رجل أرمل سبعينى يقف على حافة الحياة باحثاً عن «عتبات البهجة».. رواية سطَّرها قلم الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد يطرح من خلالها العديد من الأفكار والأسئلة الفلسفية حول الحياة ومفرداتها والبهجة وطرقها بلهجة ساخرة، قبل أن يختارها الكاتب والسيناريست مدحت العدل لمعالجتها درامياً وتقديمها فى مسلسل تليفزيونى من 15 حلقة يحمل توقيع الكبير مجدى أبوعميرة ويعيد النجم يحيى الفخرانى إلى الساحة الدرامية بعد غياب عامين.

«بهجت الأنصارى» يعيش حياة هادئة منذ وفاة زوجته قبل 20 عاماً، يجد نفسه فى تقديم محتوى إلكترونى لمتابعيه على منصات التواصل الاجتماعى، ولكن الحياة الهادئة تنقلب بعدما يُتوفى نجله الوحيد ويترك له مسئولية الأحفاد بمفرده، وفى ذلك الوقت تعود «لبنى» حبه الأول إلى الظهور، وما بين الأزمات التى تعصف بالحياة يظل «بهجت» يقف عند «عتبات البهجة».

مجموعة مختلفة من العوامل شجّعت النجم يحيى الفخرانى على العودة إلى الساحة الدرامية بـ«عتبات البهجة»، بداية من الرواية المأخوذ عنها المسلسل، مروراً بالكاتب مدحت العدل الذى قدّم رؤية درامية عن الرواية، بجانب وقوف شركة «العدل جروب» وراء المشروع، بالإضافة إلى وجود المخرج مجدى أبوعميرة الذى تعاون معه فى اثنين من أنجح أعماله الدرامية، وفقاً لما أوضحه «الفخرانى»، فى تصريحات تليفزيونية ببرنامج «المساء مع قصواء»، قائلاً: «مجدى أبوعميرة من المخرجين المخلصين فى عملهم ومناسب للنص الذى كتبه الدكتور مدحت العدل».

وكشف «الفخرانى» أن أحداث المسلسل تدور فى إطار اجتماعى وإنسانى حول علاقة جد وأحفاده، وهو ما يتطلع إليه دائماً فى أعماله من فتح قضايا اجتماعية، خاصة أن الفن مرآة للمجتمع ويجب أن يرصده فى جميع حالاته، موضحاً: «المسلسل أشبه برحلة عبر الزمن، يناقش قضايا مجتمعية مهمة تواجه قطاعاً كبيراً من المشاهدين ويتطرق إلى حياة الكبار فى السن الذين يقفون دائماً عند عتبات البهجة ويرغبون فى تخطى تلك العتبات ولكنهم لا يستطيعون ذلك».

«العدل»: رواية مهمة

«رواية مهمة تطرح أفكاراً فلسفية وتستحق كل تقدير»، كان ذلك السبب وراء تقديم رواية «عتبات البهجة» فى عمل درامى وفقاً للكاتب الكبير مدحت العدل، الذى أوضح، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن هناك قطاعاً كبيراً من الجمهور كان ينتظر تحويل الرواية إلى عمل فنى، فهى رواية عظيمة لكاتب كبير بحجم إبراهيم عبدالمجيد، على حد تعبيره. وكشف «العدل» أن كتابة المسلسل تمت من خلال ورشة كتابة تحت إشرافه تضم مجموعة طلابه أصحاب الموهبة فى الكتابة، وتم اختيارهم بعد اختبارات عديدة لأن الرواية كعمل فلسفى تحتاج إلى رؤية فى كتابتها ويجب أن يتم الأمر باحترافية وحرص شديد، وألا يتم التعامل معها باعتبارها مجرد مسلسل تليفزيونى.

«عبدالمجيد»: صُناع المسلسل على درجة عالية من الاحترافية

وعلى الجانب الآخر، عبّر الكاتب إبراهيم عبدالمجيد عن سعادته بتحويل رواية «عتبات البهجة» إلى عمل تليفزيونى من بطولة النجم يحيى الفخرانى، مؤكداً أن صُناع العمل الفنى على درجة عالية من الحرفية التى من شأنها أن تجعل المسلسل المرتقب من الأعمال المتميزة، متابعاً فى تصريحات لـ«الوطن»: «أتمنى أن تهتم شركات الإنتاج بالروايات المصرية بشكل أكبر، لأننا نملك كتاباً كثيرين لديهم أعمال تستحق تحويلها إلى عمل درامى تليفزيونى أو سينمائى، خاصة أن الدراما فى الأصل قامت على الرواية».

بجانب النجم يحيى الفخرانى يضم فريق عمل مسلسل «عتبات البهجة» مجموعة كبيرة من نجوم الدراما المصرية والعربية، من بينهم صلاح عبدالله، جومانا مراد، سما إبراهيم، صفاء الطوخى، وفاء صادق، وهشام إسماعيل، بجانب عدد من النجوم الشباب: هنادى مهنا (عنبة)، حازم إيهاب، يوسف عثمان، بالإضافة إلى الممثل السورى خالد شباط الذى يشارك للمرة الأولى فى الدراما المصرية، ويقوم بدور «عمر» حفيد «بهجت الأنصارى» ضمن أحداث المسلسل.

«الكمار»: حلمى تحقق

ولا يقتصر المبدعون فى «عتبات البهجة» على النجوم أمام الكاميرا فقط، فيوجد خلف الكاميرا قائمة كبيرة من النجوم، من بينهم الموسيقار خالد الكمار الذى وضع الموسيقى التصويرية للمسلسل، والذى عبّر، فى تصريحات لـ«الوطن»، عن سعادته الشديدة بالعمل مع الفنان الكبير يحيى الفخرانى، مؤكداً أن هذه المشاركة كانت بمثابة حلم تمنى تحقيقه، موضحاً: «تلك الخطوة تعنى لى الكثير على المستوى المهنى والشخصى بشكل كبير لأنى كنت أحلم دائماً بالعمل مع الفنان يحيى الفخرانى وسعيد بأن حلمى تحول إلى حقيقة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدراما الموسم الرمضانى يحيى الفخرانى عتبات البهجة فى تصریحات مدحت العدل

إقرأ أيضاً:

فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة

منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها. 

أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.

فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود. 

ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه. 

تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.

لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى. 

ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.

ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية. 

وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.

كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.

وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين. 

وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.

ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.

ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.

إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة. 

وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.

رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.

مقالات مشابهة

  • الرجل الشقلباظ!
  • عن فيلم أم كلثوم!
  • بعد غياب طويل.. يوسف الشريف يعود لجمهوره بـ فن الحرب
  • مشاركة مجتمعية واسعة في سباق تحدي صور للجري
  • «فخ» كأس العرب
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
  • جريمة طفل المنشار.. النيابة: تركنا أبناءنا أسرى لشاشات تملأ العيون وتفرغ العقول
  • الوجوه الثلاثة!!
  • هل كنا في السماء؟.. اعتراف إيراني يهزّ رواية إسقاط مقاتلات إف-35 الإسرائيلية
  • المكتب الإعلامي في غزة يفند رواية السفير الأمريكي: أرقام المساعدات تكشف حصارا ممنهجا لا تدفقا يوميا