بنيامين نتانياهو السياسي الإسرائيلي المحنك والمثير للجدل
تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT
القدس ـ (أ ف ب) – رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتانياهو سياسي محنّك يهيمن منذ تسعينات القرن الماضي على المشهد السياسي في الدولة العبرية التي تشهد اليوم انقساما مجتمعيا هو الأكثر تعقيدا منذ عقود. يقدّم نتانياهو أو “بيبي” كما يلقبّه أتباعه في حزب الليكود، نفسه على أنه المدافع عن الشعب اليهودي، ويقول إن ذلك يمثل “مهمة حياته” ضد التهديدات التي تواجهها بلاده من العرب أو العدو اللدود المتمثّل بإيران.
أما بالنسبة لمعارضيه فهو “وزير الجريمة” الذي يقود البلاد في وقت يحاكم فيه بتهم تتعلق بالفساد ينفيها. ويتطلّع نتانياهو اليوم إلى تصويت البرلمان على خطة إصلاحية للقضاء يريدها بقوة لكن منتقديها يقولون إنها تقوّض الديموقراطية. ويبدأ النقاش في البرلمان بعد ظهر الأحد فيما نتانياهو في المستشفى بعد أن خضع قبل ساعات لجراحة لزرع جهاز ينظّم ضربات القلب حالت دون تمكنه من ترؤس جلسة مجلس الوزراء اليوم. قضى نتانياهو (73 عاما) ذو الشعر الأبيض المائل إلى الفضي ما مجموعه 15 عاما كرئيس للوزراء، وهي أطول مدة لزعيم إسرائيلي في منصبه. في ظل حكمه، توقفت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي بدأت في تسعينات القرن الماضي تقريبا، في مقابل ازدياد النشاط الاستيطاني بشكل ملفت ما جعل تحقيق حلم الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية حلما بعيدا. في كانون الأول/ديسمبر، عاد نتانياهو إلى السلطة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية بدعم أحزاب يمينية متشددة. وفي ظل حكومته التي يُنظر إليها على أنها الأكثر يمينية وتطرفا، يشهد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فصلا من العنف منذ أشهر مع عمليات عسكرية إسرائيلية كبيرة في الضفة الغربية وتبادل إطلاق قصف وصواريخ مع قطاع غزة. داخليا، يشهد المجتمع الإسرائيلي اهتزازات مع خروج احتجاجات أسبوعية حاشدة إلى الشوارع ضد خطة الإصلاح القضائي التي يطرحها نتانياهو والتي حذّر البعض من تداعياتها بما يشبه “الحرب الأهلية” في الدولة التي يبلغ عمرها 75 عاما. وتسبّبت سياسات نتانياهو بتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة، الحليف الأقوى للبلاد، إذ انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن مرارا الخطة وكذلك التوسّع الاستيطاني. – مقتل شقيقه – ولد نتانياهو في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1949 في تل أبيب، وورث عن والده المؤرخ عقيدة متشددة، إذ كان الأخير المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي، زعيم تيار صهيوني يقدّم نفسه على أنه “تصحيحي” ويسعى الى تأسيس “إسرائيل الكبرى”. في العام 1976، كان شقيقه يوناتان الجندي الإسرائيلي الوحيد الذي قتل أثناء مشاركته في عملية عسكرية نفذتها وحدة كان يشرف عليها لتحرير رهائن محتجزين في طائرة خطفتها منظمتان فلسطينية وألمانية في أوغندا. في مذكراته التي نشرها العام الجاري، قال إنه “لن يتعافى أبدا” من مقتل شقيقه. ويضيف “عندما وصلني خبر وفاة يوني في عنتيبي، شعرت وكأن حياتي قد انتهت”. نشأ نتانياهو في جزء من حياته في الولايات المتحدة، وتخرّج من معهد ماساتشوستس العريق للتكنولوجيا. بفضل طلاقته باللغة الانكليزية، ركّزت القنوات التلفزيونية الأميركية عليه أثناء كلامه عن إسرائيل بين أواخر ثمانينات ومطلع تسعينات القرن الماضي، وهو ما ساهم في صعود نجمه كشخصية سياسية على الصعيدين المحلي والدولي. في الثمانينات، شغل منصبا دبلوماسيا في سفارة بلاده في واشنطن. تولّى نتانياهو الذي لطالما شكّك في اتفاقيات أوسلو للسلام، زعامة حزب الليكود العام 1993، وفاز في الانتخابات العام 1996، ليكون أصغر رئيس وزراء لإسرائيل سنا، عندما كان يبلغ من العمر 46 عاما. خسر السلطة سنة 1999، لكنه استعادها بعد عشر سنوات ليبقى على رأسها حتى العام 2021. لدى نتانياهو ابنان من زوجته سارة وابنة من زواج سابق. – “عش الإرهابيين” – لم ينخرط نتانياهو في محادثات سلام فعلية مع الفلسطينيين خلال فترة حكمه، بل ساهم في دفن عملية السلام مع الفلسطينيين، وارتفع عدد المستوطنات في الضفة الغربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة خمسين في المئة. فبات عدد المستوطنين نحو 490 ألفا يعيشون وسط 2,8 مليون فلسطيني. أعطت حكومته الحالية خلال الأشهر القليلة الماضية ضوءا أخضر لمزيد من العمليات العسكرية ضد معاقل النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وخصوصا في مدينة جنين (شمال) التي وصفها نتانياهو مؤخرا بأنها “عشّ الإرهابيين”. في السياسة الخارجية، ركّز نتانياهو على إيران وبرنامجها النووي والمجموعات المتحالفة معها مثل حزب الله اللبناني. وشهد العام 2020 نجاح نتانياهو في إبرام أربع اتفاقات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، ونجح أيضا في إخراج البلاد من الإغلاق بعدما أطلق حملة تطعيم طموحة ضد فيروس كورونا. ورغم تقدمه في السن واتهامات الفساد الموجهة اليه من القضاء وقلة عدد الأصوات التي حصدها في الانتخابات الأربع الماضية، يبقى طموحه الى السلطة على ما هو عليه. وجاء في مذكراته “كجندي، كافحتُ للدفاع عن إسرائيل في ساحات القتال، وبصفتي دبلوماسيا صدّيت الهجمات على شرعيتها في المحافل الدولية، وبصفتي وزير مالية سعيت إلى مضاعفة قوتها الاقتصادية والسياسية بين الدول”. وكتب “ساعدت في تأمين مستقبل لشعبي القديم”.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
هآرتس: ما مخاوف إسرائيل من زيارة ترامب الشرق أوسطية وهل سيتخلى عن طموحاته بالتطبيع الإسرائيلي السعودي؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع يكشف عن مشكلة اعتماد إسرائيل على دعمه، وهو دعمٌ متقلبٌ للغاية ويعتمد على ما يناسب الرئيس في تلك اللحظة.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها "هل نتنياهو قادر على التعامل مع تراجع ترامب في موقفه بشأن اليمن" ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن العملية الأمريكية بدأت ضد الحوثيين بتهديداتٍ بتركيعهم وتلقينهم درسًا لن ينسوه أبدًا. وعندما لم يُجدِ ذلك نفعًا - لأنه، كما هو متوقع، من الصعب ردع قيادة دولة تُعدّ، في الأصل، من أفقر دول العالم - رحل ترامب ببساطة، مُروّجًا كذبةً أخرى للشعب الأمريكي (الذي لا يُبالي أصلًا) حول نصرٍ ساحقٍ يُفترض تحقيقه في ساحةٍ بعيدة.
وأضافت "لم يكن لدى الحكومة متسع من الوقت للتفاخر بالغارة الجوية الثانية على اليمن خلال يومين يوم الثلاثاء. وبالفعل، حلقت عشرات الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي لمسافة تقارب 2000 كيلومتر، مُلحقةً أضرارًا جسيمة بمطار العاصمة اليمنية صنعاء، ردًا على الصاروخ الحوثي الذي سقط بالقرب من مطار بن غوريون الدولي يوم الأحد.
وقالت "تستطيع إسرائيل التعامل مع الخطر والأضرار الناجمة عن اليمن، على الرغم من أن الصاروخ الذي أصاب مطار بن غوريون قد أثّر بشدة على خدمات الخطوط الجوية الأجنبية.
وأكدت الصحيفة العبرية أن ما يُثير قلق نتنياهو أكثر هو تزايد احتمالية توقيع ترامب قريبًا على اتفاقٍ جديد مع إيران.
وقالت "قد يُعلن ترامب، الذي وعد بـ"خبرٍ عظيم"، عن اتفاقٍ مع طهران مشابهٍ للاتفاق السابق. إذا حدث ذلك، فسيتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي إقناع الرأي العام بأنه أعاد النظر في موقفه، وإلا سيُخاطر بمواجهة مع واشنطن.
وتابعت "لكن حتى صور الحرائق الهائلة في صنعاء، التي استقبلتها بعض البرامج التلفزيونية الإسرائيلية بحفاوة، لم تبقَ في عناوين الأخبار طويلًا. ويرجع ذلك إلى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد ساعات قليلة أن الهجمات الأمريكية على الحوثيين ستتوقف".
في تبريره لقراره إنهاء الحملة، التي تعرّض فيها اليمن لقصف جوي مكثف، قال ترامب إن الحوثيين "استسلموا" وطلبوا من الأمريكيين وقف القصف مقابل وعد بوقف هجماتهم على طرق الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن. تختلف رواية الحوثيين لما تم الاتفاق عليه، ولكن عمليًا، المهم هو انتهاء القتال، وأن إسرائيل ليست طرفًا في الاتفاق.
أعلن الحوثيون أنهم سيواصلون إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل "حتى وصول المساعدات إلى غزة". ووفق الصحيفة فإن ذلك، يُمثّل تغييرًا ملحوظًا في موقفهم.
تضيف "هارتس" هذه هي المرة الثانية خلال شهر التي يُبلغ فيها ترامب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأخبار غير سارة في وقت قصير. ففي بداية أبريل، دعا نتنياهو إلى البيت الأبيض لحضور اجتماع عاجل، ليُعلن رئيس الوزراء حينها عن بدء محادثات مع إيران بشأن تقييد برنامجها النووي.
"يُطلق المتحدثون باسم الحكومة على ترامب لقب الصديق الحقيقي لإسرائيل، ولكن يبدو مرارًا وتكرارًا أنه يتخذ قراراته بناءً على المصالح الأمريكية البحتة، بينما يُغير مواقفه بشكل متقلب دون استشارة نتنياهو". وفق التقرير.
يوم الأربعاء، وعد الرئيس بـ"أخبار هامة" قريبًا، ربما حتى قبل زيارته الخليج الأسبوع المقبل. قد يكرر خطوة مماثلة في الشأن الإيراني، معلنًا عن اتفاق "عظيم" مع النظام في طهران، لا يختلف عمليًا كثيرًا عن الاتفاق الذي وقّعته إدارة أوباما عام 2015، والذي شجبه ترامب ونتنياهو على مدى العقد الماضي.
تؤكد الصحيفة "إذا حدث هذا، فلن يكون أمام نتنياهو خيار سوى قبوله وهو يصرّ على أسنانه. ولكن على عكس التهديد القادم من اليمن، تُعدّ إيران قضية استراتيجية بالغة الأهمية يتعامل معها رئيس الوزراء منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. ولتجاوز هذا التذبذب، سيتعين على نتنياهو مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي بصراحة وتفصيل أكبر".
من ناحية أخرى، إذا تم توقيع الاتفاق بالفعل، فإن إصدار أوامر للجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية ضد المواقع النووية الإيرانية سيحمل خطرًا مزدوجًا - أن تجد إسرائيل صعوبة في تعطيل المواقع، وكثير منها عميق تحت الأرض، دون مساعدة أمريكية، وأن مثل هذه الخطوة ستخلق احتكاكًا مع إدارة ترامب".
وتوقعت هارتس أن تُسفر زيارة ترامب إلى الخليج عن إنجازات في مجال واحد (صفقات ضخمة مع دول الخليج)، وربما في مجال آخر (انفراجة في المفاوضات المتعثرة بشأن صفقة أسرى غزة). ويبدو أن تلميحات ترامب مرتبطة بالقضية الأولى. ويبدو أن السعوديين، على وجه الخصوص، حريصون على الجمع بين الاتفاقيات مع الأمريكيين وإزالة التهديد الإيراني من جدول الأعمال.
وطبقا للتقرير فإن هذا قد يُحدث هذا ديناميكية مثيرة للاهتمام بين ترامب ونتنياهو: بعد إنهاء الهجمات الأمريكية على اليمن، وبافتراض أن الرئيس يسعى بالفعل إلى اتفاق مع إيران، هل سيتخلى ترامب عن طموحاته بالتطبيع الإسرائيلي السعودي، أم أنه سيشترط وقف إطلاق النار في غزة؟ من ناحية أخرى، هل سيسمح لنتنياهو بفعل ما يشاء في غزة، كمكافأة تعويض عن الضرر الذي لحق بموقفه في قضايا أخرى؟
تفيد الصحيفة أن المؤسسة الدفاعية، التي تُكافح هي الأخرى لاستيعاب التطورات في ظل سلوك ترامب المتقلب، تشعر بأن الأمور بدأت تتحرك.
وقالت إذا صدر إعلان قريبًا عن ترتيبات جديدة للمساعدات الإنسانية لغزة، مثل توريد الوقود واتفاقيات مع شركات أمريكية لتوزيع الغذاء، فقد يُشير ذلك إلى تفاهمات أعمق تم التوصل إليها خلف الكواليس. يأتي هذا في وقت يستدعي فيه جيش الدفاع الإسرائيلي عشرات الآلاف من جنود الاحتياط ويهدد بتوسيع عملياته البرية في قطاع غزة، بعد انتهاء زيارة ترامب للمنطقة.