في مجال الحديث عن رمضان، يجب أن نقول أن بناء النفس الإنسانية من القضايا التي لاقت عناية بالغة منا جميعا، سواءً على المستوى الروحي التعبدي أو على المستوى الريادي الحضاري، فالإسلام أعطى مساحة كبيرة لهذا الشهر الكريم، وفضائله فكان البناء الروحي بتنقية النفس من الآسار وأغلال الذنوب التي تكبَّلها عن مواصلة التحليق عاليا في رحاب الملكوت والتأمل في قدرة الله (عزوجل)، وبديع صنعه في الكون.
إن شهر رمضان هو موسم تجديد الإيمان وتقوية العلاقة بالله والإكثار من الطاعات والزيادة في الخيرات وتزكية النفوس وسعادة الأرواح.
وهو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة. ومعروف أن بداية ونهاية شهر رمضان يتم تحديدهما بواسطة التقويم الإسلامي القمري، من خلال تحري الهلال ورؤيته بصريا في السماء، ويستمر إما 29 أو 30 يوما، حيث يصوم المسلمون عن الطعام والشراب خلال الفترة ما بين شروق الشمس وغروبها.
شهر رمضان المبارك، أنزل فيه القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر، أحد ليالي العشر الأواخر
من شهر رمضان. ولقد اعتاد الناس على الترحيب والتهنئة بمناسبة حلول الشهر الكريم المبارك: بقول »رمضان كريم».
وهذه هي عادات المصريين في رمضان تبادل التهاني والتبريكات، وضرورة التعبير عن أنفسنا دون الانسياق في مهاترات مع الثقافات المختلفة، وأن نساهم في صنع واقعنا الذي يتناغم مع ثقافتنا وديننا، وتحويله إلى “قوة تغييرية ومعونة ربانية وثورة إيمانية تجتاح كل بيت وتعمر كل حيّ” بالهدايا التي يقدمها لنا شهر الصيام، فالنفس الإنسانية كالأرض التي تُسقى بالماء، فكلما سقاها صاحبها بالماء العذب كلما أنبتت أفضل الثمار، وهكذا قلب الإنسان كلما روى من الطاعات والعبادات الصالحة كما بعثت فيه الحياة وتجددت على الإنسان ملامح التقوى والفلاح، والنجاح وأيضاً المحبة.
يرتبط شهر رمضان الكريم بطقوس عدة تميزه عن غيره من الشهور، ومن أبرزها الخيمه الرمضانيه، التى أصبحت من السمات المميزة لشهر رمضان الكريم، وهى تعد ملتقى العائلات التى تسهر فى الجو الرمضانى، وهناك من يهتم بأن يتضمن برنامج الخيمة التواشيح الدينية، وقد اهتمت الأندية الكبرى فى القاهرة خاصة بإنشاء الخيم الرمضانية التى تمتد سهراتها حتى السحور، كما كان لمقاهى القاهرة دور بارز فى عمل الخيم الرمضانية ذات الطابع الشعبى.
«المسحراتي»، الذي يعتبر من أهم مكونات الثقافة الرمضانية والشخصيات التاريخية، التي أحبها المصريين والمسلمون، فشهر رمضان كان مرتبطا بنداء المسحراتي منذ الليلة الأولى. ويمثل المسحراتي صورة لا يكتمل شهر رمضان بدونها، فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالتقاليد الشعبية الرمضانية، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحراتي جولته الليلية في القرى والمدن والأحياء الشعبية موقظا أهاليها.
ولكن الآن ومع تطور المجتمع، تراجعت الحاجة إليه، لكثرة وتنوع وسائل الإيقاظ، ولم يعد المسلمون اليوم في حاجة للمسحراتي لإيقاظهم للسحور فحسب، ولكن ﻻستنهاض الهمم، والتحلي بروح وأخلاق رمضان، وتأليف القلوب، ومواجهة التحديات، واستعادة مجد اﻻجداد.وتذكر أسماء الاطفال الذين يناديهم المسحراتي فهو إشارة واضحة وعلامة مميزة لشهر رمضان.
ورمضان شهر الكرم والصدقة والبر والتقوى والإيمان. والعزم والصبر ودوما نحتفل بقدومه، ولما لا وهو شهر رمضان الذي تحققت فيه الانتصارات في كل الغزوات الإسلامي، فقد وقعت في رمضان عدة غزوات ومعارك منها، غزوة بدر، وفتح مكة، ومعركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص. وفتح بلاد الأندلس بقيادة طارق بن زياد.
ومعركة الزلاقة وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً، ومعركة عين جالوت بقيادة السلطان قطز والقائد العسكري بيبرس، أيضا موقعة حطين بقيادة صلاح الدين، ثم حرب أكتوبر المجيدة كانت في رمضان سنة 1973م، وفيها تمكنت القوات المسلحة المصرية من الانتصار على القوات الصهيونية الغاصبة، فعبر الجيش المصري العظيم قناة السويس، وحطمت أسطورة «الجيش الإسرائيلي» الذي لا يقهر، وهدموا بحمد الله جيش الاحتلال الإسرائيلي وكان في العاشر من رمضان.
كل عام وانتم طيبين بمناسبه شهر رمضان المبارك رمضان كريم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رمضان كريم شهر رمضان مقالات
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يكرم حفظة القرآن الكريم بمحافظة الشرقية.. صور
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن حفظ القرآن الكريم لا ينبغي أن يُختزل في التكرار والترديد المجرد، بل لا بد أن يكون حفظًا واعيًا، متصلًا بالتدبر والتفكر، مقترنًا بالعمل والسلوك، حتى يؤتي ثماره في بناء الإنسان وتهذيب المجتمع، خاصة في زمن تتزاحم فيه الفتن وتتشعب فيه التحديات، وتشتد فيه الحاجة إلى مرجعية روحية وأخلاقية تضبط حركة الحياة وتوجهها نحو الحق والخير.
جاء ذلك خلال كلمة مفتي الجمهورية، في احتفالية قرية أم الزين بمحافظة الشرقية؛ لتكريم حفظة كتاب الله، بحضور المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، وعدد من المسؤولين والشخصيات العامة، ونخبة من القيادات الدينية والتنفيذية، وحضور شعبي كبير، في مشهد احتفالي يعكس ما للقرآن من مكانة في وجدان المجتمع المصري.
و أشار المفتي، إلى أن من مقاصد القرآن الكريم حفظ كيان الأسرة وبناء الإنسان على أسس راسخة من البر والرحمة، مؤكدًا أن من أعظم القيم التي رسخها القرآن الكريم وقامت عليها شريعته الغراء، الإحسان إلى الوالدين، بوصفه من تمام الإيمان، ومن حسن التربية التي تنعكس على تماسك الأسرة واستقامة المجتمع. واستشهد فضيلته بقوله- تعالى-: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”.
ولفت إلى أن بر الوالدين لا ينبغي أن يكون موسميًّا أو مشروطًا، بل هو خلق دائم، يتجلى في القول والفعل والدعاء، وفي رد الجميل بالوفاء، لا سيما حين يبلغ الوالدان الكِبَر ويشتد بهما الضعف، إذ يظهر البر في أبهى صوره وأصدق معانيه.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن التمسك بأحكام القرآن الكريم والعمل بحدوده هو السبيل الأمثل للحفاظ على الأمن الروحي والاجتماعي، في مواجهة موجات التفكك الأخلاقي والاضطراب الفكري التي باتت تهدد تماسك المجتمعات وتمايز هوياتها.
وشدد على أن القرآن الكريم يحوي من القيم والمبادئ ما يكفل بناء إنسان متوازن، يدرك واجباته قبل أن يطلب حقوقه، ويحرص على إعمار الأرض بقيم الرحمة والعدل، ويعلي من شأن العمل والإتقان والصدق.
ولفت إلى أن بناء الأوطان لا ينفصل عن بناء الإنسان، وأن الحافظ الحقيقي للقرآن هو من اتخذ من كتاب الله دليلًا يهديه، ومن تعاليمه ميزانًا يزن به أقواله وأفعاله، ومن آياته زادًا في دروب الحياة المليئة بالتحديات.
وفي ختام كلمته، وجّه مفتي الجمهورية التهنئة للحضور بمناسبة حلول العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، مذكرًا بما ورد عن النبي ﷺ من أنها “أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله”.
وأكد أن الاجتماع على تكريم حفظة كتاب الله في هذه الأيام المباركة؛ هو في ذاته صورة من صور العمل الصالح، وشهادة عملية على بقاء الأمة متمسكة بكتاب ربها.
من جهته، أعرب المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، عن تقديره للدور الكبير الذي يقوم به حفظة القرآن الكريم في ترسيخ القيم الدينية والاجتماعية، مؤكدًا أن المحافظة تولي اهتمامًا خاصًّا بدعم الأنشطة الدينية والثقافية التي تسهم في تعزيز الهوية الوطنية، وبناء الإنسان على أسس من الفضيلة والانتماء.
وشهدت الاحتفالية في ختامها تكريم حفظة كتاب الله، وتوزيع الجوائز والهدايا، وسط أجواء من البهجة والإجلال، بحضور جماهيري واسع ضم مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، ممن جاءوا ليشهدوا هذا اللقاء الجامع تحت راية القرآن.