أعلن الجيش السوداني سيطرته على مقر الإذاعة والتلفزيون القومي، بعد أسابيع من الحصار والمعارك المحتدمة في محيط المبنى الواقع في مدينة أمدرمان غرب العاصمة السودانية الخرطوم.

جاء ذلك بعد ساعات قليلة من نشر المتحدث باسم القوات المسلحة نبيل عبد الله، بيانا أكد خلاله تدمير قوة تابعة للدعم السريع كانت تحاول الفرار من المبنى، فضلا عن إحباط محاولة إسناد من قوة أخرى كانت تحاول إمداد المحاصرين هناك.

وفي أعقاب سيطرتها على مباني الإذاعة والتلفزيون في أبريل/ نيسان الماضي، قامت قوات الدعم السريع بتحويله إلى حامية عسكرية، بينما قالت تقارير حقوقية أنها استخدمته كمقر اعتقال.

وفي 3 مايو/ آيار الماضي طالت المعارك العنيفة مقر الإذاعة والتلفزيون بينما كانت تحتجز قوات الدعم السريع عددا من الإعلاميين داخل مبانيه. قبل أن يتم الإفراج عنهم.

بعدها توالت عمليات الكر والفر وتبادل القصف المدفعي والغارات الجوية في محيط المبنى التاريخي، الذي تمت عسكرته وتحويله إلى حامية ومعتقل تابع للدعم.

بالمقابل استطاع الجيش التقدم على نطاق واسع من مناطق سيطرة الدعم السريع في مدينة أمدرمان، بعدها تمكن من فتح ممر إمداد بين قاعدة وادي سيدنا العسكرية وسلاح المهندسين شمال وجنوب أمدرمان.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة نبيل عبد الله في بيان أمس الثلاثاء، إن الجيش السوداني بالتعاون مع القوات النظامية الأخرى ومجموعة من المستنفرين (المتطوعين في صفوف الجيش) استطاع الاستيلاء على مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، مشيرا إلى أنها تمثل ذاكرة ووجدان الأمة السودانية.

وأشار إلى تلقيهم توجيهات من رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان بالمعاملة الحسنة للأسرى من منسوبي الدعم السريع.

بعدها نشرت منصات الجيش الرسمية مقاطع مصورة أظهرت قوات العمل الخاص وهي تستعرض مركبات قتالية مدمرة قالت «أنها تابعة لقوات الدعم السريع التي نفذت محاولة فاشلة للهروب صباح أمس الثلاثاء».

وأشار إلى أن قواته تسلمت أيضا عشرات العربات وأجهزة التشويش والأسلحة من قوات الدعم. وذكر أن عملية الاستيلاء على مقر الإذاعة والتلفزيون جاءت في أعقاب محاولة (فاشلة) قامت بها القوة المحاصرة هناك للهروب من الطوق الذي تفرضه عليها قوات الجيش بمحيط منطقة الملازمين والإذاعة.

وأضاف: «أحبطت القوات المسلحة بمنطقة أمدرمان في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء محاولة من قبل قوة تابعة لـ« الدعم السريع» كانت تحاول إسناد قواتها الهاربة من اتجاه الغرب».

وأكد أن الجيش بعد سيطرته على مباني الإذاعة والتلفزيون يقوم بعمليات تمشيط لملاحقة مجموعات قال إنها صغيرة من قوات الدعم في محيط المبنى.

وكان مقر الإذاعة والتلفزيون السوداني شاهدا على عدد من المعارك التي دارت داخل وحول مبانيه أثناء الانقلابات العسكرية العديدة على السلطة التي نفذها منشقون عن الجيش ومسلحون في السودان، إذ كان على الدوام هذه المكان هدفا استراتيجيا لبث البيان الأول وإعلان إحكام السيطرة على البلاد.

إلا أن القتال المتواصل في محيطه خلال الأشهر الماضية يعد الأطول والأخطر من نوعه حيث أدى إلى تدمير العديد من مباني الإذاعة والتلفزيون كما يهدد مكتبتها التي تحتوي على عدد ضخم من الوثائق والتسجيلات الصوتية والمرئية التاريخية النادرة.

وفي وقت أعلن الجيش سيطرته على مقر الإذاعة والتلفزيون، لم يعلن عن مصير المعتقلين – بينهم مدنيون- الذين كانت تحتجزهم قوات الدعم السريع داخل المبنى.

وفي مقاطع مصورة نشرتها منصات موالية للجيش، ظهرت جنوده يحتفلون من داخل المبنى، وأخرى عرضت أسرى تابعين للدعم ومُسّيرات عسكرية وأسلحة استحوذت عليها القوات المسلحة هناك.

وشهدت الأيام الماضية تصعيدا عسكريا واسعا بين الجيش وقوات الدعم السريع، بالتزامن مع تبني مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان.

وطالب القرار الأممي جميع الأطراف بتبني وقف فوري للأعمال العدائية وتمكين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون أي عوائق، والامتثال بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.

ودعا الأطراف المتقاتلة في السودان، إلى الالتزام بحماية المدنيين والأعيان المدنية، وذكرها بتعهداتها بموجب إعلان جدة لحماية المدنيين الموقع في 11 مايو/ أيار الماضي.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش ناشد الأطراف المتقاتلة في السودان وقف العدائيات خلال شهر الصيام، في ظل تحديات بالغة يواجهها المدنيون في مناطق العمليات العسكرية.

 

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟

في خطوة تصعيدية تنذر بتحولات كبرى في مسار الحرب السودانية، أعلنت قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عن تشكيل حكومة موازية تعرف باسم "حكومة السلام "، تضم قوى سياسية وتحالفات مدنية.

الإعلان تم من مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي من أهم معاقل الدعم السريع.

وأعادت الخطوة رسم المشهد السياسي والعسكري في السودان، وأثارت مخاوف من انقسام الدولة فعليا إلى كيانين متوازيين. 
 
أولًا: خريطة السيطرة الميدانية لقوات الدعم السريع

دارفور.. القاعدة المركزية
تظهر آخر الخرائط الميدانية أن قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تفرض سيطرة شبه كاملة على إقليم دارفور، وتمدد نفوذها في ولايات كردفان.

تعد دارفور القلب النابض لقوات الدعم السريع منذ بدء الحرب في نسيان/ أبريل 2023، ومع تصاعد العمليات العسكرية ضد الجيش السوداني، عززت قوات الدعم السريع سيطرتها على أربع من ولايات الإقليم الخمس: غرب، وسط، جنوب، وشمال دارفور، بينما لا تزال شرق دارفور متنازعًا عليها.


دارفور تحت السيطرة
وبحسب معهد دراسات الحرب الأمريكي (ISW)، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم أراضي ولايات دارفور الخمس، لا سيما غرب ووسط وجنوب دارفور، بما في ذلك مدن رئيسية مثل الجنينة، زالنجي، وكبكابية.

في ولاية شمال دارفور، فرضت القوات حصارا خانقا على مدينة الفاشر، حيث لا تزال القوات الحكومية متمركزة، وتظهر صور أقمار صناعية صادرة عن منظمات حقوقية أن الدعم السريع نفذ عمليات تهجير وقتل جماعي خاصة في الجنينة.

تمدد استراتيجي نحو كردفان
في كردفان، بسطت قوات الدعم السريع نفوذها على مدينة الفولة في غرب كردفان، كما سجلت تقارير ميدانية توغلها في جنوب كردفان بالتنسيق مع قوات الحركة الشعبية شمال، مما يشير إلى محاولة السيطرة على الممرات المؤدية للنيل الأبيض وولايات الوسط ومع أن الجيش استعاد بعض النقاط الحيوية في شمال كردفان، فإن الدعم السريع يحتفظ بممرات دعم لوجستي مهمة عبر الصحراء.

هجمات بالطائرات المسيّرة في الشمال
أفادت مصادر أمنية أن الدعم السريع شن عدة هجمات بطائرات بدون طيار استهدفت منشآت في ولايتي نهر النيل والشمالية، من بينها منشآت قريبة من سد مروي ومطار دنقلا. ورغم أن هذه المناطق لا تشهد وجودًا ميدانيًا دائمًا للدعم السريع، فإن هذه الضربات تمثل رسائل استراتيجية لتهديد عمق سيطرة الجيش السوداني.

شبكة تفتيش ونقاط نفوذ غير رسمية
على الأرض، أنشأت قوات الدعم السريع شبكة من نقاط التفتيش في دارفور وكردفان، تستخدمها لفرض رسوم على المارة والتحكم في حركة المساعدات والإمدادات، ما يضفي طابع "الدولة داخل الدولة".

وقد وثقت منظمات إنسانية أكثر من 70 نقطة تفتيش نشطة تديرها قوات الدعم السريع خارج سلطة الدولة المركزية.


ثانيًا: مناطق النفوذ المحتمل للحكومة الموازية

نيالا.. العاصمة المؤقتة
إعلان الحكومة الموازية انطلق من نيالا، لتكون بمثابة مركز إداري وسياسي جديد للتحالف المدني-العسكري بقيادة الدعم السريع. المدينة توفر قاعدة آمنة نسبيًا للحكومة الناشئة نظرًا لسيطرة شبه تامة للدعم السريع  عليها.

دارفور الكبرى كمجال نفوذ أولي
مع سيطرة قوات الدعم السريع الكاملة على معظم دارفور، من المتوقع أن تكون هذه الولايات الأربع هي نواة "الدولة الثانية" التي تسعى الحكومة الموازية إلى شرعنتها، من خلال تعيين حكام إداريين وإطلاق خدمات مدنية محدودة.

تحالفات سياسية داعمة
تشمل الحكومة الجديدة تحالفًا باسم "تحالف القوى الوطنية والمدنية"، من ضمنها قيادات منشقة عن قوى الحرية والتغيير، وبعض وجوه العملية السياسية السابقة مثل محمد حسن التعايشي. هذه التوليفة تسعى لتوفير غطاء مدني للحكومة بديلة.

تطلعات لضم مناطق جديدة
الحكومة أعلنت عن تعيين حكام في ولايات لا تخضع لسيطرة الدعم السريع مثل سنار والجزيرة، في محاولة لتوسيع نفوذها الرمزي نحو وسط السودان، رغم محدودية التواجد العسكري فيها.

رئيس المجلس الإستشاري لقائد قوات الدعم السريع د. حذيفة أبو نوبة: مستعدون لحكومة السلامع المزمع تشكيلها خلال ساعات .#تحالف_تاسيس #اعلان_المجلس_الرئاسي pic.twitter.com/QYWkkwIkGj — مركز رؤى الإعلامي (رؤى نيوزRMC) (@rmcsudan1) July 26, 2025
ثالثا: التأثير الداخلي والخارجي للحكومة الموازية

داخليًا: إدارة ميدانية في مناطق السيطرة
في دارفور وغرب كردفان، تسعى قوات الدعم السريع إلى تنظيم إدارة محلية تشمل توزيع المساعدات، الإشراف على الأسواق، والتحكم في الأمن الداخلي عبر ميليشيات موالية، في بعض المناطق، بدأ تعيين لجان مدنية تحت إشراف مباشر من قادة ميدانيين في الدعم السريع.

أزمة إنسانية متفاقمة:
تسببت العمليات العسكرية وتوسع الدعم السريع في موجات نزوح هائلة، خصوصًا من نيالا والجنينة، حيث تم تسجيل أكثر من 2.5 مليون نازح داخليًا من دارفور وحدها منذ بداية الحرب، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

انقسام فعلي للدولة:
إعلان الحكومة الموازية يعمق الانقسام السياسي، ويجعل من احتمال تقسيم السودان واقعا فعليا وليس فقط سياسيا، مع وجود حكومتين تدّعي كل منهما الشرعية والتمثيل الوطني.

جمهورية السودان
وزارة الخارجية
مكتب الناطق الرسمي وإدارة الإعلام
بيان صحفي

تشجب وزارة الخارجية وتدين بأشد العبارات ما ذهبت إليه مليشيا الدعم السريع الإرهابية بإعلان حكومة وهمية تزعم فيها توزيع مناصب حكومية لإدارة السودان في تغافل تام واستهتار بمعاناة الشعب السوداني الذي أذاقته… — وزارة خارجية جمهورية السودان ???????? (@MofaSudan) July 27, 2025
خارجيًا:
ردود فعل دولية متحفظة
الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية أعربوا عن قلقهم إزاء إعلان الحكومة الموازية، مؤكدين أن الحل السياسي الشامل هو المسار الوحيد المقبول. الولايات المتحدة وصفت الخطوة بأنها تهديد لوحدة السودان.

استقطاب إقليمي محتمل
الخطوة قد تؤدي إلى تموضع إقليمي جديد فهناك اتهامات مسبقة بتلقي الدعم السريع مساعدات عسكرية من دول مثل الإمارات، بينما يعتمد الجيش على دعم سياسي وعسكري من مصر ودول شرق أفريقيا.


تهديد للعملية السلمية
الحكومة الموازية نسفت فعليًا أي جهود لتوحيد المسار التفاوضي، خصوصًا تلك التي كانت تجري عبر وساطات سعودية وإفريقية. قد تؤدي الخطوة إلى تصاعد القتال، خاصة في مناطق التماس مثل شمال كردفان ودارفور الشرقي.

أعلنت مليشــ.ـيات الدعم السريع عن تكوين حكومة موازية لحكم المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، في خطوة تعد قفزة في طريق تقسيم السودان.

فاللهم احفظ السودان وأهله من شروروهم.#السودان_المنسي pic.twitter.com/2Kkydkg6jx — الھیئة العالمیة لأنصار النبي ﷺ (@SupportProphetM) July 27, 2025

مقالات مشابهة

  • بارا في قبضة الجيش السوداني
  • العمليات القتالية تحتدم.. وطيران الجيش السوداني يسيطر على أجواء كردفان
  • الجيش السوداني يسترد مدينة كبيرة في كردفان
  • رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون يستقبل سفير دولة فلسطين لدى المملكة
  • مناوي: مستعدون للتواصل مع “الدعم السريع” في هذه الحالة…
  • الجيش السوداني يقصف وقوة من “الدعم السريع” تغادر مدينة مهمة في كردفان
  • إعادة دفن جثامين من “الدعم السريع” في الخرطوم
  • “الدعم السريع” استخدم أسلحة محرمة دوليا في الخرطوم
  • مليشيا الدعم السريع استخدمت الغام محرمة دوليا في غابة السنط بولاية الخرطوم
  • حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟