبق على أحد، أو عليه تحديدا دون غيره.
يجري كل ذلك والغموض يكتنف قدرة المعارضة المنهكة والمشتتة على التوافق على شخصية وازنة قادرة على الإطاحة بقيس سعيد، الذي يبدو قلقا للغاية مع أن الاستطلاعات (إنْ صدقت) تعطيه الأفضلية، ثم إن لا شيء سيحول دون مضيه منفردا إلى هذه الانتخابات، غير عابئ حتى بنسبة المشاركة فيها، فسيجد لكل ذلك تفسيرا في حينه، فلا تقلقوا!!.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسيون قيس سعيد تونس الانتخابات التونسية قيس سعيد مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعید لا أحد کل ذلک
إقرأ أيضاً:
وزير الصحة: المبادرات الرئاسية تقلل معدلات الإصابة بالأمراض وتزيد متوسط الأعمار
احتفلت وزارة الصحة والسكان، بمناسبة مرور عامين على إطلاق مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية، وذلك بحضور قيادات الوزارة وممثلي الهيئات الصحية ومنظمة الصحية العالمية ومسؤولي المبادرات الصحية وعدد من وكلاء وزارة الصحة في عدة محافظات، وكبار أساتذة الأورام السرطانية.
وخلال الاحتفالية تم الإعلان عن إطلاق حملة "من بدري أمان"، التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع الجميع المصرية لمنظار عنق الرحم، والتي تستهدف أيضا التوعية والكشف المبكر عن الأورام السرطانية الأكثر شيوعا في المجتمع المصري ( الرئة، القولون، عنق الرحم، البروستاتا، الثدي) وتقديم العلاج المبكر للحالات المصابة عبر برتوكولات علمية وعلاجية هي الأحداث عالميا.
وحضر الاحتفالية كلا من : الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، الدكتور نعمة عابد ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، الدكتور أحمد طه رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، الدكتور أحمد السبكي رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، الدكتور محمد حساني، مساعد وزير الصحة والسكان لمبادرات الصحة العامة، الدكتور عماد حمادة، رئيس اللجنة العلمية للمبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية، الدكتور خالد عبدالعزيز، المدير التنفيذي للمبادرة، الدكتور محمد العزب، منسق لجنة سرطان عنق الرحم بمبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأورام، ورئيس الجمعية المصرية لمنظار عنق الرحم، والدكتور حاتم أمين المدير التنفيذي لمبادرة الرئاسية للكشف عن سرطان الثدي.
وأثنى الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، في كلمته على ما حققته المبادرة الصحية من نجاحات ملموسة في تحسين الصحة العامة، والكشف المبكر عن الأورام السرطانية في مراحلها المبكرة، وهو ما ساهم في رفع نسب الشفاء وتقليل نسب الوفيات، ورفع الوعي لدى ملايين المواطنين، من خلال أيضا مبادرة 100 مليون صحة، والدور التوعوي الذي قامت به الوزارة بالتعاون مع الهيئات المعنية، والجمعيات الأهلية، في التوعية والكشف المبكر الأورام السرطانية مبكرا.
وشدد وزير الصحة في كلمته على ان المبادرات الصحية بالإضافة لكونها قدمت العديد من الخدمات الصحية لكنها ساهمت بقوة في تقليل معدلات الإصابة بالأمراض وخاصة الأورام السرطانية، وهي لا تستهدف العلاج فقط بل الوقاية والتنبؤ والكشف المبكر مما يساهم في زيادة معدلات أعمار المواطنين والعيش بجودة بعيداً عن الأمراض.
وحرص وزير الصحة على تكريم الدكتور محمد حساني مساعد الوزير لمبادرات الصحة العامة، حيث طلب منه الصعود لجواره على المنصة مشيدا بدوره الكبير في نجاح المبادرات الصحية وواصفا دوره بالجندي المجهول الذي يعمل في صمت وتجده موجودا في الكواليس يعمل بدقة وعلم، وله دور كبير فيما نراه من جهد ملحوظ على أراض الواقع.
واشار الوزير الى ان شهادة الموسسات الدولية على ما تقوم به مصر في قطاع الصحة اكبر دليل على ما يتم انجازه من مهام تمثلت في حصول مصر على شهادة الاشهار الدولي من الصحة العالمية بخلو من فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي" ومن الملاريا ومن الصحبة، كلها شهادات دولية تعكس الدور الذي نقوم به في القطاع الصحي ودور المبادرات الرئاسية في تحسين الخدمة الصحية، وخاصة مبادرة الكشف المبكر عن الأورام، وأثرها على جودة الرعاية وتقليل العبء على المرضى، وكلها جهود نستهدف أن نبني عليه ونعظمها ايضا خلال الفترة المقبلة.
وتحدث الدكتور عماد حمادة، رئيس اللجنة العلمية للمبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية، عن البروتوكولات العلمية المعتمدة وآليات تطبيقها على أرض الواقع، في إطار أهمية الكشف المبكر في تقليل نسب الوفيات وزيادة فرص الشفاء.
واستعرض الدكتور خالد عبدالعزيز، المدير التنفيذي للمبادرة، التأثير الإيجابي للمبادرة على الخدمات الصحية العامة، وعدد المستفيدين حتى الآن، واستمرار التوسع في التغطية الجغرافية وتدريب الكوادر.
جهود رفع الوعي المجتمعيوتناول الدكتور محمد العزب، منسق لجنة سرطان عنق الرحم بمبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأورام، ورئيس الجمعية المصرية لمنظار عنق الرحم، جهود رفع الوعي المجتمعي، والدور التوعوي في دعم الوقاية والكشف المبكر، ودور المجتمع المدني في إنجاح المبادرات الصحية القومية.